المحتوى الرئيسى

هل المشكلة في الإخوان أم المتغربين أم الشعب ؟!

08/04 15:38

اقرأ أيضا: في وداع أحمد زويل .. مرثية للأخلاق ! هل يؤمن الإخوان والإسلاميون بالديمقراطية فعلا ؟! حوار ياسر علي وتحليلات الإخوان الجديدة المسيري وجلال أمين ودرس نحتاجه اليوم تحولات العلاقة بين الإسلاميين والمدنيين والمؤسسة العسكرية

هذه رسالة وصلتني من قارئ كريم ، وأكاديمي يملك رؤية جادة ، أحببت أن أعرضها في هذه الزاوية لتعميم الفائدة منها لأنها أهم من أن تبقى رهينة بريد الكتروني ، كما أعتقد أن فيها من الأفكار ما يثير النقاش والحوار البناء  ، يقول الدكتور مهندس عمر الحداد :

الأستاذ المحترم جمال سلطان ، أولا, تحية من متابع لجريدتكم لفترة تزيد على عشر سنوات, التي أثبتت غالبا أنها أقرب للحق, وظلت طوال عشر سنوات أول ما أتابع في أغلب الأيام, لمعرفة أخبار مصر وما يحدث فيها.

ثانيا, لقت نظري مقالان كتبتهما, الأول بعنوان "كيف ساهمت النخبة المتغربة في صناعة الإرهاب ؟! ", والثاني بعده بأقل من أسبوع "هل يؤمن الإخوان والإسلاميون بالديمقراطية فعلا ؟! "  ... وظاهريا فليس بين الموضوعين علاقة كبيرة, لكني رأيت أن هناك إضافة لا بد منها لطرح وجهة النظر فيما يتعلق بالأمرين معا.

مشكلة النخبة المتغربة كانت, وفق مقالك عنها, في أنها انفصلت عن مجتمعها تماما, وتبنت وجهات نظر غربية حاولت فرضها على المجتمع. ومن المؤكد أن هذا الكلام صحيح إلى حد كبير, لكن من المؤكد أيضا أن هذه النخبة لم تدخل إلى المجتمع المصري هذا الدخول الهجومي المتعالي ابتداء, بل كانت هناك محاولات للنقاش أو الإقناع (كما في كتب الطهطاوي مثلا), ورفض المجتمع الفكرة تماما, مما أدى لانعزال أصحابها ووصولهم لحالة الصدام مع المجتمع بالصورة التي نعرفها جميعا.

من الممكن أن يقال هذا عن الإخوان, فرغم أن الفكرة الإسلامية فكرة أصيلة في المجتمع, وهذا ما حاول الشيخ حسن البنا رحمه الله البناء عليه, لكن الأجيال اللاحقة من الإخوان قدمت الفكرة بصورة مختلفة, مما أدى لنوع من الصدام بين الإخوان وبين المكونات الأخرى في المجتمع, وهو ما أدى للوصول لحالة صدام مع المجتمع من الجهة المقابلة.

والآن تبرز حقيقة متعلقة بالشعب المصري, الإخوان رفضوا قبول بعض أفكار المجتمع, والمتغربون كذلك وقعوا في ذات المشكلة, والمجتمع رفض الاثنين معا. تذكر حضرتك صور الاعتداء على الدكتور البرادعي يوم استفتاء مارس 2011, ثم صور حرق مقرات الإخوان. الذين ارتبكوا هاذين العملين الإجراميين هم من عامة الناس في المجتمع, ولا يمكن الأخذ هنا أن هؤلاء "متأثرون بالفكر الوهابي" أو "عملاء أمنيون مخابراتيون" ... بل هم في أغلبهم من عامة الناس, ممن رفضوا الفكر والمنهج العلماني المتغرب, والإخواني المنغلق.

مشكلة كثير من الشعب المصري في رأيي المتواضع هو رفض المختلف, ورؤية الأمور كحق وباطل, وخير وشر, ونور وظلام ... فالمختلف عادة لا ينظر له بنوع من القبول أو حتى الاحترام, وأتذكر هنا شماتة كثير من الناس في اللاجئين السودانيين الذين هاجم الأمن اعتصامهم عام 2005, ثم شماتة كثيرين أيضا يوم رابعة وبعدها. هذه ظاهرة عامة على كثيرين في الشعب المصري, والنخبة المتغربة والإخوان كلاهما من شرائح الشعب المصري, وهم يرون المسألة بنفس الصورة, لا حوار في نسبيات, ولا يوجد إلا المطلقات, وحين تكون هذه طبيعة المجتمع, فإن أي محاولة للتغيير أو لتقديم فكرة جديدة تتم بمخاطرة كبيرة, وصعوبة بالغة.

السبب في انتشار طريقة التفكير هذه في رأيي المتواضع هو النظام التعليمي الذي يربي الطالب منذ صغره أن الإجابة إما صحيحة أو خاطئة, وهو نظام يختلف تماما عن النظم التعليمية في الدول المتقدمة. بالإضافة لهذا, فالنظام الديني يرى كل أمور الدنيا إما أنها حلال أو حرام, وفي ظل وجود عقليات عانت من هذه السياسات لفترات طويلة, يصبح الفكر المختلف مرفوضا ومحرما أيا كان.

لا أدري هل كان وضع أسبوع فقط فترة زمنية بين المقالين مجرد مصادفة, أم أن هناك فكرة ما تريد أن توصلها للجمهور من الحديث حول الأمر, لكن رأيي المتواضع أنه إن أردنا فعلا حلا لمشاكلنا فلا بد أن نعترف بانتشار هذه الظاهرة, ظاهرة رؤية كل أمر أو فكر أو اعتقاد أنه صح أو خطأ, فإن اعترفنا بصحة هذه الفرضية وخطورتها كانت هذه أولى خطوات العلاج, بإذن الله تعالى.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل