المحتوى الرئيسى

جيرار أفيديسيان: الفن ليس بحاجة إلى إيضاحات فلسفية

08/03 01:54

لم يخفت بريق إبداع جيرار أفيديسيان الفني يوماً، منذ بداياته في سبعينيات القرن الماضي، إلى يومنا هذا، أكان تأليفا أو إخراجا أو تمثيلا أو رسما. لم يقدّم عملاً مسرحياً من دون أن يشكّل بصمة عالية المقام: من «أخوت لبنان» إلى «صخرة طانيوس» ومن «غادة الكاميليا» و «عودة الست لميا»، وصولاً إلى آخر إبداعاته المسرحية «أسرار الست بديعة». لا يمرّ يوم من دون تمخض فعل فني في حياته.

مؤخرا، وضع أفيديسيان لمساته الإبداعية الإخراجية على حفل الفنانة كارول سماحة الغنائي ـ الاستعراضي ضمن «مهرجانات بيبلوس الدولية». حول تعامله مع سماحة يقول: «هناك في المهنة مَن هم مِن البشر وأحبّ التعامل معهم، لذا اهتممت بكلّ تفاصيل العرض من المشهدية والفيديو غرافيك والإضاءة والإخراج، وتصميم الرقص كان للمبدع سامي خوري»، مؤكّداً رضاه التام عن العرض الذي استغرق التحضير له شهرين».

ينكبّ أفيديسيان حالياً على العمل على معرضه المقبل المقرّر في الخريف المقبل والمتمحور حول «نهضة الناس والفن في الشرق»، يقول: «أنهيت العمل على أربع عشرة لوحة وسيتضمّن المعرض 25 لوحة»، يعود أفيديسيان بالذاكرة إلى عشر سنوات خلت: «شعرت أنّ عليّ التعبير من خلال اللون والضوء على لوحة. بدأت بالرسم، ومنذ ذلك الوقت أرسم. أشعر أنّ يوماً لا أرسم فيه هو ناقص. أجد أنّ أسلوبي معقّد. أحضّر الشخصيات وأقص الأقمشة وأصنع الجواهر لها. هذا يستغرق وقتاً طويلاً لتصبح اللوحة على ما أريده».

وحول مسرحيته الجديدة التي يعمل عليها يضيف أفيديسيان: «تقع هذه المسرحية ضمن ثلاثية النساء التي بدأت مع «عودة الست لميا» ومن ثم «أسرار الست بديعة»، والآن أكتب مسرحية تدور أيضاً حول شخصية نسائية. يشارك في العمل ستة ممثلين يقومون بكلّ الأدوار. لا يمكنني كشف اسرار المسرحية. المعادلة الأساس فيها أنّ البطلة هي البطل والبطل هو البطلة. هنا تكمن الحبكة والمضمون».

يعتبر أفيديسيان أنّ «اسرار الست بديعة» نالت نجاحاً منقطع النظير، ولولا قرار الممثلة ندى بو فرحات بإيقاف العرض لكانت ما زالت مستمرة «تحمّلت ندى ثقل المسرحية على مدى أشهر طويلة في هذه المسرحية. الجمهور لم يتعب من متابعتها لمرات ومرات أحياناً، لكنّ العمل متعب بالفعل وفيه أبعاد عدّة وتساؤلات فلسفية حول الوحدة والموت والحب. هناك مَن تابعها بغية التسلية وهناك مَن غاص في رسائلها وتحليلاتها. وصلني العديد من الرسائل سبرت أغوارها بكل دقّة. استطاعت بديعة بقصصها ومشاكلها وبسبب الجو المتاح لها في «مترو المدينة» شد انتباه الكثيرين لمتابعتها والاستمتاع والتعمّق».

نسأل أفيديسيان عن إمكانية عرض «أسرار الست بديعة» خارج لبنان فيجيب: «تعجّبت أنّ الرقابة في لبنان لم تحذف أياً من مشاهد المسرحية في لبنان. أعتقد لأنّها ليست سياسية، وعليه أخاف أن يقص مقص الرقيب في الخارج جزءا أو كلمة من حرية بديعة في حديثها عن الحياة الاجتماعية والجنس وأنواع الرجال الذين عاشرتهم. قد لا تكون حرية بديعة مقبولة في البلدان العربية. لو كان عمري 25 سنة لكنت حاولت وصارعت لعرضها خارج لبنان. الشخصية مثيرة وجميلة، ويخيفني أن تُبتر»، معلناً أنّه تمّ تصوير المسرحية «صوّرناها على حسابنا الخاص لنهديها إلى مَن يهمّه أن يراها ويحتفظ بها».

يعتبر أفيديسيان أنّ الحركة المسرحية في لبنان جميلة «هناك انتعاش ونهضة مميزان. نجد كل الأنواع المسرحية. يمنحني الجيل الجديد في المسرح سعادة لا توصف، لأنّ أعماله منصبّة على الجانب الاجتماعي لا السياسي. كنت أختلف مع زملائي منذ السبعينيات لأنني ضد المسرح السياسي. أجده استهلاكياً ويحاول هذا المسرح الاستفادة من الانهزامية العربية والقضية الفلسطينية والأوضاع السياسية في البلدان العربية. ماذا بقي اليوم من نصوص حول المسرح السياسي؟ قلّة قليلة. ما يعني أنّ الخطاب السياسي المباشر من خلال المسرح غير مجدٍ، فالمسرح ليس خطاباً سياسياً أو قداساً دينياً. اختلف كثيرون معي في الماضي، وتشبثت برأيي لأنني أرفض الاستهلاك والاستغلال. الجيل الجديد يعي أهمية التعمّق في المضمون الاجتماعي للمسرح. آمل أن يحمل الجيل الجديد زمام التعليم في الجامعات لتكون نهضة حقيقية في عالم المسرح. أتابع مسرحيات مميزة عالية الجودة مع أشخاص يعاصرون المسرح العالمي أمثال لينا أبيض، جاك مارون، لينا خوري، وكارلوس شاهين، وأجد أعمالهم متقنة نصاً وإخراجاً وتمثيلاً». وحول الاقتباس في المسرح يقول أفيديسيان: «لست ضد الاقتباس طالما يتم العمل بشكل جدي ومتقن حول النص.

يرى أفيديسيان أنّ مشواره في عالم التمثيل انتهى «لا يعني لي التمثيل. شاركت في عدد من الأعمال منذ السبعينيات، ولكنني لا أرى نفسي ممثلاً اليوم، مع العلم أنّ العروض مستمرة لأشارك عبر الشاشة وأرفضها بفرح».

الفن هو حاجة اجتماعية وليس ترفاً بحسب أفيديسيان، «كل شخص يرى ما يراه. وصلت إلى مرحلة اشعر فيها بالغضب حين أشاهد مسرحية فاشلة أو سهرة مسرحية غير متكاملة. أتساءل لماذا لا يعملون بجدية على النص والمضمون والإخراج؟ المشكلة هي في ندرة النصوص. قلّة يكتبون للمسرح أو التلفزيون. حتى في الشعر والرواية هناك ندرة. الصحف تقفل أبوابها وأوراقها ليس في لبنان فحسب، بل في العالم أجمع. يبدو أنّ الكتابة أصبحت في مكان آخر، استعيض عنها بالكتابة الإنترنتية. أرى الفن ضرورة كمشاهد ومبدع. الناس لا تبالي إلا بالأخبار السريعة».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل