المحتوى الرئيسى

آثار «الفرافرة».. أكوام من التراب ومقابر للحيونات النافقة

07/30 21:59

تلة عالية من الثرى يوجد فوقها بقايا مباني أثرية ترجع لعهود منصرمة، تاريخ أمة آلت إلى الزوال ولم يبقى سوى تلك البقايا شاهدًا على وجودهم في تلك الرقعة التي كانت تنبض بالحياة، اللون الأخضر كان يكسو المشهد ويقبع فوق تلك التلة العالية قصر "الفرافرة" الذي يؤول للملك فرفور والذي سميت الواحة باسمه، ذلك البهاء الذي كان يسكن البقاع تحول إلى مباني متهالكه لازالت تحتفظ ببعض النقوش التي تدل على عصرها.

ببشرته السمراء يتفقد "محمد صديق"، المشهد الذي ترك في نفسه المزيد من الآلام على حال واحته التي كان يعتبرها جنة الله على الأرض، يجزع من تلك الحطام والقمامة المترامية وبقايا الحيوانات النافقة التي كانت تسكن المكان، متمسك بأصالة الأرض  بالرغم من القبح الذي سيطر عليه، يسكن وأسرته في غرفتين لهما نفس الطابع الأثري، فيوضح أن هيئة الآثار أدرجة المنطقة ضمن الأثار المصرية، ولكن لا يوجد اهتمام والأهالي تقوم بهدم وتدمير تلك الغرف الأثرية القديمة للبناء مكانها غرفة جديدة.

"واللي باقى من الهدم تحول إلى أكوام قمامة.. مفيش اهتمام خالص"، هكذا قالها "محمد" مشيرًا إلى عدم اهتمام الأهالي أنفسهم بواحتهم التي يرجع تاريخها لآلاف السنين لم يقل عن إهما ل الدولة للآثار بدلًا من ترميمها، يتطلع موظف الصحة إلى تلك التلة المرتفعة التي محيت منها كل التاريخ ولم يبقى منها سوى اسمها فقط الذي تردده الألسنه دون وعي بتاريخه.

الفرافرة القديمة كانت تتمثل في المنطقة التي يقع فيها قصر الفرافرة وما يحيطها، وفقما روى "محمد"، مستطردًا، أن تلك الرقعة الصغيرة تمددت ونزح السكان من فوقها ليعمروا باقي الأرض المحيطة بالقصر، ويتذكر الشاب الثلاثيني أن من عدة سنوات حاول السكان هدم تلك التبة العالية لبناء مباني " بس البلدوزر كان هيتكسر والسواق خاف لأنه حس إن في حاجة بتشده"، قالها ساخرًا من اعتقاد البعض وقتتها بأن ذلك القصر مسكون بالجن والعفاريت الذين يأبون تركه.

لم يعتقد "محمد" في أقاويل أبناء واحته الذين زعروا من الجن قائلًا "لو كان في جن وعفاريت كانوا يحافظوا عليه من الهدم الأول"، ولكنه حمد ربه على تلك الأقاويل والاعتقادات الخاطئة التي أبعدت الأيادي عن الآثار التي تحاول البقاء برغم كل المحاولات لهدمها والتخلص منها دون اعتراء بأصلها والتاريخ التي تحمله بين ثناياها والذي يدل على حياة الترف والبزخ الذي كان يحياها القدماء على تلك الرقعة من الأرض.

حال الواحة دفع "محمد" لتكوين جمعية للمحافظة على آثار الفرافرة، وهو وعدد من الشباب المهموم بحال واحتهم، من بين هؤلاء "هشام عبد العال" ابن قبيلة "جلاب" الذي يحفظ تاريخ واحته عن ظهر قلب، وبالرغم من جميع المحاولات للمحافظة على الآثار باءت بالفشل بسبب عدم تعاون الدولة مع تلك الأيادي الشابة وتقديم يد العون لأفكارهم البائه التي يمكن أن تقوم بتحسين الأوضاع والحفاظ على ما تبقى من آثار.

لازال "هشام" مهموم بحال واحته يقلب في صفحات التاريخ يحكي لمن حوله عن قصص ترجع إلى العصر الفرعوني والعصر اليوناني القديم، فيروي أنه كان يذكر اسم الواحة في الوثائق المصرية القديمة منذ الأسرة العاشرة حيث كانت من أكبر المراعي المواجدة في المنطة حتى أطلق عليها "أرض البقرة"، وكانت الحرفة الأكثر انتشارًا في ذلك الوقت رعاية البقر قائًلا: "من كتر الخير اللي فيها كانوا بيقولوا عليها أرض الغلال".

كانت لتلك الرقعة الباسلة دور في الدفاع عن  مصر ضد الهجمات التي شنها المغيرون في مختلف العصور والأزمة، يشير "هشام" أنه كان للفرارة دور في الدفاع عن مصر ضد الهجمات الآتية من الغرب مثلما حدث عندما هاجم الليبيون مصر، من الغرب في عهد الملك "مرنبتاح" من الأسرة التاسعة عشرة، وسلكوا أحد الطرق القديمة، في الصحراء اللبيبة والذي يمر عبر الفرافرة، ولم يتمكنوا للعبور إلى مصر حيث انتهى دورهم عند ذلك الحد متقهقرين إلى الخلف.

مياة كبريتية تتدفق من جوف الأرض تحمل المزيد من الخيرات التي تشفى الأمراض المستعصية، عيون جوفية عدة تقع بواحة الفرافرة يستنكر: "هشام عدم اهتمام الدولة بها قائًا "السياح كانوا بيجوا من آخر البلاد علشان ينزلوا في المايه دي.. وإحنا مش مهتمين"، مشيرًا إلى أن عمر تلك العيون والآبار ترجع لآلاف السنوات حيث يوجد بجدران العيون عدد من الزخارف والنقوش القديمة التي تدل على قدمها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل