المحتوى الرئيسى

الثورة تجتاح إثيوبيا.. هل تنجح في إسقاط النظام؟ - ساسة بوست

08/16 12:20

منذ 11 دقيقة، 16 أغسطس,2016

يبدو أن جمر عشر سنوات من الاحتجاجات، التي حدثت بوتيرة متفاوتة ضد الحكومة الإثيوبية، بدأ يظهر من تحت الرماد، فقد أخذت حركة الاحتجاج التي بدأت في منطقة «أورومو» تمتد، حتى وصلت للمرة الأولى إلى العاصمة «أديس أبابا» التي تشهد موجة احتجاجات جديدة. اندلعت هذه الاضطرابات الإثيوبية منذ عدة أشهر، لكنها أصبحت بزخم أكبر في أوائل العام الحالي، يطالب المحتجون حكومتهم بالكف عن خطط تخصيص الأراضي الزراعية المملوكة لهم لكبار المستثمرين، أو بالأحرى الكف عن اضطهاد وقمع ونهب القومية الأكبر «الأورومية»، من قبل الأقلية التي تسيطر على الحكم وهي «التيجراي»، وترى الحكومة الإثيوبية أن: «التحركات الأخيرة مخطط لإسقاط الحكومة الشرعية»، كما قال نائب رئيس الوزراء «دمقي مكونن».

تشهد منطقتا أوروميا وأمهرة الإثيوبيتان اضطرابات منذ عدة أشهر، السبب الظاهر لهذه الاحتجاجات هو الاعتراض على خطط الحكومة، التي خصصت أراضي زراعية محيطة بالعاصمة الإقليمية لمشاريع تنمية، وهو ما يعني مصادرة مزيدٍ من الأراضي الزراعية الخصبة جدًّا المملوكة لللأوروميين، وتهجير مزارعيهم.

منطقة أوروميا هي واحدة من الولايات الإثيوبية التسعة التي تحظى بحكم ذاتي، وحسب المنظمات الحقوقية، هي الأكثر تهميشًا واضطهادًا بشكل منهجي من قبل الحكومة الإثيوبية، وذلك رغم أنها القومية الأكبر بين القوميات العرقية في إثيوبيا؛ إذ تمثل حوالي 49.34% من عدد السكان، ويعيش أفرادها في الأقاليم الجنوبية الإثيوبية، كما ينتمي أبناؤها إلى الإسلام السني «المذهب الشافعي». تليها قومية «الأمهرة» التي تشكل نسبة 25%، ثمّ «التيجراي» الذين يشكلون 6%، ويسيطرون على السلطة من خلال الحزب السياسي الحاكم «TPLF». انطلقت الشرارة الأولى للاحتجاجات في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2014، وتحديدًا في بلدة «جينكي» الواقعة جنوب غرب العاصمة أديس أبابا، ولم تقتصر الاحتجاجات هنا، فقد امتدت إلى المدن الأورومية الكبرى. وكما تقول ليسلي ليفكو مساعدة مدير منظمة «هيومن رايتس ووتش» لأفريقيا إن: «قوات الأمن الإثيوبية أطلقت النار، وقتلت مئات الطلاب والمزارعين وغيرهم من المتظاهرين السلميين، بازدراء كامل لحياة البشر«. خطة التطوير العمراني، تحمل سببًا غير ظاهر يدركه المعارضون الإثيوبيون جيدًا، وهو مصادرة هذه الأراضي لتصبح جزءًا من إقليم التيغراي، الذي يقع شمال إثيوبيا، التابع لحزب الأقلية الحاكمة، وسبق أن انتزعت الحكومة الإثيوبية أراضي سكان إقليم الأوروميا ووزعتها على كبار المستثمرين، تحت ذريعة التنمية.

اعتُبر ذلك، بمثابة خطوة جديدة من خطوات التمييز الحكومي، التي يقودها ساسة الحزب الحاكم من إقليم التيغراي. فأقلية التيجريين المنحدرين هي المسيطرة على البلاد، وأبناؤها هم أصحاب المناصب الرئيسية في الحكومة والجيش. وعلى سبيل المثال فاز الائتلاف الحاكم في إثيوبيا، الذي يقوده حزب «الجبهة الديمقراطية الثورية الديمقراطية» بـ 82% من إجمالي الأصوات في الانتخابات التي جرت العام الماضي. وحصل الحزب الحاكم على 500 مقعد من مقاعد البرلمان البالغ عددها 547 مقعدًا، وحصلت الأحزاب الموالية للائتلاف، على 46 مقعدًا، فيما لم تحصل الأحزاب المعارضة على أي مقعد. يؤكد الباحث رينيه لوفور المختص في شؤون منطقة القرن الإفريقي، أنه: «منذ وصول النظام الحالي إلى الحكم في 1991، لم يعرف وضعًا بهذا السوء، فإثيوبيا باتت أشبه بطائرة دخلت منطقة اضطرابات بالغة». ويعتبر لوفور أن هذه الأزمة منهجية، لأنها تطرح تساؤلات حول أسس عمل الحكومة منذ 25 عامًا، وهي متسلطة ومركزية؛ فالفيدرالية في إثيوبيا أمر خادع، كما يقول.

السلطات الإثيوبية.. ملاحقة وقمع المعارضة

تقرير دولي تلو الآخر، يؤكد أن السلطات الإثيوبية لا تكف عن ملاحقة وقمع المعارضة الإثيوبية، وهي حكومة تقيد الحريات العامة، إذ اعتبرت إثيوبيا ثاني أكثر بلد أفريقي قمعًا في مجال حرية الصحافة، كما تتدخل الحكومة بشكل غير قانوني في الشؤون الإسلامية، وتضيق على رجال الدين. وسياسيًّا يرى العديد من المراقبين، أنه لا يوجد بإثيوبيا تمثيل عادل في الحكم.

فناهيك عن قتل ما يقارب من 400 إثيوبي خلال الاحتجاجات الأخيرة، واعتقال المئات من عناصر المعارضة، يشير تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش» الذي نشر في يونيو (حزيران)، إلى أن هناك ما لا يقل عن 20000 سياسي أورومي، يقبعون في السجون الإثيوبية منذ شهر مارس (آذار) 2014، ويؤكد التقرير أن: «الحكومة الإثيوبية شنت حملة قمع وحشي ضد متظاهرين سلميين بشكلٍ عام». وتصف الحكومة الإثيوبية منظمي الاحتجاجات بـ«الإرهابيين والمدفوعين من جهات خارجية»، وأرسلت إلى المناطق التي تشهدها الاضطرابات قوات مكافحة الإرهاب، بعد أن فشلت الشرطة في وقف الاحتجاجات. وتعد القومية الأورومية أبرز القوميات الإثيوبية التي تعارض الحكومة، وهي من تكافح ضد ما تعتبره نظام حكم أقلية، يسيطر على قومية تشكل النسبة الأكبر بين الإثيوبيين ويقمعهم، ويقود هذا النضال المسلح «جبهة تحرير أورومو»، التي تأسست عام 1973، وهي من أبرز الحركات التي تقاتل ضد الحكومة الإثيوبية في الوقت الحالي، وتنشط في مناطق الحدود مع كينيا، حيث تكثر أبناء القومية، ويرأسها «داود أبسا أيانا»، ومقرها الرئيسي في العاصمة الإريترية أسمرة. إضافة إلى حركات أخرى كـ«حركة استقلال الأورمو»، و«الجبهة الإسلامية لتحرير أوروميا»، و«جبهة تحرير الأرومو».

 هل تدعم القاهرة المعارضة الإثيوبية؟

«القاهرة الآن هي أكثر البلدان الآمنة أمام الأوروميين الفارين من إثيوبيا، خصوصًا بعد أن تغيّرت سياسات السودان وتعاونها مع الحكومة الإثيوبية في تسليم المعارضين الإثيوبيّين»، هذا التصريح يعود إلى الناشط السياسي الإثيوبي المعارض «جالاما جولوما».

ليس من السهل إنكار الدور المصري في دعم المعارضة الإثيوبية، ولا يمكن تجاهل تأثير مصر في الجبهات الوطنية الإثيوبية، وخصوصًا «جبهة تحرير أرومو»، التي تحتفي فيها القاهرة كحركة مسلحة، فاستضافة الإعلام المصري لشخصيات المعارضة الإثيوبية، خاصةً من الأقلية الأورومية واقع معروف، خاصةً أن تلك الشخصيات هاجمت الحكومة الإثيوبية إعلاميًّا من مصر، وهو ما دفع الحكومة الإثيوبية، التي أغلقت خلال هذه الاحتجاجات الطرق المؤدية للسد الإثيوبي، إلى اتهام مصر بالعمل على زعزعة استقرار البلاد. ويعد استقبال مصر للمعارضين وفعالياتهم، ومنحهم اللجوء السياسي، من أبرز مظاهر دعم النظام المصري للمعارضة الإثيوبية، وتظهر إحصائيات مفوضية الأمم المتحدة أن ما يقارب 6916 إثيوبيًّا، من طالبي اللجوء السياسي، سجلوا في سجلات المنظّمة بالقاهرة. غالبية هؤلاء هم من مجموعة الأورومو العرقية، الذين سجلوا أن سبب لجوئهم هو في الغالب، وضعهم في موطنهم الأصلي. مصر تؤكد أن استقبالها للمعارضين الإثيوبيين «يأتي وفق التزامات دولية وليس استغلالًا لأي من الصراعات الداخلية، بهدف إضعاف الدولة الإثيوبية»، فحسب رئيس المنظمة المصرية لدعم اللاجئين، أحمد بدوي فإن: «لمصر التزامات دولية بعدم ردّ أي من طالبي اللجوء، في ما لا يتعارض مع الأمن القومي، حتى من يعبرون بطرق غير شرعية».

ثلاثة سيناريوهات.. أقواها القتال المسلح لإسقاط النظام

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل