المحتوى الرئيسى

«فِتنة المغير» تعصف بالجماعة.. سلاح رابعة بين التهويل والتهوين

08/18 23:44

لا يستطيع أحد أن يلوم قيادة سياسية أو لديها انتماء لحزي سياسي، وجدت الخروج من البلاد والهجرة سبيل النجاة، من ظلم تراه واقعاً عليها، ولكن اللوم يقع على عاتقها في الحالة التي تجلس فيها مطمئنة خارج البلاد، وتصدر تصريحات من هناك، تسبب في حدوث بلبلة في الشارع المصري، أو نظرة سيئة من المجتمع إلى أنصار الجماعة أو الحزب الذي تنتمي إليه، محملين إياهم ذنب تصريحاته.

ففي الوقت الذي خرجت فيه قيادات الإخوان المسلمين وحلفاؤهم خارج البلاد "قطر، تركيا، السودان"، جلسوا هناك مطمئنين، وأصدروا تصريحات في بعض المناسبات، تكون في الأغلب لاذعة، لاتتسبب أبداً في حدوث أضراراَ لهم، ولكن يقع عبئها على كاهل القيادات الصغيرة وحلفاء الجماعة داخل مصر.

يوم الأحد الماضي، وفي الذكرى الثالثة لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، ظهر أحمد المغير، أحد شباب جماعة الإخوان المسلمين، والمعروف إعلامياً بفتى "خيرت الشاطر"، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، معلناً أن اعتصام "رابعة" كان مسلحاً، بالأسلحة النارية وكلاشات وطبنجات وخرطوش وقنابل يدوية ومولوتوف وغيرها، مؤكداً أن السلاح فى ميدان رابعة كان كافى أن يصد الداخلية والجيش.

وذكر "المغير" فى اعترافه:"هل اعتصام رابعة كان مسلحاً؟، الإجابة ممكن تكون صادمة للكثيرين: أيوة كان مسلح، أو مفترض أنه كان مسلحاً، ثوانى بس عشان اللى افتكر إنه كان مسلح بالإيمان أو عزيمة الشباب أو حتى العصيان الخشب، لأ اللى بتكلم عليه الأسلحة النارية كلاشات وطبنجات وخرطوش وقنابل يدوية وملوتوف ويمكن أكتر من كده، كان فيه سلاح فى رابعة كافى إنه يصد الداخلية ويمكن الجيش كمان، إلا أن قبل يوم الفض بيومين كان 90% من السلاح ده خارج رابعة، وخرج بخيانة من أحد المسؤولين من (إخوانا اللى فوق)"، وغيرها من التصريحات في نفس الشأن.

بعد هذه الاعترافات من الشاب الإخواني، انهالت عليه السبائب واللعنات من قبل شباب الإخوان، وكان من بينهم أحمد البقري، نائب رئيس اتحاد طلاب مصر، في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، الذى أوضح عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أنه رد على "المغير" فيما قال "بأنه كاذب"، مؤكداً أن "فتي الشاطر" حظره بعدها من على الصفحة.

أثرت التعليقات في "المغير" فحذف ما كتب، مؤكداً أنه سيجدد ما قاله عن قريب، وبالفعل صباح الأربعاء الماضي، أعاد نشر مقولته على صفحته الشخصية.

من جانبه، قال إسلام الكتاتني، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، إننا لسنا بحاجة إلى شهادة المغير، فالكل يعرف أن اعتصام رابعة كان مسلحاً، على حد قوله، مؤكداً لـ"اليوم الجديد" أن تلك الاعترافات تؤكد القناعة لدي المجتمع بذلك، وتصنع أزمة بين الإخوان، مشيراً إلى أن ما حدث من "المغير" لا يعد تحولاً في شباب الإخوان، بل هو نوع من اللوم والعتاب فقط، موضحاً أنه لو كان تحولاً كانت التصريحات ستكون من قبيل "أنا كنت مغيباً، أنا باعترف إنى غلطان في علاقتي معاهم".

وأضاف القيادي المنشق، أن ضريبة ما قال "المغير"، وما يصدره بعض القيادات من تصريحات خارج مصر، يدفعها الإخوان في الداخل، بنظرة المجتمع السيئة إليهم وخاصة الشباب، الذين يميلون للعنف بسبب ما رأوه بعينها من موت أصدقائها وأحبابها وأهلها في فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.

في سياق متصل، قال سامح عيد، أحد شباب الإخوان المنشق عن الجماعة، إن ما قاله "المغير" ليس بالجديد، فهو أمر محسوم من قبل، لأنه كان هناك أعداداً كبيرة تدخل الميدان فمن الصعب السيطرة علي ذلك، مؤكداً لـ"اليوم الجديد" أن الاختلاف هو في حجم السلاح الذى كان متواجداً في المكان، وأن ما قاله "فتى الشاطر" في هذا التوقيت تحديداً، ما هو إلا نوع من النكاية السياسية، فقد تكون قيادات الإخوان رفعت عنه رعايتها، أو الإمدادات المالية، موضحاً أن قيادات الإخوان وحلفاؤهم في الخارج، ليسوا على قلب رجل واحد، وهو ما يتسبب في خروج تلك التصريحات.

قد يعتبر البعض أن "المغير" ما هو إلا شاب متمرد، غابت عنه رعاية قيادات الإخوان وإمداداتهم المالية، أو حدث بينه وبينهم خلافات لا نعلم بها، فدفعته إلى التصريح بذلك في ذلك الوقت تحديداً، ولكن الأمر لم يكن جديداً ولم يبدأ من عنده، فعندما ظهرت نتيجة الثانوية العامة في شهر يوليو الماضي، والتي كانت ضمن أوائلها الطالبة أميرة عراقي، نجله الدكتور إبراهيم عراقي، أحد أعضاء الجماعة، والمعتقل حالياً بسجن وادي النطرون، قام الإعلامي محمد ناصر، مذيع قناة "مكملين" التي تبث من تركيا بعمل مداخلة هاتفية معها، أغضبت الكثير من أبناء الشعب المصري، حتى المختلفين معها سياسياً.

ففي المداخلة الهاتفية، تركزت كل أسئلة "ناصر" للطالبة ليضع الفتاة في مواجهة السيسي، ولم يمر إلا مرور الكرام على كيفية تفوقها ومذاكرتها ونجاحها، وتحدث عن احتمالية لقائها برئيس مصر، وتحدث عن الاستحواذ على مدرستها الإخوانية، وسألها هل يخاف الجيران تهنئتها أم لا؟ ولم يتكلم إلا بشكل عابر حين استفسر منها ما إذا كانت تحصل على دروس خصوصية أم لا، فسألها قائلاً "عادة رئيس الدولة بيجتمع بالأوائل، هتروحي؟" فأجابته "لا طبعاً، مش هروح أقابله، مش هعرف أغض البصر عن المعتقلين والمساجين"، ليفتح عليها مذيع قناة مكملين ناراً لا تستطيع مواجهتها، ومن الممكن أن تكون لها عواقب وخيمة، وكان بالفعل أولها تقدم المحامي سمير صبري ببلاغ عاجل لنيابة أمن الدولة العليا ضدها لإهانة السيسي.

تهنئة "ناصر" للطالبة ليست خاطئة، فكثير من المختلفين معاها سياسياً اتصلوا بها هاتفياً وهنأوها، خاصة أن وزير التربية والتعليم لم يهنأها كما هنأ كثير من الأوائل، فتعاطف الكثير معها، ولكن ما نعارضه أن يفتح عليها ناراً، ويتركها تواجهها بمفردها، وهو جالس في تركيا لن تصيبه أي سهام.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل