المحتوى الرئيسى

الطائفية | المصري اليوم

08/01 20:37

منذ أن أخرج الرئيس الأسبق أنور السادات الوحش الوهابي من الكهف في بداية السبعينيات، وتعاني الدولة فشلًا ذريعًا في مواجهة الفتن الطائفية، وبدا أن الخطاب السلفي الذي ينفي الأقباط وطنيًا ويهدم معتقداتهم دينيًا، الحل الوحيد أمام دولة تخلت لتوها عن انحيازاتها الاجتماعية وبدلت ثوبها الاقتصادي بآخر لا يُرضي أغلبية مواطنيها، فما كان منها إلا استدعاء أنصارها من المهووسين دينيًا في مواجهة المعترضين على سياسات السادات. وبين ليلة وضحاها تحولت الجمهورية المؤسسة على مبادئ المساواة والعدالة إلى «دولة العلم والإيمان»، وفجأة أصبح رأس السلطة التنفيذية يسمى «الرئيس المؤمن»!.

وظلت علاقة السلطة والتيار الديني التابع للدولة حينا وخصمها في أحايين أخرى قائمة على المصلحة المشتركة في تأميم صوت المواطنين للدولة «صاحبة صك الوطنية» وللدينيين «أصحاب صك الإيمان»، وتراوحت درجات الاتفاق والاختلاف بين الجانبين من التحالف المعلن أو الخفي إلى الهجوم والعداء حينما تقتضى لعبة توجيه الناس فيما بينهم، أو الصراع على مقدرات الوطن. واغتيل السادات في الأخير على يد من منحهم فرصة للوجود وترويج أفكارهم التي تعادي في أغلبها قيما إنسانية راسخة، فيما اتخذهم مبارك فزاعة للغرب يستخدمها متى شاء لتبرير استمراره في الحكم أكثر من ربع قرن، حتى وصلنا قبل خمس سنوات، بسبب انتهاج السياسات المعتمدة على وجود ظهير ديني رجعي يحمي السلطة ويساعدها في إخضاع الجماهير، إلى واقعة التظاهر والاعتصام في قنا احتجاجًا على تولي «مواطن» قبطي منصب المحافظ، عقب ثورة ترفع رايات الحكم المدني. وكان المشهد المفزع شديد الدلالة على تغول العقل السلفي عبر عقود. ما جعل مصطلحات من عينة «ذمي» و«جزية» تطفو على سطح المشهد العام.

سلسلة طويلة من الأحداث المخجلة احتلت الصفحات الأولى من الصحف، ليس أقلها تعرية سيدة مسنة في المنيا قبل أشهر، ولن يكون آخرها حادث بني سويف قبل أسابيع، والحل في مجابهة سرطان الفتن الطائفية الذي يفتك برحابة الوطن بالتأكيد لا يملكه شيوخ وقساوسة الكيان المسمى «بيت العائلة»، ولا لقاءات بابا الكنيسة وشيخ الأزهر، وفيما يبدو أن الحل المأمول بعيد أيضا عن مخيلة دولة تعتمد أول حلولها في كل الأزمات على عصا الأمن، والدليل أن إجراء بسيطا كإلغاء خانة الديانة من بطاقات الهوية استنزف سنوات من الحوار في أروقة الدولة وندوات الأحزاب وبرامج المساء في الفضائيات، واعتاد المصريون مطالعة لقاءات وعناقات الشيوخ والقساوسة عقب كل حادث طائفي، ثم يعاد من جديد نفس المشهد القبيح ونشاهد حرائق واعتداءات لمجرد تفكير مواطنين في أداء شعائرهم الدينية!.

أقباط مصر لا يحتاجون لقاءات مع مسؤولي الدولة أو رجال الدين وزيارات موسمية إلى الكاتدرائية في الأعياد المسيحية، ما يحتاجه الأقباط وتدركه النخب الحاكمة جيدا قوانين تكفل لهم التعبد بحرية دون مضايقات، وتشريعات تُجرم كل من يهين معتقدات الآخرين أو يسخر منها بأي طريقة أو وسيلة سواء في المساجد أو الصحف أو الفضائيات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل