المحتوى الرئيسى

إهمال مستشفى| احترق الفؤاد في دار الفؤاد.. «حنان» حُرقت وتسممت وماتت

08/17 17:24

"في صيف غير أي صيف، ويوم ليس كمثله يوم.. تعرف على شريكة حياته وتزوجا.. عش صغر عاشا فيه واكتملت بهجته بالمولودة الأولى التي أضفت للحياة رونقًا.. لم تخل الأيام من مرارة تعكر صفو الركب فتحولت تلك الحياة الهادئة لأدوية وعمليات ومستشفيات".

هذا كان القدر الذي واجه عائلة المهندس وليد عباس.. قدر صعب واجهه بصدر رحب بعدما مرضت رفيقة دربه "حنان عبد الله".. أيام وشهور من العلاج القاسي وبعد التعافي يجابههم مرض أشد شراسة من ذي قبل، وتودع إثره الحياة بعدما وقعت فريسة للإهمال الطبي بمستشفى "دار الفؤاد" وكانت إحدى ضحاياه بمدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة.

رحلة طويلة عاشها "وليد" بصحبة زوجته بعدما عرفا بإصابتها بسرطان ثدي من الدرجة الثانية أثناء إقامتهما بدبي، فأجرت "حنان" عملية استئصال للورم وخضعت للعلاج بعدها، ولكن قبل أن يتنفسا الصعداء عرفا بإصابتها بولوكيميا "سرطان الدم"، ودخلت على أثرها مدينة الشيخ خليفة الطبية بإمارة أبو ظبي، وأمضت سبعة أشهر بالمستشفى بعدها أكَّدت الفحوصات خلو الدم من اللوكيميا.

عاد "وليد" ورفيقة عمره إلى مصر آملين في استكمال تلك المرحلة العصيبة بعد إجراء عملية زرع نخاع، توجها لمستشفى "دار الفؤاد" باعتبارها أحد أكبر المستشفيات الاستثمارية المتواجدة، لم يعرف الزوجان أنَّهما على موعد مع دوامة من الإهمال الطبي الذي يودي بحياة الزوجة برغم المبالغ الطائلة التي دفعها الزوج في المستشفى لكي تتعافى وتعود الحياة إلى سابق عهدها.

بعيدًا عن عالم المستشفيات الحكومية التي تحمل في أدراجها جميع صور وأشكال الإهمال، كما يرى كثيرون، وفي داخل مجتمع استثماري لا يعرف سوى لغة المال، ظاهر راقي يحمل المزيد من الخدمات التي تقدم للمرضى وذويهم، فكانت بداية المأساة بحرق بحسب حديث "وليد" لـ"التحرير"، فقال: "أصيبت زوجتي بحرق من الدرجة الثانية نتيجة إهمال المستشفى وعدم تغيير خلاط الحمام والذي أدى للنزول المفاجئ للماء الساخن على قدم المريضة".

حدث يمكن اعتباره طارئًا قائل للحدوث، فنقلت الزوجة إلى غرفة أخرى بعدما فشل إصلاح "خلاط الحمام" ليجابها مشكلة عدم توافر "كاميرا" للاطمئنان على صحة المريضة والتواصل معها، وبعد تدخل مديرة حقوق المرضى بالمستشفى تم تغيير الكاميرا بأخرى ولكن الكاميرا الجديدة لم تكن مختصة بالتواصل مع المرضى إنما هي كاميرا مراقبة أمنية، تعمل من ناحية واحدة هكذا أوضح "وليد" قائلًا: "الفني قال لزوجتي ده اللي موجود".

نقل دم خاطئ يؤدي إلى تسمم في الدم

بعد خروج الزوجة من وحدة زرع النخاع نقلت إلى غرفة خاصة، ووقتها كانت تعاني من مناعة ضعيفة جدًا وأنميا شديدة، وتم الاتفاق مع الممرضة الفلبينية بعدم مغادرة الحمام أثناء استحمام الزوجة لمعانتها من الأنيميا وضعف الصفائح الدموية، وفي هذا الوقت قال وليد: "وفي نفس اليوم سقطت زوجتي أثناء الاستحمام على وجهها وحدث لها تورم بالجبين لأن الممرضة تركتها بحجة انشغالها مع مريض آخر، وظلت زوجتي على أرض الحمام لفترة، فضلًا عن عدم قيام المستشفى بعمل أشعة لزوجتي على المخ بعد سقوطها".

طُلب من الزوجة الصيام من الساعة الرابعة صباحًا لإجراء عينة "نخاع شوكي" ولن يتم سحب العينة، وفي اليوم التالي تكرَّر الطلب، وبالفعل صامت من الساعة الرابعة صباحًا إلى السادسة مساءً، وأضاف وليد: "لما سألنا الممرضة قالت أصل عليكوا فلوس"، فقال لها إنَّ المستشفى ترسل لهم الفواتير يوميًّا ويسدِّدون في الحال، فهرولت أخته لإدارة المستشفى تبلغهم بعدم الحصول علي أى فواتير، ويفاجأها أحد الموظفين برده: "افتكرنا وصلتكم الفاتورة وطنشتوا".

وحسبما يقول وليد.. حلَّت الكارثة بنقل دم خاطئ للمريضة تسبب في تعرضها لرعشة شديدة وضيق في التنفس وتم نقلها لغرفة العناية المركزة، وأقرَّ طبيب الرعاية في ذلك اليوم بأنَّ الدم المنقول خطأ مما تسبب في حدوث مضاعفات والذي أدَّى لحدوث تسمم دموي في نفس اليوم، وأضاف: "كنا بنلف مصر كلها أنا وصحابي وقرايبي علشان نلاقي فصيلة الدم".

25 ألف جنية .. الليلة في غرفة العناية بدار الفؤاد

25 ألف جنيه ثمن الليلة الواحدة في غرفة العناية المركزة، والتي يفترض أن يكوم التعقيم بها على أكمل وجه حفاظًا على صحة المريضة والتي تعاني في الأساس من قلة مناعة تعرضها للأمراض بأقل الأشياء، إلا أنَّ سوء الصرف الصحي داخل الغرفة سمح بالمياه الملوثة من الدخول إلى الغرفة فقال الزوج: "غطينا فمها بماسك خوفًا من وصول الميكروبات لها، ووضعت الممرضات البطاطين على الأرض لتمتص الميكروبات حتى لا يصل إليها أي ميكروب".

يكشف وليد: "بعد أن تأخَّر الفني المكلف بإصلاح ذلك العطل لمدة 20 دقيقة وفشل في السيطرة على المياة الملوثة التي وصلت للممر الذي به غرف العناية عرفنا إنه فني تكييف مش سباك، مستنكرًا تأخُّر المستشفى في نقل المريضة لغرفة أخرى لمدة ساعتين ونصف، إلى أن دخلت المريضة في غيبوبة كاملة في اليوم التالي لارتفاع نسبة الحموضة وتسمم الدم.

لم يجد الزوج سوى أن يقدم شكوى لإدارة المستشفى لكنها لم تجدِ نفعًا بعد الذي تعرضت له "رفيقة عمره" ولكن لإيجاد حل لإيقاف ما أسماها "المهازل" في المستشفيات.

وفي مكتب مدير حقوق المرضى بالمستشفى بينما يتناقشان في أمر الشكوى، سمع "وليد" دوي الإنذار يعلن عن توقف قلب إحدى الحالات، وبعدها أُعلن عن رقم غرفة زوجته، هرول الزوج المفجوع إلى الغرفة ليشاهد الأطباء يحاولون إنعاش ذلك القلب الذي هزمه الإهمال.

في اليوم التالي للوفاة، أبلغت إدارة المستشفى "وليد" أنَّه تمَّ إعفاؤه من مصاريف آخر أربع أيام قبل الوفاة، وأنَّه سيتم عقاب من أخطأ.

فارقت "حنان عبد الله" الحياة وظل زوجها منذ ذلك اليوم يحارب من أجل القصاص لروحه الذي سلبها منه الإهمال والتغافل وعدم الأمانة.

النيابة تثبت صحة واقعة الإهمال "بدار الفؤاد"

نرشح لك

أهم أخبار رمضان

Comments

عاجل