المحتوى الرئيسى

حبيب: مرسى ارتكب حماقة تاريخية داخل إيران

08/12 14:37

اعتبر الدكتور محمد حبيب نائب المرشد العام لجماعة الأخوان المسلمين سابقا، أن حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، شابه العديد من الأخطاء والحماقات السياسية، التي أضرت بالسياسيات الداخلية والخارجية لمصر وساعدت في زيادة الفجوة بين مصر ودول الجوار.

وأضاف حبيب في مقال له على صحيفة "الوطن" بعنوان "الدكتور «مرسى».. غياب الرؤية السياسية" أن أبرز هذا الأخطاء خطاب مرسي عندما ذهب إلي إيران، وذلك  بصلاته  على النبي والترضية على أبى بكر وعمر وعثمان وعلى بالإضافة إلي الإعلان الدستوري الذي أصدره في ٢١ نوفمبر ٢٠١٢.

(١) لا يخفى علينا كيف ظلت حكوماتنا وأنظمتنا العربية عاجزة لعقود عن إحداث التكامل فيما بينها؛ سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً، الأمر الذى أدى إلى ضعفها وجعلها فريسة سهلة للقوى الكبرى التى وجدت فرصتها للسيطرة والهيمنة على منطقتنا العربية، واستغلالها فى تحقيق مصالحها، وذلك من خلال إشعال الحرائق وإيقاد الفتن وإيقاظ الصراعات.. وقبل قيام ما سمى بثورات الربيع العربى، كان بعض المفكرين والكتاب يعتقدون أن المشكلات العالقة فى منطقتنا العربية (الحدودية، والطائفية، والعرقية، والمذهبية) يمكن حلها من خلال مثلثين؛ الأول يشمل مصر والسعودية وإيران، والثانى يضم مصر وسوريا وتركيا.. وعندما سافر الدكتور «مرسى» فى الأيام الأولى من توليه منصبه إلى الرياض لبحث المشكلة السورية، اقترح فكرة إنشاء لجنة رباعية مكونة من ممثلين لمصر، والسعودية، وإيران، وتركيا، على اعتبار أن الحل السياسى للمشكلة هو السبيل الوحيد، أولاً: لتجنب المزيد من الدماء والحد من هجرة اللاجئين ومآسيهم، وثانياً: لعدم تعقد المشكلة وغلق الباب أمام تدخل أطراف أخرى كثيرة.. سعدت كثيراً لهذا الاقتراح.. لكن هذه السعادة لم تدم طويلاً، فقد ارتكب الدكتور «مرسى» حماقة، لا أدرى هل كانت من صنعه أم من صنع آخرين.. فعندما ذهب الرجل إلى إيران، لتسليم رئاسة قمة عدم الانحياز، استهل كلمته للأعضاء المجتمعين بالصلاة والسلام على رسول الله، ثم ثنَّى بالترضية على أبى بكر وعمر وعثمان وعلى.. كان واضحاً أنه يريد إبراز صوت أهل السنة والجماعة فى مواجهة الشيعة الاثنى عشرية، وفى دارها، وهو موقف يدل على مراهقة أو طفولة سياسية.. كان يتعين عليه ألا يثير أية معارك أو حساسيات مذهبية، فالموضوع سياسى بحت، وكان يجب أن يظل سياسياً.. لكن، من يثير مسألة سنى/ شيعى فى هذا الجو المشحون، هو ينسف -دون أن يدرى- أن يكون لإيران أى إسهام فى حل سياسى للأزمة السورية من ناحية، ويعزز من المخطط الأمريكى الصهيونى فى إشعال الفتن المذهبية من ناحية أخرى(!) لقد كان نظام بشار الأسد قمعياً إلى أقصى درجة فى تعامله مع الثورة السورية، وعندما أعلنت الإدارة الأمريكية تسليحها للمعارضة، غير الدكتور مرسى -ومن وراءه- وجهتهم من حل سياسى إلى حل عسكرى.. لذا، رأينا الرجل يقيم مؤتمراً لنصرة سوريا فى الصالة المغطاة بالاستاد، دعا إليه كل فصائل التيار من إخوان، وسلفيين، وجهاديين.. وفى هذا المؤتمر أعلن قطع العلاقات مع سوريا وسحب السفير المصرى منها، دون التشاور مع أى من أجهزة الدولة.. وسافر الكثيرون من الشباب إلى سوريا للقيام بواجب «الجهاد».. وبدلاً من أن تكتسب الثورة السورية «السلمية» تعاطف العالم، أصبح الحديث عن ضرورة الحفاظ على الدولة السورية ووحدة أراضيها ضد من حملوا السلاح؛ من جيش حر، إلى داعش، إلى جبهة نصرة.. إلخ، بغض النظر عما يحدث للمدنيين.. ومرت الأيام، وازدادت الأزمة السورية تفاقماً بشكل لا مثيل له، ودخلت إيران وروسيا على الخط بشكل أكثر عنفاً وضراوة، وأصبح التفاهم بين روسيا والولايات المتحدة واضحاً على تقسيم مناطق النفوذ، لا فى سوريا وحدها، وإنما على مستوى المنطقة كلها إيذاناً بـ«سايكس - بيكو» جديدة..

(٢) لا شك أن الإعلان الدستورى الكارثى والمشئوم الذى أصدره الدكتور مرسى فى ٢١ نوفمبر ٢٠١٢، كان فيه نهايته، بل نهاية حكم الإخوان ودخول الجماعة ذاتها إلى نفق مظلم.. والمتأمل فى هذا الإعلان يصل إلى قناعة كاملة بأنه لا يمكن صدوره من عاقل يحكم شعباً قام لتوه بثورة على الدكتاتورية والاستبداد.. لقد سئل المستشار محمود مكى، نائب رئيس الجمهورية آنذاك، عن صدور هذا الإعلان، فنفى معرفته بذلك.. رجل على هذا المستوى القانونى والقضائى، ثم هو النائب الوحيد لرئيس الجمهورية، لكنه لا يعلم شيئاً عن الإعلان الدستورى(!) أليس هذا السلوك مضحكاً ومخجلاً؟! للأسف، كان هذا هو الأسلوب السرى الذى كانت تدار به الجماعة، وقد تصور الدكتور مرسى -ومن وراءه- أن الدولة يمكن أن تدار به.. وهذا يدل على أن هؤلاء لم يكونوا رجال دولة، ولا يفهمون أن هناك فارقاً كبيراً بين أن تحكم دولة وأن تحكم جماعة.. كما يدل أيضاً على أن الدكتور مرسى لم يكن لديه احترام لذاته ولا للمكان أو المنصب الذى يشغله، وما يتطلبه هذا المنصب من وعى بمهامه وأبعاده، بحيث تركه لمن يتحكم فيه أو يديره من بعد أو من وراء ستار.. كيف سمح الرجل لنفسه -وهو رئيس مصر- أن يكون أداة فى يد هؤلاء، خاصة أنهم لا يمتلكون خبرة ولا تجربة، فضلاً عن أنهم لا يمثلون شيئاً معتمداً داخل أى من مؤسسات الدولة؟! لقد كانت مهزلة وفضيحة بكل المقاييس.. وكان الإعلان الدستورى هو الشرارة، أو البداية، أو السبب المباشر لثورة ٣٠ يونيو..

(٣) لقد أضاع الدكتور مرسى، أو بمعنى أدق الإخوان القابعون فى مقر المقطم (خيرت الشاطر ومحمود عزت، تحديداً) فرصاً كثيرة لمعالجة كثير من الأخطاء والخطايا التى ارتكبها الإخوان.. وهذا عائد للتركيبة الذهنية والنفسية، فضلاً عن الوعى والإدراك بواقع ومآلات الأمور لكل من الرجلين.. لم يكن هذان يتجاوبان مع أى محاولة لاستدراك المواقف -على الأقل- للمراجعة وإعادة الحسابات.. للأسف، أصابهما وأصاب الجماعة الزهو والغرور والغطرسة، وأسكرهم الوصول إلى السلطة، بل غيَّبهم عن الوعى وعن رؤية ما يجرى على أرض الواقع.. لعلنا نتذكر تلك المحاولة التى قام بها «السيسى» وزير الدفاع، وأحمد جمال الدين وزير الداخلية لرأب الصدع من خلال لقاء تفاهم بين الدكتور مرسى من ناحية، وزعماء المعارضة من ناحية أخرى، وكيف أن الأول كان موافقاً، لكن جاءته تعليمات (من المقطم) قبل اللقاء بساعة بالرفض وعدم الذهاب، وهو ما وضع الرجلين فى حرج بالغ(!).. لقد كان طلب المعارضة يتلخص فى ثلاثة أمور؛ إقالة النائب العام (الخصوصى)، تغيير هشام قنديل، رئيس الوزراء، والاتفاق على عدد من مواد دستور ٢٠١٢ المختلف عليها، لكن قد أسمعت إذ ناديت حياً.. ولكن لا حياة لمن تنادى. ولعلنا نتذكر أيضاً، عندما اندلعت التظاهرات، وبدأت مظاهر العنف، وساءت الأمور، وكيف أن الشعب أيامها طالب الجيش بالتدخل حماية للبلاد من الانزلاق إلى هاوية حرب أهلية.. كانت «حملة تمرد» قد أخذت سبيلها إلى الشارع، وأن ثمة ملايين من المصريين رافضون لحكم الإخوان.. تكلم السيسى، وزير الدفاع، بأن مهلة أسبوعين كافية لتدارك الأمور، ثم ٤٨ ساعة، لكن كانت هناك استهانة بما يجرى على أرض الواقع.

لقد أضاع الدكتور مرسى أو بمعنى أدق الإخوان القابعون فى مقر المقطم (خيرت الشاطر ومحمود عزت تحديداً) فرصاً كثيرة لمعالجة كثير من الأخطاء والخطايا التى ارتكبها الإخوان.. وهذا عائد للتركيبة الذهنية والنفسية، فضلاً عن الوعى والإدراك بواقع ومآلات الأمور لكل من الرجلين.. لم يكن هذان يتجاوبان مع أى محاولة لاستدراك المواقف -على الأقل- للمراجعة وإعادة الحسابات

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل