المحتوى الرئيسى

مى عزام تكتب: هل يهتم السيسى بالثقافة.. وهل يشاهد سينما؟

08/19 12:13

كيف يقضى الرئيس وقت فراغه؟.. سؤال يراود المواطن فى الدول الديمقراطية، وتجيب عنه الصحافة التى تتابع الرئيس، وتراقبه، وتحلل سلوكه. قل لى كيف تقضى وقت فراغك، أقل لك من أنت. صورة السيسى وهو يتريض على دراجة فى عدة مناسبات هى كل ما وصلنا عن كيف يقضى وقت فراغه، فلا نعرف عن هواياته الأخرى شيئا.. وهل هو شخص محب للقراءة والفنون أم لا؟

حين تحاول أن تقيّم علاقة رؤساء مصر بالثقافة، ستجد أكثرهم اهتماما بها «عبدالناصر» الذى استخدمها فى تغيير الوعى والسلوك والتأثير على الجماهير فى الحضر والريف. التجربة المصرية الأولى مع الثقافة استلهمت التجربة الفرنسية، فسارت على نهج أول وزارة ثقافة فرنسية فى عهد الجمهورية الخامسة للجنرال ديجول، وزيرها كان صديقه الكاتب أندريه مالرو.

استلهم د. ثروت عكاشة فكرة قصور الثقافة الفرنسية، ونشر الثقافة فى ربوع مصر بأدوات كانت فى عصره هى الأحدث، مع الوقت تخلت الوزارة عن هدفها الأول، وهو تثقيف المواطنين وتوعيتهم، ليصبح هدفها تطبيع المثقفين مع النظام الحاكم بأسلوب ذهب المعز، ولم يعد لدى وزرائها سياسة ثقافية أو أهداف واضحة، كما لم يطرأ تحديث على المنتجات الثقافية المقدمة لتناسب التغيرات المذهلة وثورة الاتصالات. ظلت الوزارة تنتج نفس المنتجات الثقافية، منذ عهد المؤسس الأول ثروت عكاشة، وبنفس الأسلوب.

مبارك الذى جلس على عرش مصر لثلاثة عقود كان رجلا بسيطا لا يهتم بالثقافة، واستطاع فاروق حسنى، المدعوم من سوزان مبارك، أن يقنعها بمشروع مكتبة الأسرة وبرنامج القراءة للجميع، تم نشر ملايين الكتب سنويا استهلكت أرقاما ضخما من ميزانية الدولة، دون تأثير إيحابى، بالعكس تركت الوزارة الشارع تحت سيطرة كتب الفكر السلفى والوهابى التى تم الترويج لها جيدا، عبر أدوات عصرية، مثل الفضائيات الدينية وشرائط الكاسيت، والنتيجة: تحول فكرى لدى نسبة لا يستهان بها من الطبقة الوسطى المصرية وانتشار الفكر المساند للإرهاب، الذى تعانى منه الدولة الآن.

علاقة رؤساء مصر بالسينما سارت فى نفس مسار الثقافة، فهى جزء من منتجاتها، ناصر كان متابعا ومهتما، وموقفه من إجازة عرض فيلم «شىء من الخوف» دليل على ذلك.. السادات كان محبا للسينما والتمثيل، ميال لأفلام الغرب الأمريكى.. مبارك كان يحب مشاهدة الأفلام الكوميدية الخفيفة.. أما مرسى فكان آخر عهده بالسينما فيلم «كوكب القرود» الذى شاهده على كمبيوتره الشخصى مقرصنا.. والسيسى لا يبدو منجذبا للسينما، لكنه متابع جيد للتليفزيون، أتصوره يقضى أمسيّاته أمامه وفى يده الريموت يديره على برامج التوك شو الأكثر مشاهدة والمسلسلات العربى الأكثر إثارة للجدل، لكنه يتابع بعين الرقيب، لا المثقف.

أختلف مع كثيرين يرون السيسى رجلا عسكريا بسيط التفكير، فهو رجل أكثر تعقيدا مما يظنونه، فهو مستوعب بشكل جيد أثَرَ الثقافة والسينما على تشكيل الوعى، وصرح من قبل أن ناصر كان محظوظا بإعلامه، وتمنى لنفسه مثله، ولكن الفرق بين ناصر والسيسى أن الأخير مشغول بفكرة الإنجازالسريع، ليس لديه وقت ليفكر كيف يضع سياسات وأهدافا، بمعاونة مثقفين من مختلف التيارات الفكرية، لوزير ثقافته الذى يجب عليه أن يختاره بعناية وتأنٍ، ويضع وقت محدد لتنفيذها، وينشأ مجلس غير حكومى لمتابعة وتقييم أداء الوزارة.

كتبت عدة مقالات مؤخرا عن دور وزارة الثقافة، تهدف للبحث عن حلول تستعيد بها الوزارة عافيتها، شاركنى فيها عدد من العاملين فى الحقل الثقافى، ولا أعتقد أن وزير الثقافة وجد وقتا لقراءتها ليحاول أن يستفيد مما جاء فيها، فهو قانع بالمشهد الثقافى، ويراه جيدا جدا، كما صرح مؤخرا، ومثله مستشاره للسينما خالد عبدالجليل الذى لا يجد أن هناك حاجة للتواصل مع كتاب أو صحفيين مهتمين بهذا المجال، فهم كهنة المعبد المقدس الذى يعرف كل الأسرار. أقطاب الوزارة لديهم شعور أنهم يعملون فى شركتهم الخاصة، وليسوا موظفين حكوميين يقبضون رواتبهم من دافعى الضرائب، وعليهم واجبات ومسؤولية تجاه المواطنين الذين ينتظرون منتجا ثقافيا جذابا ومفيدا يصل لأكبر عدد منهم.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل