المحتوى الرئيسى

عائشة السويدي: القطرية الباحثة عن عادات مفقودة

07/31 05:43

"التصميم هو كل شيء، كل ما يحيط بنا، والأهم إنه شغف حياتي. طالما تساءلت كيف سيكون هذا العالم إن لم يتم تصميم الأشياء لنا؟ كيف لي أن أعيد ابتكار قلم مثلاً؟ التصميم كان دوماً شيئاً أشعر به". هكذا وصفت  عائشة السويدي، المصممة القطرية المتعددة التخصصات، تعريفها للتصميم الذي تحوّل إلى جوهر حياتها.

حازت عائشة درجة الماجيستير في دراسات التصميم، ودرجة البكالوريوس في تصميم الغرافيك من جامعة فرجينيا كومنولث في قطر. ومن الدوحة حيث تُقيم، تجد في التصميم وسيلة للتعبير عما يجول في بالها أو ما يحصل حولها. فتريد التعبير عن التطوّر السريع الذي يشهده المجتمع القطري والحياة العصرية، وأدوات الحياة اليومية، لتُكوّن الذاكرة والوقت والحنين إلى الماضي أبرز مقومات مختلف المجموعات التي صممتها.

ولعلّ طريقة عملها في التصميم تُختصر بحبها للفنان العالمي الشهير أندي وارهول. فتقول: " لا أحب عمله فحسب، بل التحوّلات التي يبتكرها لإنتاج عمل فني. فكان ينتج الفن ويعيد إنتاجه في الاستديو الخاص به، الذي أطلق عليه لقب "المصنع". فأنا أحب خلق عمليات عدة للإنتاج. بالنسبة إلي، أي فكرة ليست مكتملة، إلا إذا مرّت بالعديد من تجارب الإنتاج لتنضج".

تضيف عائشة: "منذ دراستي الماجستير في الفنون تمحور بحثي الفني عن التراث والعادات المفقودة في الواقع والموجودة في الذاكرة. فتطرقت إلى الذكريات القديمة ودوّنت بعضها بغية محاولة إحيائها من خلال تصاميم مختلفة، تأخذ المستخدم إلى فترة معينة من الزمن ليعيش بإحساسه لحظة معينة من الماضي".

وهنا تتوقف عند مجموعة التصميم الأحب إلى قلبها "Concrete toys، موضحةً: "كانت تجربة حول ذكريات الطفولة والمدن المتغيرة. جمعت وسكبت لعبة من البلاستيك (دبدوب) مع الإسمنت. وأظن أن النتيجة كانت قطعة تعكس معاني مختلفة حول الحنين والتغيير. وهذا أكثر ما يهمني تركيز تصاميمي عليه".

وضمن هذه المجموعة، Plush Teddies، دمى الدببة المملوءة بمزيج من الاسمنت الناعم، والتي تريد من خلالها دمج مواد الخارج مع ألعاب الأطفال الداخلية، والعودة إلى الوراء بذكرياتها، إذ اعتادت أن تلعب بمواد البناء خلال إعادة تأهيل منزلها.

شارك غردمن أين تأتي المصممة القطرية الشابة عائشة السويدي بأفكارها؟ الإجابة في هذا اللقاء

تتطرق عائشة السويدي للذكريات والقيمة التي نمنحها كأفراد للأشياء، باعتبارها سجلات مدوّنة المشاعر الوطنية أو التقاليد. وقد انعكس هذا الواقع أيضاً في آخر مجموعاتها "حقيقة متحوّلة" عام 2006، وتشرح أن هذه المجموعة مؤلفة من ثلاثة أعمال يربطها استخدام المواد نفسها والبنية ذاتها، قاسية وناعمة، صلبة وسائلة، لتقديم أعمال وتجارب سريالية، تسعى للإبقاء على ذكريات، قد لا تكون دقيقة بشكل كامل. ويأتي اختبار المواد المستخدمة ليعكس مرونة الذكريات وفي الوقت نفسه تعظيم قيمة الأشياء.

والأعمال الثالثة هي "منبر للهروب"، وظيفة الباب ومقبض الباب، باعتبارها أشياء وتراكيب ندخل عبرها إلى عوالم حقيقية ومتخيَّلة، ما يستحضر ذكريات الهروب والمغامرات أثناء الطفولة.

وتواصل الفنانة إبداعها مع الاسمنت في عملها "طوبة اللعب"، الذي تم فيه صبّ طوب البناء بطريقة لعوبة على شكل دبّ. أما العمل الثالث، "ذكرى مجلس" فهو تأويل على شكل عجلة للمجلس، الذي كانت الفنانة تزوره بشكل يومي خلال نشأتها. وهنا تقول: "هو عبارة عن مجلس دائري متدحرج مصنوع من الخشب ومبطن بالدوشق، وهي جلسة من القطن تصنع محلياً وتعتبر قطعة تراثية تستخدم قديماً وحالياً في بعض المجالس".

هذه المجموعة صممتها عائشة خلال إقامتها الفنية طوال 9 أشهر في"مطافئ" مقر الفنانين في الدوحة. وعن هذه التجربة تقول: "يقدّم هذا المشروع الريادي من نوعه في المنطقة تجربة فريدة في تطوير المشاريع الفنية، إذ يخصص كل سنة، لعشرين فناناً، استوديو خاصاً ليطوروا فيه أعمالهم. هذا الجمع بين الفنانين يفتح أبواباً كثيرة للحوار والمشاركة. فالفن مسيرة، وليس بالضرورة المنتج".

إذا كانت الذكريات هي المحور الأساسي في أعمال السويدي، فإنها فجّرت موهبتها في تصاميم أخرى ومحاور جديدة قديمة. وتشير إلى أنها شاركت بأعمالها في عدد من دول العالم، منها جنوب إفريقيا، اسكتلندا، دبي. بعض هذه المشاركات كانت في إطار عرض بحثي لبعض المشاريع، مشددة على أنها تطمح لعرض أعمالها في دول أخرى.

ومن ضمن مشاريعها ومجموعتها، تخبرنا عن Deglobalizer: "الذي هو مشروعي عن العولمة وتحويل الأثاث العالمي في متجر إيكيا Ikeas إلى أثاث تراثي تقليدي، ومنه نعيد عجلة العولمة إلى الحياة التقليدية الخاصة". ونلاحظ أن عائشة تولي أهمية كبيرة لكل ما يتعلق بالمنزل من أثاث معاصر أو تقليدي على غرار "كرسي جدتها" أو حتى "الجلسة الإسمنتية" أو "طاولة الحنين"، إضافة إلى  أكسسوارات مجموعة "مدخان" أو "حبوب التوابل".

تشدد عائشة على أن كونها امرأة مصممة وقطرية، لم يشكّل عائقاً لها على الإطلاق. وتضيف: "على العكس. حصلت على الكثير من الدعم، بدءاً بتعليمي، لأن النظام التعليمي في الدوحة يوفّر العديد من الاختصاصات لنختار منها".

وبالعودة الى أعمالها، تؤكد: "أعمالي تتمحور دائماً حول ذكرياتي الخاصة. أصورها وأصممها لتخاطب الناس. وما يدهشني دائماً هو تفاعل الناس معها وربطها بذكريات خاصة بهم أيضاً. فينشأ حوار جميل حول الماضي، وتفاصيل لا ندركها لقلة أهميتها وحين تستدعيها الذاكرة تصبح ذات أهمية كبيرة لأنها هي التي كوّنت اللحظة المفقودة، اللحظة التي مضت".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل