المحتوى الرئيسى

هل يستفيد المواطن العربي من المنح المقدّمة إلى دولته؟

08/10 17:11

كيف يستفيد المواطن العربي من المعونات والمنح التي يقدّمها العالم الخارجي إلى دولته؟ هذا السؤال يشغل بال مواطنين عرب كثيرين خاصةً في ظل اتهامات بالفساد في إنفاق المعونات ما يحرم المواطنين من فوائدها.

فكرة المساعدات والمنح بين الدول قائمة منذ عصور الامبرطوريات والممالك، وتحكمها المصالح والمنافع المتبادلة، وأحياناً الأطماع الاستعمارية، وتطورت بتطور الشكل السياسي للدول وأصبح لها مؤسسات متخصصة ذات لوائح تنظم عملها لتحقيق أهدافها الإستراتيجية، كما قال الخبير المصرفي أحمد الألفي لرصيف22.

والمنح هي مساعدات نقدية أو عينية أو فنية تقدَّم إلى المستفيد من دون ترتيب فائدة مستحقة عليه، ولا تتأثر بفروق تقييم العملة، وتوفر مكوناً من النقد الأجنبي للوزارات والجهات المعنية، بحسب تعريف وزارة التعاون الدولي المصري.

تشير إحصاءات البنك الدولي إلى أن صافي المساعدات الإنمائية الرسمية والمعونات الرسمية التي تلقتها الدول العربية بلغت نحو 22.3 مليار دولار خلال عام 2014، بنسبة 14% من إجمالي صافي المساعدات والمعونات في العالم والبالغة 161 مليار دولار.

ويوضح الجدول التالي حجم المساعدات التي تلقتها الدول العربية، وجاءت في المقدمة سوريا بنحو 4 مليارات دولار، ومصر 3.5 مليارات دولار، والأردن 2.7 ملياري دولار، وفلسطين 2.5 مليار دولار، والمغرب 2.3 ملياري دولار.

وتُعتبر المملكة العربية السعودية الأكثر سخاء في المساعدات المالية. وقدر صندوق النقد الدولي حجم المساعدات المالية السعودية، بين 2011 وأبريل 2014، بنحو 22.7 مليار دولار.

وجاءت مصر في مقدمة الدول المتلقية للمساعدات السعودية مع 6.5 مليارات دولار، وتلتها اليمن بنحو 3.8 مليارات دولار، ثم الأردن بنحو 3 مليارات دولار، فالبحرين بنحو 2.8 ملياري دولار، فسلطنة عمان بنحو 2.5 ملياري دولار، ففلسطين بنحو 1.8 مليار دولار، ثم السودان بنحو 527 مليون دولار، وجيبوتي بنحو 68 مليون دولار.

شارك غردسوريا ومصر والأردن وفلسطين والمغرب في طليعة الدول العربية المستقبلة للمنح. فهل تستفيد شعوبها؟

شارك غردنسمع عن تلقي دولنا الكثير من المنح. هذا الموضوع يشرح كيف يستفيد المواطن من ذلك

يرى الخبراء أن هنالك استفادة مباشرة وأخرى غير مباشرة من المساعدات والمنح والمعونات. وقال الخبير الاقتصادي ورئيس شركة الراية للاستثمارات المالية هاني أبو الفتوح لرصيف22 إنه في حالة المساعدات الدولية في مجالات التنمية ينعكس الأثر الإيجابي على المواطن من خلال الاستفادة من النتائج المحققة من نجاح المشاريع المموَّلة.

وتتمثل الاستفادة المباشرة للمواطن في:

تخصص الجهات المانحة المنح للمشروعات التنموية الخدمية التي لا تأتي بعائد مادي بعد تنفيذها، ولكنها تحقق خدمة للمجتمع خاصة لمحدودي الدخل، وبشكل خاص في مجالات الصحة والتعليم ومياه الشفة والصرف الصحي والتنمية المجتمعية والمرأة والطفل. وتختار الدول المنح التي تتوافق مع المشروعات المدرجة ضمن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وقال هاني أبو الفتوح إن المنح المرتبطة بالتنمية تستهدف التركز على التخفيف من حدة الفقر وتحسين الظروف المعيشية في بلدان العالم الثالث والإصلاحات على المدى القصير، وأحياناً تسعى إلى تنفيذ حلول طويلة الأجل للمشاكل من خلال مساعدة الدول النامية على توفير القدرة الضرورية لتوفير حلول مستدامة للمشاكل المحلية مثل توفير الطاقة والتعليم وحل مشاكل تلوث البيئة.

توجّه بعض المنح والمساعدات للعمل الإنساني، مثل المساعدات التي تمنحها بعض الدول ومنظمات الإغاثة الإنسانية عند تعرض دولة ما لكارثة إنسانية كزلزال مدمر أو وباء أو مجاعة أو حرب. وهذه المنح تمثل استفادة مباشرة للمواطنين.

تتجه كثير من المؤسسات والدول في الفترة الأخيرة إلى تخصيص منح لتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر. وتفيد هذه المنح المواطنين بشكل مباشر، إذ تمنحهم قروضاً بفائدة منخفضة مما يساهم في زيادة دخل الأسر، والحد من الفقر والبطالة، خاصة في حالة المشروعات المتناهية الصغر التي اعتبرها منير الزاهد، رئيس بنك القاهرة، في حديث إلى رصيف22، وسيلة لتشجيع أصحاب العديد من الحرف المتنوعة على الإنتاج، وعدم انتظار الوظيفة، بما يحد من البطالة ويوفر فرص عمل ويعطي قيمة مضافة للاقتصاد.

المنح الدراسية، وهي تشكّل فائدة مباشرة للمواطن العربي المستفيد منها، بحسب أحمد الألفي، وهذه المنح تقدمها جامعات العالم المتقدم لمواطني العالم الثالث ومنه طبعاً الدول العربية.

ولكنها أيضاً تستهدف استقطاب الكوادر العلمية والنوابغ لجامعاتها ما يؤدي إلى تفريغ الدول العربية من الكوادر العلمية المميزة.

وهنالك منح تفيد المواطن ولكن بشكل غير مباشر، فهي تخفّف العبء على الاقتصاد والمجتمع بشكل عام، وتأتي نتائجها بطريقة غير مباشرة، مثل المنح التي تقدم لدعم الموازنة، وهي منح من المفوضية الأوروبية أو برامج مبادلة الديون (إيطاليا وسويسرا، وبلجيكا في الحالة المصرية) أو برنامج الاستيراد السلعي مع إيطاليا.

هناك منح لا يتم تقديمها في صورة دعم نقدي، مثل المنح المقدمة من الجانب الآسيوي، فهي تقدم للمشروعات التنموية في صورة تنفيذ مشاريع تسليم مفتاح أو توريد معدات أو إيفاد خبراء.

ومشاريع تسليم المفتاح هي مشاريع تتولى الهيئة المانحة تنفيذها بدءاً من إجراء الدراسات حتى انتهاء المشروع وتسليمه إلى الحكومة أو الجهة التي عُقد معها المشروع.

وهنالك منح أخرى تقدَّم في مجالات تمويل إعداد دراسات الجدوى للمشروعات الكبرى مثل مترو الأنفاق ومحطات الكهرباء والصرف الصحي ودعم القدرات الفنية والإدارية، وهي تخفف العبء المالي عن الدولة إذا ما أنفَقت بنفسها على هذه الدراسات لأنها مكلفة.

وتوجد منح أخرى غير مباشرة لا يلمس المواطن أثرها بسرعة. يقول هاني أبو الفتوح إن المساعدات والمنح الدولية تشمل نطاقاً واسعاً يضم ترشيد الحكم والديمقراطية، وحقوق الإنسان والبيئة، ودعم الاقتصاد، وتنمية البنية التحتية. وهذه المنح قد توجَّه بشكل مباشر إلى الجهات والمراكز التي تعمل في مجال حقوق الإنسان في الدول.

ونبّه هاني أبو الفتوح إلى أن هنالك بعض السلبيات للمنح، منها أن تمس شروطها سيادة الدولة أو تفرض تدخلاً غير مبرر من الجهة المانحة في التدقيق اللصيق للتأكد من سير المنحة في تحقيق أهداف الجهة المانحة.

تصارعت الدول الكبرى على الهيمنة الاقتصادية وعلى كعكة التجارة الدولية، وأسست وكالات ومؤسسات لمنح المساعدات للدول النامية، ومن أهم هذه الوكالات هيئة المعونة الأمريكية التي تعد من أكبر الهيئات المانحة للمعونات والمساعدات على مستوى العالم، ولكنها تخضع للتسييس، كما قال أحمد الألفي لرصيف22، بغرض التغلغل فى اقتصاديات الدول المتلقية للمعونات عن طريق إيفاد الخبراء التابعين لها وتوريد المعدات الأمريكية والترويج للمنتجات الأمريكية.

كما أسست الولايات المتحدة بنك الاستيراد والتصدير الأمريكى وهو بنك حكومي يمنح القروض والتسهيلات لدول العالم الثالث لتسهيل شراء السلع الأمريكية.

بلغ إجمالي المنح التي أبرمتها وزارة التعاون الدولي خلال السنوات الخمس الأخيرة، وجاري السحب منها 3.89 مليارات دولار، تم استخدام 2.3 ملياري دولار منها حتى مايو 2016، بنسبة استخدام بلغت 59% وذلك لتنمية مختلف القطاعات الاقتصادية، وفقاً لبيانات وزارة التعاون الدولي.

وأشار الخبير الاقتصادي أحمد الألفي إلى أن استفادة المواطن المصري من معظم المساعدات والمنح الأجنبية هامشية جداً وغير مباشرة. وأوضح أن استفادة الدول المانحة للمساعدات تُعدّ أكبر من استفادة الدول الممنوحة لها، لأنها غالباً ما تكون مشروطة ومقيدة بشروط استخدام تحقق مصالح المانحين على حساب مصالح الممنوحين.

منح الإغاثة الإنسانية التي جاءت من الدول العربية وحصلت عليها مصر بسبب زلزال 1992 لم تُوجّه إلى المواطنين لرفع الآلام عنهم كما يقول عاصم عبد المعطي رئيس المركز المصري لمكافحة الفساد، موضحاً أنه تم توجيه هذه المنح إلى حساب في البنك المركزي، لدعم الاحتياطي الأجنبي لمصر.

وتابع لرصيف22 أنه بعد الثورة وتقديم بلاغ للنائب العام عن هذه الأموال تمت الاستفادة منها في سد عجز الموازنة عام 2014 في فترة الرئيس عدلي منصور. ولهذا بدأت الدول تضع اتفاقيات وشروطاً لصرف المنح، ويتم السحب من قيمة المعونة وفقاً لمعدلات الإنجاز في المشروع المتفق عليه.

كانت تجربة المنح في مجال الصحة وخاصة مشروع التطعيم ضد شلل الأطفال ناجحة، وحققت استفادة مباشرة للمواطن المصري. وقال أحمد الألفي إن الاستفادة المباشرة من المنح كانت في التطعيمات المجانية التي كانت وزارة الصحة تتلقاها، لا سيما التطعيم ضد شلل الأطفال الذي ساهم في القضاء على المرض تقريباً بين أطفال مصر.

مشروع الصرف الصحي في الإسكندرية كان علامة سيئة في تاريخ الوكالة الأميركية للمعونة، بحسب أحمد الألفي، فقد أدى المشروع إلى كارثة بيئية بسبب صرف مخلفات الصرف الصحي في مياه البحر الأبيض المتوسط برغم مطالبة الخبراء المصريين بالصرف في الصحراء.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل