المحتوى الرئيسى

تفاصيل خطة «الألغام الغربية» لضرب ترشح السيسى لولاية ثانية

08/16 23:20

_ من النسخة الورقية لجريدة اليوم الجديد الأسبوعية

1-  توجيه الانتقاد له بشكل ملموس ليس فقط فى الغرف الدبلوماسية المغلقة «على طريقة الإيكونوميست»

2- جر القاهرة إلى المنتديات الدولية كمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة

3- ابتعاد الاتحاد الأوروبى عن السيسى بشكل علنى وتحميله مسؤولية تدهور الأوضاع الداخلية المصرية

4- تصدير رؤية للداخل المصرى بضرورة تغيير قيادة الدولة كحل للأزمة

5- عدم إعطاء الشرعية الخارجية للرئيس بوقف الزيارات الرسمية إليه 

كل الإشارات تؤكد أن الرئيس عبد الفتاح السيسى بات فى مأزق كبير بشأن استحقاق الرئاسة المقبل فى عام 2018، وذلك على خلفية إفصاح غربى سافر بالعمل على إزاحته من السلطة أو على الأقل الدعوة إلى دعم ذلك التوجه، بينما لن تنفع موجات السباب الموجهة من الداخل إلى الخارج فى سد الطريق على ذلك السيناريو، فقط انتهاج خطط خلاقة وخطوات استباقية هى الحل فى مثل تلك الظروف.

من دون شك، كان طرح مجلة الإيكونوميست البريطانية، ضرورة أن لا يترشح السيسى لمدة ثانية فى سدة الحكم فى عام 2018 فجًّا على نحوغير معهود لنافذة اقتصادية وإعلامية ذات ثقل، إلا أن النصيحة المتجاوزة بفداحة لكل أعراف الرصد والتحليل الصحفى المستقرة، والمغلفة برداء مسيس لا لبس فيه، بضرورة تخلى الرجل عن السلطة فى مصر كحل لأزمتها الاقتصادية والسياسية، وللمفاجأة ليست بالنصيحة أو الرغبة الجديدة، بيد أن إعلانها عبر وسائل الإعلام، لا من خلال الغرف المغلقة، هو المربك فى القصة.

بعيدًا عن عاطفية ونعرات الاعتداد بالذات، ورفض أى لغط خارجى فى شؤوننا الداخلية، وبطبيعة الحال بتجنيب سيناريوهات المؤامرة المملة عن أى تقاطع محتمل مع خيالاتنا السياسية والوطنية، فإن الثابت التاريخى يؤشر إلى أن الكبار لا يتحركون أو يتخذون فعلًا ما مصادفة.. كل شىء محسوب بالميزان، وبخاصة إذا ما تعلق بالمصالح.

الإيكونوميست لن تجرؤ على خلط الرأى بالخبر والتقرير على هذا النحو السافر من دون ضوء أخضر، أو على أقل تقدير من دون محفزات ضغط أو حتى مكاسب أو انتهاز فرص سانحة دفعتها إلى ذلك المسار التحريضى ضد رئيس أكبر وأهم دولة بالمنطقة.

ما فعلته الإيكونوميست أنها تجاوزت أعرافها الراسخة، وحولت نفسها إلى رأس حربة حادة فى معركة شرسة بين الغرب الأوروبى الأمريكى ودولة ما بعد 3 يوليو 2013.

حرب تتغير وتتبدل درجات سخونتها، بين الاشتعال العلنى والسرى التام، وبين الخمول والهدنة، على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، حسب محددات المصالح مع القاهرة، وكذا حسب سير الأمور فى ملفات إقليمية ودولية عدة، وبخاصة تلك المتعلقة بالحرب على الإرهاب فى زمن داعش.

ومع ذلك، فالمجلة الشهيرة، وفى نهاية المطاف، سارت على خط بيانى مرسوم منذ فترة يتخذ من الدفع تجاه إزاحة السيسى عن السلطة، سواء بدفعه إلى عدم إكمال فترته الرئاسية الأولى، أو إعاقته عن الترشح لولاية ثانية بعد عامين، هدفًا رئيسيًّا لها.

أحاديث الإطاحة بالسيسى متكررة ومعادة منذ زوال حكم الإخوان، الحليف الاستراتيجى المأسوف عليه بالنسبة إلى الولايات المتحدة فى معسكر الإسلام السياسى، قبل 3 سنوات، بينما بدت التضييقات على الرئيس فى صورة عقاب جماعى ضد مصر لإجباره على رفع الراية البيضاء ومن ثم الانزواء بعيدًا.

السلطة منحتهم بدورها فرصة التصويب عليها كمنصة تنشين متاحة، بأخطاء كارثية داخلية فى ملفات شائكة تتعلق بالقمع وحقوق الإنسان المهدرة وانغلاق المجال العام وتراجعات اقتصادية مؤلمة، ناهيك بقضايا مزعجة ذات امتدادات دولية سلبية كريجينى على سبيل المثال.

بالطبع، لم تتوقف ألاعيب أمريكية وأوروبية عدة فى الكواليس، بمساعدات وإسهامات من جانب قوى إقليمية عربية وإسلامية، لضرب القاهرة بمناسبة ودون مناسبة، وتحديدًا فى مجالات السياحة والتمويلات الاستثمارية وتصدير الأسلحة وقطع الغيار الخاصة بها وهكذا.

أضف إلى ذلك حرب إعلامية شرسة تتصيد وتصطاد أخطاء داخلية يتم النفخ فيها لتصدير صورة قاتمة عن الداخل المصرى، وإن تسببت أيادٍ داخلية وفى السلطة ذاتها فى منح الصورة كثيرًا من الرمادية والسواد.

وبناءً عليه، فإن الإيكونوميست قد وصلت متأخرة جدًّا إلى حفلة الهجوم العلنى على شخص الرئيس.. فقد سبقتها مؤسسات غربية مؤثرة، بنفس طرح الإزاحة عن السلطة هذا، لعل أبرزها ما تبناه قبل بضعة أشهر كاملة المعهد الألمانى للشؤون الأمنية والدولية، عبر باحثيه الشهيرين، لارس بروتسوس وشتيفان رول، وفيه طرح مشابه لما تبنته المجلة البريطانية.

وثقل كلام الباحثين ينبع من ثقل المركز العاملين فيه، حيث يقدم استشارات فى الصميم للبرلمان الألمانى وللحكومة الألمانية فى الشؤون السياسية الخارجية والأمنية، ناهيك بفتح نافذة تواصل جاد له مع صناع القرار بالاتحاد الأوروبى.

فى ورقة بحثية أخيرة طالب المعهد والباحثان الاتحاد الأوروبى صراحة بالابتعاد عن أى تعامل مع الرئيس السيسى ومن ثم عزله دوليًّا.

الورقة لاقت بالطبع اهتمامًا مبالغًا فيه من قبل نوافذ الإخوان، ناهيك بالاحتفاء بها فى الصحافة الغربية، بينما تكفلت مواقع إلكترونية أجنبية شهيرة لها طبعات عربية بنقلها إلى لغة الضاد ليطلع عليها المصريون، من بينها كان موقع قنطرة الثقافى السياسى الألمانى، الذى ننقل عن ترجمته نصًّا بما يمنح تفسيرًا لتوصية الإيكونوميست المفاجئة:

«يجب أن تنطلق أى سياسة واقعية تجاه السيسى من مسلَّمة أنَّ أفعال السيسى تفاقم الوضع السياسى والاقتصادى والاجتماعى (فى مصر) وتزيده سوءًا. ولذلك لا بد من توجيه الانتقاد بشكل ملموس ليس فقط فى الغرف الدبلوماسية المغلقة، بل والصدح به أيضًا فى المنتديات الدولية كمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. قبل سنتين وفى هذا المحفل الدولى، انتقدت ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبى بشدة تدهور حقوق الإنسان فى مصر».

تقول الورقة أيضًا: «يتعين على الاتحاد الأوروبى تحميل السيسى المسؤولية مباشرة والابتعاد عنه بشكل علنى. بهذه الطريقة قد تنضج فى داخل النظام (فى مصر) رؤية بضرورة تغيير المسار السياسى وبالتالى التغيير فى قيادة الدولة. فى الوقت الحالى فإن التغطية الدولية لظهر السيسى تصعِّب مهمة ناقدى النظام من داخله، والذين يمكن أن تعلو أصواتهم بالضغط قليلاً على رأس النظام».

وفى موضوع آخر تضيف: «يتوجب على السياسة الأوروبية تقديم المساعدات الضرورية لمصر، وبما لا يؤدى إلى إعطاء الشرعية الخارجية للرئيس السيسى، غير المناسب لقيادة البلد. كما يجب على السياسة الأوروبية أن ترسل الإشارة أنها تدعم، بشكل كامل، بداية جديدة، تكون عناوينها المشاركة السياسية وقيادة حكومية أفضل. تحت قيادة السيسى فإن هذه البداية غير واقعية وغير ممكنة، فالسيسى كشخص احترق بنيران الأزمة المتفاقمة. وبالتالى، فإنه ربما يكون فقط من المنطقى تقليص التعاون معه بشكل ملحوظ. وقد يكون ذلك، قبل كل شىء، بالتخلى عن رفع شأنه رمزيًّا عن طريق الزيارات الرسمية والتشجيع العلنى له، وهو الذى أدى حتى اليوم، فقط، إلى تعميق أزمة مصر».

الأحرى بكاتبى ما سبق أن يسميا ورقتهما البحثية بخطة عمل سياسية لضرب أو على الأقل زعزعة نظم بعوامل خارجية مؤثرة.. ما تم نقله أعلاه هو بحق أقرب لاستراتيجية لإسقاط السيسى خارجيًّا، وكذا إحراجه داخليًّا لدرجة تجعل من أركان سلطته فى مهب الريح.

إذن الإيكونوميست لم تخالف الاستراتيجية الغربية فى التعامل المتحفز مع السيسى.. هى فقط وضعته تحت دائرة الضوء.

سيقول قائل، لكن شهادة البنك الدولى وموافقته على منح مصر قرض الـ12 مليار دولار، ربما تكون طوق نجاة من الفخ الغربى.. من الوارد ذلك قطعًا.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل