المحتوى الرئيسى

أنا خديجة | المصري اليوم

08/17 01:25

تناوب على اغتصابها ثمانية وحوش آدمية، تناوبوا عليها كالجياع أمام وجبة محرمة طال اشتهاؤها، هى... ابنة بلدى التى من شدة رغبتها فى القصاص أضرمت النار فى جسدها المستباح من قبل الرجال والقانون، لم تجد خديجة من يدافع عنها، هى المغتصَبة ودليل الإدانة مازال مكتوبا على أطرافها، كيف لفتاة وحيدة أن تأخذ حقها من ثمانية وهى العورة القاصر الناقصة عقلا ودينا وهم القوامون عليها؟.

خديجة أُجبرت أن تحمل سِفاحاً وهى مازالت طفلة، لملمت جراحها وأعطت طفلها للغرباء ليربوه، ونهضت لاستكمال طريقها الوعر المحفوف بالجهد والجحود والتعب، لتعيل أماً وإخوة صاروا مسؤوليتها وهى مازالت فى حاجة لمن يرعاها.هجرت مقاعد الدرس مرغمة لتعيش قساوة الواقع وهى التى كانت لا تزال فى حاجة لمساحة الحلم والخيال التى يمنحها الله والطبيعة للأطفال حتى يكبروا.

هى كبرت رغما عنها لتعيش الاغتصاب مرتين، وتلد مرتين ولم تكمل بعد السبع عشرة سنة، خديجة السويدى لم يتابعها طبيب نفسى ولا استطاعت أن تغير واقعها بفعل مبادرات اجتماعية، تركوها لتدبر شأنها لوحدها كما تعودت دائما، لم ينتبه أحد لهذه الطفلة وما تعيشه، من هى حتى ينتبه لها الناس وأصحاب القرار ويشغلوا فكرهم بأشياء تافهة، ما كان عليها أن توجد أصلا بيننا، ما نفع أمثالها؟.

خديجة كانت تعرف أنها ولدت لخدمة الآخرين، هجرت مدرستها وقريتها لتشتغل وتُعيل الأم والإخوة، اكترت غرفة فى المدينة القريبة لتؤويها بعد يوم شاق من العمل، وكانت هذه الزلة الأولى التى اقترفتها من وجهة نظر المجتمع، كيف لفتاة أن تعيش لوحدها دون رقيب!!، لا تسكن وحدها إلا العاهرة التى لا شرف لها تخاف عليه.

وكأن المصائب السابقة لم تكن كافية لتجهز على ما تبقى من كرامة أنثى، لتجد نفسها عرضة اختطاف من ثمانية ذكور، اجتمعوا لغزوة الفحولة، ونشوة الانتصار على جسد استفز رجولتهم.. تناوبوا عليها بعنف سادى قل نظيره، وكأنهم يأخذون بثأر القبيلة من أجساد النساء جميعا، ولم يكفهم ما فعلوا بل وثقوا لغزوتهم تلك مثل الدواعش بصور وفيديو هددوها بنشره على رؤوس الأشهاد.

كان من الممكن أن تلملم جرحها كالعادة وتستمر، لكنهم استمروا فى تعذيبها بتهديدهم لها بنشر الفيديو، وخديجة كانت تعلم جيدا أن انتشار الصور سيُدِينها هى بدلا من الجناة، هكذا هو العرف.. لوم المرأة فى مجتمعنا.. فهى أصل الشرور والموبقات والغواية.. ألم تكن سببا فى طردنا من الجنة؟.

الخوف من الفضيحة كان أكبر من جرح النفس والجسد، فتجرأت خديجة وتوجهت للعدالة تطلب إنصافها من المعتدين، لتبدأ رحلتها بين دهاليز المحاكم لا سند لها سوى والدتها التى طلبت السلطات حضورها لتوقع على المحاضر لأن خديجة قاصر، ولسخرية القدر أو تواطئه فالأم لا تجيد سوى البصم بالأصبع لأنها لم تتعلم، بينما الجناة جُنّد لهم جيش من المحامين للدفاع عنهم، وضاع حق خديجة وخرج المجرمون أقوى وزاد التهديد والوعيد.

خديجة كانت تطالب بالعدالة وبحقها المشروع فى القصاص من مغتصبيها الثمانية، لم ينصفها القانون ولم يسمع نداءها أحد، فقررت أن تأخذ بزمام الأمور وألّا تترك أحدا يقرر مكانها.

اشترت خديجة بنزينا وأحرقت نفسها فى الشارع العام، وهكذا انتصرت على الجناة فى مشهد تراجيدى أكبر مما كانوا يحضرون له وكأنها تقول للجميع: لقد حققتُ العدالة التى تنشدون، لقد اقتصصت لكم جميعا من خطأ الطبيعة التى أنجبتنى بينكم، انتقمت لكم من نفسى التى تجرأت وتطاولت على القانون حين ذهبت لأشتكى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل