المحتوى الرئيسى

كيف تأثرت الهند بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟! - ساسة بوست

08/04 11:08

منذ 1 دقيقة، 4 أغسطس,2016

تسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في أواخر يونيو (حزيران) الماضي في حالة من الصدمة والارتباك. الخطوة التالية لبريطانيا هي التفاوض على شروط الخروج في عملية قد تستغرق عامين كاملين وذلك طبقًا للمادة 50 من معاهدة لشبونة، التي تعتبر الآلية القانونية لانسحاب أي دولة من الاتحاد الأوروبي، والتي وقع عليها قادته يوم 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2007 بمدينة لشبونة البرتغالية، ودخلت حيز التنفيذ يوم 1 ديسمبر (كانون الأول) 2009. خروج بريطانيا كان له تأثير كبير على اقتصاد الاتحاد الأوروبي والاقتصاد العالمي بشكل عام. التأثير الأكبر كان على حساب الدول الأوروبية بشكل أساسي، ولكن على مستوى الدول غير الأوروبية فتعتبر الهند حالة خاصة كان لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تأثير كبير عليها مستمرة تداعياته إلى الآن، وهو ما سنتناوله تحديدًا في هذا التقرير ليشرح لك كل ما يخص علاقة الهند ببريطانيا والاتحاد الأوروبي في ظل الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي.

إحصائية توضح أن بريطانيا هي الدولة الغربية الأولى في حدود تأثير الهند

بريطانيا: مدخل الهند للاتحاد الأوروبي

تعتبر الهند في المركز الرابع لأسرع دول العالم نموًا اقتصاديًا، وذلك طبقًا لتقرير أصدره منتدى الاقتصاد العالمي في إبريل الماضي. ذلك بالإضافة إلى كونها ثالث أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية في بريطانيا بعد الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، وذلك طبقًا لوزارة التجارة والاستثمار البريطانية، وذلك فيما يخص عدد المشروعات المقامة في بريطانيا. وتبلغ عدد مشروعات الولايات المتحدة في بريطانيا 546 مشروعًا، يليها فرنسا بعدد 124 مشروع، ومن ثَم تأتي الهند في المركز الثالث بعدد 122 مشروعًا.

وجود الهند في المركز الثالث لم يكن إلا بوجود أكثر استثمار هندي في بريطانيا يظهر خلال 800 شركة هندية تقدم خدماتها في بريطانيا بإجمالي 110 ألف عامل هندي وبإجمالي إيرادات تبلغ حوالي 33 مليار يورو سنويًا. وترجع هذه العلاقات الاقتصادية القوية بين البلدين إلى اعتبار الهند أن بريطانيا بوابتها لأوروبا وللسوق الأوروبية الحرة، وبالتالي فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعني فقدان بريطانيا لأهميتها الاقتصادية لدى المستثمرين الهنود، مما يعتبر خسارة لشركاتهم؛ حيث إن هناك 17% من العائدات في الهند من بريطانيا، أي أن بريطانيا تؤثر على 17% من الأعمال في الهند، وهي نسبة قادرة على التأثير في باقي القطاعات الهندية.

وفي حالة محاولة بريطانيا للحفاظ على هؤلاء المستثمرين فينبغي عليها أن تقلل من الضرائب المفروضة عليهم، أو تقوم بعمل إجراءات تسهيلية مادية ومعنوية للمستثمرين، وذلك في محاولة منهم لإعادة جذب الاستثمارات الهندية في بريطانيا مرة أخرى.

إن كان هناك أي مدخل للهند للدخول إلى الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك المدخل هو بريطانيا. وإن أكثر أعمالنا المالية تتم مع بريطانيا، كما أننا ندخل إلى البلدان الأخرى مرورا بهذا المدخل *ناريندرا مودي، رئيس الوزراء الهندي في نوفمبر 2015.

وكانت الهند تعمل على توثيق علاقتها الاقتصادية مع دول بعينها من قبل، وذلك إلى جانب بريطانيا، وعلى رأس هذه الدول تأتي هولندا، وفرنسا، وألمانيا، وغيرهم، ولكن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جعل توثيق علاقات الهند بالدول الأوروبية الأخرى أمرًا حتميًا، وذلك من أجل إيجاد بواباتٍ وأسوقٍ بديلةٍ لبريطانيا في الاتحاد الأوروبي.

إذن يشهد قطاع الصناعة الهندي حالة من القلق المتزايد في أعقاب قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي وهو ما يمكن أن يثير قدرا كبيرا من الغموض حول استثمارات الهند في بريطانيا حيث أنها أحد أكبر المستثمرين في السوق البريطانية؛ ففي بيان صادر عن الاتحاد إن شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية ستتضرر من انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني، إذا لم تُعِد التفاوض على شروط عملها. كما أكد البيان أن شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية قد تحتاج إلى إقامة مقار رئاسة وفروع منفصلة خاصة بالاتحاد الأوروبي، وهو ما سيفقد بريطانيا بعض الاستثمارات، مشيرًا إلى احتمال تأثير خروج بريطانيا على حركة العمال في صناعة تكنولوجيا المعلومات أيضًا.

وذكر اتحاد شركات تكنولوجيا المعلومات أن امتداد فترة التفاوض بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى عامين سيؤثر على قرارات المشروعات الاستثمارية المستقبلية.

أمَّا على مستوى الأسواق، فقد تراجعت أسهم شركة تاتا موتورز الهندية التي تمتلك شركتي سيارات جاجوار ولاند روفر البريطانيتين بنسبة 20% في تعاملات البورصة الهندية، برغم إعراب إدارتها عن احترام تصويت الشعب البريطاني واعتزامها التعامل مع الآثار طويلة المدى لنتيجة التصويت.

وبعد ساعاتٍ فقط من الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، انخفض سعر الجنية الإسترليني أمام الدولار الأمريكي بنسبة 10% ليصل لأدنى مستوى له خلال الثلاثين عامًا الماضية، وبالتالي انخفض سعر الروبية الهندية أيضًا في أقل مستوى له خلال أربعة شهور أمام الدولار الأمريكي، وهو ما دفع وزير التجارة والصناعة الهندي، نيرمالا سيثرامان، ليؤكد أن العملة البريطانية تؤثر بشكل مباشر وفوري على الاستثمار الهندي، وهي ما تعتبر من أكبر المخاوف الهندية تجاه الخروج البريطاني، وذلك نظرًا للاقتصاد الهائل القائم بين البلدين.

لا يزال المستقبل بين الهند وبريطانيا غامضًا، ومن المتوقَّع أن تتزعزع العلاقة القوية التي لطالما استمرت لعقود، وذلك في ظل القيادة الجديدة في بريطانيا، والتي لا تميل إلى الانفتاح الكامل فيما يخص اتفاقيات التجارة بينها وبين دول العالم؛ حيث تستهدف بريطانيا في الفترة الراهنة مراجعة علاقاتها التجارية مع دول العالم لتتناسب مع المستجدات التي قد يفرضها التصويت لصالح خروجها من الاتحاد الأوروبي.

وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت نيتها تشكيل فريق يضم 300 خبير في الاقتصاد والشؤون التجارية، بينهم مفاوضون متمرسون، بحلول نهاية العام الجاري، لإعداد الشكل الجديد للعلاقات التجارية مع دول العالم. ورغم ذلك، أكد فيليب هاموند، وزير الخارجية البريطاني، بأن بلاده سوف تعتمد على «الحكومات الصديقة في تعزيز أداء الاقتصاد».

وأكد على ضرورة الاستعانة بالحكومات التي بينها وبين بريطانيا علاقات قوية وطيبة لدعم الاقتصاد البريطاني، والاستعانة بأفضل الخبرات المتوافرة في السوق المفتوحة في مجال التفاوض التجاري.

أمَّا فيما يتعلق بمستقبل الهند مع الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا، فيبدو أنه قد يصب في مصلحة الهند؛ حيث استُكملت المشاورات الثنائية بين الهند كطرف أول، والاتحاد الأوروبي كطرف ثان، وذلك للتوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة والاستثمار بينهما. ويأتي هذا الاستكمال في إطار الجولة السابعة عشر بين الطرفين، حيث بدأت المشاورات بينهما منذ عام 2007، واستمرت لمدة ستة عشر جولة دون التوصل لأي اتفاق إلى الآن، كما أنها توقفت في أغسطس (آب) العام الماضي بعد منع الاتحاد الأوروبي لدخول حوالي 700 نوع من العقاقير المخدرة التي تنتجها شركة GVK BIO الهندية.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل