المحتوى الرئيسى

المادة «312 مرافعات» تفتح الباب لإحالة اتفاقية «تيران وصنافير» إلى البرلمان

08/16 21:32

- مصادر قضائية وحكومية: قانون المرافعات يوقف تنفيذ حكم القضاء الإدارى بمجرد تقديم أول إشكال

- لا مانع من تصديق البرلمان على الاتفاقية حاليا.. وإقرارها قبل البت فى الإشكالات والطعن ينقل القضية إلى «الدستورية»

- الإشكال استوفى شروط وقف تنفيذ الحكم وفقا لفتوى 2005.. وتعديلات قانون مجلس الدولة وافق عليها رئيس الوزراء فى فبراير وليس لها علاقة بالقضية

أكدت مصادر حكومية وقضائية متطابقة أن مجلس الوزراء يستطيع حاليا مباشرة إجراءات التصديق على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية؛ بإحالتها إلى مجلس النواب لمناقشتها والتصديق عليها وفقا للمادة 151 من الدستور، وذلك باعتبار أن حكم محكمة القضاء الإدارى الصادر فى 26 يونيو الماضى ببطلان الاتفاقية واستمرار تبعية جزيرتى تيران وصنافير لمصر «قد أوقف تنفيذه قانونا، وذلك بمجرد إقامة هيئة قضايا الدولة أمس الأول إشكالا لوقف تنفيذ الحكم أمام نفس الدائرة التى أصدرته».

وأوضحت المصادر أن كلمة السر فى هذا الوضع الجديد الذى يسمح بإحالة الاتفاقية للبرلمان الآن، هى المادة 312 من قانون المرافعات والتى يفيد نصها أن الإشكال الأول يوقف تنفيذ الحكم بمجرد إقامته وبصفة مؤقتة، وذلك لحين الفصل فى الإشكال.

وتنص هذه المادة على أنه «إذا عرض عند التنفيذ إشكال وكان المطلوب فيه إجراء وقتيا فللمحضر أن يوقف التنفيذ أو أن يمضى فيه على سبيل الاحتياط مع تكليف الخصوم فى الحالتين بالحضور أمام قاضى التنفيذ.... ولا يترتب على تقديم أى إشكال آخر وقف التنفيذ ما لم يحكم قاضى التنفيذ بالوقف....».

ودرجت تفسيرات الفقه وتطبيقات القضاء لهذه المادة على أن «الإشكال الأول يوقف تنفيذ الحكم بمجرد تقديمه، طالما تم تقديمه قبل إتمام تنفيذ الحكم، وذلك دون المساس بأصل الحق الثابت بالحكم»، أى أن الحكم يصبح موقوفا فقط – وليس ملغيا ــ لحين الفصل فى الإشكال بالقبول أو الرفض.

وأشارت المصادر إلى أن «وقف تنفيذ حكم القضاء الإدارى يخلق مساحة زمنية جديدة أمام الحكومة لإحالة الاتفاقية إلى البرلمان لمباشرة إجراءات المناقشة والتصديق، فإذا تم التصديق على الاتفاقية قبل الفصل فى الإشكال وقبل أن تفصل المحكمة الإدارية العليا فى الطعن المقام من الحكومة لإلغاء حكم أول درجة، فسيعنى ذلك عدم اختصاص مجلس الدولة (بدرجتيه قضاء إدارى وإدارية عليا) بالرقابة على الاتفاقية بعد التصديق عليها، وإذا رفعت أى دعوى أخرى لإلغاء الاتفاقية بعد التصديق فسوف تحال بالضرورة إلى المحكمة الدستورية العليا للاختصاص».

وذكرت المصادر الحكومية المطلعة أن «مجلس الوزراء لم يناقش رسميا حتى الآن مسألة إحالة الاتفاقية للبرلمان، لكن العقبة القانونية التى كانت قائمة فى هذا الطريق تم إزاحتها – ولو مؤقتا»، مشددة على أن «اتصال البرلمان بالاتفاقية حاليا سليم تماما من الناحية القانونية»، حيث كانت الحكومة قد أعلنت عقب صدور حكم أول درجة أنها لن تحيل الاتفاقية للبرلمان طالما ظل الحكم قائما وسارى النفاذ.

أصدرت محاكم مجلس الدولة والقضاء العادى أحكاما عديدة بتحديد شروط وقف تنفيذ الحكم مؤقتا بواسطة رفع الإشكالات، لكن الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة أصدرت عام 2005 فتوى مهمة بتحديد شروط قبول الإشكال وأثره على التنفيذ، تؤكد بشكل مباشر حديث المصادر عن وقف تنفيذ الحكم واستطاعة الحكومة عرض الاتفاقية على البرلمان.

ذكرت الفتوى التى صدرت فى 7 مارس 2005 برئاسة المستشار جمال دحروج النائب الأول الأسبق لرئيس مجلس الدولة أن «الإشكال الأول أمام المحكمة التى أصدرت الحكم من محاكم مجلس الدولة يترتب عليه وقف التنفيذ»، وأن «محاكم مجلس الدولة تختص دون غيرها بنظر إشكالات التنفيذ التى تعترض تنفيذ الأحكام الصادرة منها» وأن «إقامة الإشكال أمام محكمة غير مختصة لا ينتج أثرا سواء كان عدم الاختصاص ولائيا أو نوعيا».

وجاء فى الحيثيات أن من شروط ترتيب أثر وقف التنفيذ على الإشكال الأول أن يكون مقاما أمام المحكمة التى أصدرت الحكم، باعتبار أن الإشكال ــ سواء كان للاستمرار فى تنفيذ الحكم أو وقفه ــ هو فى حقيقته منازعة فى تنفيذ حكم صادر من القضاء الإدارى، وبالتالى لا يجوز نظره إلا فى الجهة التى أصدرت الحكم وفقا لقانونى السلطة القضائية ومجلس الدولة.

كما أكدت الفتوى أنه «يترتب على إقامة الإشكال الأول وفقا للمادة 312 من قانون المرافعات وقف تنفيذ الحكم المستشكل فى تنفيذه بصفة مؤقتة، فإذا قضى لصالح رافع الإشكال ظل التنفيذ موقوفا إلى أن يتم الفصل فى النزاع الموضوعى القائم بشأن التنفيذ أو بخصوص الحق الأصلى الذى يجب التنفيذ لاقتضائه».

وأضافت الحيثيات أن «أثر وقف التنفيذ يترتب بصفة مؤقتة سواء كان الإشكال مقاما بصحيفة دعوى أودعت قلم كتاب المحكمة المختصة بنظره ولائيا ونوعيا، أو قدم أمام المحضر عند الشروع فى تنفيذ الحكم وكُلف الخصوم بالحضور أمام المحكمة».

وشددت الفتوى على أن قاعدة «الإشكال الأول يوقف التنفيذ» تنطبق على «جميع الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية والقضاء الإدارى والإدارية العليا، وأحكام المحاكم التأديبية فى دعاوى إلغاء القرارات التأديبية الصادرة من السلطات الرئاسية، بينما لا تسرى فقط على الأحكام التأديبية فى الدعاوى التأديبية المحالة من النيابة الإدارية».

وبتطبيق ما جاء فى الفتوى على وضع قضية «تيران وصنافير» يتبين أن هيئة قضايا الدولة (محامى الحكومة) لم تكرر ما كان يحدث قبل ثورة يناير ــ خاصة فى فترات الانتخابات ــ بإقامة إشكال وقف التنفيذ أمام محكمة الأمور المستعجلة (غير المختصة وفقا للفتوى سالفة الذكر وأحكام المحكمة الدستورية) ولم تكتف بالإشكال الذى أقامه مواطن عادى أمام محكمة الأمور المستعجلة والمحدد له جلسة 30 أغسطس الحالى، بل أقامت إشكالا أمام المحكمة التى أصدرت الحكم لوقف تنفيذه مباشرة.

«من صاحب الإشكال الذى أوقف التنفيذ؟»

أمام محكمة القضاء الإدارى التى أصدرت حكم بطلان الاتفاقية الآن إشكالان: الأول أقامه المحامى خالد على فى 8 أغسطس الحالى للمطالبة بالاستمرار فى تنفيذ الحكم ورقمه ٦٦٩٥٩ لسنة ٧٠ قضائية، والثانى أقامته هيئة قضايا الدولة فى 15 أغسطس للمطالبة بوقف تنفيذ الحكم ورقمه 67837 لسنة 70 قضائية.

وفى كل الأحوال، وفقا لفتوى مجلس الدولة المذكورة فإن الحكم قد أوقف تنفيذه، لكن يبقى السؤال: متى أصبح الحكم موقوف التنفيذ؟ منذ قدم خالد على إشكاله أم بتقديم هيئة قضايا الدولة إشكال الحكومة؟

وفقا لمصادر قضائية استطلعت «الشروق» آراءها فإن هناك وجهتى نظر فى هذا الشأن:

وجهة النظر الأولى أن الحكم القضائى يوقف تنفيذه مؤقتا بمجرد إقامة أى إشكال (سواء لاستمرار التنفيذ أو وقفه) استنادا إلى أن قانون المرافعات لم يحدد نوعا معينا من الإشكالات لوقف التنفيذ، وأن التطبيقات القضائية ــ خاصة فى القضاء المدنى ــ تأخذ بهذا الرأى، بل إن المحامين يستغلون هذه الثغرة على نطاق واسع، فعندما يصدر حكم لصالحهم يهرعون لإقامة إشكال للاستمرار فى التنفيذ ليكون هو الإشكال الأول، فيقطعون بذلك الطريق أمام الحكومة أو الخصوم أيا كانوا لإقامة إشكال آخر لوقف التنفيذ.

ويرى أصحاب هذا الرأى أن الإشكال الذى أقامه خالد على أوقف تنفيذ الحكم مؤقتا بمجرد تقديمه، وذلك لحين الفصل فيه.

أما وجهة النظر الثانية فهى أن الحكم القضائى يوقف تنفيذه بمجرد إقامة إشكال يطالب فقط بوقف التنفيذ، استنادا إلى أن قانون المرافعات صدر فى فترة لم تكن إشكالات استمرار التنفيذ معروفة فيها من الأصل، وأن الإشكال المقصود فى المادة 312 هو المرفوع بغرض وقف التنفيذ فقط.

ويرى أصحاب هذا الرأى أن الإشكال الذى أقامته هيئة قضايا الدولة هو ما أوقف تنفيذ الحكم مؤقتا، لتستفيد الحكومة بإمكانية مباشرة إجراءات التصديق على الاتفاقية، لحين فصل المحكمة فى الإشكالين المعروضين أمامها.

«الإشكال وتعديل قانون مجلس الدولة»

ترددت فى الآونة الأخيرة مزاعم بأن الحكومة أرسلت لمجلس النواب تعديلات قانون مجلس الدولة الأخيرة التى وافق عليها المجلس وأرسلها إلى رئيس الجمهورية لإصدارها، خصيصا لوقف حكم «تيران وصنافير» بمجرد تقديم الإشكال أمام محكمة القضاء الإدارى.

وسبب هذه الشكوك أن المادة 50 مكرر التى تستحدثها التعديلات وأقرها مجلس النواب تنص صراحة على أن «...يرفع الإشكال إلى ذات المحكمة التى أصدرت الحكم، ويترتب على رفع الإشكال الأول وقف تنفيذ الحكم المستشكل فى تنفيذه، وتفصل المحكمة فى الإشكال خلال 30 يوما من تاريخ إقامته دون أخذ رأى هيئة مفوضى الدولة، ولا يترتب على رفع الإشكال أمام أية محكمة أخرى وقف تنفيذ الحكم».

إلا أن «الشروق» حصلت على وثائق تؤكد أن هذا التعديل قد اقترحه مجلس الدولة نفسه نهاية العام الماضى ــ ضمن تعديلات أخرى بشأن اختصاصه بنظر منازعات الضرائب وإضافة رسم مالى على الدعاوى ــ أى قبل توقيع الاتفاقية المصرية السعودية بعدة أشهر، كما أن المذكرة الإيضاحية للمشروع تم إقرارها بمجلس الوزراء فى 23 فبراير الماضى (قبل شهرين من توقيع الاتفاقية) ووقعها رئيس الوزراء بنفسه.

وجاء فى المذكرة الإيضاحية أن «إضافة المادة 50 مكرر تأتى استجابة للمادة 190 من الدستور التى تنص على اختصاص مجلس الدولة دون غيره بالفصل فى منازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، وأصبح من اللازم تنظيم هذه المسألة بقانون مجلس الدولة لقصر الاختصاص بنظر إشكالات التنفيذ على محاكم المجلس دون غيرها، مع ترتيب وقف تنفيذ الحكم المستشكل فى تنفيذه على رفع الإشكال الأول، مع وجوب الفصل فيه خلال 30 يوما من إقامته دون أخذ رأى هيئة مفوضى الدولة».

وقال مصدر قضائى رفيع المستوى بمجلس الدولة إن «المادة الجديدة تتطابق مع الشريعة العامة المقررة فى المادة 312 من قانون المرافعات، وتضيف المفاهيم التى تضمنتها فتاوى وأحكام مجلس الدولة السابقة (وبصفة خاصة فتوى 2005 المذكورة سلفا) لقطع الطريق أمام محاولات الاستشكال على أحكام القضاء الإدارى أمام محاكم أخرى غير مختصة، وتحديدا محكمة الأمور المستعجلة».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل