المحتوى الرئيسى

الطاغية: خالد أبو النجا وبسمة وكابوس التطبيع

08/11 14:46

في أحد البرامج المسائية، السبت الماضي، تحدّثت مذيعة "نجوم إف إم" رنا خطّاب عن مشاركة الممثليْن المصريين خالد أبو النجا وبسمة في مسلسل من إنتاج إسرائيلي وتأليف كاتب إسرائيلي، من دون ذكر مزيد من التفاصيل. وربطت خطّاب مباشرةً بين الخبر ومواقف النجميْن المصريين السياسية الحالية المعارِضة للنظام المصري الحاكم. استقبلت الحلقة مداخلة هاتفية للناقد شريف عوض الذي أوضح أنّ مسلسل "الطاغية / Tyrant" الذي يشارك فيه النجمان المصريان من إنتاج أمريكي لمصلحة قناة أمريكية في الأساس، ولكن تشارك في انتاجه شركة إسرائيلية، ويعرض على القناة الاسرائيلية الثانية. ولفت عوض إلى أنّ أبو النجا وبسمة لم ينتبها لتفاصيل الإنتاج أو لجنسية مؤلفي المسلسل، برغم أن التفاصيل المماثلة ترد بشكل وافٍ في عقود الاتفاق مع الممثلين، تحديداً لناحية جهات الإنتاج.

شارك غرديشارك خالد أبو النجا وبسمة في الموسم الثالث من مسلس "الطاغية" الذي تشارك في انتاجه شركة اسرائيلية... تطبيع أم لا؟

شارك غردأكّد النجمان المصريان لنقيب الممثلين أشرف زكي أنّ عقودهما لا تتضمّن أي إشارة إلى مشاركة جهات اسرائيلية

يشارك الممثلان المصريان في الموسم الثالث من مسلسل "الطاغية" الذي تدور أحداثه عن باري الفايد، الطبيب الأمريكي ذي الأصول العربية. يتحدّر الفايد من دولة متخيّلة اسمها "أبو الدين"، وهو متزوج طبيبة أمريكية، وله منها طفلان. ينتمي البطل إلى سلالة "آل فايد" الحاكمة بالحديد والنار في "أبو الدين"، حيث أرست نظام حكم ديكتاتوري قمعي. لم يتحمل باري البقاء في بلده، أو تسوية خلافاته مع حكم عائلته، فغادر إلى الولايات المتحدة من دون رجعة. إلا أن حكم آل فايد بدأ يتآكل في السنوات الأخيرة، وتهدّد رسوخه القديم باضطرابات واحتجاجات واسعة. هكذا يعود باي مضطراً إلى "أبو الدين"، تحت الحاح والدته، لكن الأحداث تتعقد، وتصبح عودته إلى عزلته الاختيارية في الولايات المتحدة الأمريكية أصعب فأصعب.

في الموسم الثالث، يلعب أبو النجا دور رجل الدين الشيخ حسين القاضي ذي التوجه الوسطي والمعارض لحكم آل فايد، وإن كان يدعم حلماً سلمياً لانتقال السلطة، حقناً للدماء في الاشتباكات الدائرة بين إسلاميين متطرفين ونظام آل فايد. وبعد انفلات الأمور من يد آل الفايد لمصلحة المحتجين، يترشّح القاضي لرئاسة "أبو الدين". من جهتها، تؤدّي بسمة دور زوجة رجل أعمال كبير وشقيقة وزير خارجية "أبو الدين"، التي تخدم طبقتها الاجتماعية والسياسية عبر علاقاتها ونفوذها.

لم توجّه تهمة التطبيع للنجمين عشوائياً، إذ أنّ صفحة المسلسل على IMDB تشير بوضوح إلى اشتراك "شركة كيشيت" Keshet Broadcasting في إنتاج المسلسل في المرتبة الثانية بعد منتجه الأول "فوكس 21". و"كيشيت" (قوس قزح بالعبرية)، واحدة من أهم شركات الإنتاج الإسرائيلية، وتدير بثّ القناة الثانية في التلفزيون العبري، وتنتج لها مباشرةً.

أما عن مؤلف العمل الإسرائيلي، فالمقصود هو جدعون ريف، واحد من ثلاثة كتاب ومبتكرين أساسيين للمسلسل، مع هوارد غوردون وكريغ رايت. وكان خالد أبو النجا قد سبق وأكّد على حسابه على تويتر أن مؤلف المسلسل أمريكي الجنسية، بعد عرض برنامج "عرب وود" تقريراً عن جنسية مؤلف المسلسل الإسرائيلي.

مفيش فايدة في اعلامنا :

عرب وود | خالد يتعاون مع مؤلف إسرائيلي https://t.co/ONpmB3U4Rf

— Khaled Abol Naga (@kalnaga) July 20, 2016

وفي حواره مع موقع "سكوب إمباير"، قال الممثل المصري إنّه التقى أحد صناع المسلسل الثلاثة هوارد غوردون في مكتبة الأسكندرية العام 2010، خلال لقاء حول التبادل الثقافي بين الحضارات. ثم تلقى منه، بعد سنوات، دعوة للمشاركة في المسلسل أثناء التحضير لموسم "الطاغية" الأول (2014)، إلا أن ظهوره تأخر حتى الموسم الثالث.

ويقول أبو النجا إنّ دوره في المسلسل سيكون مفاجئاً للجمهور الأمريكي الذي اعتاد أن يرى رجل الدين العربي ضمن نمط معيّن، بينما تظهر شخصية حسين القاضي كرجل دين معتدل، ومتسامح، ومعبّر عن الإسلام الحقيقي، بحسب تعبيره.

لم تتخد اتهامات التطبيع للمثلين منحىً حادّاً، إلا بعد نشر صفحة "إسرائيل في مصر" على فيسبوك تحديثاً عن مشاركة بسمة بعد غياب في مسلسل إسرائيلي، نقلاً عن موقع "المغرّد" وهو موقع إسرائيلي موجه للقراء بالعربية.

المنشور تسبّب بجدل على مواقع التواصل أمس، وتلاه إعلان نقيب المهن التمثيلية المصرية أشرف زكي توجيه استدعاء رسمي من مجلس النقابة للنجمين، للتحقيق معهما بتهمة التطبيع. لكن مساء أمس، وفي مداخلة تلفونية مع الإعلامي يوسف الحسيني في برنامجه "السادة المحترمون" على "أون تي في"، أكّد زكي أنه أجرى مكالمات هاتفية مع النجمين، نفياً فيها أي علم بجنسية المؤلف الإسرائيلي، أو اشتراك أي جهة إسرائيلية في الانتاج. كما أكّدا أنّهما سيرسلان له عقودهما للتأكد من براءتهما من أي شبهة للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي.

تهمة التطبيع كابوس لأي فنان عربي، وتعدّ بمثابة اغتيال لمسيرته في حال ثبوتها أو وجود ما يؤكدها أمام الجمهور. وتختلف تعريفات التطبيع الثقافي، بين من يرى أنّه المشاركة أو في أي عمل أو حدث فني يشارك فيه الكيان الإسرائيلي أو المنتمين إليه، وتحظى أخبار انسحاب الفنانين من أي فعاليات تشارك فيها دولة الاحتلال بالترحيب والثناء. وفي تعريفات أخرى، فإنّ التطبيع يتعلّق فقط بأيّ نشاط يتضمّن تعاملاً أو تعاوناً مباشراَ مع الكيان الإسرائيلي الرسمي، كتطبيع مع وجوده واعتراف بسلطته. لا يندرج تحت ذلك الوجود في عمل واحد مع أفراد يحملون الجنسية الإسرائيلية، ما دام التعاون معهم غير مباشر.

حاول يوسف الحسيني، بعد المداخلة الأخيرة لنقيب المهن التمثيلية، أن يضع إطاراً واضحاً لتهمة "التطبيع" من وجهة نظره، وهو يعتبر نفسه واحداً من قلائل في مقدمة الرافضين للتطبيع في الإعلام التلفزيوني المصري. ورأى الحسيني أنّ مشاركة أبو النجا أو بسمة في مسلسل إنتاجه الأول والأساسي أمريكيّ، يعفيهما من شبهة التطبيع في حال وجود مؤلف أو أي أي فرد من فريق العمل يحمل الجنسية الإسرائيلية. وذلك برأي الحسيني لا يعد اعترافاً بحق الكيان الإسرائيلي في الوجود، ولا دعماً لاحتلال الأراضي الفلسطينية.

سبق خالد وبسمة إلى هذه التهمة عدد من الفنانين العرب مثل الكاتب الراحل علي سالم، صاحب الكتابات المؤيدة للتطبيع مع اسرائيل عقب زيارة السادات الشهيرة إلى الكنيست. من أشهر أعمال سالم مسرحية "مدرسة المشاغبين"، علماً أنّه لم ينفِ التهمة أو ينكرها، وظل يكتب حتى أخر حياته مقالاً إسبوعياً في جريدة "المصري اليوم"، إحدى أكثر الصحف المصرية انتشاراً.

كذلك طالت التهمة الفنان التشكيلي بهجوري، بعد مشاركته في مشروع "كاريكاتور من أجل السلام"، وتضمّن زيارة إلى تل أبيب. ثارت بعدها ضده عاصفة كبيرة من الرفض والاتهام، بالرغم من محاولته الدفاع عن نفسه بأنه لم يغادر حافلة التنقلات إلى أي من المناطق الواقعة تحت الاحتلال تضامناً مع الشعب الفلسطيني.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل