المحتوى الرئيسى

"اليوم السابع" يكشف فوضى معامل التحاليل فى مصر.. فنيون يستأجرون معامل من الأطباء بأسعار تبدأ من 1000 جنيه.. وبعض الأطباء يرسلون مرضى إلى معامل محددة مقابل نسبة

08/01 10:28

18 يومًا قضاها مؤمن عبدالعزيز، من مدينة جرجا بمحافظة سوهاج، فى سريره لا يستطيع الحركة، نتيجة تناول علاج خاطئ.

بدأت مأساة مؤمن عندما شعر بارتفاع شديد فى درجة الحرارة، فتوجه للطبيب، الذى بدوره طالبه بإجراء بعض التحاليل، فتوجه إلى أحد معامل التحاليل بالقرب من منزله، وأثبتت النتائج أنه يعانى من حمى تيفود وحمى مالطية.

وتوجه إلى معامل التحاليل الكبرى، والتى نفت نتائج المعمل الأول، مؤكدة عدم إصابته بالحمى، ولكونه معملا شهيرا وثق مؤمن به، واصطحب للطبيب نتائجه، فوصف الطبيب له العلاج بناء على هذه النتائج.. وبعدها تدهورت حالته، وأصبح طريح الفراش، نتيجة خطأ الطبيب فى وصف العلاج بناء على نتائج معمل التحاليل.

قصة مؤمن ليست الوحيدة، ولن تكون الأخيرة، من قصص ضحايا نتائج معامل التحاليل، فى ظل عشوائية إجراءات افتتاح المعامل واختيار الفريق العامل بها من غير المؤهلين، والتلاعب بالقانون رقم 367 الصادر فى عام 1954، والمنظم لمهنة إجراء التحاليل الطبية، طبقا لما أكدته الدكتورة دينا محمد، ماجستير تحاليل طبية، وأخصائية تحاليل طبية.

وأضافت دينا، لـ«اليوم السابع»، أنه نتيجة لاشتراط القانون وجود طبيب بالمعمل، ولأن أغلب الأطباء البشريين لا تكون لديهم رغبة فى العمل بالتحاليل، يلجأون إلى تأجير تراخيصهم للفنيين بأسعار تتراوح ما بين 1000 إلى 2000 جنيه فى الشهر.

وقال الدكتور أحمد عبيه، أخصائى التحاليل الطبية، وأمين نقابة العلميين الفرعية بالدقهلية، إن 50% من المعامل تعتمد على مبدأ «لاب تو لاب من معمل لمعمل»، والتى تعتمد على إعداد صالة استقبال جيدة فقط، ويتم إرسال العينات التى يتم سحبها من المرضى للمعامل الكبرى، لافتا إلى أن 70% من العاملين بالمعامل فنيون من غير المختصين فى ظل غياب الرقابة من قبل وزارة الصحة.

وأشار عبيه، إلى أن بعض الأطباء يجرون اتفاقيات مع مجموعة من المعامل لإرسال المرضى إليهم مقابل هامش محدد من الربح، لافتا إلى أن العينات بعد الانتهاء من فحصها يتم إلقاؤها فى القمامة، دون التعاقد مع محارق، على عكس المتعارف عليه.

حديث الدكتور عبيه، حول عمل غير المختصين بالمعامل يتوافق مع ما رصدناه من إعلانات عدد من المراكز عن دورات تدريبية لتأهيل الراغبين فى العمل بمجال التحاليل الطبية، والتى حددت فترة الدورة بـ8 أسابيع فقط، مقسمة إلى 25 محاضرة نظرية، و8 سكاشن عملى للتدريب على 7 أجهزة مختلفة، برسوم تتراوح بين 750 و1500 جنيه، ولم يشترط الإعلان حصول الدارس على أى شهادات علمية.

وقال الدكتور محمد أبو زيد، أخصائى التحاليل الطبية، وعضو مجلس شعبة كيمياء بنقابة العلميين، لـ«اليوم السابع»: «إن القانون رقم 367 لسنة 54 يضاهى القوانين الدولية، باستثناء بعض البنود، التى حسبت بعض الشرائح غير المصنفة دوليا على المهنة كالزراعيين والبيطريين، عكس ما تسير عليه الجمعية الأمريكية للباثولوجيا الإكلينيكية، حيث صنفت خريجى علوم على أنهم أخصائيون فى التحاليل الطبية، وحرمت على غير المختصين المزاولة»، مؤكدا أن القانون منح الحق لخريجى كليات الطب والعلوم والصيدلة والبيطريين والزراعيين لمزاولة مهنة التحاليل الطبية.

ولفت إلى أن الأطباء يستندون فى محاولاتهم للسيطرة على المعامل إلى أنه لا يجوز لغير الأطباء سحب العينات، رغم أن الأطباء غير مؤهلين لهذا العمل.

وقال الدكتور محمد راشد، رئيس شعبة العلوم الطبية: «الأطباء يتغولون علينا ويدعون أننا نعمل فى غير تخصصنا، رغم أنه طبقا لمنظمة الصحة العالمية، والقوانين الطبية العالمية، فإن إجراء التحاليل من اختصاص الفنى أو مقدم الخدمة الصحية. بينما أكد الدكتور أحمد الكتاتنى، نقيب الزراعيين، أن القانون منح المهندس الزراعى حق فتح معامل التحاليل الطبية بعد حصوله على دبلومة لمدة عامين.

فيما أكد الدكتور أحمد زكريا، عضو مجلس نقابة البيطريين، لـ«اليوم السابع»، أن وزارة الصحة ترفض منح البيطريين والعلميين والزراعيين تراخيص مزاولة مهنة التحاليل الطبية.

من ناحية أخرى، قال الدكتور رشوان شعبان، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، إن كتابة تقرير التحاليل ترتبط بتخصص طبيب الباثولوجيا الكيميائية، وأن الكيميائيين يبدأ عملهم بعد سحب العينات.

وأشار إلى أن النقابة خاطبت وزارة الصحة بتعديلات قانون مهنة التحاليل الطبية، إلا أن الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة الحالى، يتجاهل الموضوع منذ توليه مهام الوزارة.

وأضاف أن خريج كلية العلوم يدرس الكيمياء فقط، ويحصل على الرخصة من وزارة الصحة، ويدون عليها لقب «دكتور» بدلا من «كيميائى»، ويخالف الرخصة بإجراء التحاليل بما يسبب أخطاء كثيرة فى نتائج التحاليل. وروى منسق رابطة أطباء الباثولوجيا الإكلينيكية والكيميائية، أحد الوقائع للتدليل على عدم قدرة الكيميائيين على العمل منفردين بالمعامل، فقال: «أحد الكيميائيين الحاصلين على ترخيص لفتح معمل، أصيب بمرض «اللوكيميا» أو سرطان الدم، وظل لمدة 6 أشهر يجرى تحاليل لنفسه ويقرأ النتيجة بنفسه دون عرضها على متخصصين، وظن أنه مصاب بالتيفود، واكتشف مرضه الحقيقى بعد 6 أشهر.

من ناحية أخرى، قال الدكتور خالد علام، مدير إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة، لـ«اليوم السابع»، إن الإدارة المركزية للعلاج الحر خصصت شهر مارس الماضى للتفتيش على معامل التحاليل بجميع المحافظات، وتم إغلاق 683 معملا غير مرخص، ومنح إنذارات لـ605 معمل لوجود مخالفات.

وحول أحقية فتح المعامل، قال علام: «القانون المنظم لمهنة التحاليل به ثغرات يتم استغلالها بشكل سلبى، وتتيح لغير المختصين إجراء التحاليل».

الدكتور صابر غنيم، رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر بوزارة الصحة والسكان، أكد أن القانون نص على حق 5 فئات فى الحصول على تراخيص مزاولة مهنة التحاليل وليس ترخيص فتح المعمل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل