المحتوى الرئيسى

العَلَم المصرى.. واحتفال اليوم | المصري اليوم

08/05 22:34

المظاهرات فى أنحاء العالم اعتادت حرق أعلام الدول المناوئة، شاهدنا كثيراً حرق الأعلام الإسرائيلية، باعتبارها آخر دولة احتلال فى العالم، وما ترتب على ذلك من عمليات قتل ممنهجة بحق الشعب الفلسطينى، وهدم منازل، وإنشاء مستوطنات، وغيرها من الانتهاكات اليومية، كذلك حرق الأعلام الأمريكية باعتبارها الداعم الأول لدولة الاحتلال، ناهيك عن الغزو الأمريكى لأفغانستان والعراق، والاعتداء على ليبيا والصومال، واستخدام القوة والتلويح بها فى أوطان أخرى، ناهيك عن استخدام حق النقض «الفيتو» فى الكثير من قضايا الدم وحقوق الإنسان، وغير ذلك من المواقف التى بدت فيها الولايات المتحدة كدولة راعية للإرهاب.

إلا أننا لم نشهد إلا قليلاً، تدخُّل المتظاهرين فى شكل هذا العلم أو ذاك، بالتغيير، أو التحريف، إلا إذا كان الهدف تشويه صورة الدولة صاحبة العَلم، برسم جماجم أحياناً، فى إشارة لانتهاجها أساليب القتل، أو رسم دماء، أو ما شابه ذلك، وهو إجراء فى حد ذاته أشد قسوة من إجراء الحرق، لما يمثله من تدخل صارخ فى تغيير رمز تلك الدولة، ذلك لأن العَلم فى حد ذاته رمزٌ للعزة والفخر، ولو أن مثل هذه الممارسات قد انتشرت، لأصبحنا أمام عالم مضطرب، تسوده الفوضى حتى فى أدق خصوصياته.

كان من المهم البدء بهذه المقدمة قبل الإشارة إلى ذلك الاعتداء الصارخ على العلم المصرى، فى إطار فعاليات احتفال اليوم بما سُمى «الذكرى الأولى لقناة السويس الجديدة»، حسب تعبير عنوان الخبر الذى جاء بالصفحة الأولى فى «المصرى اليوم» أمس الأول، متضمناً صورة كبيرة لعلم مصر «تصوير الزميل أحمد شاكر» التقطها ضمن الاستعدادات، فى لوحة ضخمة بالقرب من موقع الاحتفال، وبدلاً من أن يتوسط العلم ذلك النسر المصرى «نسر صلاح الدين الشهير» كرمز للقوة والعراقة والحضارة، ومكتوب على قاعدته «جمهورية مصر العربية» بالخط الكوفى، جاءت صورة رئيس الجمهورية بديلاً لذلك النسر الذى تم العبث به، بإبعاده أقصى يمين العلم.

ما أردت الإشارة إليه هو أن هناك قانوناً يسمى «قانون العلم المصرى» يحمل رقم ٤١ لسنة ٢٠١٤، بشأن احترام العلم والنشيد والسلام الوطنى، يَعتبر أى إهانة للعلم جريمة يعاقب عليها القانون، حظرت المادة السادسة منه «رفع أو عرض أو تداول العلم، إن كان تالفاً أو مستهلكاً، أو باهت الألوان، أو بأى طريقة أخرى غير لائقة»، كما حظرت «إضافة أية عبارات أو صور أو تصاميم عليه، كما يحظر استخدامه كعلامة تجارية، أو جزء من علامة تجارية».

بالتأكيد لو أن رئيس الجمهورية قد شاهد هذا العلم أو غيره، من التى تم العبث بها، بهذا الشكل الفج، لما قَبِل ذلك، بالتأكيد كان سيوجه بتصحيح الخطأ أو إزالة ذلك العلم تماماً، كان يجب على أى مسؤول هناك بالإسماعيلية أن يفعل ذلك، لا يجب أبداً أن تكون هذه مهمة رئيس الدولة وحده، معظم القائمين على أمر الاحتفال، إن لم يكن جميعهم من العسكريين يدركون جيداً خطورة فعلة كهذه، يدركون مدى الجُرم الذى ارتكب بحق الوطن، كان يجب على أى منهم تصحيح ذلك الخطأ الشنيع، ربما هُم أقل رتبة من الفريق مهاب مميش، المسؤول الأول عن هذا الخطأ، لذا هم يلتزمون الصمت انطلاقا من عقيدة تمنع النقاش، إلا أن أبسط قواعد العمل والحرص على إنجاح الاحتفال كانت تُحتِّم التوجيه إلى الصواب.

نحن لا نتحدث هنا عن جدوى المشروع أصلاً، لا نتحدث عن جدوى الاحتفال، لا نتحدث عن صحة التعبير، أهى قناة أم تفريعة، لا نتحدث عن ماذا حققت خلال عام، وماذا يمكن أن تحقق، لا نتحدث عما تم إنفاقه عليها، وما إذا كان يمكن تعويضه، لا نتحدث عن حجم ما تم إنفاقه، وبأى كيفية، لا نتحدث عن بقية ما تم جمعه من المواطنين وأين ذهب، لا نتحدث عن الوعود الكبيرة التى صاحبت بدء المشروع، نحن فقط نتحدث عن خطأ بحق مصر، وبحق علم مصر، ما كان يجب أن يحدث.

بالتأكيد نحن أمام أحد احتمالين، إما أن ما حدث كان نتيجة غباء وجهل غير محسوب، وإما نتيجة نفاق وتملق غير مدروس العواقب، وفى كل الأحوال يجب أن نتوقع تصحيحاً للموقف، باعتذار للعلَم، واعتذار للشعب، واعتذار للتاريخ، حتى لا يتكرر مثل هذا السلوك مرة أخرى، أياً كان القصد منه، ذلك أنه لو مرّ كذلك دون مساءلة أو لفت نظر، من السهل أن يتكرر فى مواقف أخرى مشابهة، وهو الأمر الذى يجب ألا يكون.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل