بعد خمسين عامًا.. الوزراء يُعطي "قُبلة الحياه" لأول وكالة فضاء مصرية.. "عبدالناصر" وضع حجر الأساس.. وضغوط الغرب أجهضت الفكرة في عهد "مبارك"
قفزة علمية وطفرة تكنولوجية، تركض مصر من أجل مواكبة العالم فضائيا ، بعد تأخٍر دام قرابة نصف قرن من الضغوط الخارجية لحجب مصر عن أي محاولة للنهوض بمكانتها العلمية، إلا أن الحلم عاد من جديد بعد أن وافق مجلس الوزراء المصري على مشروع قانون إنشاء أول وكالة فضاء مصرية، على غرار وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" والوكالة الفضائية الأوربية.
وكان المجلس أعلن أمس الأربعاء، أنه فى إطار حرص الدولة على نقل وتوطين وتطوير علوم وتكنولوجيا الفضاء، لامتلاك القدرات الذاتية لبناء وإطلاق الأقمار الصناعية من الأراضي المصرية، بما يخدم إستراتيجية الدولة فى مجالات التنمية وتحقيق الأمن القومى، وبما يمكن مصر من ممارسة دورها التاريخى فى الإسهام فى التقدم الإنسانى والعلوم، فقد وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بإنشاء وكالة الفضاء المصرية.
ونص مشروع القانون على أن تقوم الوكالة بوضع برنامج الفضاء الوطني على المدى القريب والمتوسط والبعيد، ومتابعة تنفيذه، وتوفير الإستثمارات اللازمة لذلك في إطار الموازنة العامة للدولة، وكذلك الوقوف على الإمكانيات العلمية والتكنولوجية والبحثية والتصنيعية والبشرية في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء على مستوى الدولة، ودعم البحوث والدراسات والبرامج التعليمية وتشجيع الإستفادة من نتائجها.
كما تقوم الوكالة بدعم برامج تطوير استخدامات وتطبيقات علوم وتكنولوجيا الفضاء، وكذا تأسيس بنية تحتية لتطوير وتصنيع الأنظمة الفضائية، والعمل على تطوير العلاقات الدولية الإستراتيجية في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء، وتمثيل الدولة على المستوى الإقليمي والدولي.
هذا إلى جانب تمويل الاستثمارات في المؤسسات التي تعمل على تطوير صناعة الفضاء، ودعم براءات الاختراع في هذا المجال، وتشجيع وتحفيز الاستثمار في هذه الصناعة، فضلاً عن المشاركة في إعداد برامج التأهيل والتدريب في المدارس والجامعات في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء، ومراجعة ومتابعة خطط تأهيل مصانع القطاع الحكومي وغيرها لإعتمادها لتصنيع المعدات الفضائية وفقاً للمعايير والمواصفات القياسية في هذا المجال.
ويأتي ذلك القرار في إطار مساعِ مصر الطموحة وخطواتها الجادة التي شرعت في اتخاذها لتحقيق الحلم المصري، حيث وقعت مصر في الآونة الأخيرة عدة اتفاقيات مع الجانب الصيني لإطلاق قمر صناعي جديد، وذلك بعد أن نجحت في إطلاق القمر “إيجبت سات” في أبريل الماضي بشراكة مصرية روسية، ومن ثم تنطلق هذه الاتفاقية المصرية الصينية من طموح مصري لتدشين وكالة فضاء مصرية على غرار وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" وذلك بحلول عام 2020.
وبحسب ما قاله الدكتور علاء النهري نائب رئيس هيئة الاستشعار المصرية والممثل المصري فى لجنة الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، فإن هذه الاتفاقيات تعتبر بداية لتأسيس وكالة فضاء مصرية خاصًة مع توافر البنية الأساسية لها في مصر.
وكانت النواة الأولى للحلم المصري في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي بدأ يتحدث عن إنشاء وكالة فضاء مصرية، إلا أنه ظل حلمًا بعيدًا لم يلق خطواٍت فعلية على أرض الواقع، حيث تعرضت الفكرة إلى محاولات إجهاض عديدة من جانب دول كثيرة.
وفي عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حلت نهاية الحلم في إنشاء برنامج فضائي مصري، والقضاء على الفكرة برمتها، بعد أن رضخ الرئيس الأسبق للضغوط الدولية، وقام بإغلاق مصنع "المراجل البخارية" الذي أنشأه عبد الناصر كوسيلة لدخول عصر الفضاء.
وفي سبتمبر 2013، أعيد إحياء الفكرة من جديد، حيث قدّمت الهيئة القوميّة للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء، التّابعة لوزارة البحث العلميّ، مشروع قانون بإنشاء وكالة فضاء مصريّة، إلى رئيس الجمهوريّة الموقّت - آنذاك - المستشار عدلي منصور.
وأكد عصام حجى - المستشار العلمي لرئيس الجمهورية آنذاك، أن مؤسّسة الرئاسة تصيغ مشروع قانون إنشاء وكالة الفضاء المصريّة، موضحًا أنّ الهدف من هذه الوكالة دراسة موارد مصر المائيّة والبحث عن مصادر جديدة، وكذلك دراسة التغيّرات المناخيّة وأماكن توافر المياه الجوفيّة.
وفي أوائل مايو الماضي، صرح الدكتور علاء النهري نائب المركز الإقليمي لعلوم الفضاء، أن مصر ستطلق 5 أقمار صناعية تجريبية متناهية الصغر خلال عام 2017، مؤكدًا حصول مصر على منحة من الصين بإنشاء مركز تجميع فضائي بـتكلفة 23 مليون دولار، سيتم من خلاله تجميع أول قمر صناعي مصري وإطلاقه قريبًا فى فترات متلاحقة، بالتوازى مع العمل على إنتاج "إيجيبت سات 2".
وأضاف أن أوزان الأقمار الصناعية يتراوح ما بين 10 إلى 50 كيلو جرام ويحمل صفات القمر الكبير لكن بصناعة وتجارب العلماء المصريين، لافتا إلى أنها تهدف إلى توطين تكنولوجيا الفضاء في مصر، مشيراً إلى أنها استنساخ للتجربة الهندية والتجربة اﻹماراتية التي خاضت هذا المجال مؤخرًا عبر إنشائهم قمر "آل خليفة سات".
وأوضح النهري، أن وكالة الفضاء المصرية حلم قديم تعثر في حقبة الستينيات من القرن الماضي، منوهًا عن الدور الهام لوكالة الفضاء في التنمية في مختلف النواحي العامة للدولة.
Comments