المحتوى الرئيسى

اعدمونا.. بلاش وجع دماغ! | المصري اليوم

08/19 00:08

وكأنى في بحر هائج.. تحملنى أمواجه لعنان السماء.. ثم تغرقنى في لجة عميقة ودوامات متلاحقة.. اقرأ الصحف القومية فأشعر أننى امتلكت الدنيا، وأن الأزمات التي نعانيها في الأسعار وأوجه الإنفاق ما هي إلا أضغاث أحلام ولابد لليل أن ينجلى ولابد للصبح أن ينبلج.. لكن إذا ما دفعتنى الحماقة لقراءة ما يكتبه رجال اقتصاد وعلماء من أهل الخبرة وليسوا من جماعة الثقة أجدنى مندفعا إلى هاوية سحيقة بلا قرار.. وأظل متأرجحا بين هذا وذاك إلى أن يفاجأنى سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى بخطاب يتركنى معلقا بين السماء والأرض.. الحقيقة الوحيدة التي أصبحت أخرج بها من أحاديثه الأخيرة هو أننا شعب من الشياطين، وهبنا الله حكومة ملائكة ولكننا «نرفس» النعمة و«نتبطر» عليها.

الرئيس في خطابه الأخير في مجمع البتروكيماويات بالإسكندرية يصدر لنا مفهوما سياسيا جديدا وهو ضرورة «الصبر على البلاء» حتى ينجو الوطن! ولابد للمصريين أن يتحملوا كل شىء إذا كانوا يريدون الحفاظ على بلادهم!

يا ريس يا حبذا لو تغير مفهومك لمعالجة الأزمات.. فليست طريقتكم فقط هي المثلى وحلولكم هي النموذجية وعبقرية مستشاريكم هي الأكثر ملاءمة لنا..

هذا المفهوم الذي يتبناه الرئيس هو ما يجعله لا يهتم بأحزاب سياسية ولا مواطنين ولا مجتمع مدنى.. باختصار الرئيس «مابيهموش» حد.. ما بيخافش كما قال في إحدى خطبه الشهيرة.. لكن يا ريس من خاف سلم.. وللأسف إذا قالها رئيس فهى تعنى أنه لا يهتم بمن له رأى مخالف.. المفردات الرئاسية ينبغى أن تختلف عن اللغة الدارجة.. الرئيس هو القدوة والنموذج، وإذا كان لا يخشى تذمر المواطنين من الأسعار وارتفاع العجز في الموازنة وانعدام الاستثمار وإغلاق المصانع وزيادة الأعباء الضريبية وانهيار التعليم وتدهور الخدمات الصحية، فما الذي يمكن أن يهم سيادته.. هذه اللغة تعنى شيئا واحدا أن ما يراه الرئيس وحده هو الصواب.. وعلى الشعب أن يرضى بما قسمه الله له، وحتى إذا لم يرض مش مهم!.

هذا المنطق لا يصلح في الوقت الراهن.. الناس أخذت انطباعا أن سيادته لا يهتم بالرأى العام.. ولعل النائب اللواء كمال عامر هو خير من عبر عن فكر القيادة عندما أشار إلى أن ارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب ولهيب الفواتير لا يساوى شيئا أمام الأمن والأمان الذي نعيش فيه.. يا فندم الأمن والأمان منظومة متكاملة لا تقتصر على مواجهة الإرهاب.. هذا مفهوم قصير النظر.. الأمان أن يجد المواطن تعليما جيدا لأولاده ورعاية صحية وخدمات في متناول دخله.. الأمان أن تحمينا الدولة من الفساد.. الأمان ليس جيوشا جرارة ولكن إحساسا يتسلل للمواطن الذي يجد من يرتب على كتفه ويحنو عليه وهو ما كان يعدنا به الرئيس من قبل.

سيادة الرئيس أنت تعلم أن العالم أصبح قرية صغيرة.. لا يمكن أن نخفى أخبارا.. ففى الوقت الذي نطالب فيه المواطنين بالتقشف، نكتشف أن الإنفاق الحكومي تضاعف وهناك مستشارون يتقاضون مئات الألوف من الجنيهات بالإضافة للسيارات الفارهة.. الشعب مش لاقى ياكل.. والحكومة تستورد سيارات وتتكاسل عن شراء أدوية المستشفيات ومحاليل الأمراض المستعصية.. المواطنون فقط هم المطالبون بترشيد الإنفاق أما «البهوات» فنعيما لهم وسحقا لنا.

حكومة الجباية تذكرنى بالمماليك الذين فرضوا على المواطنين ضرائب لا قبل لهم بها بعد هزيمة التتار في عين جالوت.. صرخ المصريون فقال السلطان قطز إنها مقابل حمايتكم.

نحن مع أي إجراءات إصلاحية تتخذونها ونتحملها بشرط أن تكون على الجميع! لا يستقيم سيادتك أن تلغى الدعم وتطلب من المواطن دعم الدولة بمعاشه أو أجره المتدنى! لا يليق أن يكون مرتب أستاذ الجامعة بعد 15 سنة من حصوله على الدكتوراه مساويا لمعاون نيابة حديث التخرج.. الحكومة يا ريس التي اقترحت عليك بناء- على روشتة الصندوق- تطبيق الأسعار العالمية على الخدمات (الماء والكهرباء والمواصلات) ضللتكم لأنهم يريدون بيع السلع والخدمات لنا بالسعر العالمى ونأخذ نحن رواتب ومعاشات بأقل من «الروبية» الهندية التي أصبحت أقوى من الجنيه.

أنتم تحسبون الدعم بطريقة خاطئة.. فالمفروض أن يكون الدعم هو الفرق بين سعر إنتاج السلعة في الداخل وبيعها في الخارج.. لكن المصيبة أن الحكومة تحسب الدعم على أساس الفرق بين سعر التصدير وسعر البيع بالسوق المحلية.

سيادتك فرضت قانونا على الفقراء يسمى القيمة المضافة.. قلت إنك ستطبق الحد الأقصى على الأجور ونسيت وعدك وأصبح فئات أسيادنا فقط معفاة من هذا الشرط.. مرتب معيد الجامعة 3000 جنيه قبل الخصم ومرتب معاون النيابة 12 ألف جنيه.. نحن نتذمر من زيادة الرواتب لأن الحكومة والبرلمان يزيدان رواتب ثلاث فئات فقط بما يعادل الشعب كله.

لغه خطابك يا سيادة الرئيس ينبغى أن تخفف من غلوائها ولا تمن على الشعب يوما بعد يوم.. هل معقول أن تدفع امرأة معيلة دعوى نفقة على زوجها فتسدد 12 جنيها تأمينا صحيا للقضاه وهى لا تجد ما يقتات به أولادها! جرب أن تركب المترو الذي تفكر في رفع تذكرته لتعرف حجم معاناة المواطن.. حسنوا الخدمة قبل رفع التذكرة.

قال سيادته إنه لن يتردد في إلغاء الدعم والإصلاح الاقتصادى الذي تخوف الرؤساء السابقون في إلغائه متصورا أن ذلك هو الحل، كما تضرر من زيادة الرواتب والمعاشات التي التهمت الميزانية.. سيادتك لابد أن تذكر الحقيقة كاملة.. سيادتك انزعجت من زيادة الأجور.. معك حق.. كانت 85 مليارا عام 2009 وأصبحت 218 مليارا عام 2016.. أصدقك.. لكن ماذا عن الضرائب؟ في عصر مبارك سددنا 67 مليار جنيه ضرائب عام 2004 وأصبحت 167 مليارا عام 2010 في آخر أيام د. بطرس غالى وزير المالية «الحرامى».. الآن كم ندفع؟ 433 مليار جنيه وتتعدى في نهاية 2016 الـ 520 مليار جنيه.. إذن ندفع 300% زيادة، بينما زادت الرواتب 50% في 5 سنوات.. العملة ارتفعت 100%.

الضرائب تعنى تحسن الخدمات في علم الاقتصاد.. لكن في مصر فقط هي الجباية.. هناك مسرحيات هزلية يقدمها البرلمان ليقنع الشعب أنه يدافع عن مصالحه.. مثل الحوار الدائر حول ضريبة القيمة المضافة لتكون 12% أو 14%.. مثلها مثل خناقة نسبة 5% أو 7% في قانون الخدمة المدنية.. أنا يهمنى المواطن فقط، فإذا ذهب لشراء زجاجة زيت ووجدها بـ 20 جنيها لن يفكر في حكومة أو موازنة أو عجز.. سيقول الرئيس خذلنا.

إن أكبر جريمة ترتكب في حق هذا الوطن هو حد الإعفاء الضريبى الذي رفعه محلب إلى ستة آلاف و500 جنيه سنويا.. هذا يعنى أن المواطن الذي يأكل رغيفا واحدا في اليوم يدفع ضرائب ومثله من يحصل على معاش ضمان اجتماعى.. إن الإعفاء كان في عهد محلب ألف دولار سنويا طبقا لسعر الدولار وقتها.. الآن الإعفاء 500 دولار في العام للأسرة وليس للفرد.. أي أن نصيب الأسرة 1،36 دولار يوميا.. وبترجمته لجنيهات يكون نصيب الفرد 27 سنتا أي حوالى 3 جنيه ونصف يوميا إذا كانت الأسرة مكونة من 5 أفراد.. إذن مطلوب ممن يدفع 4 جنيهات يوميا أن ياكل ويشرب ويسكن ويدفع فواتير ويعالج ويعلم العيال والأهم يدفع ضرائبه.. أمال إيه.. عايزين تاكلوا مصر أجيب لكم منين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل