المحتوى الرئيسى

خطر الإتجار الجنسي يهدد النازحات السوريات في لبنان

07/29 19:29

حذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” اليوم، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الإتجار بالأشخاص، من أن “تعامل الحكومة اللبنانية مع الاتجار الجنسي يتسم بالضعف وغياب التنسيق، ويعرّض النساء والفتيات للخطر”.

وذكرت أنه “يبدو أن النساء السوريات معرضات أكثر من غيرهن لخطر الإتجار في الدعارة القسرية والاستغلال الجنسي في لبنان، إذ توصلت سلسلة من المداهمات في 2015 و2016 إلى اكتشاف عشرات النساء السوريات محتجزات قسرا ويتعرضن للاستغلال. في آذار، في إحدى الحالات الحديثة، حرر عناصر الأمن زهاء 75 امرأة سورية من محلّي الدعارة “شي موريس” و”سيلفر-بي”. أوقفت السلطات أكثر من 12 شخصا ووجهت لهم تهم الاتجار الجنسي في تلك القضية”.

وقالت سكاي ويلر، باحثة حقوق المرأة في هيومن رايتس ووتش: “الإتجار بالأشخاص لأغراض الدعارة القسرية جريمة خطيرة، وعلى لبنان الاستمرار في تشديد تعامله معها. تحتاج الناجيات من الإتجار بالأشخاص إلى العدالة والخدمات والدعم”.

وكانت اتخذت السلطات بعض الخطوات المهمة لإنهاء الإتجار بالأشخاص. خفضت الحكومة الأميركية ترتيب لبنان من “المستوى 3” إلى “المستوى 2” في تقرير الإتجار بالأشخاص لعام 2016. هذا التصنيف السنوي للدول يعكس تقييم الحكومة الأميركية لسجلات الدول في شتى أنحاء العالم فيما يخص الإتجار بالأشخاص.

وذكر تقرير 2016 أن لبنان بذل “جهودا كبيرة” للوفاء بالمعايير الدنيا للقضاء على الإتجار بالأشخاص، وشمل هذا زيادة عدد الملاحقات القضائية الخاصة بالإتجار. وقال التقرير إن في عام 2015 أدان لبنان 30 شخصاً في جرائم اتجار. لكن، وكما أشار التقرير، فإن “القانون لم يُطبق بشكل متساوٍ، إذ يفتقر أغلب القضاة لفهم هذه الجريمة ولا يلمّون بالممارسات الفضلى الخاصة بالتعامل مع قضايا الإتجار بشكل مناسب”. قال التقرير أيضا إن “بعض القضاة حكموا أحكاما خفيفة على مُتاجرين بالأشخاص”.

قابلت “هيومن رايتس ووتش” امرأتين كانتا في “شي موريس”. قالتا إن المُتاجرين أغروهما بالمجيء من سوريا بوعود زواج أو فرص عمل، لكن بدلا من ذلك أجبروهما على الدعارة في الماخور في منطقة المعاملتين الساخنة. قالتا إن المُتاجرين المزعومين لم يدفعوا لهما أي أجور، وضربوهما باستمرار، ومنعوهما من المغادرة، وصادروا أوراق الهوية والهواتف الخاصة بهما.

وكانت السلطات تعلم أن أعمال اتجار بالأشخاص حدثت في “شي موريس” سابقا. في أواخر 2011 داهمت قوى الأمن الداخلي المكان، ونقلت تقارير إخبارية أنها وجدت فتاة سورية عمرها 17 عاما عالقة هناك. تشغيل الأطفال بالدعارة جريمة، ويدخل في نطاق الإتجار بالأشخاص بموجب “قانون معاقبة جريمة الإتجار بالأشخاص” اللبناني لعام 2011. أُغلق “شي موريس” لنحو 3 شهور ثم عاد للعمل. داهم الأمن العام– الجهاز المسؤول عن مراقبة دخول وإقامة الأجانب – المكان ثانية في آذار. قالت الأسيرتان المحررتان إن 4 نساء حُررن في المداهمة أخبرن الشرطة بأنهن تعرضن للإتجار والإجبار على الدعارة.

أوقف موريس جعجع مالك “شي موريس” وأُفرج عنه بعد فترات قصيرة 3 مرات على الأقل قبل مداهمة آذار، على حد قول عناصر من الشرطة. عند مداهمة “شي موريس” في آذار كان في السجن بالفعل على ذمة اتهامات اتجار بنساء في الدعارة الجبرية في موقعين آخرين، على حد قول رئيس وحدة مكافحة الإتجار بالأشخاص، المقدم جوني حداد، الذي قال أيضا إن الشرطة علمت بامتلاك جعجع لمحل “شي موريس”.

وقال المقدم حداد إنه كان قد أخضع “شي موريس” للمراقبة قبل مداهمة وحدة الشرطة الأخرى في آذار.

وقالت ويلر: “اكتشاف الإتجار بالأشخاص في “شي موريس” تكرارا على مدار السنوات الماضية يدفع للتساؤل حول فاعلية تعامل السلطات مع الموقف. على لبنان مراجعة كيفية تعامله مع الإتجار بالأشخاص في “شي موريس”، والإتجار الجنسي بشكل أعم”.

وتعرب “هيومن رايتس ووتش” عن قلقها إزاء عدم حصول الناجيات من الإتجار على الخدمات والدعم المطلوبين في لبنان. في قضية “شي موريس”، اضطرت بعض الناجيات للانتظار يومين أو 3 أيام في مراكز الشرطة أو في شقة سكنية قبل منحهن أماكن في ملاجئ تديرها جمعيات غير حكومية.

وصف عنصر شرطة وعاملة بمنظمة غير حكومية كيف هرعوا للبحث عن أماكن شاغرة في الملجأ. قالت عاملة بمنظمة دولية تقدم خدمات صحية للنساء إنه “حصل تأخير كبير قبل حصول النساء على الرعاية”. يشير هذا إلى وجود مشاكل في التنسيق وفي القدرة على مساعدة الناجيات. كما كشف مسؤولون بالأمن عن أن “العديد من النساء اللواتي تم إنقاذهن من “شي موريس” و”سيلفر-بي” أطلق سراحهن دون استجواب، ودون أن تعرض عليهن الحماية أو الوصول إلى ملاجئ”. تم التقاط بعض الضحايا من جديد، من قبل آسريهن، قبل تحريرهن للمرة الثانية على يد عناصر الشرطة.

كلّف قانون مكافحة الإتجار اللبناني لعام 2011 وزارة الشؤون الاجتماعية بتهيئة صندوق لمساعدة ضحايا الإتجار من الأصول المُصادرة من المُتاجرين بالأشخاص. لم تنشئ الوزارة الصندوق المذكور بعد، وقال عاملون بالوزارة لـ”هيومن رايتس” ووتش إن قضية “شي موريس” أظهرت نقاط ضعف في سلسلة الإحالة بالوزارة، وقالوا إنهم يخططون لتعزيزها.

تمنع معوقات عدّة ضحايا الإتجار من التبليغ عن الجرائم المرتكبة ضدهن. قال عاملون في منظمات تساعد ضحايا الإتجار لـ”هيومن رايتس ووتش” إن تجريم العمل بالجنس في لبنان عائق كبير. قالوا إن السلطات تميل إلى تصوير جميع النساء بمجال “الدعارة” – حتى من يُتاجَر بهن ويتم استغلالهن في الدعارة الجبرية – مجرمات. هذا يعني أن المُجبرات على الدعارة يخشين الاعتقال إذا لجأن إلى السلطات.

تُعارض “هيومن رايتس ووتش” تجريم العمل الجنسي الذي يتم بين بالغين بالتراضي، وترى أن تجريم العمل الجنسي يخلق أيضا معوقات تحرم العاملين بالجنس من حقوقهم الأساسية، مثل الحماية من العنف، والعدالة في مواجهة الانتهاكات، والخدمات الصحية الأساسية. إكراه الشخص على توفير خدمات جنسية (سواء كان يرقى للاعتداء الجنسي أو الإتجار أو الدعارة الجبرية أو أي شكل آخر من أشكال الاستغلال) يجب أن يكون مُجرّما وأن يُلاحق قضائيا.

كما أن نساء سوريات عديدات في لبنان ليست لديهن إقامة قانونية، ما يزيد من مخاطر الاستغلال الجنسي وغيره من أوجه الاستغلال، ويجعلهن أيضا خائفات من رفع شكاوى جنائية ضد المنتهكين.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل