المحتوى الرئيسى

الجيش الجمهوري الأيرلندي

07/29 13:46

منظمة عسكرية ظلت ترمز للوطنية الأيرلندية الطامحة لتحقيق استقلالٍ أيرلندا كليا عن التاج البريطاني في إطارِ جمهورية مستقلة ذات أغلبية كاثوليكية عكس بريطانيا الملكية ذات الأغلبية البروتستانتية. واستأثرت باهتمام الإعلام العالمي في نهاية ستينيات القرن العشرين، بسبب العمليات العسكرية والتفجيرات التي كانت تنفذها.

تأسس الجيش الجمهوري الأيرلندي عام 1919 مستلهما مرجعتيه الإيديولوجية وعقيدته العسكرية من الحركات الفدائية القومية الأيرلندية التي كانت تنشط منذ القرن التاسع عشر ضد الاحتلال البريطاني وكان آخرُها حركة المتطوعين الوطنيين، بقيادة جيمس كونولي، التي تأسست عام 1913 ونفذت عدة عمليات ضد البريطانيين أثناء الحرب العالمية الثانية أبرزها تمرد أعياد الفصح عام 1916.

وأنشأ الجيش جناحا سياسيا أطلق عليه اسم "الشين فين" وأسندت له مهمة الاضطلاع بجهد سياسي سلمي يسند الجهد العسكري للمنظمة ليصبا في هدف واحد هو تحقيق الدولة الأيرلندية المستقلة ذات النظام الجمهوري.

خاض الجيش الجمهوري حرب التحرير الأيرلندية (1919-1921) أملا في تحقيق حلم الدولة الأيرلندية الشاملة، لكن آماله خابت مع استبقاء بريطانيا لمنطقة (آلسترْ) بأقاليمها الستة وأغلبيتها البروتستانتية، وتوقيع الحكومة الأيرلندية اتفاق الاستقلال مع بريطانيا في العام 1921، فتحول اهتمام المنظمة إلى تحرير أيرلندا الشمالية.

رفض جناح "إيمون ديفاليرا" مؤسس الشين فين اتفاق الاستقلال مُشددا على التمسك باستقلال كامل أيرلندا، في حين دعم مايكل كولينز وجناحه اتفاق الاستقلال، لتدخل البلاد حربا أهلية دامية استمرت عامين وانتهت بهزيمة الشين فين ورافضي المعاهدة، وقبول كولينز عقد اتفاق معهم تضمن تعهد الشين فين بالانخراط في الحياة السياسية السلمية من أجل تحقيق أهدافها.

لم تُسلم المنظمة أسلحتها، وإن بات لصيقا بها لقب (الجيش الجمهوري غير النظامي) مقابل تسمية جناح كولينز، الذي انخرط أفراده في جيش الدولة الناشئة، بالجمهوريين النظاميين.

دارت الحرب الأهلية بين الجناحين ثلاث سنوات، تخللها اغتيال مايكل كولينز على يد عناصر الجيش الجمهوري الحانقين عليه بسبب توقيعه اتفاقيات لندن، التي نصت على بقاءِ أيرلندا الشمالية (تُعرف تاريخيا بمنطقة آليستر) بأقاليمها الستة (الكومتياتْ) تحت التاج البريطاني بينما منحت أيرلندا الجنوبية الاستقلال رغم تأدية الوزراء اليمين أمام الملكة. وتتألف أيرلندا الجنوبية من 26 إقليما وأغلبية سكانها من الكاثوليك، بينما تسكن الشمال أغلبية من البروتستانت.

ظلت فصائل الجيش الجمهوري الأيرلندي تتسمك بالعمل العسكري لتحقيق حلم الدولة الأيرلندية الذي تحوَّل إلى نزعة انفصالية تُقدَّم القطيعة الكاملة مع بريطانيا والانفصال التام عنها على الوحدة الأيرلندية نفسها، واستمر نشاط الجيش الجمهوري في شكل عمليات عسكرية وتفجيرات واغتيالات طيلة ثلاثينيات القرن العشرين.

ومع نشوب الحرب العالمية الثانية، حاول بعض قيادات الحركة ربط الاتصال بألمانيا النازية لتزويدهم بالسلاح، وهو ما أزعج الحكومة البريطانية التي سنَّت قانونا يُشرع حربها ضد الجيش الجمهوري، وأعدمت عددا من أفراده بتهمة الخيانة والتعاون مع العدو.

وبحلول خمسينيات القرن العشرين كانت المنظمة تحتضر، ولا سيما بعد إعلان استقلال جمهورية أيرلندا الجنوبية عن الكومنولث مما جعل منها الحليف الأول والأكثر مصداقية للكاثوليك في الشمال والذين لا تخفي تعاطفها معهم، لكنها في الآن ذاته تتحرج من عنف الجيش الجمهوري ولا تتردد في إدانته.

ومع نهاية ستينيات القرن العشرين، بلغ تذمر الأقلية الكاثوليكية من التهميش والإقصاء الاقتصادي والسياسي مداه، وكان المتطرفون البروتستانت لهم بالمرصا،د فاندلعت مواجهات عنيفة بين المتطرفين من الجانبين وتحولت بلفاست إلى ساحة حرب.

ومن نيران تلك المواجهة ولد الجيش الجمهوري من جديد رافعا شعار الدفاع عن كاثوليك الشمال في مواجهة البروتستانت وبريطانيا.

واعتمدت المنظمة أساليبها القديمة، التفجير والاغتيالات، ليَنتهي الأمر بانشقاقٍ جديد أنتج جناحين أحدهما عنيف وتسمى بـ(إيرا المؤقتة)، أما الجناح الآخر فتسمى بـ(إيرا الرسمية).

ومع تفاقم العنف ونشاط الجيش الجمهوري، نشرت بريطانيا قواتها للفصل بين الأحياء الكاثوليكية والبروتستانتية في دبلن وغيرها، وتفاقمت موجة العنف في أيرلندا الشمالية وبريطانيا ففي 30 يناير/كانون الثاني 1972، أطلق مظليون بريطانيون النار على متظاهرين في (ديرَّي) فقتلوا 13 شخصا فردَّت إيرا بعملية استهدفت قداسا لقوات المظليين في (آلدرشوتْ) ببريطانيا مما أسفر عن مقتل ستة مدنيين وعسكري واحد.

وفي أواسط ثمانينيات القرن العشرين، جرت اتصالات عديدة بين ساسة بريطانيين وآخرين بأيرلندا الجنوبية والشمالية أثمرت بلورة مسودة اتفاقٍ بين رئيس الوزراء البريطاني جون ميجور ونظيره الأيرلندي الجنوبي جون بروتون، في 22 فبراير/شباط 1995. واتفقا على إمكانية مشاركة الشين فينْ في المفاوضات إذا ما أعلنت إيرا تخليها عن العمل المسلح.

وبعد أربع سنوات أثمرت المفاوضات بين الحكومة البريطانية والأيرلندية الجنوبية والشين فين بزعامة جيري آدامس والحزب البروتستانتي بزعامة ديفيد تريمبل اتفاقا للسلام نص على إقامة إدارة شبه موحدة بين شطري أيرلندا وتشكيل حكومة شبه مستقلة في منطقة (آليستر) مع ترك الحسم في مصير الوضع السياسي لأيرلندا الشمالية لاستفتاء شعبي ديمقراطي.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل