المحتوى الرئيسى

يعاني البطالة والعنوسة والفقر.. هل يقود الشباب المكبوت الثورة القادمة في العالم العربي؟

08/05 19:16

شعره المصفف بعناية وذوقه في اختيار القهوة واهتمامه بالنساء ينبئك بأن بإمكان محمد فوزي أن يكون طالباً جامعياً في أي مكان. يدرس محمد، البالغ من العمر 21 عاماً، الهندسة بجامعة القاهرة، من المتوقع أن يكون متطلعاً لمستقبل مشرق، فالعالم يصرخ طلباً للخريجين التقنيين، لكن محمد يظن أن المستقبل قاتم. وهو قلق بشأن عدم حصوله على وظيفة تفي بمتطلباته بعد التخرج، ناهيك عن أن يكون قادراً على دعم والدته الأرملة. من دون راتب جيد لن يتمكن محمد من شراء شقة، ومن دون شقة لن يستطيع الزواج، ومن دون الزواج، لن يكون قادراً على ممارسة الجنس.

"لا يمكنني الحصول على صديقة لأسباب دينية، ولأنني لن أرغب في حدوث ذلك مع شقيقتي" هكذا شرح محمد الوضع مستطرداً "كنت على علاقة بنساء من قبل لكن الأمر لم يصبح جسدياً. لم أمسك أيديهن أو أقبلهن مطلقاً". يتحدث محمد مع نساء على فيسبوك، إذ إنه يوفر خصوصية ومساحة آمنة. ومثل العديد من الأمور الأخرى، فمأزق محمد مع النساء هو أكثر تعقيداً من مجرد ثقل التقاليد.

تتشابك معتقداته عن الإسلام أيضاً، فهو يرى نفسه أكثر ورعاً من والديه لكنه لا يصلي بانتظام، وهو يفضل صحبة أصدقائه على الاستماع للدعاة، بينما يرغب في نسخة أنقى للإسلام. يعتقد محمد أن التقاليد المصرية تشوبها ثقافة الرشوة والمحسوبية وغيرها من التصرفات التي يمنعها الدين. "علينا أن نطبق الأخلاق التي أخذها الغرب منا". كما يعتقد محمد أن انتشار الإلحاد يشكل تهديداً خطيراً.

محمد فوزي ليس فريداً من نوعه، بل تمتلئ الدول العربية بالشباب المحبط من قلة الوظائف، المشكك في السلطة التقليدية والممتلئ بشعور متناقض تجاه الغرب بقوته وحرياته، والمنفتح على العالم أيضاً بما يكفي ليعرف سوء وضعه مقارنة بالعديد من أقرانه على مستوى العالم. "يرغب الشباب في العيش لا في التسبب بالمشكلات، لكنهم غير قادرين على اقتحام النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية في بلادهم"، هكذا قال رامي خوري من الجامعة الأميركية في بيروت، مضيفاً: "عليهم خلق أكوان موازية لأنهم لا يستطيعون القيام بأي شيء طبيعي في الظروف العادية".

أدت العديد من العوامل إلى انطلاق الربيع العربي في 2011، الذي تمكّن من الإطاحة بالحكام القدامى لتونس ومصر وليبيا واليمن، مخلخلاً العديد من الأنظمة الأخرى، وما من شك أن زيادة الشباب في العالم العربي، وفشل حكام المنطقة في تسخير هذه الزيادة للتنمية الاقتصادية كانا أحد العوامل المركزية المؤدية لذلك.

انتهت هذه الانتفاضات إما بالقمع أو بالتحول لحرب أهلية دموية (عدا في تونس)، ما يعني مواجهة الشباب العربي المزيد من القمع السياسي وتراجع فرص العمل. كما تراجع النمو الاقتصادي في المنطقة مقارنة بالدول الأخرى متوسطة الدخل (انظر الرسم البياني 1). وازداد أثر تراجع سعر النفط على بعض الدول الأخرى. أفضت هذه الاضطرابات إلى إثارة فزع المستثمرين في الوقت الذي قضى الإرهاب فيه على السياحة. كما تؤدي السياسات الانهزامية التي تنتهجها الحكومات المتمسكة بالسلطة، مثلما في مصر، إلى المزيد من الضرر.

يُنظَر إلى تعداد الشباب الضخم باعتباره نعمة اقتصادية في العديد من البلاد الأخرى، لكن ليس في العالم العربي حيث يعامل الشباب، باعتبارهم لعنة ولابد من إخضاعهم. تتمثل حياة الشباب العربي حالياً في الاختيار البائس بين الصراع ضد الفقر في الوطن أو الهجرة، أو الجهاد في الحالات الأكثر تطرفاً، ففي أماكن مثل سوريا، الوظائف الأعلى أجراً تتضمن استخدام السلاح.

ورغم تنوع الشباب في العالم العربي، كما في أي مكان آخر، إلا أن النظر الإجمالي له، يُبرِز بعض الملامح؛ الأول هو الانفجار السكاني. ينمو العالم العربي بسرعة إذ تضاعف عدد سكان المنطقة في العقود الثلاث التي تلت 1980 ليبلغ 357 مليون نسمة في عام 2010. ومن المتوقع أن يزيد هذا التعداد 110 ملايين نسمة أخرى بحلول عام 2025، إذ يبلغ متوسط النمو السنوي حوالي 1.8% مقارنة بالنسبة العالمية 1%. ويزيد هذا الضغط السكاني مع التوسع الحضري السريع. في 2010 بلغ تعداد العرب الذين تتراوح أعمارهم بين 15-24 عاماً حوالي 20% من إجمالي السكان، وسيستمر عدد الشباب في الزيادة ليبلغ 58 مليوناً في عام 2025 مقارنة بـ46 مليوناً في 2010.

أما الملمح الثاني الواضح فهو حجم البطالة بين الشباب (انظر الرسم البياني 2). في 2010، عشية الانتفاضات العربية، بلغت معدلات البطالة الإجمالية في العالم العربي 10% بينما بلغ حجم البطالة بين الشباب 27%، وهي المعدلات الأعلى في المنطقة آنذاك، ومنذ ذلك الحين ارتفعت المعدلات لتبلغ 12% و30% على التوالي.

من المثير للدهشة أن الدراسة لوقت أطول في بعض البلاد العربية، قد تقلل من فرص حصولك على عمل. في مصر بلغت نسبة البطالة بين الخريجين 34% في عام 2014، مقارنة بـ2% بين الحاصلين على تعليم أقل من الابتدائي (انظر الرسم البياني 3). كما تظهر عدم المساواة بين الجنسين بوضوح إذ تبلغ نسبة البطالة في مصر بين النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15-24 عاماً حوالي 68%، مقارنة بنسبة 33% بين الرجال.

أما الملمح الثالث فهو زيادة معدل الهجرة، خاصة إلى الدول الخليج الغنية بالنفط. جاءت سوريا وفلسطين ومصر ضمن الدول العشرين الأُوَل عالمياً فيما يتعلق بعدد مواطنيها الذين يعيشون في الخارج في 2015، وهو ما يعود جزئياً إلى نزوح اللاجئين.

لا عجب إذن في أن الشباب العربي هم أكثر تعاسة من شيوخهم أو من أقرانهم في البلدان التي تمر بمراحل مماثلة للتنمية، بحسب ما يرى إسحاق ديوان من جامعة هارفارد. كما أشار استطلاع أجراه مركز بيو البحثي، أحد المراكز البحثية في واشنطن، إلى أن بلدان الشرق الأوسط مثلت استثناءً لنتائجهم التي توصلت إلى أن سكان البلاد الأفقر هم أكثر تفاؤلاً بشأن مستقبلهم مقارنة بسكان البلدان الغنية. أعتقد 35% فقط من الذين شملهم الاستطلاع في الشرق الأوسط أن مستوى أطفالهم المادي سيكون أفضل منهم، مقارنة بـ51% في إفريقيا و58% في آسيا.

يقلق الشباب العربي بشأن مستوى معيشتهم. كثيراً ما يكشف سائقو سيارات الأجرة أن لديهم شهادات في الهندسة، وأنهم عادة ما يقومون بهذا العمل كوظيفة ثانية. حاولت الحكومات العربية لوقت طويل استيعاب عاملين جدد عن طريق زيادة الوظائف الحكومية، فمن الأفضل ضم الشباب للراتب العام حتى لو أنهم لا يفعلون شيئاً بدلاً من خروجهم للشارع والتسبب بالمشكلات. في ذروة القومية العربية إبان حكم جمال عبدالناصر، الذي أطاح بالملكية في مصر في 1952، كان لكل خريج وظيفة حكومية مضمونة.

لكنه لم يتمكن، لا هو ولا خلفاؤه، من استغلال مواهب وقدرات العدد المتزايد للخريجين (الذي تضاعف ما يزيد على 3 مرات بين عامي 1970 و1980). وبمرور الوقت، أصبح عليهم الانتظار لوقت أطول، ربما لعقد، للحصول على وظيفة. لكن حجم القطاع الحكومي انخفض مع أزمة ميزان المدفوعات التي شهدتها التسعينات، واختفت الوظائف الحكومية الجديدة.

في الوقت نفسه، يجبر انخفاض سعر النفط ملوك الخليج، الذين لطالما اشتروا موافقة شعوبهم بالوظائف المريحة والهبات، على الاقتطاع من الرواتب العامة. ومع انخفاض قدرة ملوك الخليج على إيجاد وظائف لشعوبهم، ينغلق صمام الأمان المتمثل في الهجرة للعمل في الخليج أمام باقي العرب. تحتاج المملكة العربية السعودية، أكبر دول الخليج، إلى خلق 226 ألف فرصة عمل جديدة سنوياً، وفقاً لاستثمارات جدوى وهي أحد المراكز البحثية السعودية، ولم تزِد فرص العمل في 2015 إلا بمقدار 49 ألف وظيفة.

ورغم تخصيص دول الخليج حصصاً لتوظيف المواطنين، تشتكي العديد من الشركات من افتقاد الخريجين المحليين للمهارة وأخلاق العمل المطلوبة، كما يقول أحد رجال الأعمال "أعرف بعض الشركات التي تدفع للسعوديين لإرضاء الحكومة، لكنها تطلب منهم البقاء في المنزل". وتخطط السعودية، على يد ولي ولي عهدها محمد بن سلمان البالغ من العمر 31 عاماً، لتغيير طموح يقوده القطاع الخاص، لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، لكن تدريب شباب السعودية المدللين للعمل من أجل كسب الرزق سيكون مهمة شاقة.

لا يزال العرب يمتلكون شعوراً بالاستحقاق وسط الوضع الحالي في كثير من أجزاء الوطن العربي، وذلك حسب ما يقول نادر قباني من مبادرة "صلتك"، وهي مؤسسة اجتماعية قطرية تسعى إلى تحسين أوضاع الشباب الوظيفية في العالم العربي.

فثمة كثيرون يفضلون الاستمرار في العيش مع عائلاتهم عن العمل في مهن تحطّ من كرامتهم. وفي الوقت ذاته تزداد تطلعات الشباب، فمستوى التعليم صار أعلى مما كان عليه في الماضي، فضلاً عن إمكانية الوصول إلى معلومات أكثر عن العالم الكبير.

ويمكن وصفهم بأنهم مستخدمون نَهِمُون للهواتف المحمولة والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. فهم يصلون إلى معظم الأخبار الخاصة بهم من خلال شبكة الإنترنت التي يصعب على الحكومات مراقبتها مثلما هو الحال في القنوات التلفزيونية والصحف الورقية، وذلك وفقاً لما جاء في استطلاع أصداء بيرسون-مارستيلر لرأي الشباب العربي عام 2016، والذي اشترك فيه 3500 شاب من 16 بلداً عربياً.

وبدأت كل تلك الأمور في الإبحار بهم بعيداً عن شطآن ثقافة الرضوخ للعائلة والقيادات الدينية والحكومات. وربما يظهر ذلك جلياً في التوتر الحاصل حول مكانة المرأة، التي رغم ثقافة التبعية التي تعاني منها وكذلك التوجه بارتداء الحجاب في الأماكن العامة، فإنهن يمثلن أغلبية خريجي الجامعات في العالم العربي.

وتنظر كثير منهن إلى الزواج باعتباره هروباً من القيود التي تفرضها عائلاتهن. إلا أن آخريات منهن ترفضن الارتباط. يشير مركز المراجعات السكانية، وهو مركز بحثي في واشنطن دي سي، إلى تنامي عدد النساء العربيات غير المتزوجات حتى سن الـ39.

تقول خلود فالودة، وهي امرأة سعودية غير متزوجة وتبلغ من العمر 35 عاماً وتعمل في قسم الدعم الفني بشركة الجميح السعودية لتعبئة عبوات العصائر والمياه الغازية، إن طموحها منذ 10 أعوام كان تكوين أسرة، لكن الأمر اختلف، موضِحَة "تغير هدفي الرئيسي وصار الحصول على وظيفة إدارية في عملي".

ومع هذا، ففي أغلب الأحوال يكمن السبب وراء تأخر الزواج في الفقر وليس الطموح؛ فالرجال يُطلب منهم شراء منزل وتجهيزه بالأثاث قبل الارتباط، كما يُطلب من العريس أن يدفع مهراً لعروسه. ففي غزة التي تحكمها منظمة حماس، تزخرف الحركة الشاطئ بالأعلام احتفالاً بتزويج أتباعها غير القادرين على تحمل مراسم الزفاف. ويرعى إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إحدى المؤسسات الوسيطة لتسهيل الزواج.

ولا تزال قضية استقلال المرأة وكذلك ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، تثير امتعاض الشارع العربي. ففي السعودية، لا يُسمح للمرأة أن تسافر للخارج دون إذن وليها الذكر (وثمة تطبيق على هواتف المحمول لذلك الأمر). ولكن في بلدان أخرى مثل مصر، التي من المفترض أن قوانينها أكثر مساواة بين الجنسين، لا تزال الأعراف الاجتماعية صارمة فيما يتعلق بتلك الأمور.

وتحكي ريهام، وهي مصممة غرافيك مستقلة تبلغ من العمر 23 عاماً من مدينة طنطا شمال القاهرة، عن وضعها عندما انتقلت إلى العاصمة المصرية لدراسة الفنون الجميلة، إذ إنها هربت من أقاربها الذكور الذين كانوا يمنعونها من ارتداء التنورة، والبقاء خارج المنزل لساعات متأخرة، وأيضاً السفر وحدها.

تقول ريهام: "وحتى في القاهرة لم يكن مسموحاً لي بالعودة إلى سكن الطالبات بعد التاسعة مساءً، بينما كان مسموحاً للطلبة الذكور بأن يعودوا حتى الـ11 مساءً".

ومن ناحية أخرى، يفقد الإسلام أيضاً دوره المرتبط بتحقيق التوازن والاستقرار، ولكن على المستوى الكلي، يعد العالم العربي أكثر تديناً من البلاد التي تضاهيه في مستوى التطور، وذلك وفقاً لدراسة استقصائية للقيم على مستوى العالم World Values Survey، وهو مشروع بحثي مقره العاصمة النمساوية فيينا.

بيد أن الشباب العربي يواجه تنامياً في نشر المعتقدات الدينية عبر القنوات الفضائية وشبكة الإنترنت. فالقادة الدينيون الذين الذين كانوا يمارسون درجة من السلطة على أتباعهم، صار الشباب العرب يحتجون عليهم وعلى الكبار بالنصوص الإسلامية.

ورغم أن بعض الشباب العربي هم أقل ورعاً من آبائهم، فثمة آخرون صاروا أكثر ورعاً من آبائهم.

يقول عبد العزيز الغنام، وهو سعودي يدرس في الولايات المتحدة، إنه عندما كان في وطنه السعودية كان قليلون هم الذين لا يزالون يذهبون إلى المساجد لأداء الصلوات الخمسة يومياً، حتى وإن كان القانون في السعودية يقضي بإجبار المحال والمطاعم على غلق أبوابها خلال أوقات الصلاة.

وفي سياق متصل، يقول أيمن نبيل، وهو مصري يبلغ من العمر 29 عاماً: "أنا أكثر محافظة على أداء الفروض من والدي، لأن كونه محافظاً كان بسبب التقاليد التي ورثها، أما أنا فمحافظتي على تلك الفروض اعتمدت على الأمور التي قرأت عنها".

لقد أصبح الشباب العربي أكثر تشككاً في دور الدين في الحياة العامة، وانخفض حماسهم للأحزاب الدينية منذ الربيع العربي. اعتُبرَت جماعة الإخوان المسلمين، التي تولت السلطة في مصر بعد إسقاط حسني مبارك، ميئوسٌ منها، (استغل الجيش الاحتجاج ضد الإخوان المسلمين للتخلص منها في 2013). ورأى نصف الشباب العربي الذين شملهم استطلاع الرأي الانقسام السني الشيعي كأحد مصادر النزاع.

يلاحظ ديوان أيضاً أنّ الشباب العربي أكثر ذكورية وأقل تسامحاً مع أبناء الثقافات والأديان الأخرى بشكلٍ ملحوظ، بالمقارنة بالشباب في البلاد الأخرى ذات الدخل المتوسط. ومن المقلق أن تعليماً أفضل لا يورث انفتاحاً أكبر، كما هو الحال عادة في الأماكن الأخرى. يظن ديوان أن هذا يرجع إلى استغلال الحكومات والسلطات الدينية للتعليم باعتباره صورة من صور التلقين. فبدلاً من تعليم التفكير النقدي، تفرض الكتب أفكار الطاعة (بالطريقة التي تحبها حكومات المنطقة القمعية) وسوء الفهم أو حتى الكراهية تجاه العقائد والطوائف الأخرى في أحيانٍ كثيرة. في السعودية تضم الكتب الدراسية عيد الكريسماس ضمن العطلات المحرمة.

إحدى المخاوف، التي يؤمن بها الشباب أنفسهم، هي فكرة أن الشباب العربي الساخط سيندفع إلى أحضان الجهاديين. تُركز أغلب التغطية الإعلامية الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية على أيديولوجية التنظيم المتطرفة، ووحشيته. لكن الاستطلاع وجد أن الشباب يرى نقص الوظائف والفرص هي السبب الرئيسي وراء الانضمام. فالتنظيم يعرض رواتب مجزية، والزواج (أحيانًا من السبايا)، والفرصة لكي تندفع كالمجنون بلا رقابة، بل وتشعر بالأفضلية الأخلاقية جراء ذلك.

من الصعب قياس ما يدفع الشباب إلى العنف بدقّة. فالكثير من الشباب العربي يرفض تنظيم الدولة الإسلامية. يقول نبيل من القاهرة "الانضمام إلى داعش مماثل للإلحاد أو التنصّر". المجندين الذين ينضمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية يأتون من الطبقتين المتوسطة والفقيرة، ومن المتعلمين وغير المتعلمين، لكن الأغلبية الساحقة منهم في عمر الشباب.

وجد الاستطلاع أيضاً أن 78% من الشباب قالوا إنهم لن يدعموا الجماعة أبدًا. بينما قال 13% إنهم ربما يفعلون إن كانت أقل عنفًا - وهي نسبة ارتفعت إلى 19% في دول الخليج، التي تعتنق صورة أكثر تشدداً من الإسلام. صحيح أن هذه أقلية، لكنها ليست أقلية ضئيلة. وهي تظهر أن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وأي جماعة إرهابية ستأتي بعده، ستجد مصدراً كبيراً للمجندين والمتعاطفين المحتملين لتجتذب منهم أعداداً كبيرة.

ربما تظهر الحكومات العربية اهتمامها بمشكلات الشباب، شهد هذا العام، تعيين الإمارات امرأة عمرها 22 عاماً وزيرة للشباب (إلى جانب وزراء التسامح والسعادة) لكن أغلب الحكام يرون الشباب العربي خطراً يهدد حكمهم.

ما زال الشيوخ الطاعنين في السن والمستبدين يسيطرون على مقاليد الأمور، ولا يتركون للجيل القادم إلا القليل. الرئيس شبه الغائب في الجزائر، عبد العزيز بوتفليقة، عمره 79 عاماً؛ ورئيس السودان، عمر البشير، عمره 72 عاماً. في مصر يُسجن الشباب من كل الأطياف - الإسلامية والليبرالية والمهنية - من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، البالغ من العمر 61 عاماً، بحماس يتجاوز بكثير حماس المخلوع حسني مبارك. بينما تجتذب الأحزاب السياسية عدداً قليلاً من الشباب لأنها تفتقد القوة. البرلمان في سوريا هو ورقة توت تغطي عورات الدكتاتورية؛ والأحزاب اللبنانية طائفية؛ بينما الأحزاب الخليجية استشارية. في مصر حُظرت جماعة الإخوان المسلمين، التي أُديرَت على يد عجائز آخرون.

لقد قمعت الحروب والاضطرابات على إثر ثورات الربيع العربي الجوع إلى الديمقراطية. في تونس، قصة النجاح المفترضة للثورات، تغلب التوق إلى الاستقرار على الرغبة في الديمقراطية في منتصف 2012، طبقًا لمركز أبحاث بيو. اختار 53% ممن شملهم استطلاع الشباب العربي وضعوا الاستقرار أولاً.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل