المحتوى الرئيسى

محمد ثروت يكتب: ممنوع

08/10 10:21

ذهبتُ في يوم إلى معهد القوات المسلحة للغات بالعباسية لكي اتعلّم اللغة الألمانية، وكان هذا القرار من أسوأ القرارات التي أقدمتُ عليها.

أخذت سيارتي وذهبت وبداخلي نيّة جادة ليكون لدي لغة ثانية تنفعني في دراساتي ومجال عملي.

وقفت في الطابور على بوابة المعهد وفي مُخيلتي تصوّر واستعداد تام لبذل مجهود كبير في أقصر وقت ممكن لإتقان اللغة الألمانية.

بابتسامةٌ على وجهي وإصرار يدفعني لتحدي نفسي وتعلم، قاطعني صوت وقال: “ممنوع”!

نظرت فوجدت (عسكري) ينظر إليّ وكأني من كوكب آخر وبيده يشير إلى وجهي ويكرر: “ممنوع”، وأخذ الحوار هذا الشكل:

“هو إيه اللي ممنوع بالظبط؟ “

“مش فاهم يعني إيه ممنوع الدقن، ممنوع ادخل بدقني؟”

– آه يا كابتن ممنوع.. ممكن تشوف ورقة التعليمات هناك أهي (أشار إلى ورقةٍ صغيرة في مكان غير ملحوظ).

“طيب سيادتك أنا ممكن ادخل عشان الساعة ٣ والسيكشن حيبدأ، والمرة الجاية حبقى أحلقها”

– “لا والله مش حينفع.. ممكن أنت تروح تحلقها عند دار المشاة هناك وتييجي”.

“هو أنت بتهرج ولا بتتكلم جد؟”

الغريب في الأمر أني لم أكن وحيدًا، فقد بدأ تدفّق الطلبة، وسواء كان لديك ذقن خفيفة، ثقيلة، أو في بداية ظهورها، فكان هذا ممنوعا.

كُنّا حوالي ١٢ طالبا يقفون منتظرين مصيرهم غير المعلوم.

“طب يا دُفعة.. إحنا حنفضل مستنيين كده؟! دخّلنا والمرة الجاية نبقى نييجي حالقين. ما هو محدش قال!

ومش من الطبيعي إني أشوف ورقة التعليمات اللي مش باينة أصلا، ومش من الطبيعي إني أحلق دقني أصلا.. مضايقاكوا في إيه؟!”

– “استنوا الظابط لما ييجي.. ابقو اتكلموا معاه.. أنا ماقدرش ادخّلكوا”

“طب يا دُفعة أنا حجزت الكورس بدقني والله، ومحدش قالي حاجة ودخلت عادي!”

– ‫”‬اكيد ماكنتش أنا اللي واقف”

وفي لحظات الانتظار، ذهبت لألقي نظرة سريعة على ورقة التعليمات، فوجدت حوالي أربعة عشر بندًا، آخرهم بندان “بالبونت العريض”، فكان مكتوبا:

استغربت جدا أن تصل قائمة الممنوعات إلى هذا الحد المستفز.

رجعت ووقفت أمام العسكري لانتظار الضابط الذي لم يكن مهتما، وتفاجأت عندما وجدت العسكري يمنع طالبا من الدخول، ونظرت إلى الطالب، فلم يكن ذا لحية، ولم يكن مُنتقبا! سأله الطالب بكل أدب:

“ممنوع الشورت، ومش حتدخل، الحل الوحيد إنك ترجع بيتك تلبس بنطلون وتييجي تاني”.

أنا لا افهم تحديدا ما خطورة الشورت في سيكشن تعليم لغة ثانية! أنا لا افهم إلا أن هذا يُسمى “تقفيل دماغ” و”رخامة”!

انتظرنا لمدة لا تقل عن ساعة حتى أتى الضابط وصاح فينا بكل قوة:

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل