المحتوى الرئيسى

على فين يا بلد؟! | المصري اليوم

08/15 01:36

استعرت هذا العنوان لسلسلة كتب فى أجزاء متتابعة، نشرها الصديق العزيز أ. د. حازم الطيبى، أستاذ جراحة العظام وأحد المهمومين بأحوال الشعب المصرى الآملين فى حدوث تغيير حقيقى ينقل مصر إلى مصاف الدول الآخذة فى النمو، بعد أن توقف نموها الحقيقى منذ عقود، وقد بدأ فى نشر هذه الأجزاء قبيل ثورة يناير العظيمة لتحتوى خواطر ومقالات له، وظن أولاً- كما ظن كثيرون غيره- أن الأمور ستسير كما يتمنى فى طريق بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، بعد مفاجأة الثورة الشعبية، ولكن ما حدث بعدها جعله يكتب جزءاً ثانياً وثالثاً ورابعاً بنفس العنوان «على فين يابلد»! وجدت هذا العنوان هو الأكثر مناسبة هذه الأيام وأنا أتابع ما شهدته الساحة السياسية والاقتصادية والبرلمانية والإعلامية والرياضية من أحداث خلال الأسابيع القليلة الماضية، لست أول من يعلق عليها بالتأكيد ولن أكون آخرهم، ولكن المدهش والمؤسف فى نفس الوقت هو موقف النظام الحاكم رئاسة وحكومة ومسؤولين من هذه الأحداث، وهو الصمت أو التجاهل والاستعباط أحياناً، لتعطى الفرصة للكل ليفسر معنى هذا الصمت على هواه، وهل يعنى الرضا أم الحيرة والتردد! فعلى الساحة السياسية نسمع أخباراً وشبه تأكيدات بوسائل إعلام مختلفة بأن تغييراً وزارياً على وشك الحدوث، وتتناثر الشائعات عن الوزراء المُرشحين للخروج، ثم يأتى من ينفى هذه الأنباء، ثم يأتى بعده من يقول إنه احتمال قائم، ولا أدرى كيف يمكن أن يدير وزير وزارته بكامل سلطاته فى مثل هذه الأجواء! وحديث مماثل عن حركة وشيكة للمحافظين يكون له نفس المضار ومزيد من التخبط، وربما حالات الفساد والصراعات التى تعصف بالمحليات.. وفى هذا المجال أتعجب: كيف تظل العاصمة «القاهرة» بدون محافظ كل هذه الشهور منذ تشكيل آخر وزارة؟!، وما هى المُعضلة فى اختيار شخصية مناسبة تصلح لهذا المنصب الهام؟!، وهل عقمت مصر لهذه الدرجة أم ماذا يرحمكم الله؟! وفى المجال السياسى أيضاً لنا أن نتساءل عمن وراء ما يُسمى حملة جمع 40 مليون توقيع من أجل مد فترة حكم الرئيس السيسى لثمانى سنوات بالمخالفة للدستور، وعمن يدعمها ورأى الرئاسة فيها؟! وما كل هذا التجاهل المقصود للأحزاب السياسية بطريقة لم يسبق لها مثيل منذ السماح بعودة الأحزاب منذ أربعين عاماً، فلا تنشر ولا تهتم وسائل الإعلام المختلفة بنشاطات الأحزاب أو أخبارها إلا إذا كان الأمر متعلقاً بصراعات داخلها والمقالات التى تتندر عليها أو تصريحات بعض مسؤوليها إذا كانت تشيد بالنظام والرئيس ولا شىء غير ذلك؟! وعلى الساحة الاقتصادية هناك الكثير من «العك» وانعدام التنسيق فى التصريحات حول سعر العملة المصرية، مع تعتيم كامل على ما يدور فى الغرف المغلقة مع صندوق النقد الدولى، وبدون شرح سياسة واضحة وصريحة للشعب الذى سيتحمل تكلفة أى إصلاح اقتصادى مرغوب فيه، وما ترتب على ذلك من شائعات أضرت وما زالت بحالة السوق، فشهدت كساداً وارتفاعاً غير مسبوق فى التضخم وغلاءً فى المعيشة يدفع ثمنه الغالبية العظمى من المصريين الفقراء ومتوسطى الحال. وعلى الساحة البرلمانية نتابع مشاهد لم نرها أو نسمع عنها منذ أن عرفت مصر الحياة البرلمانية.. فهذا رئيس البرلمان ينتظر أكثر من ساعة بعد الموعد الرسمى لانعقاد جلسة هامة حتى يكتمل العدد القانونى، ظل طوالها ينادى على الأعضاء ويهدد وما من مُجيب مما اضطره للنزول بنفسه لجمع الأعضاء من البهو الفرعونى! وكانت طريقة رئيس البرلمان هذا فى الرد على النائب أنور السادات حين سأل سؤالاً عابراً عن معاشات العسكريين- كما ظهرت فى فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى- تثير الغثيان، فضلاً عن الدهشة والعجب! وكان حديثه واقتراحاته العجيبة عند مناقشة قانون منظم لمحال الصرافة، مثل اقتراحه بإغلاق هذه المحال وإعدام المتاجرين بالعملة، سبباً لارتفاع سعر الدولار فى السوق الموازية واختفائه! ويزداد الأسى ونحن نشاهد كيف يتعامل هذا البرلمان ورئيسه مع حكم نهائى لمحكمة النقض بأحقية د. عمرو الشوبكى فى عضوية المجلس بديلاً للسيد أحمد مرتضى والتلكؤ الواضح فى تنفيذ الحكم بدعاوى مختلفة، فلا تستطيع أن تمنع نفسك عن التساؤل عمن يا ترى كان وراء التخطيط لوصول رجل بهذه المواصفات لرئاسة البرلمان؟! وعلى الساحة الرياضية شاهد الملايين ما حدث عقب مباراة الزمالك والأهلى التى انتهت بفوز الفريق الأفضل وكيف تأخرت مراسم تسليم الكأس وسادت الفوضى والارتجال على الهواء مباشرة لأن السيد كبير الياوران وممثل رئيس الجمهورية رفض تسليم الكأس إلا بعد تغطية إعلانات الشركة الراعية بعلم مصر، ولم يتدخل أحد ليقنعه بخطأ هذا التصرف وعدم قانونيته والتكلفة المترتبة عليه؟! وعلى الساحة الرياضية أيضاً شاهدنا لاعباً مصرياً يسير ضمن البعثة المصرية فى حفل افتتاح الدورة الأوليمبية وهو يلوح بعلم السعودية، لأنه «علم ربنا» كما صور له عقله البسيط وهو ما سمعته يقوله فى مداخلة تليفزيونية، وكان تبرير رئيس البعثة لتصرف اللاعب وعدم ممانعته لما حدث هو الأغرب والأنكى فى رأيى، فلا تملك إلا أن يصيبك الاكتئاب وأنت ترى بوضوح ما آلت إليه ثقافة المصريين فى العقود الأخيرة! كل هذه المشاهد التى ذكرتها- وهناك الكثير غيرها- تنم عن أن هناك خللاً شديداً فى كفاءة إدارة الدولة كما يقول عن حق أستاذ الإدارة الكبير ومعلم أجيال كثيرة أ.د. صبرى الشبراوى.. بدون الإدارة التى تتميز بالكفاءة ولا شىء غير الكفاءة، فسنظل نسأل أنفسنا كل يوم: على فين يا بلد؟!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل