المحتوى الرئيسى

الروس يروّجون الأكاذيب وأتباع ترامب يتلقّفونها.. إليك عيّنة منها

08/17 20:37

لقد وصلنا الآن إلى مرحلة في الجولة الانتخابية الأميركية حيث يروج أتباع كل من المرشح الجمهوري دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكاذيب بعضهم البعض بكل سرور و دون شعورٍ بالذنب أو حتى أدنى قلق من أنه سوف يتم اكتشافهم وهم يقومون بذلك.

وذكر تقرير لصحيفة الديلي بيست الأميركية إنه يمكنك أن تتخيل ما الذي وقع نتيجة تفجر هذه العقلية المشوشة والمضللة خلال عطلة نهاية الأسبوع:

أولاً نشرت (سبوتنيك) وكالة الكرملين الإخبارية والمضللة، موضوعاً ذا عنوان لا لبس فيه "ملف سري يؤكد ادعاءات ترامب: أوباما وهيلاري أسسا داعش من أجل (الإطاحة بالأسد)"، والذي جرى التغريد به مع الهاشتاج "#CrookedHillary." أو (هيلاري الملتوية).

المشكلة الوحيدة في هذا الهراء الحصري الذي لا شك فيه هي أن هذه القصة ليست بقصة، ولم تعتمد على أي "ملف سري" وما أشارت إليه لم يفعل شيئاً لـ"تأكيد" ما توحي به سبوتنيك أنه كذلك.

ترتكز القضية برمتها على مسودة تقرير استخبارات الولايات المتحدة الأميركية عام 2012، بتفويض من وكالة الاستخبارات الدفاعية في البنتاغون، وقد تم الحصول عليها في الأصل وفقاً لحرية طلب المعلومات لينشر في يونيو/حزيران 2015 من قبل الموقع الإلكتروني المحافظ "المراقبة القضائية".

في ذلك الوقت، قوبلت هذه الوثيقة بحماس متناقض من قبل اليمين المتطرف المناهض للإمبريالية (مثل سيوماس ميلن بالجارديان، وجيرمي كوربين زعيم حزب العمال حالياً والمتحدث الرسمي) والرجعيين المعاديين للمسلمين (مثل باميلا جيلر) باعتبار الأمر دليلاً على وجود مؤامرة شريرة بقيادة واشنطن لتشجيع سيطرة التكفيريين على بلاد الشام.

على الرغم من تنقيحها بشكل كبير؛ من المفترض أن الإفشاء عن التقرير "الكاشف للمتورطين" كان يفصح عن التوقعات التالية من حيث إلى أين تتجه الحرب في سوريا، وكيف أنها قد تؤثر على اعتبارات السياسة الخارجية للولايات المتحدة:

"إذا كشف النقاب عن الوضع فهناك إمكانية لإقامة إمارة سلفية معلنة أو غير معلنة في شرق سوريا (الحسكة ودير الزور)، وهذا هو بالضبط ما تريده القوى الداعمة للمعارضة وذلك لعزل النظام السوري، والذي يعتبر العمق الاستراتيجي للتوسع الشيعي (العراق وإيران) ".

كما ذكر يعقوب سيجل من صحيفة (ذا ديلي بيست) عندما نشرت الوثيقة أن مثل هذه التخمينات كثيرة للغاية مما يمكن حصرها بوزارة الدفاع الأميركية، ناهيك عن أن تُقرأ من قبل كبار العسكريين أو مشرعي السياسات. وفئة قليلة منهم هى التي ترتقي أكثر أي وقت مضى إلى مستوى السياسة العامة المتبعة.

ولم يصل هؤلاء لذلك أيضاً فيمكن لأي شخص يراقب تطور الأحداث في سوريا على مدى السنوات الأربع الماضية أن يحدد بنفسه بسهولة.

وإذا كانت الولايات المتحدة قد سعت لسلب عملاء إيران ووكلائها من العمق الاستراتيجي في سوريا؛ فإن الأمر الواضح أنه لا ليس"إنهاء للنزاع" والدليل أنه في الوقت الحاضر تقوم القوات الجوية السورية والروسية، بتوفير الدعم الجوي عن كثب لأولئك العملاء والوكلاء أنفسهم على أرض الواقع.

وعلاوة على ذلك بالنظر إلى التردد المشهور للرئيس _ والذي يُنتقد من قبل هيلاري كلينتون"مؤسسته المشاركة لداعش" _ في مساعدة وتسليح متمردي الجيش السوري الحر الوطني في عام 2012 (وقتما تمت صياغة الوثيقة)، يمكن للمرء القول أن سياسته كانت العكس تماماً مما ذكر في هذه الوثيقة.

ولكن ليس بقدر ما يهم سبوتنيك. فتقريرها "الذي يكشف" ما تدعيه أنه السبب الوحيد لـ"الرفض المباشر لمساعدة ودعم" الولايات المتحدة لما يسمى الدولة الإسلامية: هو أن هذا من شأنه أن ينتهك قوانين الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب. وتدعي أن واشنطن اتخذت قراراً عن قصد للرضوخ على الأقل لتوسع داعش.

وللأسف، فإن الوثيقة نفسها تدحض نظرية المؤامرة هذه أيضاً بينما تقول:

"إن تدهور الوضع يترتب عليه عواقب وخيمة في الوضع العراقي وهي كما يلي:

"هذا يخلق جواً مثالياً لتنظيم القاعدة في العراق للعودة إلى مخابئه القديمة في الموصل والرمادي، وسيوفر زخماً متجدداً في ظل افتراض توحيد الجهاد بين السنة والعراق وسوريا وبقية أهل السنة في العالم العربي ضد ما تعتبره عدواً واحداً".

كان تنظيم القاعدة في العراق الاسم الأصلي للمنظمة الإرهابية التي غيرتها اسمها المعروف وذلك بشكل متسلسل والذي نسميه الآن داعش أو الدولة الإسلامية. ويعد توسعها خارج حدود العراق مصنفاً بشكل صحيح على أنه خطر لبلد أنفقت من أجلها الولايات المتحدة مليارات الدولارات في محاولة للحفاظ على تماسكها بشكل رئيسي من خلال القتال والتحرق لهزيمة هذا الامتياز الجهادي.

وقعت تتمة مسلسل هذا الالتقاء الغريب بين الحزب الجمهوري والكرملين خلال مقابلة تلفزيونية لـ(سي.إن.إن) مع بول مانافورت مستشار ترامب.

تحدث مانافورت لجيك تابر من (سي إن إن) عن حلاوة السخرية غير العادلة، وهوس وسائل الإعلام الليبرالي بكل الكلام الكاذب، أو التافه، أو المتعصب الذي يخرج من فم ترامب، وأنه هناك أخبار كانت أكبر من ذلك بكثير والتي تستحق التغطية.

حسناً، مثل "قاعدة حلف شمال الأطلسي في تركيا التي [يجري] الهجوم عليها من قبل الإرهابيين."

إنه لا يمكن إلا أن يقصد ذلك الحادث الذي بدأ وانتهى كمظاهرة سلمية في قاعدة إنجرليك الجوية في تركيا، ولكن مع الدعاية الموالية للكرملين والتي استنتجت بدهاء أنه اعتداء مدجج بالسلاح ومن الممكن أنه محاولة ثانية للـ"الانقلاب" التركي في 30 يوليو/تموز2016.

"أيها الإعلام! لديكم 10 آلاف مسلم على بعد خطوات من مخزون من أسلحة نووية حرارية" والذي كان مثالاً لعينة من الملاحظات الهستيرية، والتي أطلقت عاصفة لمدة قصيرة ولكن ملحوظة على شبكة الإنترنت.

كان هذا جزءاً من الحملة الروسية التي نسقت لبث حالة انعدام الأمن باقتراح أن بلداً بحلف شمال الأطلسي كان على شفا كارثة أخرى كانت إما غير معروفة لمانافورت أو ببساطة لأنها ليس ذات صلة لأنه بسرور عقلية مماثلة لعقلية بوتين في تصيد الأخطاء للدفاع عن مرشحه المتخبط.

تتبع أندرو فايسبورت وكلينت واتس ببراعة مصدر هذه القصة المزيفة: وهو حساب على أحد وسائل الإعلام الاجتماعي كان يعود إلى "مارسيل ساردو" والذي كان يحتفظ بـ"حساب كان يهدف إلى التحريض لحملات موالية لروسيا." وفقاً لما كتباه في (ذا ديلي بيست).

وما بدأ على تويتر وصل بعد ذلك إلى (سبوتنيك) و(أر تي) وغيرها من الوسائل الناطقة باللغة الإنجليزية في موسكو، والتي حذرت جميعها من احتمال فقدان الأسلحة النووية التكتيكية الأميركية والمخزنة في قاعدة إنجرليك.

حضر ألف متظاهر إلى القاعدة قبل ثلاثة أسابيع، ولكن لم يحضر 7 آلاف شرطي تركي، أم هل كانوا معرضين على الإطلاق لأي خطر بأن يتم اجتياحهم أو نهبهم، كما نقلت الأجهزة الإخبارية الروسية.

ومثلما كشف وايزبورت وواتس المزيد. كان أعظم حدث غير إنجرليك بين أنصار ترامب أو ممن ينتحلون هذه الصفة: "بعض من أكبر الهاشتاجات المرفقة بالتغريدات التي كان يتم بثها وهي #Incirlik #Turkey #nato، #coup، #benghazi # trumppence16.

كانت كل من هذه (الهاشتاجات) المضافة تشير إلى مشكلات شائكة بالآونة الأخيرة في الانتخابات الرئاسية الأميركية. وشملت السير الذاتية لأصحاب هذه الحسابات الناطقة بالإنكليزية الذين يشاركون قصة #Incirlik عادة كلمات 'إله' و'البلاد' و'الأسرة' و'المحافظين' و'المسيحية' و'أمريكا' و'الدستور' والجيش ".

العلاقة بين الولايات المتحدة وأنقرة هي الآن في الحضيض بعد اعتقاد واسع الانتشار في تركيا أن حليفتها كانت متواطئة في محاولة لإطاحة أو اغتيال الرئيس رجب طيب أردوغان.

ويعيش حالياً فتح الله غولن، الرجل الذي يشتبه بقيادته لمدبري الانقلاب ورجل الدين المنفي، في ولاية بنسلفانيا ويجري البحث في أمر تسليمه.

وبطبيعة الحال، فإن هذا لم يمنع وسائل الإعلام التركية الموالية لأردوغان من اتهام وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية والبيت الأبيض بكونهم الجهات الراعية في صمت للانقلاب.

استغل بوتين هذا الخرق لإصلاح علاقته المتوترة مع أنقرة والبرهنة على وجود التزام مخلص تجاه تمسك أردوغان بالدستور التركي وذلك خلال اجتماعهم الأخير في موسكو.

كل هذا التضليل هو مجرد نوع من أنواع الأساليب القديمة للمخابرات الروسية والتي يمكننا أن نتوقعها من شبح روسي مخضرم مثل بوتين.

وفي عام 1966 على سبيل المثال زعم السيناتور التركي حيدر تونكانات أنه يمتلك "وثائق" تبين أن واشنطن تتطلع لتصفية ضباط الجيش وضرب المعارضة اليسارية بالكماليين المتوليين للحكم آنذاك والحكومة اليمينية لحزب العدالة.

وكانت الوثائق عبارة عن رسالتين، واحدة موجهة من "جاسوس" داخل حزب العدالة إلى "إ.م." والآخر بريد إلكتروني من "إ.م." إلى الكولونيل دونالد ديكسون الملحق العسكري الأميركي، يناقش فيها تفاصيل هذه المؤامرة المزعومة.

بدأت بسرعة وسائل الإعلام التركية في البحث عن "إ.م."، والذي يمكن أن يشير إلى إدوين مارتن مستشار وزير السفارة الأميركية، أو إلى القائد البحري"إ.م. مورغان"، والذي كان ممثل الولايات المتحدة في حلف بغداد.

في الواقع كانت رواية خيالية اصطنعها تونكانات والذي كان آنذاك عميلاً لـ(الكي جي بي). تسبب السيناتور في ضجة معادية للولايات المتحدة بل إنها وصلت للأصدقاء التقليديين للولايات المتحدة في المؤسسة السياسية في تركيا.

وفي عام 1969 لعب نفس الخدعة مرة أخرى بناء على طلب من إدارة الكي جي بي وذلك باستخدام مزيد من الوثائق المزورة التي تصف عملية استخباراتية أميركية (غير موجودة) ضد هيئة الأركان العامة التركية.

ونظراً لأننا في عصر الطباعة كانت "التدابير الفعالة" مثل تلفيق المعلومات المضللة والمعادية للغرب والمتعارف عليها في جهاز المخابرات الروسية تعتبر أكثر صعوبة بعض الشيء لإنتاجها. أما اليوم فمن الأسهل بكثير أن تنتشر الخدع أو الحيل التي تهدف إلى إضعاف تحالفات الولايات المتحدة أو إضعاف معنويات المجتمعات الديمقراطية. فكل ما تحتاجه هو خربشات مكتوبة على عجل تدفعك للنقر عليها أو مقاطع فيديو سريعة الانتشار.

وفي النهاية لابد أن تصل هذه التدابير الفعالة أحياناً للسياسيين في الولايات المتحدة والمسؤولين والذين يلفظونها ببساطة لأنهم لا يعرفون أفضل من ذلك.

ولكن في حالة مانافورت هناك قرائن دامغة جداً بالنظر إلى العلاقات القائمة منذ فترة طويلة بموسكو وعملائها تشير إلى أنه رفض بذكاء الأكاذيب الروسية ولكنه على حد سواء راض عن مصدرها وأنهم كانوا سيستفيدون من هذه الأكاذيب في الوقت ذاته.

وكان مانافورت قد اتُهم مؤخراً من قبل المحققين في مكافحة الفساد بأوكرانيا بامتلاكه "12.7 مليون دولار في مدفوعات نقدية غير معلنة" والتي خصصت جانباً لصالحه بين عامي 2007 و 2012 من قبل حزب الرئيس الأوكراني الموالي لبوتين فيكتور يانوكوفيتش المخلوع.

وجه مانافورت نصائح ليانوكوفيتش خلال الحملة الرئاسية الناجحة له في عام 2010، أي قبل بدء عصابات الرئيس الأوكراني في قتل الناس بإطلاق النار عليهم في شوارع كييف.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل