المحتوى الرئيسى

صرخات مولود

08/12 13:50

باغتتنى آلام الطلق، فهُرعت إلى زوجى: «يبدو أن الليلة موعدنا، هيا إلى مستشفى البدرشين».. ارتدى ملابسه على عجل، واستقللنا تاكسى، يدى فى يده، أشد عليها، تجتاحنى موجات الوجع، وأحس فى الوقت ذاته شعوراً عارماً بالسعادة، سأصبح أماً وسيأتى طفلى الأول إلى الدنيا، لنصبح بحق أسرة».

بهذه الكلمات بدأت الزوجة المكلومة كلامها لتروى تفاصيل الليلة الموعودة التى انتهت بقتل زوجها على يد بلطجية، أغمدوا سكاكينهم فى لحمه دون أن تأخذهم به شفقة أو رحمة، أو يعملوا حسابًا، لأنهم يحكمون على طفل لم ير الحياة بعد باليتم.

وقالت الزوجة: «عند ركوبنا التاكسى كان هناك راكب بجوار السائق يدخن، فطلب منه زوجى الحبيب أن يطفئ سيجارته، نظرًا لأنى لا أطيق رائحة التبغ، خاصه أننى حامل، فطلب منه بكل هدوء وأدب أن يلقى سيجارته خارج التاكسى وبدلاً من التماس الأعذار والشعور بالآخرين رد عليه بصفاقة قائلاً: «مزاجى مش هتدخل فيه، وخليك فى حالك عشان ليلتك تعدى».

تعجبت أنا وزوجى من إهانته له إزاء هذه الإهانة، رد زوجى: «ارحم يرحمك الله.. لا حول ولا قوة إلا بالله»، فقد كان زوجى دمث الأخلاق، وهذا طبيعى لأنه كان مدرسًا وليس بلطجيًا أو قاطع طريق.

ومضت الزوجة قائلة وهى تنتحب من شدة البكاء والحسرة على ما فقدته: فوجئنا بأن الراكب استشاط غضباً بشكل مبالغ فيه، وصرخ فى وجه زوجى: «أنا هعلمك الأدب»، ثم طلب بحدة من السائق الوقوف، بعدما أجرى اتصالاً، فقال السائق له: «وحّد الله الست بتولد.. مش أصول»، فأخرج مطواة من طيات ملابسه، وهدده وسط دهشتنا وفزعنا مما اضطره إلى الاستجابة لطلبه».. وبعد دقيقتين جاء شخصان ترتسم على ملامحهما علامات قسوة متوحشة، فأخرج الثلاثة زوجى من السيارة، بكل قوة وأنا أصرخ متشبثة ومتوسلة أن يرحموه: «وظللت أرجوهم أن يرحموه ويتركونا لحالنا قائلة خلاص حقكم علينا.. يا سيدى دخّن براحتك.. إحنا هننزل من العربية، وشاركنى السائق الكلام مردداً سيبوا الراجل ده مستنى فرحة عمره النهارده».. لكنّ أحدًا لم يستجب لى».. كأنهم قرروا أن يقيموا حفلة تعذيب على زوجى، بالرغم من أننا لا نمت لبعض بأى صلة فقاموا بتمزيق ملابسه، واستولوا على كل نقوده وهاتفه المحمول، ثم طعنوه فسقط مضرجًا فى دمائه، ليلفظ أنفاسه على الرصيف.

وأضافت: «أى وحشية تلك التى تسوغ لهم اقتراف هذه الجريمة؟.. كان بوسعهم الاستيلاء على النقود وتركه، لكنهم فيما يبدو كانوا تحت تأثير عقاقير مخدرة، كانوا يتصرفون كشياطين مجنونة، كأن ثأرًا بينهم وبين زوجى الذى فقد حياته وهو على عتبة الثلاثين، وحُرم ابنه من حضن الأب بلا ذنب».

وقالت: «أمام هذه الجريمة، كان سائق التاكسى قد ترك سيارته وفر هاربًا، لا ألومه، كانوا سيقتلونه أيضًا لو حاول التصدى لهم، والوقت كان متأخرًا».

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل