المحتوى الرئيسى

الاقتصاد التركي.. أخطاء السياسة تهدد مكاسب "المعجزة"!

08/07 08:25

في تصريح يكشف عما ينتظر الاقتصاد التركي من مخاطر جدية كشف وزير الجمارك والتجارة التركي بولنت توفنكجي أن محاولة الانقلاب الفاشل كلفت البلاد خسائر تقدر بنحو 100 مليار دولار، أي ما يعادل 12.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي المقدر بنحو 800 مليار دولار. ونقلت عنه صحيفة "حرييت" أن الخسائر تتضمن مباني مدمرة، ومعدات عسكرية وتراجع الطلب الخارجي على السلع وتراجع السياحة.

وسبق الانقلاب خسائر بمليارات أخرى في قطاعات السياحة والسفر والتجارة والإنتاج؛ بسبب الهجمات الإرهابية والمقاطعة الروسية. وقبل ذلك تعرضت تركيا أيضا لخسائر إضافية هامة بعد قطع طريق التجارة البري بينها وبين أسواق الخليج عبر الأراضي السورية. وكانت أكثر من 80 ألف شاحنة تركية تعبر هذه الأراضي متوجهة إلى هذه الأسواق الهامة جدا لتصريف المنتجات التركية.

وقد انعكست هذه الخسائر بشكل سلبي على الليرة التركية التي فقدت نحو ثلث قيمتها خلال السنوات الثلاث الماضية. وبعد الانقلاب الفاشل مؤخرا أدارت المزيد من الاستثمارات الأجنبية ظهرها لتركيا بسبب زعزعة الاستقرار السياسي والإجراءات القمعية التي يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد المعارضين والمثقفين والإعلاميين ممن يخالفونه الرأي.

فيسبوكƒ تويتر جوجل + Whatsapp Tumblr Digg Newsvine del.icio.us stumble linkedin

منذ وصول حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان إلى السلطة ابتداء من عام 2002 تغنى الكثيرون بتركيا كمثال للنجاح الاقتصادي. ويتمثل هذا النجاح، الذي أطلق عليه "المعجزة الاقتصادية التركية" في إصلاحات وأجواء ثقة أدت إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي التركي بأكثر من الضعف في غضون عشر سنوات. ورافق ذلك تقليص نسبة البطالة وزيادة تدفق الاستثمارات ومضاعفة دخول العاملين واستقرار سعر الليرة التركية. وهكذا صعدت تركيا الذي سماها بعض الخبراء "النمر الاقتصادي الصاعد" خلال "الحقبة الأردوغانية" إلى المرتبة السابعة عشرة بين أهم القوى الاقتصادية العالمية.

غير أن الأضواء لم تسلط طوال فترة النجاح تلك على الوجه الآخر لهذا الازدهار، الذي اعتمد بشكل كبير على التمويل بالعجز والاقتراض المتزايد من الخارج. ويدل على ذلك وصول الدين الخارجي التركي إلى 406 مليار دولار بحلول نهاية العام الماضي 2015، أي ما يزيد على 50 من الناتج المحلي الإجمالي التركي حسب نشرة موقع الاستثمار والتجارة الألماني "GTAI". أما الاحتياطيات من النقد الأجنبي فيقدرها التقرير بحوالي 91 مليار دولار أواخر العام المذكور، يمكن بفضلها تمويل الواردات لحوالي 6 أشهر فقط.

أكبر المشاكل هروب رؤوس الأموال

خلال السنوات الماضية من حقبة حزب العدالة والتنمية تمكنت حكومات الرئيس أردوغان من خدمة فوائد الديون المتزايدة ودفع أقساطها بفضل تدفق الاستثمارات وعوائدها. غير أن المشكلة الآن تتمثل في خوف عالم المال من الاستثمار في تركيا بسبب فرض حالة الطوارئ والتضييق المتزايد على الحياة الليبرالية ومؤسسات الرأي والشخصيات المعارضة. ويعكس هذا الخوف قيام صناديق استثمار وبنوك عالمية مثل "أفيفا/ Aviva" و "جي ايه ام/ GAM" و "مورغان ستانلي" و "سوسيتيه جنرال" و "بي ن بي باريباس" و "سيتي غروب" بسحب قسم من أموالها من البورصات والسندات التركية حسب تقرير صفحة "تاغسشاو"، التابعة لموقع القناة الألمانية الأولى (ARD)، في 27 يوليو/ تموز 2016.

انسحاب الأموال من بورصة اسطنبول يهدد بأزمة مالية

ويتهدد تركيا حسب "تاغسشاو" سحب مئات المليارات من الاستثمارات الأجنبية إذا استمرت السياسات الحالية التي تلاقي انتقادات حادة حتى من قبل أقرب أصدقاء أردوغان في أوروبا والولايات المتحدة. ويزيد من نسبة المخاطر حسب "وكالة ستاندارد آند بورز" للتصنيف الائتماني حاجة البلاد إلى إعادة جدولة أكثر من 40 بالمائة من ديونها الخارجية. وهو الأمر الذي يتطلب أخذ قروض جديدة بشروط أصعب بسبب تخفيض التصنيف الائتماني لتركيا من قبل الوكالة المذكورة ووكالتي "موديز" و "فيتش".

تقف تركيا اليوم بفعل سياسات الرئيس أردوغان وحكوماته منذ اندلاع ما يُعرف باحتجاجات "الربيع العربي" أمام منعطف اقتصادي خطير لا يقتصر على احتمال تراجع المزيد من الاستثمارات الخارجية وفي مقدمتها الاستثمارات الأوروبية التي تشكل القسم الأكبر من الاستثمارات الأجنبية، فنقطة الخطورة تتمثل أيضا في تراجع معدلات النمو وانخفاض القوة الشرائية للفرد وتزايد العجز في الميزان التجاري.

كما أن التوترات السياسية الحالية مع الاتحاد الأوروبي قد تعرقل رفع مستوى التبادل والتعاون التجاري والاستثماري والسياحي بين الطرفين، لاسيما وأن الاتحاد الأوروبي يُعتبر الشريك التجاري الأهم لتركيا، التي تتبادل معه نحو 40 بالمائة من تجارتها الخارجية، وقد بلغ حجم هذا التبادل خلال العام الماضي (2015) حوالي 137 مليار دولار من أصل 351 مليار دولار شكلت مجمل التجارة الخارجية التركية. ويزيد من خطورة الأمر تراجع السياحة الأجنبية إلى تركيا، لاسيما الروسية، بنسبة تزيد على 40 بالمائة ما يعني خسارة أكثر من 8 مليارات دولار سنويا.

كما أن سياسات السنوات القليلة الماضية للرئيس التركي أردوغان وتبعات ما يُعرف بـ"الربيع العربي" أدت إلى تراجع حصة البضائع والخدمات التركية في أسواق هامة لها كالأسواق الروسية والسورية والليبية واليمنية وغيرها. هذه العوامل وعوامل أخرى تضع مكاسب الاقتصاد التركي على "كف عفريت" خلال الأشهر والسنوات القليلة القادمة ما لم تحصل انعطافة حاسمة في السياستين الداخلية والخارجية لتركيا. ومن الدلائل الإضافية على ذلك تراجع مستوى الدخول والعجز في الموازنة.

استعادة أسواق البضاعة التركية في روسيا أحد أهم التحديات أمام الرئيس أردوغان

في الوقت الذي يُصَعِّد فيه الرئيس أردوغان لهجته إزاء الاتحاد الأوروبي، يحاول فتح صفحة جديدة في العلاقات مع موسكو بهدف استعادة العلاقات الاقتصادية إلى ما كانت عليه عندما كانت روسيا حتى فترة قريبة ثالث أهم شريك تجاري على الصعيد الثنائي بعد الصين وألمانيا. كما يعول أيضا على علاقاته العربية، لاسيما مع دول الخليج وفي مقدمتها قطر والسعودية والكويت، التي ضخت في جسم الاقتصاد التركي عشرات المليارات من الاستثمارات خلال السنوات العشر الماضية. كما تضاعف التبادل التجاري العربي التركي عدة مرات منذ عام 2002 ليصل إلى 47 مليار دولار في عام 2013.

صحيح أن السوق الروسية من أهم الأسواق للبضائع وشركات الإنشاء التركية، غير أن تراجع أسعار النفط وتبعاته يحد من قدرة موسكو في الوقت الحالي على استيعاب الفوائض التركية وضخ استثمارات كبيرة في مشاريع مشتركة. أما بالنسبة للأسواق العربية وفي مقدمتها أسواق العراق والسعودية والإمارات والسودان فإن هناك فرصة لزيادة المبيعات التركية من الأغذية والأنسجة والأجهزة المنزلية والمعدات الزراعية وغيرها بسبب كونها أرخص من مثيلاتها الأوروبية وأعلى جودة من الصينية كما يقول حمزة البلك، وهو رجل أعمال سوداني ومدير شركة البلوكاب للحلول المتكاملة المحدودة.

ويرى حمزة البلك في مقابلة مع DWعربية أن هناك تركيزاً تركياً متزايداً على أسواق عربية كالسوق السودانية، بدليل بدء تنفيذ مشروع منطقة حرة للبضائع التركية في بور سودان وزيادة عدد الشركات التركية الناشطة في السوق السودانية إلى 600 شركة خلال سنوات قليلة.

لكن السؤال الأهم هو: ماذا بالنسبة للاستثمارات العربية التي تدفقت بعشرات المليارات في حقبة الطفرة النفطية الفائتة؟ المشكلة الأكبر الآن بالنسبة للدول العربية النفطية تكمن في تدهور أسعار النفط، إلى الحد الذي يدفعهما إلى الاقتراض من الخارج لتمويل العجز في الموازنات الحكومية المتزايدة بشكل حاد. وهو الأمر الذي يحد من قدرتها على ضخ استثمارات في الخارج. وعليه فإن حل ما يواجه الاقتصاد التركي من مخاطر مرتبط أولا، وقبل أي شيء آخر، بمستقبل العلاقات التركية مع الاتحاد الأوروبي وروسيا. كما أنه مرتبط بما تؤول إليه الأوضاع الخطيرة في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما في العراق وسوريا.

مناصرو الديمقراطية في حيّ كيزيكلي في اسطنبول، وهم متجمعون أمام مسكن الرئيس التركي أردوغان.

جنود مستسلمون شاركوا في الانقلاب، ومواطن يضربهم بحزامه تعبيراً عن غضبه.

في مركز أنقرة احتفالاً بفشل الانقلاب الذي قام به جزء من الجيش.

على جسر فوق مضيق البوسفور في اسطنبول، رجل يلتقط صورة ذاتية "سيلفي" أمام دبابة تخلى عنها جنود شاركوا في الانقلاب.

احتجاج في ساحة كيزيلاي في العاصمة أنقرة ضد حركة فتح الله غولان، التي يتهمها أردوغان بتدبير الانقلاب، في حين تنفي الحركة ذلك.

على أحد جسور اسطنبول: بقايا ملابس جنود استسلموا بعد تورطهم في الانقلاب الذي فشل بعد ساعات من بدئه.

احتجاج في ساحة "تقسيم" في اسطنبول ضد الانقلاب العسكري.

أنصار النهج الديمقراطي في تركيا من جميع الأحزاب بما فيها أحزاب المعارضة متجمعون عند علم ضخم في ساحة "تقسيم" في اسطنبول.

تعبيراً عن سخطهم، ضرب مواطنون أتراك أحد الجنود المشاركين في الانقلاب.

تعتبر الحكومة التركية حركة الداعية الإسلامي فتح الله غولان، المقيم في الولايات المتحدة، حركة إرهابية وتصفها بالكيان الموازي، لما لها من أتباع في مواقع حساسة داخل الدولة التركية.

أنقرة: مناوؤن للانقلاب العسكري الذي سقط فيه أكثر من 250 قتيلاً واستمر لعدة ساعات.

عبوّات رصاص فارغة على الجسر الواصل بين القسم الأوروبي والجزء الآسيوي من الحاضرة التركية اسطنبول.

مواطنون أتراك مبتهجون في اسطنبول على دبابة تخلى عنها جنود شاركوا في الانقلاب.

دبابة ضالعة في الانقلاب في أحد شوارع اسطنبول كانت قد سارت معتليةً إحدى السيارات، سيطر عليها المواطنون فيما بعد.

أحد أفراد الأمن التركي الموالي للحكومة يحرس دبابة في اسطنبول.

فجوة أحدثها القصف أثناء المحاولة الانقلابية على مبنى البرلمان في أنقرة.

آثار الدمار الذي سببه القصف الانقلابي داخل البرلمان التركي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل