"عراب الفوضى والخراب".. "محمد دحلان" المُتهم بتدبير انقلاب تركيا.. تحالف مع إسرائيل ضد المقاومة الفلسطينية.. وقاد 4 عمليات مشبوهة في الشرق الأوسط
بعد انقشاع غيوم محاولة الانقلاب العسكري التركي، التي وقعت خلال الشهر الماضي، كشفت لنا مؤشرات عدة عن شخصيات بعينها وُجِهت إليها أصابع الاتهام، بالضلوع في تلك المحاولة الفاشلة أو الوقوف ورائها، لاسيما أن بعض هذه الشخصيات كانت ولازالت رائدة في عمليات سياسية مشبوهة على المستوى الإقليمي.
فالاتهام الذي وجهته المخابرات التركية إلى دولة الإمارات بالمسئولية عن تسريب أموال إلى الأشخاص الذين قادوا المحاولة الانقلابية في تركيا، أمس الأربعاء، طال محمد دحلان قيادي حركة فتح المفصول، الذي نوهت عنه المخابرات بإنه المتهم الرئيسي في التواصل مع فتح الله غولن، حسبما ذكر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني.
وأشار الموقع إلى أن الإمارات تعاونت من خلال محمد دحلان مع بعض الشخصيات داخل تركيا لتدبير انقلاب، عبر نقل الأخير الأموال إلى كولن بواسطة رجل أعمال فلسطيني مقيم في الولايات المتحدة.
دحلان هو رجُل فلسطيني ولد في إحدى مخيمات قطاع غزة يسمى "خان يونس"، عاش حياته القاسية إلى جانب الفقر المدقق الذي عانت منه أسرته، حيث سافر والده للعمل في السعودية، طلبًا للقمة العيش تاركًا زوجة وأربعة أبناء يصغرهم دحلان.
على وقع نكسة 67، بدأت حياته السياسية تلمع، لاسيما مع الاحتلال المرير الذي أصاب قطاع غزة والضفة الغربية، إضافة إلى انتسابه إلى منظمة الشبيبة الفتحاوية في الجامعة الإسلامية بقطاع غزة، الامر الذي ساعد على بروز دوره في العمل العام الفلسطيني.
كان دحلان دومًا ما يثير الخلافات والنزاعات حول دوره ومكانته داخل الحراك الطلابي في حركة فتح، مما أدى إلى زيادة شهرته على الصعيد الفلسطيني، إلى جانب اعتقال الاحتلال الإسرائيلي له أكثر من مرة، الأمر الذي أضفى على صورته لمحات من الكفاح والمثابرة أمام الرأي العام.
بدأ دحلان مع تسلمه قيادة جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة، رحلة الصعود السياسي السريعة، عندما ثقل وزنه داخل حركة فتح وبات أحد أهم أقطابها، وتأهل بعدها لأن يصبح المستشار الأمني للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
توثقت علاقته بنظام عرفات حين عين وزيرًا للداخلية، وبدأت الشبهات تدور حوله خلال تلك الفترة، بإنه يُنسق أمنيًا مع قوات الاحتلال، ويقوم باعتقال وتسليم قادة المقاومة وإيداعهم السجون، وظلت سيرته تتردد وسط أحاديث عن علاقات وطيدة بأجهزة الأمن الإسرائيلية.
عام 1997 نُشرت تقارير عما عرف بفضيحة معبر "كارني" عندما تم الكشف أن 40% من الضرائب المحصلة من الاحتلال عن رسوم المعبر والمقدرة بمليون شيكل شهريًا كانت تحول إلى حساب يُدعى سلطة المعابر الوطنية الفلسطينية، التي اتضح فيما بعد أنها حساب شخصي لمدير جهاز الأمن الوقائي في حينه محمد دحلان.
ذلك الثقل السياسي الذي حظى به دحلان، دفعه إلى الدخول في معارك وتهديدات كلامية مع الرئيس الفلسطيني السابق، والتناطح معه شخصيًا، بدعوى الإصلاح وضرورة بدء عهد جديد، فقدم استقالته للحكومة كمسؤول للأمن الوقائي، ورفضها عرفات مما أدى إلى نشوب خلاف بين الطرفين.
ومن هنا بدأت الحرب الصامتة بين دحلان وعرفات، عندما رفض الرئيس الفلسطيني في البداية مطلب محمود عباس بتعيين دحلان وزيرًا للأمن الداخلي في حكومته، لكن مع إصرار أبو مازن ووصول الأمر لحد الأزمة، وافق عرفات على هذا المطلب.
ورغم تقلد دحلان وزارة الأمن الداخلي ألا أن حالة من القطيعة سادت بينه وبين عرفات، حيث لم يلتقيا لمدة 6 أشهر تقريبًا بعد تقلده هذا المنصب، لاسيما مع تعمد الأول الهجوم على الانتفاضة الفلسطينية وعمليات المقاومة خلال هذه الفترة.
وعقب وفاة عرفات، وصعود أبو مازن للسلطة، زاد الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس، بعد خوض الأخيرة الانتخابات البرلمانية، وحصولها على الأغلبية بالمجلس التشريعي، وهنا طالب دحلان من قيادة حركه فتح عدم الاشتراك في حكومة حماس.
وجاءت عملية الحسم العسكري التي قادتها حركة حماس بالسيطرة على قطاع غزة، لتدفع دحلان للهروب إلى الإمارات التي احتضنته خلال هذه الفترة، وكفلت له الحماية الدولية من حركة حماس، وعينته مستشارًا أمنيًا لولي عهد الإمارات، حتى بعد فصله من حركة فتح، واحتدام الصراع بينه وبين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ليبدأ معها دحلان مرحلة إقليمية جديدة.
وعُرف منذ هذه الفترة بإنه عراب الخراب في الشرق الأوسط، وقائد الثورات المضادة للربيع العربي لصالح الخيلج والإمارات، بعدما جمعته علاقات قوية بحاملي لواءات المعارضة والثورات المضادة للدول العربية.
وهو ما يتضح في حديث عضو المجلس الثوري في حركة فتح عبدالحميد المصري، المقرب من دحلان، والذي قال عنه أن له نشاط مكوكي إقليمي ودولي في حل المشاكل الناشبة بالدول، ويتمتع بعلاقات واسعة في الإقليم والعالم، ويعتبر جزءً من القيادة الإقليمية.
ومن قلب الإمارات انطلق دحلان يخرب الدول العربية، بدأ من ليبيا الذي أشارت معلومات عديدة، أنه يقوم بعمليات تدريب وتمويل لمواطنين ليبيين يتم تجهيزهم من أجل إسناد قوات اللواء المتمرد خليفة حفتر، لتأجيج الصراع الليبي.
كما نوه موقع عين ليبيا الإخباري في نهاية عام 2015، إلى معلومات أفادت بإنه تم تشكيل غرفة عمليات خاصة بليبيا يترأسها القيادي المفصول من حركة فتح، ويساعده فيها أحد أبرز المستشارين الأمنيين لـ"سيف الإسلام القذافي" نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وذلك بهدف زعزعة الاستقرار في ليبيا.
إلى جانب تسريبات عدة تداولها الإعلام المصري بقوة خلال نفس الفترة، تفيد وجود ثمة ترتيبات وخطط لهبوط طائرات محملة بالأسلحة في بعض الدول العربية، كي تذهب إلى كتائب وفرق بعينها في الصراع داخل ليبيا.
Comments