المحتوى الرئيسى

حسن الوافي يكتب: الاصطياد في المياه العكرة | ساسة بوست

08/03 17:07

منذ 1 دقيقة، 3 أغسطس,2016

التنديد بالتدخل الأجنبي – الفرنسي – في ليبيا حق لكل الليبيين الغيورين على السيادة الوطنية والاستقلال، وهي خط أحمر، لا يجوز، ولا يحق لأحد التنازل عنه، ويمس الكرامة الوطنية.

لكن أن تُستغل هذه الواقعة للهجوم على المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الوليدة؛ لوأده في المهد، من فئة لطالما أعلنت رفضها لأي وفاق، أو صلح ما لم يكن على هواها، ويحفظ مصالحها، وربما مصالح من يقف خلفها من دول أجنبية، ما هو إلا خلط للأوراق، لا مبرر له، بل يرقى لمستوى الاصطياد في المياه العكرة، وانتقائية، حتى في رفض التدخل الأجنبي.

فمن ناحية لا يصح في الأذهان أن من طالب وبارك التدخل الفرنسي ذاته عام 2011 أن يحرمه على غيره عام 2016، فقط لأنه لا يرضى عن الطرف الذي يدعمه هذا التدخل هذه المرة، وليس غيرة على ما تبقى لليبيا من «سيادة واستقلال».

ومن جهة أخرى فلا يجوز مباركة التدخل الأجنبي، أو غض النظر عنه في مكان آخر، ومع طرف آخر ـ في ذات الوقت ـ التنديد به في حالة أخرى، عندما يكون مع الطرف الآخر. وما القصف الأمريكي على معقل من معاقل الجماعات المتطرفة المنتمية لـ«داعش» في مدينة «صبراتة» عنا ببعيد!

السيادة لا تتجزأ، وأن يبلغ العداء مع قطاع من أبناء الوطن لدرجة الفجور في الخصومة، وأن نبرر لأنفسنا الاستعانة بمشارق الأرض ومغاربها، ونرفض التصالح مع شركاء الوطن، ونقف ضد الاتفاق السياسي، ونضع العراقيل أمام حكومة الوفاق (التي تجمع ممثلين عن الطيف السياسي الليبي بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم الأيدلوجية والجغرافية).

فرقاء في الشرق والغرب لم يتفقوا، إلا على تمديد حالة الفوضى والانقسام السياسي غير عابئين بمعانة الشعب الليبي الذي مل كل هذه المناكفات، يحاولون إثارة البلبلة والتشويش على محاولات المجلس الرئاسي للملمة أطراف الوطن المقطعة أوصاله، على الرغم من الإدانة الواضحة التي عبر عنها المجلس الرئاسي، وتصريحات وزير خارجيته بأن المنطقة التي وقع فيها التدخل هي خارج سيطرته (علاوة على أن القوة التي هاجمت وحصل ضدها القصف خارجة عن سيطرته أيضًا).

ناهيك عن محاولة البعض التستر أو حتى استخدام ودعم أو مجرد تبرير وجود بعض الجماعات الإرهابية في ليبيا – الجالبة للتدخل الأجنبي – فهم يقدمون الذريع لكل الدول المتضررة من هذا الإرهاب أن تشن هذه الهجمات العسكرية والاستخباراتية بشكل علني، وبلا أدنى شعور بالخجل أو الحاجة للتبرير، وبدون استئذان من سلطات الدولة (المعترف بشرعيتها)، خصوصًا في ظل عدم قدرة تلك السلطات على السيطرة على كامل إقليم الدولة وبسط نفوذها عليه، ويكفي هنا أن نقارن ما حصل ويحصل في ليبيا بما فعلته الطائرات، بدون طيار الأمريكية من قصف متواصل في عدة دول، بلا إذن من حكومات تلك الدول، وذلك لاصطياد لما تعتقده استخباراتها أنها أهداف إرهابية مرجحة – وقد أخطأت أهدافها في عدة مرات – وحتى تنفيذ عمليات إنزال قتالية لفرق «كوماندوز»، ومثال على ذلك: ما يحصل في باكستان الدولة التي تمتلك جيشًا من أقوى جيوش المنطقة، وذا القوة النووية، وأشهرها عملية اغتيال أمير تنظيم القاعدة «أسامة بن لادن».

علينا تعلم الدروس من تجاربنا، ونلتف حول من يحاولون جمع شتات الدولة، ونبني معًا أسباب القوة بشكل تدريجي وعلمي وعملي، وأولها مؤسسات الدولة السيادية واحترامها وأهمها (مجلس النواب، مجلس الرئاسة، الخارجية، المؤسسة العسكرية والأمنية، المؤسسات المالية والنفطية) وتدعيمها حتى تقف على أقدامها، والأهم أن نعمل على تحييدها عن المناكفات والصراع السياسي، وتجنيبها أية خضات قوية تجهض حلمنا بإنقاذ الوطن، وتقذف بليبيا إلى المجهول، وقد تؤجل قيام الدولة عدة سنوات أخرى.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل