المحتوى الرئيسى

"الوفد" تفتح ملف صراعات الحكومة

08/02 10:41

فشل حكومة المهندس شريف إسماعيل فى إيجاد حلول سريعة للأزمة الاقتصادية التى تحاصر مصر حالياً من عدة جوانب، جعلها تواجه بمفردها مرمى نيران الشعب المصرى، بعد أن تخلت عنها القوى السياسية والمجتمع المدنى ومجلس النواب الذى قد منحها الثقة فى ابريل الماضى، وبجانب تلك التحديات التى فرضتها حكومة «شريف» على نفسها جراء فشلها فى تنفيذ برنامجها الإصلاحى قد أعلنت عنه مؤخراً وحظيت من خلاله علي مجلس النواب، ظهرت خلافات داخلية بين أعضاء الحكومة وبعضهم البعض من جهة والحكومة ومؤسسات الدولة الأخرى من جهة ثانية.

وبدلاً من أن تتماسك الحكومة وتعيد حساباتها، وتراجع خططها، انزلق أعضاء الحكومة إلى دائرة من الخلافات الشخصية فيما بينهم، وبدا واضحاً اشتعال نيران الصراعات و«الضرب تحت الحزام» بين الوزراء، وخاصة بين أعضاء المجموعة الاقتصادية، وهو ما وصل إلى حد تبادل الشكوى مع بعضهم البعض أمام وسائل الإعلام وفى الجلسات الرسمية، من اختلاط المهام، واتهامات بمحاولات للاستيلاء على ملفات بعضهم البعض.

فى البداية نشب الخلاف بين وزير التنمية المحلية الدكتور أحمد زكى بدر، والمهندس محمد عبدالظاهر، محافظ الاسكندرية، على خلفية اتهامات وجهها المحافظ للوزير بإهدار مليارات على الدولة بالتصديق على طلبات بعض المستثمرين فى منطقة «الدوان تاون»، بالإضافة إلى استياء المحافظ الشديد من تدخلات الوزير فى إدارة شئون المحافظة الداخلية.

واستنكر «عبدالظاهر»، فى تصريحاته إعلامية، إصدار وزير التنمية المحلية قراراً بإقالة سكرتير عام المحافظة ورئيس هيئة حماية أملاك الدولة دون الرجوع إليه، مؤكداً أن ذلك مخالف للمادة 39 من قانون الإدارة المحلية التى تنص على أن تصدر تلك القرارات من الوزير بالاتفاق وموافقة المحافظ وهو ما لم يحدث.

وتزايدت حدة الصراع بين محافظ الإسكندرية ووزير التنمية المحلية، بعد تدخل الوزير فى الصراع بين المحافظ ومستثمرى الحديقة الدولية، حيث قام الوزير بوقف تنفيذ قرار المحافظ، بشأن تحصيل القيمة الإيجارية التقديرية لمستثمرى الحديقة الدولية والتى تقدر بنحو 430 مليون جنيه، بعد أن قامت اللجنة المشكلة بقرار المهندس محمد عبدالظاهر ورئاسة الدكتورة سعاد الخولى، نائب المحافظ، بوضع قيمة تقديرية للأرض المستأجرة من المحافظة لصالح مستثمرى الحديقة الدولية بأثر رجعى بتلك القيمة، الأمر الذى أثار حفيظة المستثمرين وتقدموا بتظلم إلى وزيرى التنمية المحلية والاستثمار وتم وقف تنفيذ قرار المحافظ.

وتقدم 50 عضوًا برلمانيًا من أعضاء مجلس النواب بالإسكندرية والبحيرة والقاهرة الكبرى، بطلب إلى الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، وشريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، للمطالبة ببقاء محمد عبدالظاهر، محافظ الإسكندرية، في منصبه، لجهوده في محاربة الفساد.

وعلى خلفية تصريحات الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة، خلال جولته بالأقصر نشب خلاف آخر بين المحافظ والوزير اثار حالة من الغضب الشعبي والحزبي والبرلماني، وخاصة بعد استخدام الوزير لألفاظ غير لائقة، وإطلاق تصريحات وصفت بالكاذبة، بجانب تهربه من تحمل أخطائه، وإلقاء اللوم على وكيلة وزارة الصحة بالمحافظة، بعد أن دفعت الوكيلة الى تقديم استقالتها، رافضة أن تكون كبش فداء.

وقد أعلنت أحزاب وقوى الأقصر، فى بيان مساندة الدكتورة ناهد محمد أحمد عن المحافظة، وتمسكهم ببقائها، ومحاسبة الوزير على أخطائه سياسياً وبرلمانياً.

ولم يقتصر الخلاف على أعضاء حكومة شريف اسماعيل،حتى امتد ليشمل الصدام مع باقى مؤسسات الدولة بعد اصرار وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، على تطبيق الخطبة الاسترشادية المكتوبة رغم رفضها من قِبل هيئة كبار العلماء وعلماء الازهر الشريف.

وقد دفع الخلاف الحالى بين الازهر ووزارة الأوقاف مؤسسة الرئاسة الى التدخل للوساطة بين الطرفين، بهدف التهدئة واحتواء الصراع بين المؤسسات، معتبرة أن الصراع الدينى له اثار سلبية على مستقبل البلاد.

وبسبب استمرار تجاهل وزراء الحكومة لطلبات الاستجواب المقدمة من جانب نواب البرلمان لحضور جلسات المجلس ومناقشة بعض الملفات، بدا واضحًا ان هناك خلافًا يلوح فى الافق بين الحكومة والنواب نتيجة عجز الاولى عن تقديم حلول عاجلة للازمة الحالية وتعمد الوزراء عدم المثول أمام البرلمان بناء على استجوابات مقدمة من النواب بشأن ملفات متفاقمة وحالة غليان شعبى.

كواليس وأسرار الصراع بين «الشيخ» و«الوزير»

فلما اشتد ساعده رمانى... شطر من بيت شعرى مشهور تمثل به شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب لوزير الصحة أحمد عماد عندما زاره مؤخرًا فى مضيفته بساحة الطيب بالأقصر بحسب مصادر حضرت الجلسة، وذلك أثناء حديثه عن وزير الأوقاف مختار جمعة الذى هاجم الطيب بضراوة بالغة، وأظهر دفين نواياه عقب أزمة الخطبة المكتوبة التى فجرت الصراع المكتوم بين شيخ الأزهر وتلميذه وزير الأوقاف وهو ما جعل الطيب يلجأ إلى مَضيفته؛ طلبا للاستجمام بعيدًا عن مهاترات وزير الاوقاف واختلاق معركة الخطبة المكتوبة.

أسرار وكواليس الصراع بين «الشيخ» الطيب و«الوزير» مختار جمعة بدأت مبكرًا لكنها ظلت مكتومة بين الطرفين حرصًا منهما الحفاظ على هيبة المؤسسات الدينية لكن «الخطبة المكتوبة» وإصرار الأوقاف على موقفها ساهم فى تأجيج الصراع وظهوره على السطح واستخدام الآلة الإعلامية من قبل «جمعة» لتشويه صورة الأزهر وإظهار المشيخة فى دور العاجز أمام توجيهات الرئيس، هو ما جعل الطيب يخرج عن صمته ويطالب بتطبيق النصوص الدستورية المتعلقة بدور الأزهر ومكانته كأكبر مؤسسة دينية ليس فى مصر فقط بل فى العالم العربى والأوروبى، وهو ما دفع شيخ الأزهر إلى مقاطعة حضور مؤتمرات دينية دعا إليها وزير الأوقاف متعلقة بتطوير الخطاب الدينى مما أظهر وزير الأوقاف أمام القيادة السياسية بصورة الضعيف وساهم فى وجود حالة فراغ بين المشيخة والأوقاف، الأمر الذى طفا على السطح وساهم فى توتر العلاقة بين التلميذ وشيخه للدرجة التى وصل فيها الخلاف إلى محاولة «مختار» الانقضاض على منصب شيخ الأزهر وأسر لمقربيه بأنه شيخ الأزهر القادم بعد الإطاحة بالدكتور الطيب وإدخاله فى «عُزلة» وهى أساليب قديمة تعوَّد عليها مختار جمعة منذ أن كان خطيب «مكافأة» فى الجمعية الشرعية قبل أن يسيطر على عضوية الجمعية ويطيح بـ«ولى نعمته» الدكتور محمد مختار مهدى رئيس الجمعية.

عقب ثورة 30 يونية 2013 والإطاحة بحكم الجماعة الإرهابية فوجئ الأئمة والدعاة بمحافظات الجمهورية بتولى الدكتور محمد مختار جمعة حقيبة الأوقاف فى حكومة المهندس إبراهيم محلب وكانت المفاجأة صادمة للعالمين ببواطن الأمور، خاصة بين قيادات ديوان عام الوزارة وما خفف من حدة اختيار جمعة هو الظروف السياسية التى شهدتها مصر عقب الإطاحة بالإخوان، ولم يستطع الدعاة فى بر مصر تسجيل اعتراضهم على اختياره وزيرًا للأوقاف لكونه لا يملك مؤهلات دعوية أو تاريخا مهنيا سابقا فى شئون الإدارة خاصة أن وزارة الأوقاف هى عصب الدولة فى مواجهة التطرف الفكرى الذى فشل فيه الوزير، الذى دعمه ورشحه وزكاه لهذا المنصب هو شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذى شدد على اختياره للأوقاف حتى تكون المؤسستان الدينيتان فى انسجام تام وحتى يسهل التنسيق الشديد بينهما لمواجهة الأفكار المتشددة التى زرعتها الجماعة فى عقول أتباعهم، الأمر الذى قابلته القيادة السياسية بترحابٍ شديد؛ نتيجة هذا التناغم بين المشيخة والأوقاف خاصة أن دعم الطيب لمختار كان بسبب وجود الأخير فى المكتب الفنى للمشيخة وعلى أثر التغييرات التى طالت المكتب الفنى تمت الإطاحة بمختار جمعة من رئاسة المكتب الفنى، الأمر الذى اعتبره جمعة بمثابة صفعة قوية وتحين الفرص لرد الصاع صاعين، وبدأت بوادر أزمة بين الشيخ والوزير قام على اثرها إبراهيم محلب بتكليف من الرئيس السيسى بزيارة شيخ الأزهر فى مكتبه فى محاولة منه لترضية الطيب و«الصفح» عن تلميذه مختار جمعة، الأمر الذى قابله الطيب بسماحة العلماء وقبل التهدئة رغم ما نقله الطيب لمحلب عن نية الوزير الانقضاض على منصب شيخ الأزهر وإشاعة ذلك بين البعض وزعمه انه مسنود من أجهزة سيادية.

وردًا على قرار الإطاحة به من مكتب شيخ الأزهر، قام وزير الأوقاف بافتعال معركة وهمية يثأر بها لكرامته، فقام على الفور بعزل الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر من مجلس إدارة مسجد الحسين كأول رد فعل مباشر من الوزير، وفى رسالة واضحة لا تحتمل اللبس تؤكد استخدام الوزير «عضلاته» أمام الجميع ولم يكتفِ بذلك، بل بدأ بتوجيه ضربات أخرى تساهم فى إضعاف موقف الشيخ الطيب منها قيامه بتحجيم دور مستشار شيخ الأزهر محمد عبدالسلام فى وزارة الأوقاف، والذى يشغل فيها منصب مستشار الوزارة وعبدالسلام هو المستشار الخاص والقانونى لشيخ الأزهر الذى يضع فيه كامل ثقته ويعتمد عليه كل الاعتماد بل ويعد عبدالسلام الذراع اليمنى للطيب فى كل الأمور التى تهم مشيخة الأزهر، مما جعل الوزير يقوم بالتخلى عنه وعن دوره داخل الوزارة؛ وإبعاده عن «معسكره»، حتى يُغضِب شيخ الأزهر الأمر الذى ردَّ عليه الأزهر باستضافة أقطاب حزب النور بعد منع الأوقاف اعتلاء ياسر برهامى ويونس مخيون منابر مساجد الأوقاف، مما اضطر وزير الأوقاف إلى الخروج من هذه المعركة خاسرا بعد أن منحت الأوقاف ترخيصًا للخطابة للقطبيين السلفيين لاعتلاء بعض المساجد رغم الخلافات الجذرية فى العقائد بين السلفيين ومنهج وزارة الأوقاف ومنح الأزهر ترخيصا للدكتور الغفير بالخطابة فى مسجد الجامع الأزهر بعد قيام الأوقاف بمنعه من الخطابة.

فى الوقت الذى رفض فيه بعض خطباء وأئمة وزارة الأوقاف الخطبة المكتوبة واعتبارها ضربا من التخلف والجمود، قام مختار جمعة بإصدار تعليماته وتوجيهاته بتشديد قبضته على المساجد التى لم تلتزم بتعليماته، بل وصل الأمر إلى إعلان حالة الطوارئ فى وزارة الأوقاف فى يوم الجمعة وذلك بإصدار توجيهاته وتعليماته لمديريات الأوقاف فى محافظات الجمهورية باتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد الأئمة والخطباء غير الملتزمين بتعليماته، وإحالتهم إلى الشئون القانونية واعتبار كل إمام وخطيب مخالفا لتعليماته ضمن «معسكر» الشيخ الطيب الذى قام مؤخرًا باعتماد زيادة قدرها 400 جنيه لـ 4 آلاف واعظ تابعين لهيئة الوعظ والإرشاد بالأزهر الشريف، مما أثار حفيظة أئمة الأوقاف ضد الوزير الأمر الذى اعتبره الوزير بمثابة إعلان الحرب المالية ضده وإثارة «زيادة» الوعاظ حفيظة خطباء الأوقاف البالغ عددهم 40 ألفا بجانب وجود 17 ألفا من خطباء «المكافأة»، الأمر الذى أجبر وزير الأوقاف علي الدخول فى هدنة مؤقتة مع خطباء المكافأة، بعد أن وصفهم مؤخرًا بالإرهابيين والمتطرفين نتيجة تنظيمهم عدة مظاهرات أمام ديوان الوزارة مطالبين بتثبيتهم لحاجة المساجد إليهم، والبالغ عددها 55 ألف مسجد.

بعد تنامى الدور الذى يلعبه وزير الأوقاف على جميع الأصعدة السياسية، وإرسال عدة رسائل للقيادة السياسية من خلال تفعيل خطاب الرئيس المطالب بضرورة تجديد الخطاب الدينى قام مختار جمعة بتسخير كافة إمكانات الوزارة لتطوير الخطاب الدينى من خلال تنظيم عدة مؤتمرات دينية لمناقشة آلية تطوير الخطاب الدينى، وكيفية مواجهة الفكر المتطرف المسيطر على البعض فى محاولة للخروج من النفق المظلم، إلا أن تلك المؤتمرات لم تؤتِ ثمارها ولم تأتِ بالنتيجة المرجوة منها؛ لغياب الرؤية الاستراتيجية لهذه المؤتمرات بعد أن قاطع حضورها الشيخ الطيب مما اضطر جمعة إلى الاستعانة بمجموعة من المفكرين غير المتخصصين بسبب مقاطعة هيئة كبار رجال علماء الأزهر حضور المؤتمرات لكونها تعبر عن «الشو» الإعلامى الذى يعشقه الوزير، ولبعدها التام عن مضمون دعوة التجديد والتطوير، وعدم جدية تلك المؤتمرات فى مواجهة الأفكار المتطرفة التى ينبغى محاربتها، مما أفشل خطة وزير الأوقاف الاستحواذ على ثقة القيادة السياسية بعد أن تحولت مؤتمرات تجديد الخطاب إلى «مكلمة» لا طائل من ورائها واعتبرتها الرئاسة ضياعا للوقت بسبب مقاطعة شيخ الأزهر لها وعدم مشاركته هيئة كبار العلماء فيها، الأمر الذى أوغر صدر الوزير مختار وأشعلها حربا ضد الشيخ الطيب ورجال الأزهر وخاصة خطباء المساجد، فأصدر تعليماته بمنع صعود خطيب أزهرى على منابر وزارة الأوقاف.

رائحة الفساد أزكمت أنف الطيب

انقطعت الاتصالات الهاتفية بين الشيخ الطيب والوزير مختار تماما عقب تناول الصحف والمواقع ووسائل الإعلام اسم وزير الأوقاف فى قضية كبرى وصل صداها إلى المحاكم، ورغم بيان الأوقاف بانه لا علاقة للوزير بهذه القضية من قريب أو بعيد، وهو ما تأكد معه بعد ذلك إلا أن الشيخ الطيب آثر السلامة وقطع اتصاله بالوزير؛ خوفا من الزج باسمه فى أى تقارير اخبارية عن تلك القضية التى شغلت الرأى العام، وذلك حرصا من الطيب على النأى بمؤسسة الأزهر بعيدًا عن أى مهاترات قد تمس المؤسسة، وهو ما أغضب الوزير واعتبار مقاطعة شيخ الأزهر للاتصالات بينهما بمثابة إعلان حرب كبرى بدأت رحاها منذ هذه اللحظة.

واعتبار ما قد سبق بينهما من مشاحنات وخلافات من قبيل الخلاف فى وجهة النظر، وتكرر طلب الوزير للاتصال بالطيب، إلا أنه لم يلق استجابة أو ردًا، الأمر الذى زاد من حدة التوتر بين الشيخ والوزير وبدأ الوزير منفعلاً وغاضبًا ومنع دخول الصحفيين غير المعتمدين ديوان الوزارة؛ خوفًا من تسرب أخبار قد ثؤثر على معركته مع الشيخ التى بدأت ولم تنته بعد، وقبل ان يندمل الجرح وتعود المياه كما كانت عليه مع وضوح رؤية القضية التى كانت سببا فى القطيعة ظهرت على السطح معركة شقة وزير الأوقاف التى اشتراها من هيئة الأوقاف، وصرف عليها مئات الألوف وتناولتها الصحف بالصور والمستندات ورغم توضيح الوزير لحقيقة الشقة المشتراة وتوضيح حقيقة الأموال المدفوعة كونها ليست من أموال الأوقاف، إلا أن الطيب اتخذ قراره الذى لا رجعة فيه بمقاطعة وزير الأوقاف مقاطعة نهائية، ولم يبادر بمؤازرته كما كان يريد جمعة فى ذلك.

الوزير المختار فى مهب الريح!

تلقى مختار جمعة عدة ضربات قاتلة دعت الأجهزة الرقابية إلى رفع توصية لرئيس مجلس الوزراء بضرورة الإطاحة بوزير الأوقاف من منصبه، وإسناد الحقيبة الوزارية إلى شخص آخر، عقب تناول الإعلام والرأى العام لسيرة وزير الأوقاف، وهو ما دعا شريف إسماعيل إلى المبادرة بالاتصال بالشيخ الطيب؛ ليستفسر منه عن الأشخاص المناسبين لخلافة وزير الأوقاف، الأمر الذى دعا الطيب إلى توضيح موقف الإطاحة بالوزير فى مثل الوقت الذى اشتدت فيه الحرب بينهما، وحتى لا يعتقد مختار جمعة أن شيخ الأزهر يقف وراء الإطاحة به؛ وحتى لا تتحول المعركة إلى معارك شخصية، قرر رئيس مجلس الوزراء إجراء تعديل محدود أبقى فيه على أفشل وزيرين- الصحة والتعليم- مع الإبقاء على وزير الأوقاف بناء على طلب شيخ الأزهر، وهو التعديل الذى سبقته موجة غضب من الرأى العام، وتوقع المصريون خروج وزير الأوقاف من منصبه، لكن كواليس البقاء والرحيل لم تكن مطروحة للعلن، ورغم معرفة الوزير بدور الطيب فى الإبقاء عليه، إلا أنه اعتبره من قبيل الانتصار المؤقت، بل وفسر الوزير ذلك بأن الطيب أصبح يخشاه ويخشى سطوته وأن دعم الأجهزة التى يزعم وقوفها وراءه هى التى أبقت عليه وساندته فى معركة البقاء بل وتسانده فى معركته للوصول إلى كرسى المشيخة الذى بات يحلم به.

أموال الأوقاف فى قبضة الرئاسة

لم تضع الحرب أوزارها بين الشيخ والوزير، فبعد اطمئنان الوزير على منصبه وبعد القضاء على أجنحة الأزهر داخل وزارته والسيطرة على دور العبادة التابعة للوزارة، ومنع صعود خطيب أزهرى على منابرها، وقبل أن ينتشى الوزير فرحا بانتصاراته المؤقتة وقبل أن يستعد لخوض المعركة الكبرى، والإطاحة بالشيخ والصعود مكانه فاجأه الرئيس السيسى بإصدار قراره رقم 300 لسنة 2016 بتشكيل لجنة برئاسة مساعد رئيس الجمهورية ابراهيم محلب لحصر أملاك هيئة الأوقاف المصرية من الأراضى والمبانى والمشروعات، القرار الذى نزل كالصاعقة على الوزير الأمر الذى اعتبره ضربة قاتلة من الشيخ الطيب متمثلة فى قرار الرئاسة ورغم تشكيل اللجنة من 7 أعضاء منهم وزير الأوقاف، إلا انه اعتبر هذا القرار تقليصًا لصلاحياته ودليلًا واضحًا على الفشل الذى انتهجه الوزير فى إدارة أملاك الأوقاف من اراضٍ واستثمارات وعقارات تخطت مليارات الجنيهات، ولعل أخطر ما يشعر به وزير الأوقاف من جراء ذلك القرار المفاجئ، هو اعتزام اللجنة إنشاء أرشيف إلكترونى لحفظ جميع «الحجج» والخرائط وممتلكات الهيئة حتى يسهل حصر الممتلكات، وحفظها من الضياع مع دراسة إمكانية استخدام إمكانيات هيئة الأوقاف فى دعم الاقتصاد القومى، وهذا ما يؤرق الوزير بسبب الفوضى الذى ضربت الوثائق والمستندات فى فترة توليه الوزارة.

تجديد الخطاب الديني الفريضة الغائبة في تنافس الأزهر والأوقاف

أكد عدد من الخبراء في الشأن الديني  أن الصراع القائم بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف على خلفية الخلاف بين الطرفين فيما يخص الخطبة المكتوبة، يؤثر على دعوة تجديد الخطاب الديني بالشكل الذي يتيح للجماعات المتطرفة أن تنشر فكرها وتروج لانقسام المؤسسات الدينية.

وأكد الخبراء أنه من الضروري أن يقوم الأزهر والأوقاف بتدارك هذا الموقف والسيطرة عليه وأن يقتسما فكرة تجديد الخطاب الديني، حيث لا تتغول مؤسسة فى اختصاصات الأخرى، مطالبين بعمل اجتماع عاجل للجنة العليا للدعوة لبحث سبل تجديد الخطاب الديني بما يتناسب مع عقول ومدارك الشباب .

وقال هشام النجار، الباحث الإسلامي، إن أزمة الصراع بين الأزهر والأوقاف قضية اجتهادية قابلة للأخذ والرد، مبينًا أنه على الطرفين  أن يجدا مخرجًا للأزمة لأنه لا يحتمل أن يمتد الصراع لأكثر من ذلك بين أهم مؤسستين دينيتين فى مصر.

وأشار «النجار» إلى أن التناحر بين المؤسستين يؤثر سلبيًا على دعوة تجديد الخطاب الديني وسيتيح للتيارات الأخرى كالسلفيين وبقايا الإخوان والحركات الجهادية أن تخلق لنفسها مساحة تمكنها من بث سمومها والتشكيك فى خطاب الأزهر والأوقاف.

وأكد الباحث الاسلامي أن الإخوان اعتمدوا فى نشأة الجماعة على ضعف المؤسسات الدينية وعدم قيامها بدورها المنوط بها فى بعض القضايا التى تهم الرأى العام، ما جعل الجماعة تخلق لنفسها مساحة لنشر فكرها الديني وتطرح نفسها أمام الشعب، محذرًا من استغلال الجماعات المتطرفة للصراع بين الأزهر والأوقاف والتقليل من قيمة المؤسستين.

وأرجع الدكتور صلاح هاشم، الباحث الإسلامي ورئيس الاتحاد المصري لسياسات التنمية والحماية الاجتماعية، الصراع القائم بين الأزهر والأوقاف، لغياب الرؤية  فى الخطاب الديني فى المجتمع المصري وعجز الدولة المصرية عن تحديد شكل الإطار العام الذي يتحرك فيه ممثلو المؤسسات الدينية.

وأضاف أن الأزهر غاب عن تحديد شكل ملامح الخطاب الديني ولم يقم بدوره كجهة سيادية مسئولة عن تنظيم هذه العملية وبناء قدرات الائمة والخطباء ما تسبب فى فراغ كبير فى مضمون الخطبة وارتباطها بما يحدث على ارض الواقع، مكملا ان ذلك اتاح لبعض الجهات أن تصيغ لنفسها خطابا مغايرا مخالفا عن ما تتمناه الدولة.

وتابع «هاشم»: تراجع دور الازهر نتيجة انشغاله ببعض الامور السياسية التى ليس لها علاقة بالجوانب الدينية لم يقلل من شكل الخطاب الديني فى مصر فقط وإنما امتد إلى الدول الاسلامية الاخرى التى كانت تطلب العلم من الازهر الشريف فقل عدد الدارسين من الطلاب الوافدين من الخارج  من 12 ألف طالب إلى ثلاثة آلاف فقط.

وأوضح الباحث الاسلامي أن الصراع بين الأوقاف والأزهر سيؤدى إلى نتائج إيجابية لأنه سيفرض على الأزهر أن يوسع دائرة تجديد الخطاب الديني حيث يتيح للأوقاف وغيرها من المؤسسات أن تشارك فى تشكيل الاطار العام للخطاب الديني، منوهًا بأن استجابة الاوقاف لقرار الشئون الاسلامية بعدم الاعتماد على الخطبة المكتوبة سيساهم بشكل كبير فى تجديد الخطاب الديني. 

ما حدث بين الأزهر والاوقاف اختلاف رؤى وفكر يلتقى خلالها الفكر والرؤى على أمل سواء جامع بين الطرفين يخدم الدين والدنيا، حسبما يرى الشيخ محمد زكى بدار، أمين اللجنة العليا للدعوة، لافتًا إلى الترهل الدعوي الذى نجم عنه تأخر المجتمع بسبب تشرذم الدعوة وعدم إعداد الدعاة بالشكل المطلوب.

وألمح إلى أن الدعوة تحتاج إلى مشروع دعوي كبير يقوده داعية مستنير غير مفتون بزخارف الدنيا ومشهود له بالورع والكفاءة العلمية والادارية وليس له انتماءات سياسية، مؤكدًا ان ما أضر الدعوة الآن إلا ادعياؤها الخارجون عليها ما اظهر الفتاوى الشاذة والمضللة.

واعتبر أن ما تسبب فى اشعال الموقف بين الأزهر الاوقاف هو اتخاذ الاوقاف قرارا خطيرا وهو الاعتماد على الخطبة المكتوبة دون الرجوع للأزهر ولا لجنة الدعوة التى يرأسها فضيلة الامام احمد الطيب، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة كانت بمثابة تجميد للداعية وقتل لمواهبه فى الوقت الذى نطالب فيه بتجديد الخطاب الديني بشكل يتوافق فيه مع متطلبات الحياة.

وأشار إلى ضرورة أن يقوم الداعية بتوصيل المعانى الدينية السمحة بلغة يسيرة يفهمها الجيل الجديد تناسب تطوره ومتطلبات حياته وتعيد إليه الثقة فى دينه، كما أنها أيضا لابد من أن تعالج الخلل الاجتماعى المتفشي فى المجتمعات وهذا لا يكون بخطبة مكتوبة لا يشعر الامام بمعانيها .

وطالب «بدار» الدكتور أحمد الطيب بعمل اجتماع عاجل للجنة العليا للدعوة لمناقشة الترهل الدعوي والخروج ببيان عن اللجنة يكون بمثابة ورقة عمل ملزمة لكل الوزراء والمسئولين مع اعادة النظر فى الدورات التدريبية للدعاة وتأهيلهم بالشكل الجيد والمطلوب .

أراد التنكيل بمحافظ الإسكندرية فقامت الأجهزة بسحب ملف تقييم المحافظين من يده

دخل أحمد زكي بدر وزير التنمية المحلية في صراعات متعددة مع مسؤلين منهم محافظون، بل وصل به الأمر إلى التلويح بعصا التغيير لأي محافظ ليس على هواه وبدلا من قيام وزير التنمية المحلية بدوره في محاربة الفساد ومعالجة أخطاء وزارته قام بالتدخل في كل كبيرة وصغيرة تخص عمل بعض المحافظين وهو ما ظهر على السطح مؤخراً في حربه مع محافظ الإسكندرية المهندس محمد عبدالظاهر الذي أشار بأصابع الاتهام إلى الوزير واعتباره مساهماً في إهدار المال العام للدولة بعد قيامه بالموافقة على منح أحد المستثمرين أرضاً بقيمة مليار جنيه بالاسكندرية دون الرجوع إلى المحافظ الذي أكد تبعية الأرض للمحافظة وليس للأوقاف وليس للوزير سلطة المنح أو المنع وهو ما اعتبره زكي بدر تحدياً كبيراً وإيذاناً ببدء الحرب على المحافظ بكل وسيلة ممكنة.

لم تقف الأجهزة الأمنية العليا موقف المتفرج في معركة الوزير والمحافظ بل قامت بسحب ملف تقييم الوزراء من يد وزير التنمية المحلية وذلك بعد إعلان الوزير عن نيته الإطاحة بالمحافظ والتنكيل به في حركة تغيير المحافظين المرتقبة وهو ما يوضح سر تأخير الحركة حتي الآن، وهو ما جعل زكي بدر يستشيط غضباً معتبراً سحب ملف المحافظين منه تعدياً صارخاً على اختصاصات وزارة التنمية المحلية وعلى شخص الوزير وانتصاراً لموقف المحافظ الأمر الذي دفع به إلى قبول جلسة ودية للصلح مع المحافظ برعاية خالد حنفي وزير التموين لكن إصرار المحافظ على موقفه وطلبه اعتذاراً واضحاً من الوزير جعل المبادرة تبوء بالفشل رغم قبول الطرفين للتهدئة.

طموحات زكي بدر ألقت به بعيدا عن الشاطئ ولم يدر بخلده التغيير الجذري الذي حدث في المجتمع المصري بعد ثورتين كبيرتين وظل يتعامل مع ملف التنمية المحلية بطريقة أمنية أكثر منها طريقة إصلاحية فقد سبق أن فشل فشلاً ذريعاً في وزارة التربية والتعليم وتمت الإطاحة به ونال قسطاً كبيراً من غضب الشارع لطريقة تعامله الأمنية التي فشلت ورغم فشله الذريع إلا أنه ظل يتعامل مع مشاكل 27 محافظة من برج عاجٍ ونظرة غير ثاقبة، الأمر الذي جعل أعضاء بمجلس النواب يطالبون بإقالة زكي بدر بسبب طريقته الخاطئة وغير المجدية في وزارة التنمية المحلية التي أصبح الفساد فيها يمشي على قدمين وأصبحت المحليات في مرتع للرشاوي والعمولات ولم يستطع الوزير مقاومة ذلك.

العدوى تنتقل للبرلمان معركة «عبدالعال» و«السادات» على تشكيل «القومى لحقوق الإنسان»

معركة جديدة  تنتظر مجلس النواب، بسبب تشكيل المجلس القومي لحقوق الانسان، حيث توقع عدد من النواب والحقوقيين أن تلقي الخلافات بين رئيس المجلس علي عبدالعال ورئيس لجنة حقوق الانسان محمد أنور السادات وتهديد السادات بتجميد عمل اللجنة،  بظلالها على قيام لجنة حقوق الانسان بتشكيل المجلس القومي، موضحين أن القانون الجديد الخاص بالمجلس القومي لحقوق الانسان سينص على تشكيل البرلمان للمجلس ولكن دون تحديد، ولكن الأعراف البرلمانية والبروتوكولات تقضي بأن تقوم لجنة حقوق الانسان بالتشكيل وليس اللجنة العامة للبرلمان، مفيدين أن أعضاء اللجنة هم الاكثر دراية بالوضع الحقوقي وبمتطلبات المجتمع المدني في مصر لذلك فالأفضل أن يتولوا هم التشكيل.

من جانبه، أكد إلهامي عجينة، عضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، أن مجلس النواب هو المنوط به اختيار وتشكيل المجلس القومي لحقوق الانسان، وذلك طبقًا للقانون الجديد الخاص بالمجلس القومي والذي سيتم إقراره الفترة القادمة، مبينًا أن القانون لم يحدد لجنة حقوق الانسان بأن تتولى هي تشكيل المجلس.

ولفت «عجينة»، إلى أنه من المفترض  طبقًا للبروتوكولات والاعراف البرلمانية أن يوكل رئيس البرلمان تشكيل المجلس القومي للجنة حقوق الإنسان، وذلك وفقًا للاختصاص والخبرة، لأنها الاكثر دراية بالوضع الحقوقي في مصر وباحتياجات المجتمع المدني وفقًا لعملها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل