المحتوى الرئيسى

سميرة موسى.. راهبة الذرة التي اغتالتها "الموساد"

08/15 17:25

نبوغها في العلم وتحديدًا بمجال الفيزياء كان كفيلًا ليقضي عليها في يوم من الأيام، فعشقها للعلوم المُعقدة دفعها للتعمق فيها بالبحث والتحليل، بهدف إفادة وطنها، ولعها بالذرة جعلها على قوائم الاغتيال، حتى تموت ويُدفن علمها النابغ معها.. هي العاملة الراحل سميرة موسى التي لازالت الطلاسم تحيط بقضية مقتلها.

بقرية "سنبو" بمحافظة الغربية، ولدت موسى عام 1917، كان والدها شيخ كبير يمتلك مكانة اجتماعية مرموقة بين أبناء قريته، حيث تحول منزله في صغرها إلى مجلس علم ودراسة، يلتقي فيه أهالي القرية ليتناقشوا في كل الأمور السياسية والاجتماعية.

ظهرت علامات النبوغ عليها من صغرها، حيث تعلمت القراءة والكتابة، وحفظت القرآن الكريم، وداومت على قراءة الصحف، إلى أن بدأت أولى مراحل التعليم، عام 1928 بعد انتقالها للقاهرة، والتحاقها بمدرسة قصر الشوق الابتدائية.

ثم ذهبت إلى مدرسة بنات الأشراف، التي عملت على تأسيسها وإدارتها نبوية موسى، الناشطة النسائية السياسية المعروفة، ظهر نبوغها في هذه المدرسة، حينما حاولت أعادت صياغة كتاب "الجبر" الحكومي وطبعته على نفقة أبيها الخاصة، ووزعته بالمجان على زميلاتها.

أنهت مرحلة التعليم ما قبل الجامعي، لتبدأ معها مرحلة جديدة في حياتها، بالتحاقها بكلية العلوم في جامعة القاهرة، رغم أن مجموعها كان يؤهلها لدخول كلية الهندسة، حينما كانت أمنية أي فتاة في ذلك الوقت هي الالتحاق بكلية الآداب.

ومثلما نبغت في مراحل التعليم المختلفة، كان لها ظهور قوي في مرحلة التعليم الجامعي، حيث لفتت نظر أستاذها الدكتور مصطفى مشرفة، أول مصري يتولى عمادة كلية العلوم، فتأثرت به تأثرًا مباشرًا، ليس فقط من الناحية العلمية، بل أيضًا بالجوانب الاجتماعية في شخصيته.

كانت تحتل المركز الأول على دفعتها بمدار الأربع سنوات، وحصلت على بكالوريوس العلوم، وعُينت كمعيدة بالكلية العلوم، وذلك بفضل جهود الدكتور مصطفى مشرفة، الذي دافع عن تعيينها بشدة، وتجاهل احتجاجات الأساتذة الأجانب "الإنجليز".

لم تقف مسيرتها التعليمية إلى حد الجامعة، فقد حصلت على شهادة الماجستير في موضوع «التواصل الحراري للغازات»، والذي أهلها للسفر بعد ذلك في بعثة علمية إلى بريطانيا درست فيها الإشعاع النووي.

عاصرت ويلات الحرب، وتجارب القنبلة الذرية التي دكت هيروشيما وناجازاكي عام 1945، ولفت انتباهها الاهتمام المبكر من إسرائيل بامتلاك أسلحة الدمار الشامل، ما جعلها تأمل أن يكون لمصر مكان وسط هذا التقدم العلمي.

ودفعها ولعها بمجال الذرة للحصول على الدكتوراه في الأشعة السينية، وتأثيرها على المواد المختلفة، وتأسيس هيئة الطاقة الذرية في القاهرة، وتوصلت إلى معادلة هامة وهي إمكانية تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس، ومن ثم صناعة القنبلة الذرية من مواد قد تكون في متناول الجميع.

تعمقت في مجال الذرة من أجل استخدامها في نفع الإنسان، حيث كانت عضوًا في كثير من اللجان العلمية المتخصصة، على رأسها لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية، التي شكلتها وزارة الصحة المصرية آنذاك.

كان لها عدة أبحاث في مجال الطاقة الذرية وأثرها وطرق الوقاية منها، وشرحت فيها ما هي الذرة من حيث تاريخها وبنائها، وتحدثت كثيرًا عن الانشطار النووي وآثاره المدمرة وخواص الأشعة وتأثيرها البيولوجي، وكلها تهدف إلى نفع البشرية.

عقب ذلك النجاح العلمي، استطاعت موسى خلال فترة الخمسينات لفت نظر علماء الذرة في أمريكا إليها، حيث حصلت على منحة دراسية لدراسة الذرة بجامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي أغسطس عام 1952 استجابت لدعوة سفر إلى أمريكا وأُتيحت لها فرصة إجراء بحوث في معامل جامعة سان لويس، وتلقت عروضًا كثيرة لتبقى في أمريكا، لكنها رفضت.

وقالت وقتها: «ينتظرني وطن غالي يسمى مصر، استطعت أن أزور المعامل الذرية في أمريكا، وعندما أعود إلى مصر سأقدم لبلادي خدمات جليلة في هذا الميدان، وسأستطيع أن أخدم قضية السلام».

وقبل عودتها بأيام استجابت لدعوة زيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا، وفي طريقها ظهرت سيارة نقل اصطدمت بسيارتها وألقت بها فى واد عميق، واتجهت أصابع الاتهام إلى الموساد بسبب أبحاثها وطموحتها النووية.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل