المحتوى الرئيسى

العواقب الاقتصادية للمقاومة ضد الأدوية

07/29 13:30

عندما طلب مني رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون في يوليو/تموز أن أقود الجهد المبذول من أجل إيجاد حلول لمشكلة عالمية متنامية هي المقاومة للمضادات الحيوية، كان سؤالي الأول له: "ما الذي تعنيه؟". لكني سرعان ما تعلمت أنه بينما تطور البكتيريا والطفيليات مقاومتها للأدوية الحالية مثل المضادات الحيوية والأدوية المضادة للملاريا، فإن العالم يواجه خطر خسارة المعركة ضد الأمراض المعدية، لذا كان سؤالي الثاني له: "لماذا اخترتني أنا بالذات؟ فأنت بحاجة إلى عالم".

لقد تبين أن مشكلة مقاومة مضادات الميكروبات المتنامية هي مشكلة تتعلق بالاقتصادات كما هي مشكلة تتعلق بالعلم أو الطب، ولو تركت لحالها فإنها سوف تقتل ملايين الناس كل عام وسيكون لها عواقب اقتصادية سلبية على مستوى العالم. أما بالنسبة للدول النامية -بما في ذلك معظم دول مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين)، ومجموعة مينت (المكسيك وإندونيسيا ونيجيريا وتركيا)، على وجه الخصوص- فإن المخاطر كبيرة.

إن الأبحاث الأخيرة التي أجريت ضمن المراجعة المستقلة لمقاومة مضادات الميكروبات، والتي أترأسها، قد تعاملت مع التأثير المحتمل لهذه الظاهرة على الاقتصاد العالمي، حيث أشارت تلك الأبحاث إلى أنه لو فشلنا في التعامل مع مقاومة مضادات الميكروبات فإن المشكلة سوف تصبح أسوأ.

لو سمحنا للمقاومة بالارتفاع بنسبة 40%، فإن الناتج المحلي الإجمالي سوف يكون بحلول سنة 2020 أصغر بنسبة 0.5% من الرقم الذي كان من المفترض أن يحققه. وبحلول عام 2030 سوف يكون أصغر بنسبة 1.4%، وبحلول عام 2050 فإن العجز الاقتصادي سوف يصل إلى 3%.

إن الخسارة المتراكمة للناتج العالمي خلال السنوات الـ35 القادمة سوف تصل إلى مبلغ إجمالي مقداره مائة تريليون دولار أميركي، أي أكثر من الناتج المحلي الإجمالي العالمي السنوي اليوم بمرة ونصف المرة.

إن ستين ألف شخص يفقدون حياتهم سنويا من أمراض تتعلق بمقاومة مضادات الميكروبات في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، أي عشرة أضعاف معدل الوفيات العالمي الذي سببته أزمة إيبولا الحالية.

ولو سمح للمشكلة بالاستمرار بالنمو فإن مقاومة مضادات الميكروبات سوف تقتل أكثر من عشرة ملايين شخص كل سنة، وهذا أكثر من إجمالي عدد الأشخاص الذين يموتون بسبب السرطان والسكري وسرطان الرئة وحوادث المرور والإسهال والإيدز. إن التكاليف الاقتصادية من الذعر الذي قد ينتج عن ذلك -والتي تشمل انهيار السفر والتجارة- قد تكون مدمرة.

إن ارتفاع معدلات مقاومة مضادات الميكروبات سوف يكون له تأثير قوي على وجه الخصوص في الهند وإندونيسيا ونيجيريا، بالإضافة إلى بقية منطقة جنوب الصحراء الأفريقية. إن البلدان -مثل الصين والبرازيل- التي نجحت في خفض معدلات الملاريا، يمكن أن تجد عملها الشاق في هذا الخصوص قد تم تقويضه بسبب الزيادة في المقاومة للأدوية المضادة للملاريا.

كما أنها لا تأخذ بعين الاعتبار الانخفاض في مستويات المعيشة بسبب فقدان العلاجات التي تعزز الحياة -على سبيل المثال استبدال الركبة ومفصل الورك وعلاج السرطان والعمليات القيصرية- والتي تعتمد على المضادات الحيوية لمنع الالتهابات. إن الأبحاث العامة التي قمنا بها تظهر أن مثل هذه العلاجات -والكثير منها لن يكون ممكنا دون مضادات حيوية فعالة- تضيف حوالي 4% من الفائدة فيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي.

إن أحد أهدافي هو إقناع صناع السياسة في الأمم المتحدة للموافقة على مجموعة من الأحكام والسياسات من أجل منع نمو مقاومة مضادات الميكروبات. وبالإضافة إلى إلقاء الضوء على حجم المشكلة، فإن المراجعة تسعى إلى إيجاد طرق لتقليل مقاومة الأدوية وتحفيز إنتاج مضادات حيوية جديدة للتعويض عن خسارة تلك التي تعتبر غير فعالة اليوم أو ستصبح غير فعالة.

إن بعض الحلول من أجل التخفيف من المقاومة سوف تتطلب أحدث التقنيات المبتكرة. فيجب أن نشجع صناع السياسة على دعم تطوير التشخيص، علما بأن التشخيص الأسرع والأكثر دقة سوف يقلل من الاعتماد الزائد على المضادات الحيوية، وهو أحد المتطلبات الرئيسية لمكافحة المقاومة.

كما يجب علينا أيضا أن نطور أدوات من أجل تحديد وإيقاف تفشي الأمراض المقاومة في مرحلة مبكرة. إن المعلومات التي توفرها الأجهزة التشخيصية يمكن أن تكون سلاحا قويا في احتواء تفشي تلك الأمراض.

إن الحلول الأخرى تعتمد بشكل بسيط على التكنولوجيا ولا تتطلب إلا استخدام المنطق السليم. نحن بحاجه إلى غسل أيدينا بعناية وبشكل متكرر، ويجب أن نتوقف عن طلب المضادات الحيوية من أطبائنا، وعندما تكون هناك حاجة للمضادات الحيوية فيجب أن نكمل وصفة الأدوية المقررة. وبينما نحاول منع مقاومة الأدوية الحالية يتوجب علينا أن نفحص تأثير المضادات الحيوية في الزراعة.

إن تطوير مضادات حيوية جديدة هو التحدي، نظرا لأن شركات الأدوية تبدو بحاجة إلى حوافز لعمل الأبحاث المطلوبة. سوف تدرس المراجعة ما إذا كان من الممكن تغيير حوافز السوق، وإذا لم يكن بالإمكان تغييرها فإنه يمكن السعي للحصول على بدائل دراماتيكية لتعزيز الابتكار المبكر من قبل المختبرات الجامعية والشركات الصغيرة، وربما يمكن عمل ذلك من خلال صندوق خاص.

أهم أخبار صحة وطب

Comments

عاجل