خمس سنوات «تنمية».. عندما تكون تجارة الكتب شطارة
- من النسخة الورقية لجريدة اليوم الجديد الاسبوعية
خالد لطفى: 98% من المبيعات للكتب المترجمة.. ولدى 12 ألف عنوان مختلف
الروايات صاحبة المركز الأول فى البيع.. بعدها الدراسات الفكرية الإسلامية والفلسفية
شاعر وروائى أردنى زارنى فى المكتبة واشترى بـ30 ألف جنيه كتبًا
أزمة الدولار تخنقنى.. وأرحب بمكتبات الأصدقاء فى وسط البلد
فى وسط المدينة، حيث تتلاطم وجوه المارة، الذين هم فى أغلبهم موظفون فى مصالح وهيئات حكومية وخاصة نهارًا، وشباب ومثقفون وفنانون ليلا، خرج شعاع أمل تنويرى ونور عقلى على هيئة مكتبة لبيع الكتب، اسمها «تنمية».
خمس سنوات مرت على افتتاح المكتبة، يقول خالد لطفى صاحبها ومديرها «قبل بداية المشروع، كنت أعمل كموزع كتب تنمية بشرية مترجمة، لكن اختلاطى بالوسط الثقافى وحضورى لندوات كبار الكتـّاب والمثقفين دفعنى إلى خوض مغامرة مشروع مكتبة».
فى الجزء الأخير من شارع هدى شعراوى بمنطقة وسط البلد توجد المكتبة بلافتتها الخضراء المميزة، يضيف خالد «بعد ثورة يناير أخذت قرار فتح المكتبة فى منطقة وسط المدينة، لما لمسته من شباب المثقفين رواد وزوار هذه المنطقة من نهم فى الاطلاع والمعرفة، سألت صديقى عمر السيد صاحب مكتبة (عمر بوك ستورز) عن شقة لا يزيد إيجارها الشهرى على 600 جنيه، فلم نجد سوى هذا المكان الذى كان إيجاره وقتها نحو 4000 جنيها».
يتذكر رواد «تنمية» جيدا فى بداية نشأتها أن دخولها كان أمرا شاقا صيفا، فلم يكن يوجد لها منفذ تهوية سوى الباب الخارجى، وبعض «المراوح» التى أتى بها بها خالد الذى يؤكد «تجهيزات المكان لم تكلفنى إلا 20 ألف جنيه، وهو المبلغ الذى بدأت به فعليا المشروع بجانب مبلغ الإيجار، أما عن الكتب فكانت استحقاقاتها آجلة لمدة 3 أشهر على الأقل، ثم بدأنا».
البداية كانت صعبة نسبيا على خالد وأخيه محمود طالب الحقوق آنذاك والذى شاركه إدارة المكتبة، فيشير خالد: «مثل أى البدايات كانت الأمور صعبة، فلم يكن لدينا هذا الكم من الكتب. بدأنا بالقليل جدا، فحجم ما انطلقنا به يكاد يكون 30% مما هو موجود حاليا بالمكتبة، إلا أننا عرفنا ما هو المطلوب فعليا وركزنا عليه».
المشاركة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب سنة 2013 كان دفعة كبرى للأمام بعد مشاركات صغيرة فى معرضى فيصل والأوبرا فى العامين اللذين سبقاه، فيلفت «كان المكان المخصص لنا نحو 15 مترا فقط، ومع ذلك كانت الأمور جيدة، لكننى كنت أتطلع لمساحة أكبر حتى يعرفنا أكبر قدر من زوار المعرض، وبالفعل استطعت أن أستأجر مكانا بالمعرض مساحته نحو 120 مترا فيما بعد، وعرضت الكتب بشكل يليق بها وبمكتبة تريد أن تكبر وتتوسع».
لماذا نجحت «تنمية»؟. سؤال مهم يجيب عنه أغلب روادها. يقولون إن الكتب المترجمة هى كنز «تنمية» الحقيقى، وهى التى دفعت المكتبة إلى الأمام، «سافرت إلى بيروت عام 2013، وتعرفت على الكثير من المسؤولين عن دور النشر والتوزيع الكبرى هناك، وحضرت معرض بيروت الدولى للكتاب، والتقيت أيضا بكثير من المثقفين، فى محاولة لمعرفة البوصلة التى تعيننى على نجاح المشروع» يضيف خالد.
معظم ما تعتمد عليه «تنمية» كتب دور النشر اللبنانية الكبرى «دار الآداب» و«طوى» و«منشورات الجمل»، ثم كانت انفتاحة أخرى على دور النشر فى دولة الإمارات العربية، إلا أن أزمة الدولار الآن تخنق خالد كما تخنق الكثيرين ممن يعتمدون على الاستيراد مثله.
«لا أعتمد على الكتب المصرية كثيرا. فـ2% من مبيعات المكتبة للكتب المصرية، والباقى كتب مترجمة»، يقول خالد، ويؤكد أن الروايات هى صاحبة المركز الأول فى المبيعات، ثم كتب الدراسات الإسلامية والفلسفية، ثم كتب التاريخ والسياسة، وأخيرا الكتب العلمية التى لها سوق أيضا فى الوسط الثقافى فى مصر.
خالد يعرفه كثير من المثقفين، فقد كوّن الشاب، الذى لامس عامه
الـ35 فى مارس الماضى كثيرًا من الصداقات فى الوسط يقول «كان جمال الغيطانى رحمه الله زبونا وصديقا عظيما، وغيره وغيره من الكتاب وكبار الصحفيين الثقافيين مثل رئيس تحرير مجلة عالم الكتاب محمد شعير، وكذا رئيس تحرير جريدة القاهرة سيد محمود».
العلاقة بين صاحب «تنمية» وزبائنه تعدت فكرة علاقة بائع بمشتر. هى علاقة صداقة، فخالد يعرف جيدًا ما يحرّك غريزة القراءة عند المثقفين، لذا فمن أول وهلة تدخل فيها إلى المكتبة تشعر بأن «رص الكتب فن ومهارة». يجيب خالد عن سؤال «لماذا يشترى الزبون مثلا رواية (1984) لجورج أورويل من عنده ولا يشتريها من أى مكان آخر رغم عرضها هناك؟» فيقول «طريقة العرض ومعرفة القائمين على البيع فى المكتبة لها دور مهم، أذكر أننى دخلت إحدى المكتبات لأسأل عن كتاب لكاتب عربى شهير كان وقتها قد حصل على جائزة البوكر، فلم يعرف البائع عنه شيئا ولا عن الجائزة أيضا».
إذا كنت زبونا جديدا، يعرض عليك خالد أو محمود أو أى من العاملين فى المكتبة خدماتهم، أما إذا كنت زبونا قديما فهم يتركونك فى رحلتك لاقتناص كتاب ربما كان تائها عنك فى زيارتك السابقة، أو ربما لم تستطع شراءه لنفاد نقودك، يضحك خالد ثم يقول «أتذكر أننى قابلت الشاعر والروائى الأردنى أيمن العتوم فى إحدى الدول العربية ووعدنى بأنه عندما سيأتى إلى مصر سيزورنى فى المكتبة، وبالفعل حدث ذلك واشترى من المكتبة كتبا بنحو 30 ألف جنيه».
Comments