المحتوى الرئيسى

عكيد جولي يكتب: الطموحات الكردية والمصالح الغربية هل يلتقيان؟ | ساسة بوست

07/30 18:46

منذ 11 دقيقة، 30 يوليو,2016

شارك الأكراد في الثورة السورية، ودخلوا على خط الثورة منذ بدايتها, فمدينتي «عامودا، والقامشلي/قامشلو» شمال شرقي سوريا، كانتا من أوائل المدن المنتفضة ضد نظام الأسد, وتبلورت هذه المشاركة عبر انخراط الشباب في تنسيقيات تنظم وتقود المظاهرات، وعبر الأحزاب الكردية التقليدية، التي شكلت المجلس الوطني الكردي في سوريا, فيما توجه «حزب الاتحاد الديمقراطي» إلى تشكيل مجلس غرب كردستان.

الأول توجه إلى المعارضة السورية، والثاني أصرَّ على وجوب البقاء على الحياد، لكن كل هذا الحراك المدني والسياسي سرعان ما تحوّل إلى صراع وجود، عندما تحوّلت الثورة السورية إلى ثورة مسلحة، فشكّل حزب الاتحاد الديمقراطي «وحدات حماية الشعب» (YPG ) و«وحدات حماية المرأة» YPJ، القوتين الضاربتان في المناطق الكردية؛ إذ سيطرت هذه القوات على معظم المؤسسات الحكومية، على حساب القوات النظامية، التي انسحبت بشكل شبه كامل من تلك المناطق في سيناريو وصفه مراقبون بالتنسيق بين الطرفين, ورآه آخرون تحالفًا بين النظام السوري والأكراد، بالرغم من توجه المجلس الوطني الكردي إلى المعارضة، وانضمامه إلى الائتلاف السوري المعارض.

وتغيّر المشهد برمّته دراماتيكيًا حين هاجم تنظيم «داعش» الإرهابي, مدينة كوبانيي في نوفمبر (تشرين الثاني) وسيطرت على أجزاء واسعة من المدينة, فبدأت نقطة التحول المفصلية في مستقبل علاقة الأكراد مع الغرب, حيث ألقت قوات التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية أسلحة من الجو للقوات الكردية, وقصفت طائراتها قوات التنظيم الإرهابي «داعش» في محيط مدينة كوباني، وداخلها، ودخلت قوات من «بيشمركة» إقليم كردستان العراق عبر الأراضي التركية، محمّلة بأسلحة نوعية إلى المدينة، حتى تم تطهير كوباني كاملة، مع ريفها، من داعش، وهنا ظهرت بوادر تحالف جديد؛ فالأكراد تحوّلوا إلى رقمٍ صعب في المعادلة السورية، بالأخص في الحرب ضد الإرهاب، ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2015 تم الإعلان عن تشكيل قوات سوريا الديمقراطية QSD ، والتي يشكل الأكراد الجزء الأكبر من قواتها, فسيطرت هذه القوات في مارس (آذار)2015، على مدينة «تل أبيض» الحدودية مع تركيا.

هذا المشهد دقَّ ناقوس الخطر في تركيا التي رأت في هذا التمدد الكردي نواة لإنشاء كيان كردي في الشمال السوري على حدودها، وداخليًا بدا الخوف والقلق واضحين عند المعارضة السورية المسلحة التي رأت في الاعتماد الأمريكي على الأكراد للقضاء على «داعش»، بداية النهاية بالنسبة لدعم الولايات المتحدة الأمريكية، لتلك المعارضة، وسحب البساط من تحت أقدامهم. وخاصة بعد رفض الولايات المتحدة الأمريكية لفكرة المنطقة العازلة التي طالما طالبت تركيا بإقامتها في شمال سوريا, وبدأ الدعم الأمريكي أكثر وضوحًا عند زيارة مبعوث «أوباما» للتحالف الدولي ضد الإرهاب بـ«ريت ماكفورك» إلى «كوباني» ولقائه مسؤولين أكراد من حزب الاتحاد الديمقراطي ومسؤولين من حركة المجتمع الديمقراطي ( TEV-DEM), حيث صرّح أنه جاء لمتابعة معركة تحرير الرقة، ووضع الخطط العسكرية لهذه المعركة, ليعلن الأكراد فيما بعد عن «الفيدرالية» في 17 مارس (آذار)؛2016 ما أثار استهجانًا محليًا وإقليميًا، وحتى دولية تمثّلت في الموقف الأمريكي الرافض للفيدرالية، وهنا بدأت بوادر القلق لدى الأكراد، فالحليف الأمريكي لا يبدو متحمسًا في تقديم أي دعم سياسي مقارنة بالدعم العسكري الذي يقدمه للحليف الكردي، وما قاله عضو حركة المجتمع الديمقراطي «آلدار خليل» عكس ذاك القلق، حين أكدّ أنه طلب في لقائه مع «ماكفورك» أن تضمن أمريكا مشاركة الأكراد في جنيف، وأنه حصل على ذاك الضمان في مرحلة إعداد الدستور، وليس في هذه المرحلة من مباحثات جنيف, كل هذا الفتور الأمريكي في الدعم السياسي أو الدبلوماسي، وعلى النقيض في المجال العسكري من بناء قواعد عسكرية، ومشاركة قوات أمريكية، وأوروبية على الأرض كل ذلك يقودنا إلى استنتاج أن العلاقة بين أمريكا، والأكراد أشبه بمغامرة, فمقدار ما يحققه الأكراد من مصالح أمريكية في المنطقة لا يقارن أبدًا في ما تقدمه الإدارة الأمريكية لهم لتحقيق طموحاتهم.

وإذا كان شهر العسل الكردي قد بدأ عند إسقاط تركيا الطائرة الروسية، وما رافقها من توتر في العلاقات بين البلدين, فالتخوف الأكبر الآن لدى الأكراد أن يكون شهر العسل هذا قد انتهى تمامًا مع عودة العلاقات التركية – الروسية بشكلٍ قوي، وما يصرّح به المسؤولون الأتراك، وآخرهم رئيس الوزراء «بن علي يلدريم» بأن العلاقات مع سوريا ستعود لطبيعتها؛ لأن تركيا لن تقدم تلك التنازلات مجانًا، بل ستتنازل أكثر عن أي شيء في سبيل منع طموح الكردي في إقامة كيان له في شمال سوريا، ولعلّ الأكراد أنفسهم الآن مسيَّرون، وليسوا مخيرين، فالطريق الذي بدؤوه عليهم الآن إكماله إلى النهاية في ظل وجود قواعد عسكرية أمريكية، وجنود أمريكيين، وأوروبيين على الأرض, فزمام الأمور قد تخرج من اليد الكردية، كما تخرج زمام الأمور من يد النظام السوري، ويتقلص نفوذه لحساب روسيا الموجودة بقوة, فالولايات المتحدة الأمريكية هي من تضع إشارات المرور على مسار الطريق الكردي، الذي ينعطف، ويتوقف، ويسير وفق تلك الإشارات. ويبقى السؤال المشروع الذي يدور في رأس كل كردي في سوريا مطروحًا بقوة «ماذا نستفيد لقاء ذهابنا إلى معقل داعش في الرقة, وما الضمان الذي تستطيع أمريكا تقديمه مقابل كل ذلك؟»

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل