المحتوى الرئيسى

جراح المهزومين فى سباق الأرقام | المصري اليوم

08/13 22:05

فى الأيام الأخيرة فشلت مهمة تدشين اثنين كنجمى شباك أحمد السعدنى فى «سطو مثلت» وشريف سلامة فى «الباب يفوت أمل»، لم تشهد الأرقام لصالحهما، نعم نحن بصدد أعمال فنية متواضعة، ولكن من قال إن النجم تتأكد جدارته بالمقدمة من خلال أعمال سينمائية متميزة، وللتذكرة فقط فى نهاية السبعينيات تم الدفع بعادل إمام كنجم جماهيرى استثنائى وانتزع المقدمة الرقمية بفيلم متواضع فنيا «رجب فوق صفيح ساخن»، وكانت المرة الأولى التى يسبق فيها اسمه عنوان الفيلم، فى دلالة واضحة على أنه بمفرده يتحمل المسؤولية الجماهيرية.

هناك فارق بين جمهور الفيلم وجمهور النجم، لا أتحدث هنا عن العمل الفنى الذى بالضرورة يعيش مع الناس، فهذه حكاية أخرى، ولكن هناك أفلاما تملك تحقيق الرواج اللحظى وهى التى تصنع فى الحقيقة خارطة النجوم، ولا تتطابق بالضرورة فى ملامحها مع تطور السينما، إلا أن هذا لا يعنى بالضرورة التناقض بين مؤشرات النجوم ومعالم السينما.

كان صلاح السعدنى شديد الاعتزاز بابنه أحمد الذى يرفض تماما أن يتدخل والده لتقديمه للوسط الفنى، بل كان أحمد يداعبه قائلا، بعد ما تكبر ح ابقى أقولهم «الراجل العجوز ده عايزكم تديلو دور معايا»، فى أكثر من مكالمة كانت تلك واحدة من القفشات التى يرويها لى صلاح بكل فخر عن أحمد، وهو بالفعل لم يستفد أبدا من علاقات الأب، إلا أنه تعوزه القدرة على القراءة الصحيحة للحياة الفنية، حيث إن الفنان لا يضع قانونه ولكن عليه التحايل على القانون الفنى وعدم الاستسلام المطلق له، فأنا مثلا لا أتصور أنه كان يشغله هاجس الأرقام فى شباك السينما، فهو يحقق تواجدا ملحوظا فى التليفزيون، إلا أنه ليس من بين أهدافه البطولة المطلقة، فيما يبدو أنها لم تعد تشغله، ليس معنى ذلك أنه يرفضها، ولكن هو ليس على استعداد أن يدفع الفاتورة ويتحمل بعض الخسائر المادية ويقول لا للعديد من الأدوار التى لا تضعه فى المكانة التى يرنو، فهو يرتضى أن يحل ثانيا على «تترات» المسلسل، لديك مثلا محمد إمام شارك مى عز الدين أكثر من مسلسل وكانت هى البطلة وصاحبة المشروع مثل «دلع البنات» ثم اعتذر عن مسلسلها الأخير «وعد» ليأتى بدلا منه أحمد السعدنى، محمد إمام كان يخطط للبطولة السينمائية ثم الخطوة التالية بطلا فى رمضان القادم، بينما سيقف أحمد السعدنى تاليا للبطل أو البطلة سينمائيا وتليفزيونيا، أتصوره فقد طموحه فى البطولة، وهكذا تبدو علاقته بالسينما مجرد أكل عيش، لا أستشعر أنه واخدها بجد حتى أنه يؤدى دورا كوميديا، بينما إمكانياته أساسا تخاصم الكوميديا، سينسى الناس مع الأيام «سطو مثلث»، ولكن يبدو أنه لن يكتفى بهذا القدر من تجرع مرارة الهزيمة.

شريف سلامة هو المهزوم الثانى، كان لديه أمل لتحقيق النجومية فى «الباب يفوت أمل»، شريف كان الرهان عليه فى السنوات الخمس الأخيرة كنجم شباك قادم، وحصل بالفعل على عدد من الفرص، وحقق فى التليفزيون نوعا من التراكم وآخره مسلسل «الخروج» ولكنه لم يقفز بعد للمقدمة منفردا، وأظن أن الأمل بعد تلك الإطلالة السينمائية الباهتة بات شحيحا، خاصة أنه يفتقد أيضا لمقومات التمثيل الكوميدى التى يتصورها نوعا من التشنج العضلى.

هل يغير شريف البوصلة ويتوجه إلى نوعيات أخرى يكون الرهان الأساسى هو العمل الفنى الذى يقوده المخرج، مثل فيلم «اشتباك»، برغم خصوصية التجربة وابتعادها عن المعادلة التى تعود عليها الجمهور، إلا أن الفيلم لا يزال صامدا مع الجمهور، لأنه ليس فيلم النجم ولكنه فيلم المخرج محمد دياب، شريف من الممكن أن يجد مساحته فى تلك الأفلام، وإذا لم تسع إليه فعليه أن يسعى إليها، ولكن عليه أولا الاعتراف بهزيمته الرقمية.

لا يزال «جحيم فى الهند» متربعا على المقدمة منذ عرضه فى العيد، البعض يقول إنه رقم محمد إمام، ورأيى الشخصى أن هذا الفيلم والسابق «كابتن مصر» برغم أنه يتصدر الأفيش فى الحالتين، فإنك لا تستطيع أن تقول إن هذا هو جمهور محمد إمام، ولكنه جمهور النكتة والقفشة، التى كان لنجوم الضحك الجدد الذين شاركوه البطولة النصيب الأكبر فى تحقيقها. لا شك أن «من 30 سنة» حقق رقما لم يرض طموح أحمد السقا خاصة أنه يقف معه عدد من نجوم الجذب بحجم منى زكى وشريف منير، إلا أنه فى العيد لم يحقق وبعد العيد لم يعوض الفارق، خاصة أن السقا فى «الجزيرة 2» كان لديه رقم، إلا أننا يجب أن نذكر دائما بأن شريف عرفة كمخرج يقدم شريطا سينمائيا جاذبا يساهم فى تحقيق الإيرادات.

الكل ينتظر عيد الأضحى باعتباره المباراة الفاصلة، لدينا نجمان من جرحى الأرقام، لديهما معركة قادمة فى العيد، محمد هنيدى ومحمد سعد، هنيدى كان هو الورقة الرابحة فى 97 مع «إسماعيلية رايح جاى» وأكدها فى «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» وظل فى المقدمة حتى 2001 لتفقد بعدها بطارية الإبداع بحكم التقادم والتكرار الكثير من قوة الشحن ويتضاءل الحضور، ليصعد سعد 2002 مع «اللمبى» ثم لا يلبس أن يفقد هو أيضا المقدمة بعد سلسلة من الإخفاقات المتتالية، عندما لم يستطع الهروب من قيود اللمبى، لتبدأ مرحلة أحمد حلمى ويحتل المقدمة بقوة منذ 2007 بـ«كده رضا»، حلمى الوحيد بين نجوم الكوميديا فى هذا الجيل الذى يملك أن يقفز فوق السور التقليدى، وهكذا قدم أفلاما مثل ألف مبروك وعسل أسود وإكس لارج، تحمل روح المغامرة ثم أخفق فى آخر إطلالة له فى «صُنع فى مصر» ولكنه يملك الإرادة لهزيمة الهزيمة الرقمية.

هنيدى يعود فى العيد بـ«الخطة العامية» ومحمد سعد «أنا عندى شعرة» والذى صار «حنكو فى المصيدة» على طريقة «شنبو فى المصيدة» رائعة فؤاد المهندس التى أخرجها حسام الدين مصطفى قبل أكثر من 40 عاما، سعد جرب حظه فى الدراما التليفزيونية مرتين وأخفق وانتقل للبرامج وتأكد إخفاقه لكنه لا يعترف أبدا بضعفه وهوانه على شباك التذاكر.

يفقد النجوم الكثير من السيطرة على مفردات العمل الفنى كلما هبط معدل الإيرادات، وهذا هو ما يعيشه المهزومان شريف والسعدنى والمجروحان هنيدى وسعد، حيث إن الفرصة للبطولة لن تأتى فقط إلا بعد اعتذار النجوم فيصبحون هم المحطة الأخيرة، لينتقلوا من «وش القفص» إلى «قعر القفة».

الرقم هو اعتراف لا يحتمل أى شك بأن هذا المصنف الفنى قد أقبل عليه الناس، لا يعنى هذا بالطبع أن الرقم هو العنصر الوحيد الحاسم، ولا هو أيضاً الأهم، لكنه واحد من المؤشرات التى من الممكن أن ترشدنا إلى تغيير فى ذوق الناس وأسلوب التلقى.

هناك بالفعل إبداعات فنية وفى كل المجالات لها حس جماهيرى وأخرى تفتقد نبض الناس، فيلم عظيم مثل «المومياء» لشادى عبدالسلام والذى يحتل دائماً المركز الأول فى أغلب استفتاءات أفضل الأفلام المصرية والعربية، ولا يهبط أبداً للمركز الثانى.. «المومياء» ليس فيلماً تجارياً، وجماهيريته تظل محدودة، إلا أنه يكتسب مع الزمن أرضاً جديدة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل