المحتوى الرئيسى

سراى الحقانية.. مبنى أثرى أصبح مستنقعاً للمخلفات والفوضى

08/11 11:25

فى موقع مميز يطل على الميدان الأشهر بالإسكندرية «المنشية» يقع مبنى سراى الحقانية (محكمة الإسكندرية للاستئناف) الأثرى الذى يقترب عمره من الـ150 عاما .

ولم تتعامل الدولة وأجهزتها التنفيذية والمحلية مع الجدران العتيقة الممتدة لسراى الحقانية، التى لاتزال تقف شامخة بزخارفها الإيطالية الرائعة، وتفاصيلها المعمارية الدقيقة وأعمدتها الشاهقة، إذ أصبحت تلك الجدران الخارجية المصصمة على الطرازات الأوروبية مستنقعا للنفايات والمهملات، وتحولت ساحتها الخلفية إلى سواق للخضر فى مشهد أقل ما يوصف أنه غياب تام للدولة وأجهزتها ويلخص صورة الفوضى التى تعيشها البلاد .

 فسراى الحقانية التى يصفها البعض بأنها تاريخ كبير لا ينتبه إليه المصريون، وتعد من أولى وأكبر المحاكم المختلطة فى مصر بعد إلغاء المحاكم القنصلية، وبداية عمل المحاكم المختلطة، تحاط الآن من الباعة الجائلين من جميع جوانبها تقريبا فى صورة بشعة تعجز الكلمات عن وصفها، وتعبر عن المدى الذى وصلت إليه الدولة فى إهانة التاريخ .

وشّهدت أعداد الباعة زيادة خاصة بعد إخلاء المحكمة مؤخرا ونقلها لمقر آخر من أجل عمليات ترميم هذا المبنى الأثرى الذى سننتقل تبعيته لوزارة الأثار بعد عملية الترميم .

وخلال جولة لـ«المال» حول مقر «سراى الحقانية» تم رصد تعدى بعض الباعة على جدران المبنى الأثرى غير مبالين بما قد يلحق به .

 ولا عجب أن يُقدم هؤلاء الباعة من ذوى التعليم والثقافة المختلفة، على محاولة استغلال جدران المبنى، خاصة وأنه قد يكون بينهم من لا يعلم قيمته، ولكن العجيب هو تعامل الجهات الرسمية والمحليات، وأجهزة الدولة مع المبنى والتى سمحت بوضع صناديق القمامة بجواره ليصبح مكان لتجميع مخلفات المنطقة، والقمامة التى تخرج منها بمختلف أنواعها وسمحت من قبلها لهؤلاء الباعة بالتواجد وعدم الملاحقة الدورية لهم .

 ويتكون مبنى الحقانية من أربعة طوابق، وكان قبل أن يتم إخلائه للترميم يضم قاعات محاكم الاستئناف العالى فى الطابقين الثانى والثالث، أما الطابق الأول ففيه نيابة الأحوال الشخصية والولاية على النفس والمال والمجلس الحسبى، وكذلك مقر لنقابة المحامين فى الإسكندرية، وفى الطابق الأرضى قاعات لجلسات الاستئناف العالى تجارى وعمال ومدنى، إضافة إلى مكان لحفظ قضايا الاستئناف .

 وكان فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، قد أصدر قرارًا حمل رقم 196 فى 2001 بتحويل محكمة استئناف الإسكندرية إلى مزار سياحى، وإنشاء متحف محكمة الحقانية، بما تضم من مقتنيات فنية تتجاوز قيمتها مئات الملايين من الدولارات .

وشهدت قاعات المحكمة عددًا من القضايا الشهيرة، منها «ريا وسكينة» وقضية سفاح الإسكندرية، إلى أن ألغيت المحاكم المختلطة عام 1937 لتتحول إلى محكمة استئناف الإسكندرية .

 وتزايدات منذ سنوات مطالبات عدد كبير من القضاة، بتحويل المبنى التاريخى للمحكمة إلى متحف قضائى، خاصة أنه سجل كأثر منذ2001 وقامت هيئة الآثار بالفعل بانتداب فريق لتنفيذ عمليات الحصر، وتسجيل المقتنيات قبل أن يبدأ بعمليات ترميم الوثائق والكتب واللوحة الزيتية .

 ويخشى بعض المهتمين بالتاريخ والتراث العقارى على سلامة المبنى العريق الذى لا يزال منذ سنوات ينتظر أن تمتد إليه يد الترميم، قبل أن ينهار فى ظل ما يواجهه من مخاطر جمة خلال السنوات الأخيرة، وسط بعض التقارير التى تشير إلى زحف المياه الجوفية عليه .

ويشير البعض إلى أن سراى المحكمة كانت تضم مكتبة فى أرشيفها 10 ملايين قضية، إضافة إلى 25 ألف كتاب تمثـــل مجموعــــات قانونية نادرة، منها مجموعات لوزان، فضلا عن أكثر من 1200 مخطوطة نادرة تحكى تاريخ القضاء المصرى، و1200 فرمان تعود إلى عصـــر محمد على صـــادرة من الآستانة، ومئة ختـم من المحكمة المختلطة، كما أن المحكمة كانت تضم العديد من المقتنيات النادرة، مما دفع وزارة الآثار إلى تحـــويل المبنى إلى متحـــف الحقانية، وأهم هذه المقتنـــيات تمثال نصفى للخديوى عباس حلمى الثاني .

كما تحتوى على أطلـــس ضخم يضم خرائط كاملة للوجهين القبلى والبحرى، وعدد من التـــوقيعات الخاصة بولاة مصرعلــى الفرمانات، ومجلدات على غلافها رسم للتاج الملكى، والميزان رمز العدالة وخاتم الملك فؤاد، وكراس ذى طابع تاريخى ولوحات لا تقدر بثمن، إضافة إلى أختام معدنية وخشبية .

وعلى رغم هذا التاريخ الحافل، يواجه المبنى العتيق أخطارًا، ولايزال ينتظر أعمال الترميم ليتحوّل قريبًا إلى متحف قضائي .

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل