المحتوى الرئيسى

اعترافات فتى «الشاطر» المدلل

08/16 22:48

مرت الذكرى الثالثة لفض اعتصامى ميدانى رابعة والنهضة هادئة، لم يعكر صفوها شىء، وكشفت عن مدى الوهن الذى وصل إليه تنظيم الإخوان الإرهابى، الذى توعدت بعض قياداته فى تغريدات أو بيانات سابقة التجهيز بأن تشهد المناسبة حضوراً إخوانياً فى الشارع ومواجهات مع قوات الأمن، ومن ثم استعادة الضغوط السياسية والمعنوية على نظام الرئيس «السيسى». لم يحدث شىء، لكن التغريدات التى خرجت عن أحد المقربين من قيادة إخوانية شهيرة موجودة فى السجن الآن بشأن تسلح الاعتصام واستعداده لمواجهة الشرطة والجيش بالسلاح، أعادت فتح الملف وإن بطريقة عكسية، إذ خرج فتى «الشاطر» المدلل أحمد المغير ليؤكد أن السلاح كان موجوداً وكافياً ولكنه اختفى قبل فض الاعتصام بيومين.

فى هذه الاعترافات التى لا تخلو من جرأة، هناك ثلاث نقاط جوهرية؛ أولها أن اعتصام رابعة كان مسلحاً، وكم السلاح فيه كان كبيراً يصد الداخلية والجيش حسب كلمات «المغير»، الثانية أن هناك من سرّب الأسلحة إلى خارج الاعتصام قبل فضه بيومين، وهو من الإخوان «اللى فوق» أى من القيادات التى يمكنها أن تأخذ القرار وعلى الأعضاء أمثال «المغير» أن ينفذوا بلا تفكير، والثالثة أن وجود السلاح يعنى أن هناك من هو مُدرب على استخدامه، أى خلايا سواء وصفت بالنوعية أو التنظيم العسكرى أو السرى، المهم أن هناك تنظيماً عسكرياً تابعاً للإخوان غير مُعلن.

الأبعاد الثلاثة إلى جانب كونها تحرج تنظيم الإخوان وأعوانهم وكل الدعاية السياسية التى استندوا إليها لإدانة الموقف الرسمى المصرى، وتجسد سياسة الكذب والخداع التى يبرع فيها تنظيم الإخوان منذ نشأته وحتى الآن، فإنها تفسر إلى حد كبير العمليات التخريبية وعمليات القتل التى حدثت بعد فض الاعتصام مباشرة أو التى تمت على فترات متباعدة فى أكثر من مكان طوال الأعوام الثلاثة الماضية، سواء حققت نجاحاً أو تم إحباطها قبل أن تحدث. وفى المحصلة النهائية فإن قرار الدولة المصرية بفض الاعتصام كان صائباً ولا مفر منه، خاصة مع ظهور معلومات مؤكدة بأنه بُذلت مساعٍ قام بها بعض الشيوخ كما ذكر ذلك الشيخ محمد حسان فى حواره مع «الوطن» الأحد الماضى من أجل فض الاعتصام طواعية، مع فتح باب التفاوض على أمور أخرى منعاً لإسالة الدماء، ولكنها اصطدمت بمراوغة إخوانية وانتهت إلى لا شىء، أو بمعنى آخر أكدت أن الدولة كانت منفتحة على الحلول السلمية، وحين تبددت تلك الحلول بفعل الرفض الإخوانى، لم يعد هناك سوى الحل الصعب. وكلنا يذكر، وكما شاهدنا على الهواء مباشرة سواء من ميدان رابعة أو ميدان النهضة أن قوات الأمن دعت المعتصمين إلى الخروج الآمن من مسارات مفتوحة وتعهدت بألا يُعتقل أحد أو يُضار أحد، بل إن من يخرج ولا يجد وسيلة مواصلات إلى بلده سيجد أوتوبيسات تنقله إلى حيث يريد. ومع ذلك أصر المعتصمون على البقاء ومنهم من بادر بإطلاق النار وكرات اللهب على قوات الأمن، فكان أول الشهداء من الشرطة فى ميدان النهضة فى حدود السابعة صباحاً، ثم استمرت المواجهات حتى العصر، وحين تأكد أن الأمر محسوم بدأ المعتصمون فى الخروج رافعين الأعلام البيضاء، فسمحت لهم الشرطة بالخروج دون مضايقة، لكن بعضهم أبى أن يترك مكانه إلا وأن يعيث فيه تخريباً إضافياً أكثر من التخريب الذى حدث بالفعل طوال 48 يوماً، فكانت الحرائق فى مسجد رابعة وفى محيطه دليلاً على سلوكيات تخريبية لا علاقة بها بدين أو حرص على حياة.

وهنا لنا أن نتساءل ماذا لو لم يكن الجزء الأكبر من السلاح الذى اعترف بوجوده فتى الشاطر المدلل قد تم تسريبه، وبقى فى الاعتصام وتم استخدامه لمواجهة الشرطة والجيش؟ التصور المنطقى للأحداث يقول إننا سنكون أمام مذبحة بكل معنى الكلمة. مذبحة بفعل متعمد من قبل جماعة لا تعترف بقانون وضعى ولا بسنة كونية، وكل ما يهمها هو تحقيق أكبر مساحة من الإيذاء والعنف والتخريب. وإذا استخدمنا السياق المعكوس فى التحليل، نخلص إلى أن تسريب الأسلحة لم يكن يخلو من جوانب إيجابية، بل إنه قيّد الخسائر إلى حد كبير. والسؤال هل كان تسريب السلاح خارج الاعتصام نتيجة تفكير عقلانى انتهى إلى أن المواجهة محسومة لصالح الدولة وأن الأفضل الاحتفاظ بهذا السلاح واستخدامه لاحقاً لمواجهة الدولة (كما حدث بالفعل)؟ أم أنه كان خطوة رمزية جاءت فى سياق محاولات التفاوض التى قام بها شيوخ وتعبيراً عن حُسن النية؟ ثم من هذا الآمر الناهى الذى بيده إصدار الأمر دون مراجعة؟ الأمر يصعب حسمه، ولكن كلمات «المغير» ذات دلالة، إذ وصف المسئول عن تسريب الأسلحة خارج الاعتصام بأنه فعل خيانة، والمقصود وفقاً للسياق أنه خيانة للجماعة وتحديداً لمن كانوا يتمسكون بالمواجهة ويتصورون أنها ستجلب لهم الانتصار وستعيد «مرسى» إلى الحكم. ومن جانب آخر هى خيانة لكل الخطاب التحريضى الذى تمسك به قادة رابعة والنهضة والمغرر بهم من الأعضاء أو المتعاطفين أو السُذج الذين وقعوا فى حبائل الإخوان ومناصريهم بفعل مائة أو خمسمائة جنيه وعدة وجبات غذائية وأوهام البطولة ونزول الوحى والملائكة، وكل الخزعبلات التى كانت تُطلق بلا حياء أو ذرة من عقل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل