"القضاء الإداري" يصدر حكما جديدا لصالح المواطنين ضد فساد المحليات
قضت محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية دائرة البحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، بإلزام محافظ البحيرة ورئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة رشيد بان يؤديان للأطفال القصر إسراء وآيات ومحمد ابناء المرحوم ناجي أحمد حمودة بوصاية امهم ارملته ثناء إبراهيم قطب مبلغا مقداره مائة ألف جنيه تعويضا عما لحقهم من أضرار مادية وأدبية جراء وفاة مورثهم نتيجة انفجار انبوبة غاز لمحل خطر لحام خردة بالشارع برشيد، تقسم بينهم بحسب النصيب الشرعي لكل منهم، وألزمت الإدارة المصروفات.
واكدت المحكمة ان حكمها يكشف الفساد فى المحليات ويرسى مبادئ واصول نظم الادارة المحلية لصالح الشعب وادارة شؤنه ومصالحه المحلية وتفعيل دورها فى الرقابة الميدانية الحقيقية وليست المكتبية او الصورية لتنفيذ خطط التنمية في حكمها الاول من نوعه فى دهاليز الادارة المحلية وتحريرها من الفساد الاداري وكشف تجاوزات عمل تلك المحليات وفي حكم جديد لصالح المواطنين ضد تردى المحليات.
وألزمت المحكمة المحليات بتعويض المواطنين عن الاخطار الناجمة عن المحلات الخطرة المدارة بدون ترخيص واكدت على ان جوهر عمل المحليات ميدانى بطبيعته فى الرقابة والتفتيش على المحال وليس عملا مكتبيا يدار من خلف الأبواب وان الرقابة الميدانية ليست مقصودة لذاتها وإنما لحماية أمن المواطنين وسلامتهم بالدرجة الأولى والزمت الوحدة المحلية برشيد بتعويض 3 اطفال وامهم اسرة صغيرة 100 الف جنيه فقدت عائلها نتيجة انفجار انبوبة غاز لمحل خردة فى الشارع لان الوحدة المحلية برشيد تقاعست عن ضبط محل خطر في نهر الطريق دون ترخيص وامتنعت عن غلقه بالطريق الإداري مما يشكل بذاته ركن الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية كأحد الاسباب التى ترتبت عليها النتيجة واكدت ايضا على ان تعدد الأسباب المتكافئة المؤدية للضرر تجعلها جميعا متعادلة في تحملها بعبء مسئولية إحداث الضرروهو ما استقر عليه ايضا مجلس الدولة الفرنسى.
واضافت المحكمة أن ممارسة جهة الإدارة لاختصاصها بغلق المحل أو إيقاف إدارته جزئا أو كلياً، لن يتأتى إلا بمباشرتها لاختصاص آخر المقرر لموظفي إدارة الرخص الذين يندبهم الوزير المختص صفة مأموري الضبط القضائي في إثبات الجرائم التي بالمخالفة لأحكام ذلك القانون أو القرارات المنفذة له ، ويكون لهم دخول المحل للتفتيش عليه، وهو اختصاص لازم وتمليه طبائع الأشياء والتي تقتضي المتابعة والرقابة المستمرة من جهة الإدارة على المحال الخاضعة لأحكام القانون للتأكد من تشغيلها وإدارتها وفقا لما تميله تلك الأحكام من اشتراطات.
وقالت المحكمة: ما من شك أن ممارسة عمل الرقابة والتفتيش على المحال التجارية والصناعية هو عمل ميداني بطبيعته وليس عملا مكتبيا يدار من خلف الأبواب، وإنما يستلزم نزول الموظف المختص إلى أماكن تواجد المحال الخاضعة لأحكام القانون للتفتيش عليها على الطبيعة ورصد مخالفاتها وضبطها في حينه، خاصة ما يشكل منها خطراً على الصحة أو الأمن العام، فإذا أحجمت جهة الإدارة عن ممارسة اختصاصها المشار إليه كانت ممتنعة عن ممارسة اختصاص أصيل هو من أهم واجباتها تجاه المواطنين، لأن الرقابة الميدانية التي تمارسها جهة الإدارة بالمحليات على ذلك النحو ليست مقصودة لذاتها وإنما قُصِد منها حماية أمن المواطنين وسلامتهم بالدرجة الأولى من تعمد البعض ممارسة أنشطة خطرة دون استيفاء التراخيص اللازمة ولا اشتراطات الأمان المطلوبة .
وذكرت المحكمة إن الثابت من الأوراق ان أحد المواطنين ويدعى علي يوسف الشامي قام بإدارة وتشغيل محل لحام خردة بدون ترخيص والكائن بشارع الحدادين المتفرع من شارع سوق السمك بمدينة رشيد ، وقام المذكور بمحاولة تقطيع اسطوانة ( كمبروسر ) مستخدماً أنبوبة غاز (لمبة لحام) في نهر الطريق أمام باب المحل ، ونتج عن ذلك حدوث انفجار شديد نتيجة انفجار الاسطوانتين اللتين تأثرتا نتيجة التقطيع بلمبة اللحام وذلك على النحو الوارد بتقرير المعاينة الذي أعدته إدارة الدفاع المدني بمديرية أمن البحيرة والمودع بمستندات جهة الإدارة ، وقد نتج عن ذلك الانفجار حدوث عدد من الوفيات بين المارة الذين تصادف وجودهم أمام المحل لحظة وقوع الانفجار ومن بينهم زوج المدعية المرحوم / ناجي أحمد حمودة و أن جهة الإدارة أفادت في كتابها المرفق بمستندات المدعية أن المحل المشار إليه لم يصدر له ترخيص وأنه كان يعمل في غير أوقات العمل الرسمية ، وهو ما ينهض دليلاً على تقاعس الجهة الإدارية في ممارستها اختصاصها الأصيل بالتفتيش والرقابة على هذا المحل ، إذ كان يتوجب على جهة الإدارة إعمال اختصاصها المنوط بها بالتفتيش على المحل ، والذي كان سيمكنها من كشف المخالفة وضبط المحل وغلقه بالطريق الإداري ، إلا أن الجهة الإدارية امتنعت عن ذلك وتعللت بعذر هو أقبح من ذنب بأن المحل كان يدار في غير أوقات العمل الرسمية ، وكأن الالتزام بأحكام القانون مرتبط بأوقات العمل الرسمية للجهة الإدارية ! ، وكأنه بفوات تلك المواعيد يصبح المحظور مباحاً ! وتنعدم الرقابة على المخالفين لأحكام القانون بعد انتهاء أوقات العمل الرسمية ، يديرون أنشطة خطرة على الصحة أو الأمن العام ويهددون حياة السكان والمارة دون مساءلة أو اعتراض من جهة الإدارة التي أغلقت أبوابها بعد انتهاء أوقات عملها الرسمية ، وأَلِفَت الاستكانة والتخاذل في أداء عملها حتى أصبحت تبرر خطأها بأعذار لا يقبلها العقل أو المنطق القانوني السليم .
واشارت المحكمة أن الوحدة المحلية لمركز ومدينة رشيد امتنعت عن اتخاذ التدابير والإجراءات الواجبة قانوناً حيال المحل المشار إليه سلفاً ، تاركة إياه يدير نشاطا ً خطراً في نهر الطريق أمام محل يدار دون ترخيص ، وتقاعست عن ضبطه وغلقه بالطريق الإداري ، مما يعد معه قراراً إدارياً سلبياً ، يشكل بذاته ركن الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية للجهة الإدارية و وعن ركن الضرر فإن الثابت من الأوراق أن المدعية – وهي زوجة وأم لثلاثة أطفال – فقدت زوجها في حادث انفجار الاسطوانتين المستخدمتين بالمحل المذكور سلفاً ، وهي بفقدها زوجها الشاب الذي كان يبلغ من العمر وقت وقوع الحادث ثمانية وثلاثين عاماً ، تكون قد فقدت عائلها الذي انتُزِعَ من وسط أطفاله صغار السن والذين كان يبلغ أكبرهم سناً وقت الحادث اثني عشر عاماً وأصغرهم أربع سنوات ، وهم جميعاً ممن تجب نفقتهم على الزوج والأب المتوفى ، مما أفقدهم مصدر النفقة وهم في سن أحوج ما تكون إلى الرعاية والإنفاق . فضلا عما أصابهم من ضرر أدبي تمثل فيما أصاب شعورهم وعاطفتهم وما أصابهم من الغم والأسى والحزن جراء فقدهم لعائلهم الوحيد .
Comments