المحتوى الرئيسى

سركون بولص في «رقائم لروح الكون»

08/05 02:42

تشكل القصائد المترجمة هنا، جزءاً من الكتاب الذي يصدر قريباً عن «منشورات الجمل» بعنوان «رقائم لروح الكون» ويضمّ قصائد لأكثر من 130 شاعرة وشاعرا من العالم (ويقع في أكثر من 600 صفحة)، كان الشاعر العراقي الراحل سركون بولص قد ترجمها في مناسبات عدة. بعض هذه القصائد منشور في صحف ومجلات عديدة، لكن قسماً كبيراً منها ينشر للمرة الأولى. هذا يُكسب الكتاب أهمية إضافية، إذ نكتشف فيه جزءاً من فضاءات سركون التي عمل عليها إلى جانب شعره أي الترجمة الشعرية، والكتاب يندرج ضمن مشروع دار الجمل في إصدار الأعمال الكاملة لبولص، إذ سيعقبه لاحقاً، كل الحوارات الصحافية التي أجراها الشاعر العراقي الراحل في حياته.

لا أريد تابوتًا عاديًّا، أريد ضريحًا

بشرائط كجلد نمر، عليه وجهٌ

مدوّر كالقمر، يحدّق إلى الأعلى.

أريد أنْ أتطلّع إليهم عندما يأتون

محتسّسين طريقهم بين المعادن الخرساء،

أراهم منذ الآن - الوجوه الشاحبة، البعيدة

إنّهم لا شيء الآن، ليسوا حتّى أطفالاً.

أتخيّلهم بلا آباء أو أمّهات، كالآلهة الأولى.

سوف يتساءلون إنْ كنتُ جديرةً بالاهتمام.

عليَّ أنْ أحلّي أيامي بالسُكَّر وأخمّرها كالفاكهة.

ها إنّ مرآتي تغيم -

ولن تعود تعكس شيئًا على الإطلاق.

الأزهارُ فيها، والوجوهُ، بلون الكفَن.

لا أثقُ بالروح. إنّها تهربُ كالبخار

في الأحلام، عبر ثقب الفم أو وقْبِ العين.

وذات يوم لن تعود. الأشياءُ ليست هكذا.

إنّها تبقى، وقد جعل التداولُ الكثير ألوانها الطفيفة

تتخذُ ألقًا معيّنًا. تكادُ تموء.

عندما يسري في قدميَّ البرد،

ستمدّني العينُ الزرقاء في خاتمي الياقوتيّ بالراحة.

دعوا لي قُدوري النحاسيّة، دعوا آنيتي الحمراء

تورق من حولي كأزهار ليليّة، بشذاها الطيّب.

إنّهم سيلفّونني بالأضمدة، سيحتفظون بقلبي

في كومة منسَّقة تحت قدميَّ.

بالكاد سأعرفُ نفسي. ستكون ثمّة ظلمة،

وبريق هذه الأشياء الصغيرة أرقُّ من وجه عشتار.

«ليس هناك شيء اسمه الحقيقة»

إنّ حبّات العنب بدت أكثر سمنة.

لكنها ليست أجزاءً من حقيقةٍ واحدة»

ثمّ بدأت الشجرة، في الليل، بالتحوّل

في دخان أخضر ودخان أزرق.

كنّا قامتين اثنتين في غابة.

«الكلمات ليست أشكالاً لكلمة منفردة.

ففي كمّ الأجزاء، ليست هناك سوى أجزاء.

ينبغي للعالم أن يُقاس بالعين».

«لقد رأت الأوثان كثيراً من الفقر،

كان في تلك المرّة، أنّ الصمت

صار أكبر وأطول، أنّ الليل كان على أشدّه

اكتمالاً، أن ضوْع الخريف كان

أشدّ دفئاً، أكثر حميمّية، وأقوى.

النورُ نور المساء الأوّل، كما في غرفةٍ

حيث نرتاح ونفكر، لأسباب صغيرة،

بأنّ العالم المتخيَّل هو العالم المطلق.

لذلك فإنّ هذا، هو أرهف المواعيد توتّراً.

إننا في تلك الفكرة، إنمّا نجمّعُ أنفسنا

ونلمّها من كل لا مبالاتنا، في شيء واحد:

ضمن شيء منفرد، وشاحٍ منفرد

نلتفّ به جيّداً، طالما أننا فقراء، دفءٌ ما،

نورٌ ما، سلطةٌ ما، التأثيرُ المعجز.

هنا، الآن، ننسى بعضنا، وكذلك أنفسنا.

نحسّ بالغموض الذي لنظامٍ ما، لكلِّ ما،

معرفةٍ ما، تلك التي رتبت الميعاد.

ضمن تخومها الحيوّية، في العقل.

نقولُ إن الله والمخيّلة، واحد...

على أيّ علوٍّ تنيرُ الظلامَ تلك الشمعةُ الأعلى.

من هذا الضياء، من العقل المركزيّ،

نصنعُ لنا مأوىً في هواء المساء،

] د. هـ. لورنس ]

بعذوبةٍ، في الغسق، ثمّة امرأةٌ تغنّي لي؛

تُعيدني، عبر مُنْفسح السنوات، إلى الوراء حتّى أرى

طفلاً يجلس تحت البيانو، في دَفْق الأوتار الراعشة

ويلتصق بقدمي أُمّه الصغيرتين، المركوزتين، إذ

ورغم منّي، فإن سلطة الأغنية الغادرة

تخونني، عائدةً بي حتّى ليبكي القلب منّي

لينتمي ثانيةً إلى أماسي الآحاد القديمة في البيت،

والمزامير تعلو في الردهة المريحة، والبيانو

لذا، سُدىً ترفع المغنّية عقيرتها بالغناء الحار

مع تشبُّب البيانو الأسود الضخم. إنّ سحر أيّام الطفولة

قد هيمنَ عليّ، وانطرحت رجولتي أرضاً في طوفان

الذكريات، وها أنا أبكي مثل طفلٍ على الماضي.

] أ. ر. إيمونز ]

يأخذ العذارى ما أن ينضجن

للرجال أعطى جلجامش مهمّة بناء الجدران

اللواتي يريدهنّ الرجال لساعاتٍ طويلة

عندما تنهارُ الأسوار أمامَ مَن يدري

عن حقول ٍطويلة من الحنطة

لأنّه كان يبحثُ عن مثيلٍ لهُ

أن ينتفعوا من صورة ذلك الغائب

هو الفريد في سمُوّه المأساوي.

رأى الرجال الغارقين في الطين والعرق

واستداروا نحو شغلهم حالمين أحلاماً

لن تمنحهم إيّاها أيّة عذراء

أيّها الحمقى، أنتمُ يا حمقى

أشربُ ماءً موحلاً في أسفار صيدي الطويلة

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل