المحتوى الرئيسى

الإسلام كما أدين به
 27ــ المسلم مع سائر البشر

08/11 21:34

الإسلام هو الدين الواحد الذى اتخذه «الإله الواحد»، وجعله معتقدا ونظاما لأسرة إنسانية واحدة هى «ذرية آدم»، وقد أتاح سبحانه وتعالى لهذه الأسرة الممتدة «كونا واحدا» يسكنوه وأمرهم جميعا بالحفاظ على هذا الكون بدوام إعماره والمواظبة على إصلاحه، وإحلال السلام العام فى جميع البقاع ولجميع الناس. هكذا يصرح القرآن ((..ادْخُلُوا فِي السِلْمِ كَافَة..))، وهذا تعبير إلهى نحس منه أن السلام هو الغاية العامة التى نسعى لتحقيقها بل لبنائها حتى ندخلها ثم نسكنها ونتمتع بها. وكل إنسان يحصل على السلم ويتمتع به ثم يفرط فيه ويبدده لأسباب تافهة فهو إنسان غير عاقل لا يدرك كيف يعيش، ولا كيف يتدين.

فالسلام العالمى ليس مهمة إنسانية فحسب بل هو فريضة إسلامية تحتاج وقفة نتفقه فيها أبعاد هذه الفريضة، فنقول أولا: من هو الشخص القادر على صنع السلام ثم ننشره على الجميع ثم المحافظة عليه ألا يضيع ولا يتبدد بسبب عجز عقلى، أو بسبب مرض نفسى، أو بسبب جهل دينى. فالعقل العاجز لا يستطيع إدراك قيمة السلام وضرورته لنفسه خاصة وللناس عامة، إذ لا حياة ولا متاع ولا استقرار ولا زراعة ولا صناعة بغير سلام دائم. والمرض النفسى عديد الألوان فالبعض يتصور إمكانية تصنيع أسلحة الدمار والتربح منها ولا يدرى أنه لا ضمان للنجاة منها حتلى ذلك الصانع فهو يستطيع أن يصنع الدمار ولا يستطيع أن يجعل له حدا ولا يستطيع أن يتوقاه.

وكذلك الجهل الدينى قد يلح على صاحبه أن يأخذ لنفسه دور الإله (حاشا لله) فتراه يقدم على الدمار !!! وعلى القتل !!! متصورا أنه يجاهد فى سبيل الله !! وما علم أن الجهاد فى سبيل الله وسيلة طاهرة لغاية أطهر وهى السلام والأمن، فهل يمكن أن نحقق السلام من خلال العنف أو التدمير أو القتل؟!! وحتى لا أطيل فقد تعلمت من القرآن درسا لا أنساه: حينما قرر الأخ أن يخلى الدنيا لنفسه وأن يتخلص من أخيه الذى يشاركه الحياة فقرر قتله وأعلن ذلك، فما كان من أخيه إلا إعلاما صريحا ((لَئِن بَسَطتَ إِلَيَ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ* إِنِى أَخَافُ اللَهَ رَبَ الْعَالَمِينَ)). كما يصوغ الشرع قاعدة ذهبية دائمة ((مَنْ قَتَلَ نَفْسا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَمَا قَتَلَ النَاسَ جَمِيعا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَمَا أَحْيَا النَاسَ جَمِيعا)).

لعل أحد الذين يجعلون القرآن عضين أى يقتطعون منه آيات فينتزعونها من سياقها ويوظفونها حسب إدراكهم لا يفهمون أمر الشرع بإعداد القوة جيدا، فقد قال القرآن ((وَأَعِدُوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَ اللَهِ وَعَدُوَكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَهُ يَعْلَمُهُمْ* وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَهِ يُوَفَ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ)). نعم هذه آية صريحة واضحة من آيات القرآن، بل أزيد على ذلك قائلا أنها ككل آيات القرآن باقية فاعلة متفاعلة، إذ ليس فى القرآن النسخ كما فهم البعض. والآية واضحة توضح ثلاثة أركان: 1ــ إعداد جميع القوى العامة دون قوة السلاح وهى قوة وأدوات العلم / المال /الحضارة /الدبلوماسية /الإعلام..الخ) بكل استطاعتنا. 2ــ إعداد «القوة المسلحة» الكافية لصرف الآخرين عن التفكير فى التسليح. 3ــ الالتزام بأن القوة المسلحة ليست للإكراه على الإسلام، وليست للصراع والإبادة، بل غرضها الواضح ((..تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَ اللَهِ وَعَدُوَكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَهُ يَعْلَمُهُمْ)) أى إلجاء العدو إلى التفكير وعدم التهور، حيث إن قوة المسلمين قوة غير باغية وغير معتدية وغير متعرضة لحريات الناس. ثم هى مجهزة معلومة مشهرة مع شهرة عدل الإسلام التى تؤمن الناس، وتجعلهم يتفكرون ويعمرون ويصلحون فيتقربوا من ربهم بإرادتهم أو يختاروا لأنفسهم ما يريدون.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل