المحتوى الرئيسى

هل يقتصر مرض التوحد على الدماغ؟

07/28 14:11

وجد الباحثون دليلاً يشير إلى أن "إضطراب طيف التوحد" Autism spectrum disorder -وهو مجموعة من الحالات التي تتميز بضعف القدرة على التعامل الاجتماعي والتصرفات التي تتسم بالتكرار وردات الفعلٍ غير الطبيعيةٍ للمثيرات الحسية- ليس فقط خللاً في نمو الدماغ، وهو احتمالٌ لطالما شغل تفكير العلماء لسنواتٍ عدة.

يقترح الباحثون أن بعض تأثيرات اضطراب طيف التوحد تمتد إلى ما وراء الدماغ، وقد تؤثر على "الأعصاب الطرفية" peripheral nerves التي تنقل المعلومات الحسية من الأطراف إلى الدماغ. وهذا يعني أن هناك أجزاء من الجهاز العصبي -إضافةً إلى الدماغ- مسؤولة جزئياً عن طريقة ردة فعل المصابين باضطراب طيف التوحد في استجابتهم لمنبهٍ ما.

قاد "دافيد جينتي" David Ginty، من كلية الطب بجامعة، دراسةٍ أُجريت على الفئران، وفُحصت فيها كثير من الطفرات الجينية الشائعة لدى المصابين باضطراب طيف التوحد. 

يصيب إثنين من هذه المتغايرات variants الجينين Mecp2 و Gabrb3، الذي يعرف عنهما أنهما يؤثران على وظيفة "التشابكات العصبية" synapses في الدماغ، وهذا يعني أنهما ضروريان لتواصل العصبونات فيما بينها. وعادةً ما توجد هاتين الطفرتين لدى من يعانون من اضطراب طيف التوحد.

وقد صرَّح السيد جينتي في بيانٍ له بقوله: "على الرغم من معرفتنا ببعض الجينات المرتبطة باضطراب طيف التوحد، إلا أن التحدي والهدف الأساسي هو أن نحدِّد مكان المشكلة في الجهاز العصبي بدقة"، وأضاف: "وبهندسة الفئران، بحيث توجد الطفرات في عصبوناتها الحسية الطرفية، التي تتأثر بمحفزات اللمس الخفيف على الجلد، بينا أن وجود الطفرات هناك ضروريٌ وكافٍ لتوليد فئران ذات حساسيةٍ زائدةٍ للمس".

عندما قام الفريق بتوليد فئران بهذه الطفرات الوراثية، لاحظ أنه لم يعد باستطاعة الفئران استخدام حسِّ اللمس لديها لاستطلاع أجسام مختلفة (مكعبات مختلفة الملمس)، وأيضاً كانت ردة فعلها مختلفةً، عندما نُفخ الهواء على رقابها. 

وبناءً على ردة الفعل هذه، يقترح الفريق أن الفئران المعدَّلة تشعر باللمس بطريقةٍ مختلفةٍ تماماً عن الفئران العادية.

وبعد ذلك، درس الفريق كيفية تأثير هذين الجينين على التفاعلات الاجتماعية -وهو أحد الأعراض المميزة لاضطراب طيف التوحد- عن طريق تعريف فئران معدَّلة جينياً على فئران أخرى، ودراسة عدد المرات التي تجرَّأت فيها على الحركة في مساحةٍ مفتوحةٍ داخل موائلها، ووجدوا أن الفئران المعدَّلة أظهرت علامات قلق متزايد مقارنةً مع الفئران غير المعدَّلة، ويقول الفريق إن هذا القلق قد ينبع من إحساسها المتغير باللمس.

ما هو تفسير ذلك؟ قد تُحٓمِّل تجربة اللمس، وغيرها من المنبهات الحسية، الفئرانَ بمعلوماتٍ تفوق طاقتها، ما يسبب لها العصبية المفرطة، وهو الأمر الذي يبدو وكأن سببه معدوم. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال الفريق يبحث في هذه الفرضية من أجل العثور على السبب.

وقال جينتي: "إن أحد جوانب هذا العمل، هو أننا بينا أن أي اختلالٍ حسيٍّ جسديٍّ لمسي يساهم في إيجاد مشاكل سلوكية لدى الفئران، وهذا شيء لم يسجله أحد من قبل. وفي هذه الحالة، فإن المشاكل السلوكية المعنية، هي القلق واضطراب التفاعلات الاجتماعية".

تشير نتائج الفريق إلى أن اضطراب طيف التوحد قد لا يكون متعلقاً بالدماغ فقط، فبدلاً من ذلك، بإمكان الطفرات الوراثية أن تؤدي بمن يعانون من اضطراب طيف التوحد إلى الشعور بالعالم -على الصعيد الجسدي- بطريقةٍ مختلفةٍ عن الناس الذين لا يعانون منه.

إن أفضل طريقة للتفكير في هذه النتائج، هي أن تتخيل أن حاسة اللمس لها مقبض دوار، وقد يكون هذا المقبض مُدَاراً نحو القيمة 5، على سبيل المثال، ولكن لشخص آخر يعاني من اضطراب طيف التوحُّد، فقد يشير المقبض إلى الرقم 10، و هذا يجعل المهام اليومية تبدو للمصاب وكأنها أعلى من المعدل، وقد تصل إلى حد الفوضى. وما يريد الفريق قوله، هو أن ما يتحكم بهذا المقبض الدوار هي الجينات وليست حالة الدماغ.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل