"المطردون من جنة التاريخ".. المنهج الجديد يُطيح بـ"مبارك".. وفض رابعة يُحِذف البرادعي من التربية الوطنية.. والإخوان من بُناة للإنسانية إلى جماعة إرهابية
مثلما تمتلىء كُتب التاريخ المصري بإنجازات شخصيات ورؤساء عدة، فهي أيضًا قد أسقطت عمدًا الكثير منهم، بدعوى أنهم فاسدين، وساهموا في خراب البلاد، فكلما جاء نظام جديد للحكم، حذف أسماء من سبقوه أو عارضوه، ليتم طرده من جنة التاريخ بحذف سيرته، فالمنتصر دومًا ما يكتب التاريخ.
على صعيد الرؤساء، كان الرئيس الأسبق محمد حسني مُبارك، آخر من أثيرت حوله فتنة الحذف من التاريخ، وفقًا لصفحة "أسف يا ريس" المعروفة بتأييدها الشديد له، حيث أكدت الصفحة في منشور لها، أنه تم حذف دور "مبارك" في حرب أكتوبر من كتاب التاريخ الجديد للثانوية العامة.
وشعر الرئيس الأسبق بالحزن، من إنكار دوره في المناسبات القومية للبلاد مثل ذكرى انتصارات حرب أكتوبر وذكرى تحرير سيناء، وزاد من حزنه عقب علمه أن صورته ودوره في حرب أكتوبر تم حذفه من كتاب التاريخ، وفقًا لمنشور الصفحة.
وأخبر مُبارك أدمن الصفحة "كريم حسين" أنه لم ينكر أو يمحو دورالرؤساء الذين سبقوه، حيث تم تسمية محطات مترو الأنفاق بأسماء جمال عبدالناصر وأنور السادات ومحمد نجيب، ناقلًا عبر الصفحة ثقة الرئيس الأسبق في أن التاريخ لن يزور وأن دوره في حرب أكتوبر وخدمة مصر لمدة 30 سنة لن ينساه الشعب المصري.
وأشار إلى أنه تم في عهد مبارك إنتاج فيلم "أيام السادات" وكذلك فيلم "ناصر 56 "، ومسلسل الملك فاروق للكاتبة لميس جابر دون حذف أو تشويه دور كل رئيس حكم مصر، مؤكدًا أنه أقام جنازة عسكرية للرئيس الراحل محمد نجيب الذي قال قبل رحيله: "مُبارك أنصف تاريخي".
وأعلنت وزارة التعليم، إن لجنة مراجعة كتاب التاريخ للصف الثالث الثانوي للعام الدراسي المُقبل، لم تتطرق لسيرة مُبارك سلبًا أو إيجابًا، فيما يتعلق بدوره في حرب أكتوبر 1973، موضحة أن اللجنة عملت على تعديل وتغيير الجزء الأخير من الكتاب والخاص بثورتي 25 يناير و30 يونيو، لتأليف منهج جديد.
ولحقت به زوجته "سوزان مُبارك" التي تم حذف سيرتها من مناهج التاريخ في المرحلتين الابتدائية والاعدادية، وجاءت ضمن العديد من الدروس عن إنجازات مبارك والحزب الوطني.
كان إحد المطردون من التاريخ، فعقب صعود الرئيس الراحل جمال عبدالناصر إلى سدة الحُكم، أمر بحذف سيرة الملك فاروق الأول من مناهج التعليم، كما تم تشويه صورته في المناهج وأفلام الخمسينات والستينات، وإظهاره على أنه طاغية.
وفي آواخر عام 2015، تلاعبت وزارة التربية والتعليم مرة أخرى، بحقبة فاروق، حيث قامت بحذف فقرات تسيء له، حيث تُظهر مدي البذخ والإسراف الذي كان يعيش فيه وعلاقاته النسائية التي كانت تتم على نطاق واسع.
كان من الرؤساء المغضوب عليهم، حيث تغاضى التاريخ المصري عن انجازات محمد نجيب، ولم يُذكر في الكتب الدراسية سوى أنه الرئيس الأول لمصر بعد إلغاء الملكية، وعدم الحديث عن مجهوداته كي تحصل مصر على استقلالها وجمهوريتها .
فعقب الإطاحة به إبان ثورة 23 يوليو، وشُطب اسمه من الوثائق السجلات والكتب كافة، ومنع ظهوره أو ظهور اسمه تمامًا طوال ثلاثين عام حتى اعتقد الكثير من المصريين أنه قد توفى، وكان يُذكر في الوثائق والكتب أن عبدالناصر هو أول رئيس لمصر.
وكان لفترة حكم الإخوان للبلاد، وضع خاص، فمع قدوم الجماعة للحكم، تم تغيير المناهج مجددًا، وأضيفت عبارة: "الإخوان بناة الإنسانية.. الإخوان السبيل للتقدم" على كتاب اللغة العربية للصف الأول الابتدائي، تحكي عن كفاح الإخوان على مر السنوات.
كما قامت وزارة التعليم بحذف فصل دراسي كامل، في مايو 2013، من كتاب: "الإرهاب المعاصر"، الذي يتم تدريسه لطلاب الفرقة الثانية بأكاديمية الشرطة، يتضمن تحليل لجماعة الإخوان ويصفها بالتنظيم الإرهابي، وأنها تتلقى تمويلًا من التنظيم الدولي لها بالخارج.
وعقب الإطاحة بالرئيس الأسبق، تم تعديل كتب التاريخ، لتؤكد أن فترة حكم الإخوان كانت اسوء فترات الحكم في مصر، وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك وتويتر"، فقرة من الكتاب، كانت تقول: "الجمهورية الجديدة، التي وقعت في يد الإخوان الإرهابية بدأت تمارس السلطة بنفس الأسلوب، الذي كانت تمارس به الحكومات السابقة سلطاتها ألا وهو حماية المصالح".
وتضيف: "التي تعبر عنها بمختلف الوسائل القانونية والاستثنائية وتريد من الجميع الانصياع لها والإيمان بقدرتها على إنجاز الأمور، وبالتالي فإن الذين يعارضون يدخلون في دائرة التمرد والعصيان ويحق عليهم العقاب".
وفي آواخر عام 2015، أصدرت الحكومة قرار بحذف حقبة الرئيس الأسبق محمد مرسي من التاريخ، وتم حظر بث برامج وثائقية في التلفزيون المصري يظهر فيها، كما تم مُعاقبة مسؤول بأحد برامج قناة النيل الثقافية؛ لأنه أعاد بث بطريق الخطأ فيلم وثائقي مدته 15 دقيقة، عن شخصيته لتعريف الجماهير عليه.
ورغم أن المشير عبدالحكيم عامر، كان أحد رجال ثورة يوليو 1952، وصديقًا مقربًا للراحل عبدالناصر، ألا أن الخلاف الذي وقع بينهم بعد هزيمة 67، وإعفاؤه من منصبه، ووضع قيد الإقامة الجبرية في منزله، دفعت الأخير ليأمر برفع اسمه من المناهج التعليمية.
Comments