المحتوى الرئيسى

وكالة البلح.. تاريخ السوق الذي غزاه المستعمل وبطله "الاستوكات" المستوردة

08/18 20:06

مأكل وملبس لدى المصريين يساوى حياة .. فلا إدخار جائز مع دخل لا يزيد وليس هناك مدد للنفقات الإضافية إلا فيما يخص القليل، فهى معادلة اقتصادية تتكرر يوميًا لطرفان غير متساويان، فما بين عائد شهري محدود عند الطرف الأول يقبع الطرف الثاني للاحتياجات والنفقات التى لا تتنازل أبدًا أمام قلة حيلة المواطن البسيط، الذى لجأ إلى البواقي لسد جوعه وإلى المستعمل والقديم لستر أعضائه.

وللمستعمل في مصر قصة أخرى، بعد أن بات كل جديد عزيز علي أيدى الفقراء في ظل الأسعار النارية الموجودة علي كل قطعة ملابس أو حذاء بالمحلات التجارية، ليلجأ الغير قادين إلي أسواق الكانتو المعهودة بشوارع القاهرة.

أن تجارة الأشياء المستعملة أو المستغنى عنها قد نشأت فى مصر على أيدى أبناء الجالية الإيطالية، ويعود أصل كلمة "سوق الكانتو" إلي سوق كان يقام فى الحارات الخلفية لبيع الملابس المستعملة، وكلمة "كانتو" إيطالية، ومعناها ركن أو زقاق والتعبيرات الشعبية "ساكسونيا، كامبيو، روبابيكيا، بوتيليا، كانتو" وتم إدراجها في مصطلحات اللغة فى النصف الثانى من القرن العشرين.

ولعل سوق وكالة البلح أو الوكالة هو أشهر الأسواق الموجودة في القاهرة، والتى يقصدها كل الفئات بعدما بات مصدراً للأستوكات الأوروبية ومقصدًا لطلبة الجامعات الباحثين عن جديد قليل السعر وجيد الخامة.

ويعد سوق وكالة البلح من أقدم أسواق القاهرة أنشأ فى عام 1880، على أيدى 15 تاجراً من سوريا ولبنان وفلسطين، وبمرور الوقت وازدياد شهرة السوق وكثر عدد تجاره، أصبح علمًا من معالم القاهرة.

أما عن ثلاثينيات القرن الماضى أصابت مصر حالة ركود اقتصادية جعلت هؤلاء التجار يبيعون محلاتهم لليهود، ووقتها عرفت الوكالة تجارة الملابس المستعملة وأطلق عليها سوق “الكانتو” وظلت تحت سيطرتهم حتى خمسينيات القرن الماضى وقت أن قرروا النزوح إلى فلسطين المحتلة، وفى أثناء ذلك اشترت الوكالة عائلة من صعيد مصر، ثم اتسعت الوكالة وتعددت محلاتها وتعدد أصحابها.

وقد سميت بهذا الاسم "وكالة البلح"  لأنها كانت سوقًا مخصصة لتجارة البلح، الذي كان يأتي إليها من خلال المراكب الصغيرة وكانت تصل عبر نهر النيل من الصعيد بجنوب مصر، خاصة من أسوان، إلا أن تجارة البلح بدأت في التراجع تدريجيًا واقتصر بيعه في السنوات الأخيرة على تجار الجملة في منطقة "الساحل" التي تبعد قليلًا عن وكالة البلح.

ونتيجة للرواج الذي شهدته وكالة البلح يومًا بعد الآخر، والتى يتوافد عليها آلاف البشر يوميًا، تاركين حكاياتهم وكلماتهم تدور بآذان التجار ممن لهم قصص أخرى، توجهت أنظار صناع السينما في مصر إليها، حتى باتت مشروع عمل ضخم قدمه الكثيرين من قبل.

 ففي منتصف الثمانينات قامت الفنانة نادية الجندي ببطولة فيلم شهير حمل عنوان "وكالة البلح" تدور أحداثه حول سيطرة التجار على بعض السلع والتحكم في السوق، وجذب الفيلم انتباه المشاهدين بحبكة درامية اختلطت فيها مشاعر الحب بصراع التجار في الوكالة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل