المحتوى الرئيسى

ما بعد الشرق الأوسط | المصري اليوم

08/01 23:21

انشَغَلَ علم السياسة سنوات عديدة بمصطلح «الشرق الأوسط الجديد».. وسنوات أخرى بمصطلح «الشرق الأوسط الكبير».

لم يتمكّن أحد من مشاهدة ذلك الأمل «الجديد» فى الشرق الأوسط، ولا ذلك الاتساع «الكبير» فى منطقة أصابها الضمور والوَهَن. ذلك أن ما حدث ويحدث.. ليس تمديدًا ولا تجديدًا.. وإنّما ملامح حقبة أخرى.. حقبة جيوسياسية قد يكون عنوانها: «ما بعد الشرق الأوسط».

مكثت الملكية فى اليمن ألف عام.. ثم جاءت رياح التغيير.. لتصبح الرياح بعد عقود قليلة عواصف وأعاصير.

وانتهت الدولة العثمانية التى أطلقتْ على نفسها- خطأً- اسم «الخلافة الإسلامية» بعد ستّة قرون.. لتصل إلى تركيا.. وبعد أقل من قرن من تأسيس تركيا تُواجه الدولة خطر السقوط.. ويدفعُها البعض فى الداخل والخارج إلى أتونِ حربٍ أهلية.

وما بين تركيا واليمن.. يتوازى مع ما بين باكستان والبحر المتوسط.. تشققات واسعة فى التربة السياسية لهذه المساحة المزدحِمة بكل شىء.. إلاّ علم المنطق ومعالم الحكمة.

فى الدولة اليمنيّة.. سلفيون وجهاديون وقاعديون وداعشيون ويساريون وحوثيون وإخوان.. وفيها أنصار للنظام السابق والنظام الأسبق.. والنظام القائم والنظام المحتمل.. وفيها من يدعو إلى الوحدة ومن يدعو إلى التقسيم، وداخل التقسيم هناك من يدعو إلى مثْنى وثُلاث ورُباع!

فى اليمن يحارب الإخوان إيران.. وخارج اليمن يتعاون الإخوان مع إيران، يؤيد إخوان اليمن السياسة السعودية ويناهض إخوان السعودية سياسة المملكة!

وفى تركيا.. أكراد وعلويون، متطرفون وعلمانيون، شيوعيون وانقلابيون.. وأردوغانيون وجولنيون. فى تركيا تهاجم الحكومة الولايات المتحدة وتتهمها بدعم الانقلاب، وتتحالف الحكومة أيضًا مع الولايات المتحدة وتُقَدِّر لها مساعدة الجيش فى إفشال الانقلاب!

فى تركيا- أيضًا- تقف الحكومة للعام الثالث والخمسين على أعتاب أوروبا للسماح بالدخول، وتتجه الحكومة للانضمام إلى النقيض حيث منظمة شنغهاى.. يتحدث الرئيس عن الاتجاه إلى «الاتحاد الأوروبى».. ويتحدث أيضًا عن الاتجاه المعاكس نحو «الاتحاد الأوراسى».. يتحالف الرئيس مع واشنطن ويتفاوض للتحالف مع موسكو.. كما يتحالف- إقليميًا- مع السعودية ويتفاوض للتحالف مع إيران. تتحدث مراكز الدراسات الغربية عن تحالف تركى أمريكى إسرائيلى، وتتحدث مراكز الدراسات الشرقية عن تحالف روسى إيرانى!

تقول سفارة مصر فى تركيا إن إشارة رابعة تشير إلى مصر، وتقول سفارة تركيا فى القاهرة إن إشارة رابعة تخص أنقرة.

يقول أردوغان إن «إشارة رابعة» تخصُّ الأوضاع فى مصر، وتقول سفارة تركيا فى القاهرة إنها تخصُّ مبادئ الوحدة الوطنية فى أنقرة.. فيردّ الإعلام المصرى بأنها بادرة إيجابية.. ليردّ أردوغان بهجومٍ عنيفٍ على القاهرة!

تبدو العراق وسوريا فى الوضع الأسوأ.. وتبدو «إيران» و«إسرائيل» فى الوضع الأفضل.. لكن من قال إن هذا هو آخر المشوار.. أو أننا إزاء المشهد الختامى.. أو نقطة نهاية السطر.

ستواجه إيران وإسرائيل ما يواجه المنطقة من زلازل وتوابع.. وسيأخذ الجميع نصيبه من الانكسار والارتباك.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل