المحتوى الرئيسى

مليارات الخليج في متاهة الحكومة.. تضارب تقديرات المساعدات بين 37 إلي 22 مليار دولار في 3 سنوات.. والمحصلة "صفر" .. وخبراء يحذرون: السنوات العجاف تدق أبواب الاقتصاد المصري

08/15 23:26

علي مدار ثلاث سنوات ظلت خزائن ممالك النفط مفتوحة علي مصراعيها لإنقاذ الإقتصاد المصري من عثراته، بيد أن السنوات الخضر أوشكت علي الإنتهاء، لتبدأ القاهرة عهد جديد من السنوات العجاف، بعد أن أحجمت دول الخليج عن تقديم المساعدات بمختلف صورها تحت وطأة ما تعانيه من أزمات إقتصادية طاحنة.

فعلي مدار الثلاث سنوات الماضية شاركت الكويت مع السعودية والإمارات في تقديم دعم مالي لمصر في صورة منح ومساعدات بترولية وودائع في البنك المركزي بما يتجاوز الـ25 مليار دولار، وذلك منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في 2013 وحتي العام الجاري، استخدمتها فى دعم الموازنة وتقليل العجز، وكذلك تغطية مصروفات الموازنة، بحسب ما صرح وزير المالية.

وبحسب تقرير البنك المركزى المصرى، عن الوضع الإقتصادي لمصر خلال السنوات الخمس الماضية، بلغ إجمالي المساعدات المالية التي تلقتها مصر منذ ثورة 30 يونيو حتي العام الجاري، نحو 22 مليار دولار، منها 6 مليارات دولار من المملكة السعودية بواقع 2 مليار لكل من أعوام 2013 و2014 و2015.

بينما بلغ إجمالي المساعدات من دولة الإمارات 6 مليارات دولار منهم 3 مليار عام 2013، و2 مليار عام 2015 و مليار دولار فقط عام 2016، إضافة إلي 5 مليارات دولار من دولة الكويت منهم 2 مليار لكل من عامي 2013 و2015، ومليار فقط لعام 2014، فيما قدمت كلا من قطر وليبيا 3 مليار دولار و2 مليار دولار بالترتيب خلال عام 2013.

لكن تقديرات البنك المركزي جاء مخالفة لتصريحات وزير الاستثمار السابق أشرف سالمان، الذي قدَّر هذه المساعدات الخليجية بنحو 23 مليار دولار في الفترة من يوليو2013 وحتى نهاية 2014 فقط، بخلاف ما تعهدت دول الخليج بتقديمه لمصر خلال مؤتمر شرم الشيخ وما أعقبه ليرتفع رقم المساعدات إلى أكثر من 37 مليار دولار.

فيما أشار تقرير صادر عن وزارة المالية إلي تراجع حجم المنح التي تلقتها مصر من 95.9 مليار جنيه خلال العام المالي 2013 / 2014 بفعل المساعدات الضخمة من دول الخليج ليصل إلى 25.4 مليار جنيه في العام المالي 2014 / 2015، ثم انخفضت بحدة في العام المالي الذي يليه لتصل لنحو 4.2 مليار جنيه، في ظل تراجع وتيرة المساعدات من بلدان الخليج.

جاءت المساعدات المالية من قبل المملكة السعودية لمصر في المقدمة بين دول العالم، إذ قدمت بعد ثورة 30 يونيو، حزمة مساعدات لمواجهة التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، يبلغ حجمها الكلي 5 مليارات دولار، تقسم إلى مليار دولار كمنحه نقدية، وملياري دولار منحة عينية، تتمثل في منتجات بترولية وغاز، إلى جانب ملياري دولار كوديعة لدى البنك المركزي دون مصاريف تمويلية.

وفي حين واجهت مصر أزمة كبيرة في مجال الطاقة عام 2014، أثرت سلبا على إنتاجها من الكهرباء، قدمت المملكة مساعدات بترولية في الفترة بين أبريل وحتي سبتمبر من نفس العام بقيمة 3 مليارات دولار.

كما قدمت المملكة أثناء مؤتمر مستقبل مصر الإقتصادي الذي انعقد بشرم الشيخ في مارس 2015، حزمة مساعدات اقتصادية لمصر بمبلغ أربعة مليارات دولار، مليار دولار منها وديعة في البنك المركزي المصري، وثلاثة مليارات من خلال الصندوق السعودي للتنمية، وفي هيئة صادرات سعودية لمصر، ومساهمات في المشروعات الاستثمارية المختلفة.

ثم أبرمت الحكومتين المصرية و السعودية في مايو الماضي اتفاق تقدم بمقتضاه المملكة 2.5 مليار دولار أمريكي منحة لا ترد لتعزيز البرنامج الإقتصادي المصري،تلقت مصر منها 500 مليون دولار تمثل أول دفعة من المنحة السعودية.

وكانت الإمارات أولى الدول الخليجية التي أعلنت عن تقديم دعم لمصر عقب الإطاحة بنظام الاخوان؛ حيث وافقت على تقديم منحة لا ترد بقيمة مليار دولار، وتقديم ملياري دولار أخرى كوديعة لدي البنك المركزي المصري.

وخلال المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ أعلنت الإمارات أنها ستدعم مصر بمساعدات جديدة بقيمة 4 مليارات دولار، منها ملياري دولار يتم إيداعهما في البنك المركزي لدعم الاحتياطي النقدي، وملياري دولار للاستثمار في عدد من المجالات التنموية.

تعد الكويت من بين ثلاث دول خليجية ساندت مصر اقتصاديا بعد 30 يونيو وظهر هذا الدعم جليا عندما أعلنت حكومتها في يوليو 2013، تقديم معونة عاجلة لمصر بقيمة 4 مليارات دولار، منها مليار منحة ومليارين وديعة في البنك المركزي بهدف تعزيز احتياطي النقد الأجنبي المصري، بالإضافة إلى مليار متمثل في نفط ومشتقات نفطية.

وفي نوفمبر الماضي، استكملت الكويت مساعداتها المالية لمصر بتحويل مليار دولار، كمنحه لا ترد للبنك المركزي المصري بعد مفاوضات استمرت عام كامل بين الجانبين المصري والكويتي لتحويل آخر دفعات المساعدات المالية التي أعلنت عنها بجانب دولتي السعودية والإمارات بعد 30 يونيو.

وساهمت المنحة الكويتية في تقليص الآثار السلبية لرد وديعة قطرية بقيمة 2.5 مليار دولار، استحق أجل سدادها بعد أن استخدمت الحكومة المصرية قيمة المليار دولار في سداد جزء من تلك الوديعة، واستخدمت احتياطيات النقد الأجنبي في سداد الجزء المتبقي.

أعقبها حزمة مساعدات أخري تبلغ قيمتها أربعة مليارات دولار، أعلن عنها أمير الكويت صباح الأحمد الصباح خلال المؤتمر الاقتصادي الدولي الذي عقد بمدينة شرم الشيخ لعام 2015.

وفي ابريل من العام نفسه أعلن الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية عزمه تقديم قروض لمصر باجمالي 1.5 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة بواقع 300 مليون دولار سنويا

وأعلن رئيس وزراء الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن راشد، عن دعم بلاده للاقتصاد المصري بمبلغ أربعة مليارات دولار، ملياران منها وديعة في البنك المركزي المصر، وملياران آخران في مجموعة من المبادرات الاستثمارية، وتعهدت الكويت بتقديم 4 مليارات دولار.

ورغم أن الدعم المالي الخليجي لمصر، بلغ أكثر من 25 مليار دولار، بحسب التقديرات الرسمية، لا تزال مصر تعاني اقتصاديا على المستويين الرسمي والشعبي، ما دفعها مؤخرًا لطلب الحصول علي قرض من صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار..لتتعالي الأصوات متسائلة عن مصير المساعدات الخليجة الذي نجيب عليه في السطور التالية.

يقول الخبير الإقتصادي دكتور شريف الدمرداش، أن هناك مسارات رسمية لأي مبالغ تأتي من الخارج، لكنها جميعا يجب أن تتم عبر البنك المركزي، أولها المنح التي تثبت في الباب الثاني من الإيرادات في الموازنة العامة للدولة، والثاني الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تذهب لشراء أو إنشاء أصول، الثالث القروض والودائع التي يتم إضافتها إلى احتياطي البلاد لدى البنك المركزي؛ وتمثل دَيْنًا خارجيًّا على الدولة يتم سداده حسب مدة القرض أو الوديعة.

وأوضح استاذ الإقتصاد، في تصريح لـ"الدستور"، أن المساعدات الخليجية في معظمها كانت في صورة ودائع أو قروض تمنح بشروط ميسرة، بينما لم تتجاوز قيمة المنح ال4 مليارات دولار، مضيفًا أنه إذا ما تم إستغلال تلك المساعدات علي النحو الأمثل لما كانت الحكومة تدق الآن أبواب صندوق النقد للحصول علي قروض بشروط صارمة.

ولفت إلي أن أموال الخليج دخلت بغرض إعادة بناء الاحتياطي النقدي الأجنبي بصورة مؤقتة في ظل عجز الدولة عن تقديم حلول هيكلية لعجز الموازنة، بعد انهيار السياحة وخروج المستثمر نتيجة الاضطرابات السياسية بعد 2011.

وأضاف إن المساعدات الخليجية لم تنجز أي شيء في الواقع بالنسبة لتحسن أحوال المواطنين وذلك "لأن الأموال دخلت في سياق إضراب سياسي، مشيرًا إلي أن المساعدات المالية في أغلبها جري توجيهها لصالح مشروعات البنية الأساسية مثل إصلاح شبكات الطرق والكباري واستكمال قدرات محطات الكهرباء والطاقة، وغيرها من الشمروعات متوسطة الأجل التي تؤتي ثمارها بين 3-4 سنوات، بدلًا من التوجه نحو المشروعات التي تدر عائد سريع وتؤثر بشكل مباشر علي دخول المواطنين.

توقع أن تشهد المساعدات الخليجية مزيد من التراجع في ظل الأزمات الإقتصادية التي تعانيها إقتصاديات تلك الدول من أنخفاض سعر برميل النفط إلي ما دون ال30 دولار للبرميل، إضافة إلي استنزافها في شراء السلاح لتورطها في الحرب علي داعش، ما سيقلل قدرتها علي العطاء لمصر، وستتقشف في مساعداتها لنا.

وشدد علي أن المعيار الحقيقي لنجاح استغلال القروض والمساعدات يتمثل في سبل توجيهه إما لسد عجز الموازنة ما يقضي علي كافة آمال الإصلاح، أو توظيفه في إعادة تشغيل المصانع المتوقفة بما يدر مزيد من العملة الأجنبيه وتعويم الجنيه لإعطاؤه سعر عادل في السوق المصرفي.

وأشار إلي أن الموقف الحالي يتطلب معالجة التشوهات الإقتصاد المصري المتراكمة منذ ستة عقود حينما تحولت مصر من دولة زراعية تتحكم في بورصة القطن في العالم بأسره إلي الإقتصاد الصناعي نتيجة تفتت الملكية الزراعية بفعل قوانين الإصلاح الزراعي وقتها، وعملت مصر بالتعاون مع روسيا علي تطوير صناعات مختلفة، حتي دخلت الدولة في إقتصاد الحرب ولم تستطع إحلال وتطوير بنيتها الصناعية، لاسيما مع جمود العلاقات مع روسيا إبان حكم السادات فتكهنت الصناعة وأصبحت مجرد خردة.

وأردف: علي مدار الستين عامًا الماضية انهارت القاعدة الزراعية و الصناعية لمصر، إضافة إلي ما حدث خلال السنوات الخمس الأخيرة ما زاد الطين بله من توقف الإنتاج وتدهور السياحة وهروب الإستثمارات.

وشدد علي أن الحكومة لا تملك خيار الفشل في المرحلة الراهنة فإما ان نعيش او نموت، بعد أن كتب علي جيلنا وقياداتنا مواجهة الأزمات وتحمل ضريبة الإصلاحات وما يترتب عليها، موضحًا أن الأثر الفوري لبرنامج الإصلاح سينطوي علي تبعيات مؤلمة منها توقف الصناعات التي تعتمد علي استيراد مكونات منتجاتها من الخارج نتيجة لأزمة العملة الصعبة، بينما ستزدهر صناعات أخري لاسيما المحلية منها كالغزل والنسيج وتصنيع القطن بفعل إنخفاض سعر العملة المحلية.

وأكد أن هناك اجراءات بنبغي أتخاذها للتخفيف من حدة البرنامج الإصلاحي علي الطبقة الفقيرة عن طريق التوسع في تقديم الدعم النقدي لمستحقيه الحقيقين، وتوسيع مظله برامج المساعدات الإجتماعية علي غرار برنامج تكافل وكرامة، ومقاومة الفساد، وكذلك التصدي للبريوقراطية بكافة صورها، وتشجيع الإستثمارات عبر تعديل البنيه التشريعية، إضافة إلي تدريب العمالة التي ستزايد الطلب عليها الفترة المقبلة.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل