المحتوى الرئيسى

«عسل» الجنسية.. و«ذباب» الإرهاب!!

08/12 22:29

القضية هنا تختلف تماماً عن تلك التى يحاول البعض «تبسيطها» وإعادة تصديرها للرأى العام باعتبارها الحل العملى لتلك الأزمة الاقتصادية التى نمر بها.. فلن يضير مصر على الإطلاق، فى وجهة نظر هؤلاء البعض، منح الإقامة الدائمة مقابل وديعة دولارية أو بأى عملة أجنبية تمهيداً لمنح الجنسية المصرية لمن يطلبها، بل على العكس فسوف تنهمر على مصر أنهار «العسل والسمن»..!

فى محاولتهم إقناع الرأى العام بذلك يعدد البعض أمثلة لتلك البلاد الأوروبية والأمريكية التى تتبع مثل هذا الإجراء، بعد أن يُسقطوا من حساباتهم أن هذه الدول مستقرة تماماً أو على الأقل لا يهددها شىء، وليست مستهدفة من قوى أخرى تريد بها شراً مثلما تسعى قوى الشر لأن تحيل مصر إلى «دائرة التنشين السوداء» لرصاصات الغدر والخديعة..!

واقع الحال يؤكد أن ما تخطط الحكومة لتمريره، من تحت قبة البرلمان، إنما يمثل تهديداً واضحاً للأمن القومى ودعوة لهز استقرار البلاد.. فالجنسية انتماء وحضارة وثقافة ولغة وجيش وضرائب وتجنيد وأمن قومى، وليست مجرد بطاقة هوية أو قطعة قماش ثلاثية الألوان تحتضن أجنحة نسر صلاح الدين‏،‏ أو جواز سفر أخضر اللون تستقبل صفحاته أختام بلاد يكتب أبناؤها حروف أبجدية لغتهم من الشمال إلى اليمين أو العكس‏.. أو حتى ملامح سمرة تكتسبها بشرة المواطنين.. ‏والوطن أيضاً ليس مجرد خطوط تتقاطع على خرائط الجغرافيا‏، ‏ ويردد صغاره تعبير «حار جاف صيفاً‏..‏ دافئ ممطر شتاء‏»..!!‏

كما أن الانتماء ليس مجرد كلمات اختار مؤلفها أن يرتب حروفها بعناية لتغنى: «مصر هى أمى‏، ‏ نيلها هو دمى»، وليس شعاراً أجوف «بالروح‏.. بالدم» يردده البعض فى مناسبات تجاوزت أحداثها معناه‏، ‏ ليشق حناجر مواطنين استسلموا لترديده بآلية رتيبة!!‏ فـ«الوطن» قيمة نحملها داخلنا أينما كنا‏، مهما باعدت بيننا مسافات‏.. و«الانتماء» شعور جارف يدفعنا دوماً أن نعمل لنخدم مساحة الجغرافيا تلك‏، ‏ التى تسرى فى عروقنا‏ أو التى تعيش فينا ولا نعيش فيها!!

وإذا كانت الحكومة، وهى تقدم هذا القانون المقترح لمجلس النواب، تؤكد أن الهدف الحقيقى من ورائه هو جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية فإن هذه الاستثمارات لا تحتاج إلى «جنسية» تغلفها بل تحتاج إلى «فتح» بيئة ومناخ آمن ومستقر وقوانين واضحة وجادة، وتطبيق صارم للقوانين، وتسهيلات وخدمات وشفافية ودقة المعلومات المتاحة والمعلنة عبر جميع وسائل الاتصال.. و«إغلاق» كافة منافذ الالتفاف والفساد والرشوة و«السيكو سيكو» التى يلجأ إليها كل من تعييه الحيل ليحصل على حقه الطبيعى.

جذب الاستثمارات يحتاج إلى سياسة اقتصادية واضحة ثابتة وليست كـ«بندول الساعة» أو «مسّاحة زجاج السيارة».. سعر ثابت وواضح وواحد لصرف العملة وليس كـ«زئبق ترمومتر فهرنهيتى» تقفز أرقامه كل دقيقة.. تجسيد حى لتلك الأسطورة التى توارثناها منذ الثمانينيات «شباك واحد للاستثمار» كما توارثنا «مشروع منخفض القطارة» لمن عاش فترة شبابه فى ستينات القرن الماضى.. ترجمة حية وواقعية لكل المشروعات والتمويلات الضخمة التى جرى إعلانها فى «مؤتمر شرم الشيخ» التى لم يتضح حتى الآن حجم ما أتيح له أن يتحقق منها ولم تعرقله المشكلات الإدارية والفساد والأداء المترهل الموروث من عشرات السنين إذا كان هناك شىء قد تحقق منه بالفعل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل