المحتوى الرئيسى

هياكل الدواجن.. طعام 50% من المصريين «القاتل» لمواجهة الفقر: «افرجها يارب وعيالنا ياكلوا فراخ ولا لحمة» (تقرير)

07/31 20:39

مواطنة: «كنا نتكسف نشتري الفراخ البيضا دلوقت مش لاقيين ناكل هياكلها».. وبائع: «الناس متقدرش تشتريها»

صاحب ورشة إعادة تصنيع الهياكل لاستخدامها في الحواوشي والسجق: «الحكومة منفضة للناس.. وبنوفر أكل للي معهوش ياكل»

رئيس شعبة الدواجن لـ«البداية»: قرار حظر تداول الهياكل تم رفضه بسبب موجة الغلاء وتأثيره على الاقتصاد

سيدة: «بقالي شهرين ما أكلتش أولادي فراخ ولا شموا ريحة اللحمة.. عايشين على رجول الفراخ وبقايا العفشة»

طبيبة: هياكل الدواجن لها أعراض مفزعة.. وخطرة على هرمونات النساء وتصيب الرحم بالقرحة وتسبب عسر الهضم

في السادسة من صباح الخميس، 28 يوليو 2016، تتحرك السيدة بخطوات حائرة في الشوارع، تصل سوق الدواجن بشبرا (الضاحية الشمالية للقاهرة الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية)، فتجده يكاد يكون فارغًا سواها وابنتها الصغرى وبعض البائعات.

تعمدت السيدة الذهاب إلى السوق مبكرًا حتى لا يراها أحد، وهي تشتري هياكل الدواجن فقط، فقد اعتاد عليها جيرانها في شراء الدواجن واللحم، لكنها بعد وفاة زوجها لم تتمكن من شراء اللحوم بأنواعها «هشتري لحمة بمعاش 250 جنيه إزاي؟، والمفروض يكفوني أنا وبناتي الشهر كله».

تشد على يد ابنتها الصغيرة تستمد منها شجاعة بدأت تفقدها في مواجهة قسوة الحياة بغلائها بعد وفاة زوجها.. شعورها لم يأت من الفراغ.. سبقتها إليه كثيرات من النساء المصريات.

في أوائل أبريل 2016، أدلى رئيس شعبة الدواجن، الدكتور السيد عبدالعزيز، بتصريحات قال خلالها إن 50% من المصريين يعانون من الفقر ويعيشون على هياكل الدواجن.

أستاذ الاقتصاد، علي عبد التواب، أوضح أن تردي الحالة الاقتصادية المستمر دون إيجاد حلول حقيقية هي التي وصلت بالشعب لتناول طعام الحيوانات، وتردي الحالة الاقتصادية هو ما يقع دائما على عاتق الطبقة الفقيرة التي أصبحت أكثر تهميشا ولم تكن أبدا ضمن أولويات حكامها، مُشيرًا إلى أن 27% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر.

وأضاف أن تلك الحالة المتردية المستمرة وتصريحات رئيس شعبة الدواجن، يوضح أننا على مشارف «ثورة جياع».

يشق صوت البائعة السكون، تخرج نداءتها مدويّة داعية المارة بالشراء من جرورتها «قربي يا حلوة تعالي يا معسّلة واشتري رجول وأجنحة هتعمل أحلى شوربة يا ست». يقترب منها المارة وتتزاحم عليها النساء لشراء الأرجل والأجنحة بدلا من الدواجن الكاملة أو اللحم.

«انتي بتتكلمي في رجول وأجنحة سعرها بقى بـ14 جنيه، يعني حتى دي مبقاش كل الناس بتعرف تشتريها، وعندك الفراخ البيضة بـ24 جنيه والبلدي دخلت على التلاتينات، وفي الآخر مرتباتنا كام عشان نعرف نعيش ونقاوم الغلاء ده، ولا الهوا»، هكذا قال عم محمد «الفرارجي» صاحب محل دواجن.

إحصائيات صادرة عن منظمات غير حكومية معنيّة بالمرأة، حول عدد النساء المعيلات التي تعتمد في إطعام أسرتها على هياكل الدواجن، تفيد أن نسبة الأسر التي تعيلها النساء بهياكل الدواجن تتراوح ما بين 600 و900 حالة يوميًا.

نفس المشهد يتكرر في محافظة أخرى، تقول أم ليلى بأحد أسواق الزقازيق «أنا بقالي شهرين ما أكلتش أولادي فراخ ولا شموا ريحة اللحمة، عايشين بقالنا شهور على رجول الفراخ وبقايا عفشة اللحمة، واهه أدينا عايشين وشاكرين ربنا».

تقول الدكتورة مي بدر الدين، طبيبة بيطرية بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، إن لجنة سلامة الغذاء التابعة لوزارة الصحة أصدرت توصيات في 15 أبريل الماضي، لتطالب خلالها وزارة الزراعة بإصدار قرار يفيد حظر تداول هياكل الدواجن.

وأوضحت لـ«البداية» أن قرار الهيئة جاء نتيجة عدم سلامة هذه المنتجات على صحة المستهلك لما بها من هرمونات زائدة.

في 1 يناير الماضي، شنت مباحث التموين بالقليوبية حملة مكبرة لضبط السلع والمنتجات غير الصالحة للاستخدام الآدمى، أسفرت عن ضبط طني هياكل دواجن ومخلفات مجازر غير صالحة للاستخدام الآدمي بالخانكة.

وخلال مايو 2016، ضبطت مديرية التموين عدة ورش بالخانكة وأخرى في أبو زعبل والخصوص يستخدمن هياكل الدواجن في صناعة الحواوشي والسجق.

عربة عم كمال للحواوشي والعفشة تتمركز بجانب مقر حي أحد المناطق الشعبية في القليوبية، يبتاع منه العمال وموظفي الحي والمديريات الحكومية الساندوتشات المتنوعة بين الكبدة والعفشة والسجق بأسعار تتراوح بين 2 و3 جنيهات.

تستمر العربة في العمل قبل أن يتوفى أحد موظفي الحي نتيجة إصابته بالتسمم بعد تناوله الطعام من العربة، لتظهر تساؤلات بشأم ما يحويه طعام العربة ومن خلال عربة عم كمال وصلت مديرية القليوبية لعدة ورش وعربات طعام  أخرى تستخدم هياكل الدواجن في صنع الحواوشي والسجق.

«مشكلة الحكومة أنها منفضة لانهيار الاقتصاد وإن الناس مش لاقية تاكل، ورايحين يمسكوا فينا احنا أصحاب الورش والمصانع لأننا بنوفر أكل للي معهوش ياكل!»، قالها أحد ملاك ورش إعادة تصنيع هياكل الدواجن في الحواوشي، الذي رفض ذكر اسمه لـ«البداية».

واعترف الرجل: «أنا بعيد استخدام الأرجل والأجنحة في تجهيز الحواوشي والسجق وغيره من تحابيش اللحوم، بس هو كان فيه بديل يعني عشان نعمله؟»

رئيس شعبة الدواجن قال، في تصريحات لـ«البداية»، إن قرار حظر تداول هياكل الدواجن تم رفضه لأنه كان سيؤدي إلى إهدار 30% من المردود الاقتصادي لقطاع ثروة الدواجن، لافتا إلى أن الجهات الرقابية، خاصة شرطة مباحث التموين تلاحق مصانع الدواجن التى تستخدم الهياكل، فضلا عن ملاحقة التجار عند بيعها للمستهلك.

وأشار إلى أن هياكل الدواجن جزء لا يتجزأ من عالم صناعة الدواجن، ومن المفترض أن يكون هناك مواصفات قياسية لعملية تداول الهياكل بالسوق، خاصة أن نسبة مستهلكي هياكل الدواجن تتعدى الـ50% من المستهلكين، وذلك لعدم قدرتهم على شراء الدواجن او اللحوم مع استمرار ارتفاع الأسعار والدولار.

إلا أن الدكتور عبدالعزيز السيد قال إنه بسبب موجة الغلاء التي تسيطر على منتجات اللحوم والأسماك والدواجن، نتيجة زيادة سعر الدولار، وارتفاع أسعار الأعلاف بشكل مفاجىء بالفترة الأخيرة، فإن حظر تداول الهياكل سيؤثر على المواطن البسيط في المقام الأول.

وذكر أن إعدام هياكل الدواجن سيلحق خسائر فادحة للمنتجين والمستهلك البسيط، خاصة أن المربين يواجهون صعوبات في تنمية الثروة الداجنة، في ظل إهمال الدولة للمنظومة، وعدم توفير مزارع تعمل بالنظام المغلق، الذي يحد من انتشار الأوبئة والفيروسات بين القطعان، خاصة في موسم الشتاء مع انخفاض درجات الحرارة، حيث ترتفع معدلات نفوق الدواجن لأكثر من 40%.

في بداية زواجها كانت «سها» تأكل وزوجها يوميًا لحومًا مختلفة، فكانت تعمل، ومرتبها يساعد زوجها في كفاية البيت من احتياجاته، لكن بعد أن جاءت للأسرة بطفلها الأول توقفت عن عملها، فلم يستطع زوجها التكفل بالبيت بشكل كاف لكي يتناولن اللحوم، «كنا زمان بنتكسف نشتري الفراخ البيضة دلوقتي مش لاقيين ناكل الهياكل بتاعتها».

«هل يعقل في دولة بمكانة مصر أن يصبح مواطنيها أشبه بالحيوانات ويأكلون ما تأكله بسبب الجوع والفقر؟»، هكذا استهلت الدكتورة أميرة سلطان، أخصائي الباطنة والجهاز الهضمي، حديثها لـ«البداية»، مُوضحة أخطار تناول هياكل الدواجن على الصحة وأن للهياكل مخاطر جسيمة علي صحة الإنسان خاصة في حالة إصابة الدجاجة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل