المحتوى الرئيسى

رزق المدني يكتب: قطر الندى وشهريار! | ساسة بوست

08/01 13:49

منذ 1 دقيقة، 1 أغسطس,2016

يحمل تاريخ مصر مفارقات صنعتها قصور الحكم ونزوات الحاكمين، واتفاقات المصالح ومحاولات الحفاظ على السلطة وإغراءاتها، إلى حدّ أودى في كثير من الأحيان بالكثير من بريق وخيرات هذا الوطن. وضمن هذه المفارقات قصة زواج «قطر الندى»، ابنة خمارويه بن أحمد بن طولون، حاكم مصر في الفترة من 250 إلى 282 هجريًّا، حين أهدى ابنته للخليفة العباسي المعتضد بالله، لكي يثبت ملكه في مصر وليته اكتفى بذلك، بل تقول الروايات التي حيكت إن هذا الزواج والبذخ الذي صاحبه فاق كل اللامعقول والمنطق؛ مما كان سببًا في إفلاس مصر وسقوط الدولة الطولونية.

وما أشبه الليلة بالبارحة، فعما قريب ستحتفل مصر بمرور العام الأول على جلوس شهريار فوق باخرة المحروسة وهو يوقع عقد زواجه على شهرزاد، صحيح أن المشروع والحفل كلف خزانة الدولة عشرات المليارات، فلا حرج ولا غضاضة في ذلك، فالمهم صور حضور كبار الزعماء والأمراء وملايين المشاهدين عبر الفضائيات، ناهيك عن الجمهور من الواقفين على جانبي القناة، ليعلم الجميع سيطرة شهريارعلى كرسى السلطة حتى وإن كان على حساب مستقبل وطن.

مقدم الحفل صار يسّرد كم سَيعود على البلاد والعّباد من خير وفير، والأغاني الوطنية تدغدغ المشاعر، وترفع ترمومتر الوطنية إلى عنان السماء، لدرجة أن البعض راح بخياله بعيدًا وبدأ يتحسس جيبه، وينعش ذاكرته بجدول الضرب ليعرف كم سيناله من هذا المطر الوفير بخلاف ملايين فرص العمل، واستبشر الجميع؛ فمن اليوم وقادم لن نرى فقيرًا في بر المحروسة، وستصبح المحروسة أكبر من الدنيا.

مر عام مكتمل الأيام ولم نر سوى غلاء فاحش يأكل الأخضر واليابس، وضلت الـ100 مليار دولار التي وعدونا بها طريقها عن جيوب العباد وخزينة البلاد.

أخيرًا استفاق الكثير وبدت الحقيقة المجردة من أي ألوان سياسية تقول إننا أمام مشروع كارثي ابتلع عشرات المليارت من مدخرات المصريين بلا عائد وبلا جدوى، إلى جانب مئات الملايين من الدولارات، ذهبت لاستئجار الكراكات للإسراع في تنفيذ أوامر شهريار حاكم الديار، مما شح معه الدولار في الأسواق ناهيك عن استمرار كارثة الموت الإكلينيكي للنشاط السياحي، وقلة عوائد المصريين العاملين في الخارج، بخلاف توقف الأرز الخليجي.

كل هذه المعطيات جعلت الجنيه المصري المغلوب على أمره وكأنه في مباراة للمصارعة ممتدة الأشواط  بينه وبين الدولار، حيث يُصر الأخير على استعراض عضلاته أمام الجنيه، الذي أصبح لا حول له ولا قوة، وبدىّ مستسلمًا في أحد أركان الحلبة لا يجرؤ على مهاجمة خصمه، أو حتى الدفاع عن نفسه بالرغم أن المباراة في عقر داره وأمام مناصريه، وكأنه رضي بالهزيمة، وعلى الرغم من المحاولات المستمية التي قامها بها العديد من الخبراء والمستشارين لإنقاذه لكن جميعها باء بالفشل، ولم يتبق سوى الاستعانة بمدربين أجانب للخروج من هذا الوضع الكارثي، حتى وإن كانوا من إسرائيل فلا مانع عند السلطة الحالية فهي تعيش في سلام دافئ «أوي» مع حكام تل أبيب!

المحزن أن غالبية الجمهور المتابع للمباراة يأس من نزيف النقاط، وفقد الأمل في الإصلاح، وراح يضرب كفًا بكف، فالغلاء سيحرق جيوبهم وسيستنزف مرتباتهم، لكن المصيبة الكبرى أن بعض المشجعين راح يصبر من حاله ويهمس في نفسه، ليس المهم أن نعيش فالأهم أن شهريار يعيش حتى وإن قُبرت شهرزاد!

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل