المحتوى الرئيسى

نوادر لاذعة يكشفها "إذاعة وتليفزيون في نصف قرن"!

08/02 12:32

”مؤامرات القمة” وأخبار من الذاكرة أشهر أخطاء المذيعين

السادات قرر استبدال حاتم مكان مبارك نائباً للرئيس يوم اغتياله!

الكتاب يدافع عن أحمد سعيد ويصفه بالـ”مفترى عليه”!

حليم يدافع عن عبدالناصر بأبيات شعرية في دمشق

“لو كان برنامج شاهد على العصر موجوداً الآن لاستضفت الإعلامي الكبير عباس متولي فيه، ليعيد سرد شهادته التي ضمنها كتابه القيم هذا، وشملت عصراً كاملاً بالفعل، بدأ بمشهد الزهو القومي في الستينيات مروراً بحرب اليمن ثم الانكسار الكبير عقب هزيمة يونيو ورحيل عبدالناصر، ثم عبور أكتوبر بقيادة السادات ومعاهدة السلام التي أدت لاغتياله، ومبارك وعهده الطويل، والعلاقة مع الولايات المتحدة من وجهة نظره كمراقب معاين للأحداث أثناء عمله في “صوت أمركيا” كل ذلك في شهادة إعلامي كان بحق شاهد عيان على كل تلك الأحداث”.

هكذا يقدم رئيس الإذاعة السابق عمر بطيشة كتاب الإعلامي عباس متولي “إذاعة وتليفزيون في نصف قرن: رحلة ذاتية من عبدالناصر إلى أوباما”، الصادر مؤخراً عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

يهدي المؤلف كتابه لزوجته الفنانة فاطمة عمارة, ويلخص فيه مشواره كمذيع ومقدم برامج ومراسل منذ زمن عبدالناصر, إلى أن استقر في واشنطن وتابع كل الأحداث والرؤساء الذين توالوا علي البيت الأبيض من كارتر إلي أوباما.

وننتقل مع فصول الكتاب من ملابسات ثورة التصحيح التي قام بها السادات عام1971 إلى جزيرة رودس حيث عمل متولي في إذاعة صوت أمريكا, قبل أن ينتقل إلي العاصمة الأمريكية. وقد أضاف إليه العمل في الإذاعات الدولية خبرات كثيرة حيث فكرة الإذاعي الشامل; المترجم وقارئ نشرة الأخبار ومعد ومقدم البرامج والمخرج.

كانت البداية في صوت العرب عام1965 خلال عهدها الذهبي الأول وصار نجما من نجومها وقدم باقة من أنجح البرامج, منها من غير مونتاج أول برنامج حوار سياسي علي الهواء مباشرة, وبرنامج السهرة ساعة مع خمسين إذاعة الذي حقق شعبية كبيرة بين العرب من هواة السهر.

وتنقلنا حكاياته إلي داخل الاستوديوهات حيث كان المذيعون ومقدمو البرامج يتنافسون في الإبداع رغبة في الإجادة لا من أجل المادة.

يحكي المؤلف أنه كانت في إذاعة فلسطين التي كانت جزءاً من إذاعة صوت العرب أغنية وطنية للفنان محمد سلمان بعنوان: “على راسك يا إسرائيل”، وكان مذيع الاستديو هو الراحل علي سعفان.

كان من المفروض أن يقدم الأغنية على النحو التالي: “إذاعة فلسطين من القاهرة..إليكم محمد سلمان في أغنية على راسك يا إسرائيل”، ولكنه لسبب ما قلب الآية فقدمها على النحو التالي: “إذاعة إسرائيل من القاهرة”! ولكنه أدرك المصيبة وحاول تصحيحها فأخذ يصرخ ويقول: “لا لا لا إذاعة فلسطين من القاهرة” وطبعا لم يجد التصحيح شيئاً وكلفه الخطأ الفادح حرماناً من الإذاعة على الهواء لمدة شهر!.

ويحكي متولي أنه في نشرة أخبار الفجر في الخامسة صباحاً كان يقرأ خبراً عن مؤتمرات القمة العربية، ولكنه قرأها “مؤامرات القمة”!، يتابع: مضيت في تكملة النشرة دون تصحيحها اعتماداً على أن “الناس نايمة” وربنا يكون الرقيب من بينهم، وحتى الآن منذ أكثر من أربعين عاماً لازلت في انتظار من يحقق معي!.

ويروي كذلك متولي قائلاً: اعتدنا في صوت العرب في الفترة الصباحية قراءة مقتطفات من أقوال صحف اليوم، وكانت غرفة الأخبار ترسل مع الساعي “لوحة” ملصق بها قصاصات من بعض المقتطفات المختارة من صحف ذلك اليوم، ويتولى المذيع قراءتها وهي مسألة روتينية تحدث كل صباح.

ولسبب ما جاء الساعي مبكراً واستعاد اللوحة قبل موعد قراءتها دون أن أفطن لذلك، وجاء موعد أقوال الصحف ولم أجد لدي ما اقرأه. وكان علي أن أتصرف فاعتمدت على الذاكرة مما قرأته في صحف ذلك اليوم، وأخذت أسرد مقتطفات الصحف من الذاكرة ومرت العملية بسلام!.

أما الموقف الأصعب فحدث في إذاعة صوت أمريكا، حيث يقول: كان لدينا رئيس تحرير مخضرم هو الأستاذ “أنور حديد”. ولسبب ما أيضاً قرر في ذلك اليوم أن يقرأ نشرة الأخبار بنفسه، ولم يكن قد فعلها من قبل. فذهب إلى زميلنا “سمير كتاب” ليسأله كيف يقدم لقراءة النشرة، فقال له سمير أنه شخصياً أي سنير يستهل النشرة بالقول: “إذاعة صوت أمريكا. إليكم نشرة الأخبار يقرؤها سمير كتاب”. ودخل الأستاذ أنور حديد الاستديو منتفخاً وقدم النشرة بكل ثقة قائلاً: “إليكم نشرة الأخبار يقرأها سمير كتاب”!.

أما الموقف المضحك برأيه فيرويه قائلاً: كان صوت العرب بصفته الإذاعة القومية للعرب، يضم بين مذيعيه جنسيات عربية متعددة.

كان في غرفة الأخبار الأستاذ السوري “صفوح أقبيق”، وكانت زوجته “نجاح النعني” تعمل في نفس الغرفة. وطلب مدير صوت العرب من السيدة نجاح أن تستضيف الأستاذ أنيس منصور لتجري معه حواراً فاتصلت به هاتفياً واتفقا على الموعد، ولكنه لم يحضر على غير عادته للتسجيل، وحينما اتصل به الأستاذ سعد زغلول قال له أنيس أنه ظن أن هذا مقلب دبره واحد من أصدقائه الظرفاء، لأن من غير المعقول أن تكون هناك مذيعة اسمها “نجاح النعني أقبيق”!.

يؤكد المؤلف أن إذاعة صوت العرب بقيادة أحمد سعيد كانت تسعى دوماً وراء ما هو جديد ومختلف عمّا تبثه المحطات الأخرى، وكانت إدارة أحمد سعيد تنتقي الموهوبين والمثقفين من أبنئها ليتصدروا المشهد بغض النظر عن أقدمياتهم الوظيفية ثم تتابع عن كثب كل ما يبثونه على الهواء.

كان إرسال صوت العرب لا يغيب لحظة عن أذن أحمد سعيد، وكان لديه في مكتبه سماعة يتابع من خلالها كل ما يصدر عن محطته.

وعُرف عنه أنه حين كان يذهب إلى دورة المياه، كان يطلب رفع صوت السماعة حتى لا يفقد ثانية مما تبثه محطته.

يتابع: أذكر أثناء زيارة أحمد سعيد لليمن برفقة وزير الإعلام محمد فايق أن رفعه اليمنيون في المطار فوق الأكتاف، دون أن يحس أحد بوجود وزير الإعلام.

وقد انزوى أحمد سعيد بعد هزيمة 1967 عن الصورة، بعد كيل الاتهامات له بأنه المسئول عن إعطاء صورة غير حقيقية عن انتصاراتنا الزائفة في الحرب وإسقاط مئات الطائرات الإسرائيلية كالذباب.

وكثيراً ما حاول معمر القذافي الذي كان يريد أن يستعيد أمجاد عبدالناصر أن يجند أحمد سعيد لعله يتوج نفسه خليفة لنظام عبدالناصر بجهازه الإعلامي وينقله إلى طرابلس، لكن الرجل أبى بل إنه لم يشأ أن يعلن بنفسه الحقيقة التي كنا نعرفها جميعاً في ماسبيرو وهي أن كل المعلومات التي أوردها في بياناته العسكرية عن الاشتباكات لم يخط فيها كلمة واحدة بقلمه، بل كانت تأتيه تباعاً من إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة.

في عام‏1971,‏ بعد أشهر معدودة من رحيل جمال عبدالناصر‏,‏ دعي الفنان عبدالحليم حافظ للغناء في دمشق بمناسبة ثورة تصحيحية للرئيس حافظ الأسد‏.‏

وتم تكليف عباس متولي, كبير مذيعي صوت العرب حينها, بنقل الحفل علي الهواء. لم يكن متولي مغرما بحليم, كان يفضل عليه فريد الأطرش وقنديل وعبدالمطلب.

وقبل أن يقدم حليم وصلته الغنائية, ظهرعلى المسرح المذيع السوري خلدون المالح يلقي قصيدة فإذا به يذم عبدالناصر. كان متولي يتابع في غيظ من وراء الكواليس ما يدور عندما خرج حليم للجمهور.

لم يغن, بل وقف صامتا حتي هدأ الحضور, فقال إنه لايقبل أن يطعن أحد في ناصر. وألقي أبياتا من الشعر في رثائه تقول إن العرب صاروا أيتاما برحيله, ودعا جمهوره للوقوف دقيقة حدادا علي روحه. ثم قرر أن يبدأ وصلته بـ أحلف بسماها التي صارت الأنشودة التي يدشن بها أي حفل غنائي.

هذا الموقف الوطني النبيل جعل متولي يغير نظرته لحليم.

من داخل البيت الأبيض عام1979, ينقل لنا عباس متولي مراسم توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل ويحكي كيف أسعفته بديهته وهو يقرأ ترجمة كلمة الرئيس الراحل السادات عندما خرج الرئيس المصري عن النص المكتوب واختار أن يختم بآيات قرآنية.

وعلي هامش هذه الواقعة يطلعنا علي الحيلة التي يتبعها السياسيون عندما يقرأون خطبهم بطريقة توحي للمشاهدين بأنها عفوية ومرتجلة. فأوباما مثلا الذي يشتهر كخطيب مفوه, يخطب وأمامه نص الكلمة مكتوبا بخط واضح, لكنه يتمهل ويتلفت كأنه يجمع أفكاره, ثم يعاود قراءة النص المكتوب.

يقول متولي: لا تختلف غرفة الأخبار الرحبة في إذاعة صوت أمريكا كثيراً عن غرف الأخبار في الصحف الكبرى، وإنما الاختلاف يكمن فيمن يعملون في تلك الغرفة.

فهو مزيج عربي أشبه ما يكون بجامعة عربية مصغرة بكل تناقضاتها وتحزباتها وعصبياتها. وفي 5 سبتمبر 1981 أصابت كل من كانوا في غرفة الأخبار حالة من الصدمة. فقد حملت “التيكرز” إلينا نبأ قيام الرئيس المصري آنذاك محمد أنور السادات باعتقال 1500 من كبر القيادات السياسية من مختلف المشارب الوطنية والشيوعية والإسلامية والناصرية، وكانت حجة السادات أنه يريد أن يحافظ على استقرار البلاد إلى حين انسحاب إسرائيل من سيناء في 25 إبريل 1982.

وتوصلت إلى قناعة أن السادات قد فقد توازنه تماماً وبات تجسيداً حياً لحكمة أن “السلطة مفسدة، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة”. ومن ثم تنبأت بأنه قد وضع نهايته بيديه، ولن يستمر ليرى انسحاب إسرائيل من سيناء في موعده.

وبعد شهر واحد في السادس من أكتوبر 1981 التف كل من كانوا في غرفة الأخبار حول جهاز التليفزيون لنشاهد الحدث الجلل: إحدى عربات الجيش المشاركة في عرض انتصار العبور تقف فجأة أمام المنصة حيث كان السادات والقادة العسكريون يتابعون منها العرض. القناص حسين عباس يقف منتصباً عليها ويطلق دفعة من الطلقات استقرت في عنق السادات، بينما ينزل خالد الإسلامبولي مسرعاً من السيارة ويلقي قنبلة ثم يعود ويلقي قنبلة ثم يعود ويلقف رشاش السائق ويخف مسرعاً إلى المنصة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل